الأدوار المستقبليـة لكـليات التربيـة
لبــناء مجتــمع المعـلومــاتية
بقلم :أد/ حسام محمد مازن
أستاذ المناهج وتكنولوجيا التعليم
بكلية التربية بسوهاج/جامعة جنوب الوادي
إن ما نواجهه من مشكلات في الميدان التربوي على الصعيدين المحلي والقومي أو الوطني، هو بحاجة إلى وقفة موضوعية مع خيارات وتوجهات ما يدور في الساحة العالمية من تحديات وتطورات في شتى المجالات ، لاسيما في مجال النهضة المعلوماتية والاتجاه العالمي لبناء مجتمعات المعرفة ، أملاً في تحقيق تطوير أشمل وأعمق للتعليم في مصر ، كما أن هذه الوقفة الموضوعية المطلوبة تمثل استشرافاً لآفاق المستقبل القريب للمجتمع في ظل تحديات العولمة، وأيضا تطلعاً لأحدث التطورات العالمية في الحقل التربوي ، باعتباره الحقل المنوط به من جانب المجتمع ومؤسساته وقطاعاته المتعددة لقيادة مسيرة التنمية الشاملة والنهضة العلمية والتقنية المتطورة ،باعتبار أن التعليم هو الأداة الرئيسة للدولة لإعداد الأيدي العاملة المدربة على أفضل وأرقى العلوم والمهارات لتحقيق خطط التنمية الشاملة وطبقاً لمعايير الجودة الشاملة العالمية.
إنها قضية التعليم عامة ، وقضية إعداد القوى البشرية المؤهلة لخوض معركة التنمية وتحقيق أهداف المجتمع المصري كي يتبوأ مكانته اللائقة به تحت الشمس وفي خضم العالم المتقدم الذي نشهد مسيرته العلمية والتكنولوجية يوماً بعد آخر.
والذي لاشك فيه أن هناك من التطورات والتغيرات العلمية والتكنولوجية والبيئية والاقتصادية والثقافية العالمية التي حدثت خلال الحقبة الحالية القليلة والفائتة من القرن الحالي(ق21)، وتحديداً خلال السنوات الخمس الأخيرة (2000/2001-2004/2005م) ، الأمر الذي أوجد عدة معايير عالمية جديدة لتقييم الدول والمجتمعات، فقد أصبحت الدول اليوم لا تقيم فقط بما تملكه من أرصدة مالية أو نقد أجنبي قابل للتداول عالمياً ، أو بما تملكه من احتياطي نفطي أو ذهب أو عملة صعبة، بقدر ما أصبحت تقيم بما تملكه من عقول مفكرة من فنيين وعلماء ومبدعين ومبتكرين ومخترعين ومكتشفين ، قادرة على صنع المعلومة ومن ثم المعرفة (والمعلومة هي وحدة المعرفة) وذلك لبناء مجتمع المعلوماتية الجديد وذلك من خلال الأبعاد والمجالات الرئيسة التالية :-
أولاً:- في المجــال الاستراتيجـي والتنمـــوي:-
أ- تتحدد قدرة الدول (المجتمعات) على التنمية وما تملكه من قدرات بإنتاجها الجيد القادر على المنافسة في الأسواق العالمية وفقاً لتوافر معايير ومتطلبات الجودة الشاملة في هذا الإنتاج ، ومن هنا جاءت اتفاقيات الشراكة العالمية ومن أبرزها منظمة التجارة العالمية ، وأن مصر بالفعل قد وقعت على بنود اتفاقية الجات(منظمة التجارة العالمية) .
ب- كما أصبحت قدرة الدولة على تحقيق مطامحها (جمع مطمح أي طموح ورغبة)، وقدرتها على حل كافة الأزمات المحلية والقومية والعالمية سلمياً، ودون اللجوء إلى الحروب اللهم إلا عند الضرورة الملحة وفي أضيق الحدود ومصر بقيادة الرئيس مبارك الرشيدة تحقق هذا المطمح.
ت- وفي المجال الدولي والاقتصادي، فإن قدرة الدولة تُقاس بمقدار تحويلها لاقتصادها من اقتصاد محلى إلى اقتصاد عالمي، وقدرتها على تدويل الأسواق المالية وتحريك الأموال،(اتفاقيات الكويز مثلاً) وتعضيد (تقوية وتنشيط) دور المؤسسات غير الحكومية أو مايسمى حالياً بمؤسسات المجتمع المدني(خلاف القطاع الحكومي).
ثانيـاً:-في المجــال العلمـــي والتكنولوجــــي :-
فإن قدرة الدولة على تحقيق الكفاية(الكفاءة) العلمية والتكنولوجية تتحدد من خلال المحاور التالية :-
1- قدرة الدولة في مجال صناعة المعلوماتية لبناء مجتمع المعرفة العالمي:-
لاسيما بعد أن أصبحت صناعة المعلوماتية حالياً تمثل مصادر دخل كُبرى للدخل القومي إلى حد أصبح فيه العالم يشهد تنافساً وصراعاً معلوماتياً هائلاً يصل في حجمهِ إلى مليارات الدولارات(120مليار دولار قيمة ماصنعه العالم من معلوماتية عام1997م) شارك فيه عالمنا العربي بنسبة1% فقط(أكرر الرقم 1% فقط) أي بحوالي 120مليون دولار فقط ، أما قيمة ما صنعه العالم من معلوماتية عام 2000م فقد تجاوز أل 200مليار دولار أمريكي ، وفي عام 2003م صنع العالم أجمع معلوماتية بما قيمته 350 مليار دولار أمريكي ، وتظل نسبة مشاركة عالمنا العربي في هذه العملية لا تتجاوز أيضا نسبة أل1% فقط ، ولذلك ليس غريباً أن يكون عنوان التقرير السنوي للأمم المتحدة عن التنمية البشرية (الإنسانية) في العالم العربي للعام 3003م هو " الفجوة الرقمية في العالم العربي ، وهو يقصد الهوة السحيقة بيننا وبين دول العالم المتقدم في مجال تكنولوجيا المعلوماتية ، والأغرب أن يأتي تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية في العالم العربي للعام 2004(صادر في أبريل 2005م) لأن التقرير يصدر سنويا ويكون عن عملية التنمية في العالم العربي عن العام الفائت ، أيضا تقرير العام 2004م يؤكد على استمرار نفس المشكلة في العالم العربي "الفجوة الرقمية " ، فهل من سبيل للخروج من هذا المأزق؟ .
2-في مجال ثورة الاتصالات :-
ازدادت سرعة الاتصال من 30كلمة/دقيقة في الحرب العالمية الأولى(1914-1919م) إلى 66كلمة/دقيقة في الحرب العالمية الثانية(1939-1945م) إلى 192ألف كلمة /دقيقة في حرب الخليج الأولى (العراق/إيران) عام 1991م إلى ما يتوقع أن يصل إلى 5و1بليون كلمة/دقيقة عام 2015م.
فأين نحن من هذه الثورة الهائلة لسرعة نقل ونشر وتداول واستهلاك المعرفة والمعلوماتية بشكل إيجابي وبناء لبناء مجتمع المعلوماتية ومن ثم مجتمع المعرفة ؟
إن الكثير من دول مايعرف بالعالم النامي قد حقق دخلاً مادياً هائلاً ، لم تكن تحلم به في يوم من الأيام بسبب قدرتها على التحول إلى مجتمع رقمي معلوماتي(سنغافورة-كوريا الشمالية-الهند- ماليزيا -البرازيل-المكسيك ) 0
3-فــي المجــال المعرفـــي :-
ظهرت مع بدايات الألفية الثالثة(ق21) مجموعة هائلة من علوم العصر ، ففي عصر المعلوماتية والمعرفة وظهور مايعرف بالمجتمعات الرقمية، ومع تطور وسائل المواصلات والاتصالات ، أصبحت علوم المستقبل هي صلب التقدم والنهضة لمن ينشدها ، وأصبحت هذه العلوم (وما آت هو أكثر) هي دعامة أي مجتمع ينشد دخول هذه الألفية بكل ثقة واقتدار ، ولا مناص من الأخذ بها وتضمينها في برامجنا التربوية والتعليمية والتعلمية في شتى مراحل التعليم ، بدءاً من دور الحضانة ورياض الأطفال وحتى الجامعات ومعاهد ومراكز البحث العلمي والتقني في شتى مؤسسات وقطاعات المجتمع ، ومن أمثلة هذه العلوم :-
الهندسة الوراثية
الجينوم(الخارطة الوراثية)
الاستنساخ
علوم الليزر
المواد الكيميائية فائقة التوصيل
علوم الطاقة المندمجة
علم السيراميكيات
علم البلازما(الحالة الرابعة من حالات المادة )
علوم الفضاء
علوم الصواريخ والأقمار الصناعية
علم رقائق/شرائح الإلكترونيات.......... الخ 000 الخ.
ومن ثم فلا مناص من أن ننهل من هذه العلوم الحديثة إذا ما أردنا اللحاق بركب دول العالم المتقدم، وعلينا أن نتعلمها كِباراً وصِغاراً، شيوخاً وأطفالاً (وكاتب هذه المقالة له موسوعة علمية مكونة من جزأين في هذا الصدد تحت عنوان: الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة ج1 وج2).
(3) في المجال البيـــئي:-
يشهد هذا القرن-الألفية الثالثة- كماً هائلاً من الكوارث الطبيعية، لعل آخرها كارثة المد البحري والزلزال الذي شهدته حوالي 10 دول في جنوب شرق آسيا والمعروفة بكارثة "تسونامي" وهو الاسم العلمي للمد البحري الذي أصاب المنطقة في 23/12/2004م ، وما تبعه من تداعيات إنسانية واقتصادية وعمرانية وبنية تحتية في شتى المجالات ،والإعصار "كاترينا " ثم الإعصار "ريتا" الذين ضربا الولايات الجنوبية الساحلية بالولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر سبتمبر2005م ، وما ترتب عليه من خسائر بشرية ومادية قدرت بأكثر من ملياري دولار أمريكي، ناهيك عن المشكلات البيئية التي ساهم الإنسان بسلوكه الخاطئ نحو بيئته في إحداثها .
فهل نحن قادرون ومستعدون لمواجهة مثل هذه الكوارث البيئية بشتى أنماطها وبكافة مخاطرها وتداعياتها، كوارث ربما تكون-لاقدر الله- أشد فتكاً وإيلاماً من تسونامي وكاترينا وريتا؟
في رأينا هذه هي أهما المعايير العالمية التي أصبحت الدول اليوم تقيم على أساسها، ومن ثم فلا بد من وضعها في أولويات مهامنا إذ نتصدى لعملية التطوير الشامل في المجتمع المصري، وأن نؤمن تماماً بأنه لا مخرج لنا من مشكلات التعليم المختلفة إلا بإعادة النظر في كافة أهدافنا وبرامجنا التعليمية في شتى مراحل التعليم في ضوء المعايير الثلاثة الرئيسة السابق استعراضها وذلك كي تشارك مؤسسات التعليم المختلفة في تخريج المواطن المصري القادر على صنع النهضة الشاملة، في خضم تزايد حجم المعرفة تزايداً مذهلاً خلال الآونة الأخيرة التي تضاعف فيها حجم المعرفة مرات كثيرة ، فمثلاً:-
* في السنوات الخمسين الأخيرة (1955-2005م) يزخر العالم أجمع بوجود 90% من جملة العلماء الذين أنجبتهم البشرية منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الأرض والبشر.
* كما أن 25% من جملة البشرية منذ أن أوجد الله سبحانه وتعالى الإنسان على ظهر هذه البسيطة منذ أكثر من مليون عام –كما يقدر بعض علماء الجيولوجيا والأنثروبولوجيا-يعيشون بيننا اليوم على كوكب الأرض.
* كما استهلك الإنسان خلال القرن الماضي فقط ما يقدر ب 50%من جملة الطاقة التي استهلكها الإنسان على مدار التاريخ الإنساني.
* يوجد حالياً أكثر من 000و100 مجلة علمية في شتى التخصصات الأكاديمية، تصدر ب 60لغة عالمية.
* يتضاعف عدد المجلات العلمية مرة كل 15 سنة.
*يتضاعف حالياً حجم المعرفة العلمية مرة كل 7 سنوات في بعض العلوم مثل علم الكيمياء ومرة كل 10سنوات في علم الفيزياء.
*حاليا يوجد أكثر من 25مليون براءة اختراع قابلة للتنفيذ فوراً، وأن العالم ينتج حالياً براءة اختراع واحدة كل 2دقيقة فقط.
كل هذه وغيرها تمثل تحديات جد خطيرة وهائلة، وكل هذا أصبح يلقي على عاتقتنا نحن علماء وخبراء التربية والمناهج والتدريس وتكنولوجيا التعليم وعلماء النفس وخبراء وعلماء الإدارة التعليمية.......مهمة تطوير برامج التعليم وتجويد منظومته وإخضاعه لمعايير ومقاييس ومواصفات الجودة الشاملةTotal Quality والعمل على تحسين مدخلات وعمليات ومخرجات العملية التعليمية على كافة الأصعدة التربوية وبالمشاركة مع جميع مؤسسات المجتمع التي يهمها جميعاً أمر التربية والتعليم ويهمها المتخرج الذي سيعمل في قطاعات العمل المجتمعي المتعددة.
ومالم نُعد العُدة ونتسلح بسلاح العلم والتكنولوجيا الحديثة لإعداد مجتمع المعرفة المنشود خلال الفترة الزمنية القليلة المقبلة، ولتكن خطة خمسية طموحة، وما لم نتهيأ لهذا الأمر على جميع أصعدة المجتمع وأولها قطاع التعليم بكل مستوياته: العام والعالي والمتوسط وفوق المتوسط وحتى على مستوى مؤسسات البحث العلمي والدراسات العليا، فإن المنافسة العالمية اليوم أصبحت أكثر شراسة لمن يقدم بضاعته في أسواق العالم وقد أصبحت تُدعى بالمعرفة الاقتصادية، وعالم اقتصاد المعرفة، والحكومات الإلكترونية، ومجتمع مابعد الصناعة، ومجتمع الموجة الثالثة(الموجة الأولى بالطبع في سلم الترقي المجتمعي هو عصر الزراعة، الموجة الثانية يقصد بها عصر الثورة الصناعية التي بدأت ملامحها في منتصف القرن التاسع عشر ) ، ومجتمع المعلوماتية ومجتمع ما بعد الحداثة ......الخ..
لقد درج العالم اليوم، وحتى وقت قريب على أن النسبة المالية التي تخصصها الدولة للإنفاق على التعليم من الدخل القومي كنسبة مئوية هي أساس التقييم، ولكن ثبت بالدليل القاطع أن هذا المعيار مع الأسف الشديد غير دقيق علمياً إن لم يكن خاطئ، فالمهم هو ما ينفق فعلاً على الطالب/الدارس/المتعلم وبالذات في المرحلة العمرية (4-24عاماً) من الدخل القومي، دون أن ندخل في هذه النسبة مرتبات وحوافز المعلمين والإداريين في حقل التعليم، وما ينفق على الأبنية المدرسية.....الخ.
ولعل المثال الرقمي التالي خير شاهد على صحة ما نقول:
· ما ينفق على التعليم من ميزانية الدخل القومي في مصر (طبقاً لتقرير عام 1999م) هو 2و5% أي ما يساوي 630دولار للفرد .
· في الأردن 9و5% من ميزانية الدولة أي ما يعادل 730$ للفرد .
· في المغرب 1و7% من ميزانية الدولة أي ما يعادل 930$ للفرد.
· في زيمبابوي 11% من ميزانية الدولة، وهي دولة تحت خط الفقر مباشرة .
· في الولايات المتحدة الأمريكية 12% ، وهي مثال لأكبر دولة اقتصادية وعسكرية في العالم ،والقطب الأوحد على الساحة الدولية حالياً .
ولذلك ظهر تقرير خطير في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء حكم جورج بوش الأب ، كان عنوانه Nation at Risk، ويعني " أمةُ في خطر" والعنوان يقع في ثلاث كلمات فقط ولذلك كان الرد على هذا التقرير من جانب خبراء التربية والتعليم والبحث العلمي والمناهج والتكنولوجيا في الولايات المتحدة، كان الرد أيضا في ثلاث كلمات هي Nation of Students، وترجمتها تعني " أمة من المتعلمين " .
وهناك تقرير صادر عن البنك الدولي (عام 2004م) يشير إلى أنه إذا قل ما ينفق على تعليم الفرد عن 500$ أمريكي في المتوسط فإن هناك خطراً يهدد عمليات التنمية الشاملة في المجتمع على المدى القريب والمتوسط.
وقد أصبح يُنظر اليوم إلى نهضة وتطوير التعليم من منظورين هما:-
(1) كم ينفق على تعليم الفرد كمتعلم وكفرد دون النظر إلى رواتب أو مكافآت المعلمين وغير ذلك؟
(2) كم عدد السنوات التي يقضيها الفرد في التعليم ؟
وقد وجد أنه لو قل متوسط عدد سنوات تعليم الفرد في المرحلة العمرية عن 6سنوات فإن خطط التنمية في المجتمع ستكون في خطر شديد أيضا، وأن حد الانطلاق الحقيقي للتنمية هو 9سنوات تعليمية للفرد على الأقل ، وهذا يثبت بالدليل القاطع أهمية ربط التعليم بخطط التنمية الشاملة للمجتمع المصري .
ومن هنا أصبحت قضية التعليم وتطويره هي بحق قضية علماء وخبراء التربية كي يتولوا قيادة الدعوة إلى تغيير وتطوير المناهج والبرامج التعليمية عامة والنظام التعليمي في مصر بشكل أشمل وأعم ، لأن هذه القضية هي قضية مستقبل أمة ، وقضية حياة شعب يحمل أبناؤه على عاتقهم خطط التنمية المطلوبة للألفية الثالثة .
ومن هنا يتوجب على كليات التربية بصفة خاصة ، في المستقبل القريب والعاجل أن تتبوأ مكانتها المطلوبة وأن تتحمل مسؤولياتها في هذا الصدد نحو إعداد المعلمين القادرين على تحمل تبعات النهضة المصرية الشاملة ولبناء مجتمع المعرفة والمعلوماتية المصري ، تحت القيادة الحكيمة والواعية والرشيدة للرئيس محمد حسني مبارك ،مؤسس مصر الحديثة وراعي العلم والعلماء والبحاث .
وفي رأينا وختاماً لهذا الموضوع-دور كليات التربية بصفة خاصة وباقي مؤسسات المجتمع المصري بعامة لبناء مجتمع المعلوماتية-فإن الأدوار المستقبلية المطلوبة تتمثل في التوجهات والأهداف والرؤى التالية:-
(1) ضرورة إعادة النظر في جميع برامج وأهداف كليات التربية في مصر، لاسيما مع تطويرها خلال الخطة الخمسية المقبلة وتحويل بعضها إلى كليات لتخريج تخصصات أخرى خلاف غير نمطية وغير تقليدية، والأمل معقود على أن تركز البرامج الجديدة على إعداد المعلم القادر على بناء الأجيال الصانعة للمعرفة وللمعلوماتية لا أن تكون مجرد أجيال مستهلكة فحسب لإفرازات عصر العلم والتكنولوجيا .
(2) ضرورة العمل على تضمين البرامج التي يجري تطويرها في كليات التربية لكافة العلوم والتكنولوجيا الحديثة، والتي سبقت الإشارة إليها سابقاً في هذه المقالة، تلك العلوم التي تم تضمينها في جميع مناهج التعليم العام والخاص، العالي والمتوسط في الدول المتقدمة.
(3) ربط جميع برامج كليات التربية المزمع تطويرها مع خطط التنمية الشاملة في المجتمع (اقتصادياً وثقافياً وإعلامياً وصحياً، وغيرها ) فالملاحظ حالياً وجود فجوة بل وجفوة شديدة في هذا الصدد بين التعليم وخطط التنمية في المجتمع.
(4) ربط جميع برامج وخطط وأهداف كليات التربية المزمع تطويرها خلال الفترة المقبلة بالبرامج التربوية الشاملة لجميع مراحل التربية والتعليم ، إذ أن معلم المستقبل ( وهو المخرج الأساسي لكليات التربية ) والذي سوف يعمل في حقل التربية لتطوير العملية التعليمية المدرسية ، وبما أن فاقد الشيء لايعطيه ، لذلك وجب تزويده بجميع المهارات والمعارف والمعلومات التي يستند إليها مجتمع المعلوماتية ، ومن ثم لا يتأتى ذلك إلا بتحقيق التكامل والترابط والتنسيق الكامل بين كليات التربية ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص .
(5) بما أن مجتمع المعرفة المعلوماتية الذي أفرزته تكنولوجيا الاتصالات الحديثة ، هو أيضا مجتمع ليس فقط مستهلكاً للمعرفة فحسب بل ومنتجاً لها ، ولذلك يتوجب تضمين البرامج الحديثة لكليات التربية بكافة الأنظمة العلمية والتكنولوجية الحديثة التي تساعد في تحقيق آلية بناء مجتمع المعرفة المصري .
(6) الحرص على استخدام تكنولوجيا ووسائط التعليم الرقمية الحديثة في جميع برامج كليات التربية في مصر .
(7) من الأهمية بمكان تدريب الطالب المعلم بكليات التربية على إعداد البحوث والدراسات العلمية التي تساعد على صقل شخصيته العلمية بما يساعده على المشاركة في بناء مجتمع المعلوماتية في الدولة، ومن ثم يصبح هذا الطالب قادراً مستقبلاً على تأكيد هذه الصفات البحثية العلمية لدى طلابه في المدرسة .
(8) تبني معايير عامة ونوعية للتعليم تكون نابعة من واقع المجتمع ومن تراثه وقيمه الإسلامية العربية من ناحية وتراعي متغيرات وتحديات العصر الحالي من جهة أخرى .
(9) تعميم ونشر تجربة الجامعات الافتراضية والصفوف الافتراضية في جامعات ومدارس مصر كمدخل هام لإقامة مجتمع المعلوماتية المنشود.
(10) تعميم ونشر تجربة الجامعات المفتوحة والتعليم المفتوح عبر الأقمار الاصطناعية، ،وذلك لمنح الفرص لمن حصل على قدر من التعليم والثقافة بأن يستزيد أو يغير أو يطور ما سبق له تعلمه حتى يمكن الحِراك من مهنة لأخرى في ضوء حاجة سوق العمل الجديدة وذلك عبر مايسمى بالتعليم عن بُعد Distance Learning-Teaching.
(11) تدعيم البنية الأساسية للتكنولوجيا في المجتمع العُماني من خلال تزويدها بالأجهزة التكنولوجية كأجهزة الحاسوب وغيرها، وربطها بالإنترنت السريع، مع ضرورة خفض سعره للمشتركين في هذه الخدمة .
(12) الاهتمام بإدخال التكنولوجيا إلى كافة المدارس والجامعات وتزويدها بالحواسيب المتطورة وبشبكات الإنترنت السريعة.
(13) ضرورة مشاركة كافة مؤسسات المجتمع المدني في نشر العلم والتكنولوجيا وثقافة المعرفة الحديثة، سواء بمشاركتها في إنشاء مؤسسات تعليمية تحت إشرافها والإنفاق عليها كاستثمار اقتصادي خدمي مطلوب، أو من خلال مشاركتها الجامعات والمؤسسات التعليمي والبحثية المتعددة بالدعم المادي والمالي والتقني، ودول العالم المتقدم خطت خطوات واسعة جداً في هذا الشأن .
(14) أن تتبنى الدولة ، ومن خلال المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم"أليسكو" وضع خطة علمية تستهدف مراجعة إيجابية لمسيرة المنظمة وعملها وإنجازاتها التي حققتها ميدانيا، ومن أهمها وضع إستراتيجية عربية لتطوير التعليم العام والجامعي في الدول العربية .
(15) تحقيق مفاهيم ومعايير وأهداف الجودة الشاملة في كافة المؤسسات التعليمية لتحقيق مجتمع المعلوماتية العربي.
(16) ربط مؤسسات التعليم العالي وربط مخرجاتها التعليمية باحتياجات التنمية وسوق العمل العربية والعالمية .
(17) ضرورة إعادة النظر في كافة مناهجنا التعليمية بمدارس التعليم العام وربطها باحتياجات التنمية العربية الشاملة، وإزالة الحشو الحالي منها.
(18) استيعاب التكنولوجيا العالمية الحديثة، مع الأخذ في الاعتبار تضمينها في المناهج الدراسية مع مراعاة قيم مجتمعنا الأصيلة المتأصلة في الدين الإسلامي والسنة النبوية المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التزكيات.
(19) أن تكون المعايير العامة التي توضع على أساسها مناهجنا التعليمية نابعة من البيئة العربية المصرية فلا تكون شرقية ولا غربية .
(20) الأخذ بأساليب واستراتيجيات التعليم والتعلم الحديثة.
(21) الأخذ بالأساليب الحديثة في عملية التقويم لكافة عناصر العملية التعليمية .
(22) إقامة أكشاك معلوماتية في جميع المناطق الشعبية في أماكن تجمعات الشباب العُماني،لإتاحة فرصة التعليم والتعلم الالكتروني لكافة قطاعات الشعب، وذلك أسوة بما قامت دولة الهند في هذا الصدد تحت شعار "المعلوماتية عبر الإنترنت للجميع".
(23) العمل على إطلاق القمر الصناعي العربي لدعم وتعميم ونشر فكرة التعليم الإلكتروني والشبكي وعن بُعد والجامعات الافتراضية العربية، وذلك تحت مظلة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
(24) العمل على كسر الروتين وإلغاء القوانين واللوائح البيروقراطية –بعد أن حطمها عالم ومجتمعات المعرفة-تلك المكبلة للعمل والمعوقة نحو الانطلاق لبناء مجتمع المعرفة والتكنولوجيا المصري .
[ الخير أردت وعلى الله قصد السبيــل،،، أ.د/ حسام محمـد مـازن ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق