نظرية المنهج حسام مازن
أولاً :. طبيعة نظرية المنهج
ثانياً :. وظائف نظرية المنهج .
ثالثاً : مراحل تطور نظرية المنهج
رابعاً :. تصنيف نظريات المنهج
1- نظريات ذات اتجاه تكوينى
2- نظريات ذات قيمى
3- نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى
4- نظريات ذات اتجاه نحو العمليات
5- تطبيقات
6- المراجع
مقدمة
فى حين يعتقد المشتغلون بالقضايا النظرية فى حقل المناهج إن نظرية المنهج تمثل عنصراً مهماً فى دراسات المناهج ، للتربويين وغير التربوين فيما يبدو فى مرتبة دنيا ، أنها فى الغالب لا تتصل مطلقاً بعملهم اليومى ، وإذا كان الانصراف عن الأمور النظرية يمكن أن يكون مفهوماً تماماً إلا أن وجهة النظر تعنى أن النظرية الصحيحة والسليمة ممكن ان تكون ذات قيمة لكلاً من الشخص النظري (الأكاديمي)والشخص العملى الممارس.
إن نظرية المنهج يمكنها فى أفضل حالاتها أن تزودنا بمجموعة من المفاهيم التى تعتبر بمثابة أدوات تساعدنا فى تحليل مقترحات المناهج ، وفى هداية الممارسات ، وتوجيه الإصلاحات في الحقل التربوى .
أولاً :. طبيعة نظرية المنهج :.
من الواضح أنه لكي تلم بمفهوم نظرية المنهج فإنه لا بد من أن نفهم طبيهة العلمية " ، ووجهة النظر المقبوالة هذه – كما يوضحها "سوبي" (Suppe , 1974) ترى أن النظرية هى مجموعة من القوانين المصاغة والمستنتجة والمترابطة والقابلة للتطبيق على ظواهرها الملاحظة بطرق يمكن تعيينها .
ويوجد فى وجهة النظر المقبولة هذه عدد قليل من المفاهيم التى تختار لتكون أساساً للنظرية . والبديهات التى تحدد العلاقات الأساسية بين هذه المفاهيم ، ومن التعاريف التى تحدد بقية مفاهيم النظرية فى ضوء المفاهيم الأساسية .
وهناك – كما يلاحظ "اتكينز" (Atkins , 1982) عدد من أوجه النقد على وجهة النظر المقبولة هذه حتى فى صيغتها المنقحة . فلقد انتقدها "سوبي" أولاً بسبب ضيقها الذى يتمثل فيما يتطلب من بداهة أو من نشاط بدهي ، ملاحظاً أن عدداً من النظريات العلمية لم يتوصل إليها ولا يمكن أن يتوصل إليها بالبداهه بشكل مفيد وبدلاً من ذلك – هو يدافع عن وجهة نظر أوسع للنظرية السليمة . وهاجم نقاد آخرون – مثل هانسون (Hanson, 1958) وجهة النظر المقبولة هذه من ناحية موقفها الحيادي ، ذلك أن "هانسون " وغيره من النقاد أوضحوا أن كل جانب من جوانب النظرية محمل بالقيمة . فالعلماء لا يلاحظون الظواهر بموضوعية ، بل إن ملاحظاتهم تكون متأثرة تأثراً عميقاً بنظرتهم للعالم وبما لديهم من قيم . وكذلك رفض "بوبر (Popper , 1962 ) ما تفترضه وجهة النظر المقبولة هذه من أن النظريات العلمية يمكن أن يتم تحقيقها عن طريق الملاحظة . وفى نظره أن النظريات أمور حدسية وأنها – على الرغم من كونها غير قابلة للتحقق من صحتها – إلا أنها تخضع لاختبار قاس للكشف عن زيفها .
ويمكن تصنيف الذين يرفضون الافتراضات الإيجابية لوجهة النظر المقبولة إلى واقعيين وسائليين (وظيفيين ) . فالواقعيون – كما يلاحظ " اتكينز " يرون العلم نشاطاً عقلياً وواقعياً ميدانياً يهتم فى الأساس بتوضيح النتائج والتنبؤ بها . وعلى ذلك تكون النظرية – من وجهة نظر الواقعيين – عبارة عن وصف لتلك التكوينات التى تخلق الظواهر الملاحظة . والخاصية الأساسية للنظرية العلمية هى تفسير الكيفية التى تعمل بها التكوينات والميكانكيات التحتية لكى تخلق الظواهر التى هى موضوع الدراسة ، "كيت ، يورى " (Keat and Urr, 1975 ) . أما الوسائليون (الوظيفيون ) فيركزون – من الناحية الأخرى – على الوظيفة التى تقوم بها النظرية . فالنظرية – فى هذه الوجهة من النظر – عبارة عن أداة للبحث والدراسة ، وليست صورة أو خارطة للعالم . " كابلان " (Kaplan , 1964) والنظرية – بهذا المعنى – إذن ، لا يحكم عليها بالصحة والخطاً ، وإنما تقيم على أساس نوعية التنبؤات التى تكشف عنها وتظهرها .
وهكذا نرى أن فلاسفة العلوم المعاصرين يميلون إلى تبنى وجهة نظر أكثر تفتحاً تجاه طبيعة النظرية ، وهذه الوجهة الأكثر تفتحاً هى المفيدة فيما يبدو خاصة فى حقل التربية ، حيث لا يزال تطور النظرية فيه فى مراحله الأولية ، ولذلك ، ومن أجل تحقيق أهداف هذا الفصل ، فإن التعريف الأوسع لنظرية المنهج يكون : نظرية المنهج هى مجموعة من المفاهيم التربوية المترابطة التى تقدم لنا منظوراً وشارحاً لظواهر المنهج .
ثانياً وظائف نظرية المنهج :.
معظم فلاسفة العلوم يرون أن للنظرية ثلاثة أهداف صحيحة وحقيقية فقط ، تصنف ، وتشرح ، وتنبأ ، ومع ذلك ، فاستعراض نظريات المنهج يشير إلى أن كثيراً من هذه النظريات يخدم وظيفتين إضافيتين أخريين ، فمعظم المنظرين – أمثال "ميشيل أبل " (Michael Apple ) يبدون اهتماماً أكثر بتزويد المربين بمنظور نقدى للمجتمع ولمدارسه وفى الوقت الذى يبدو فيه "أبل " وغيره من الذين يشاركونه منظوره هذا اهتماما ، بوصف وتفسير ظواهر المنهج ، فإن المنهج ، فإن موقفهم هو موقف النقد الحر المفتوح ، وبعض المنظرين الآخرين – من أمثال "رالف تايلور " (Ralph Tyler) يبدون اهتماماً أكثر بتوجيه الممارسة . وبينما يحاول "تايلور " وغيره ممن أثر فيهم أن يضيفوا ويفسروا ظواهر المنهج ، فإن الهدف الرئيسيى من عملهم هو مساعدة المربين فى أن يصلوا إلى الأختيارات الأكثر معقولية
ويتأثر المدى الذى تستطع به نظرية معينة أن تؤدى وظائفها بطريقة فعالة بتعقد هذه النظرية ونضجها ، وهنا تظهر فائدة التصنيف الذى قام به "فاكس " (Faix, 1964)
ثالثاً مراحل تطور نظرية المنهج
المرحلة الأولى يمكن أن تسمى النظرية بالنظرية الأساسية:.
وهى مرحلة تأملية مبكرة لا تكون النظرية فيها قد أرتبطت بالمادة الميدانية الفعلية بعد وتفترض النظرية الأساسية فروضاً لم تختبر ، وتتضمن متغيرات قليلة ، وتستخدم مفاهيم لم تنقح ولم تصنف بطريقة منظمة . وما تزودنا به النظرية الأساسية هو توضيحات وتوجيهات وصفية فقط تساعدنا فى تكوين نظرية أكثر معنى . ويمكن تصنيف ما قام به "جلاتهون" (Glatthorn,1980) من تحليل للمنهج إلى عناصر تمكن وعناصر عضوية ، وعناصر غنى وإثراء على أنه نظرية أساسية .
المرحلة الثانية تسمى النظرية : " نظرية المدى المتوسط " :.
وتتضمن فروضاً تكون قد اختبرت عملياً وميدانياً . ويكون قد بذل فيها جهد لا ستبعاد المتغيرات والعلاقات غير المحتملة وذلك باستخدام النماذج والاختبارات وينتج عن ذلك القوانين التجريبية والتعميمات . والنظرية فى هذا الحال يمكن أن تستخدم فى تفسير الأحداث والتوقع بها وفى التحكم فيها وضبطها والمثال الجيد للنظرية متوسطة المدى هو ما يميل إليه "جودلاد " (Goodlad, 1979) مما يسميه " نظام مفاهيم لتوجيه البحث والممارسة ".
المرحلة الثالثة تسمى النظرية " النظرية العامة " :.
وهذه النظرية العامة عبارة عن نظام نظرى عام أو مخطط مفاهيمى شامل لتفسير مجال الدراسة كله . إن النظرية العامة تحاول أن توجد التكامل بين المعرفة الأساسية الناتجة عن نظريات متوسطة المدى وربما ينظر إلى ما يقوم به "بوشاسب(Beauchamp ,1981) من إيجاد نظرية شاملة للمنهج على أنه محاولة للتوصل إلى نظرية عامة وإن كان البعض قد ينتقد هذه المحاولة من حيث ضحالة الأساس الميدانى العملى لها .
رابعاً تصنيف نظريات المنهج :.
هناك العديد من المحاولات الأخرى لتصنيف تلك النظريات ، ومن أمثلة ذلك "ماكنيل "
(MeNeil, 1985)الذى يقدم ما يبدو أنه تصنيف ثنائى غير واضح فالمنهجون عنده نوعان : منهجون لينون ومنهجون شديدون ، والأولون – فى نظره – هم أمثال وليام بينار"William Pinar" وغيره من المفاهمين المجددين الذين يصدرون عن ميادين وحقول دراسة لينة كالدين والفلسفة والنقد الأدبى ، والآخرون أمثال "ديكر والكر" و "موريتس جونسون" (Mauritz Johnson) الذين يتبعون منهجاً عقلياً ويعتمدون على المادة الميدانية ، ومشكلة مثل هذا التصنيف الثنائى تبدو واضحة إنها نابعة من أنه يجمع مثل هذين المنظرين المتعارضين : "إليوت إيزنر" (Elliot Eisner) و "هنرى جيروكس" (Henry Giroux) على أنهما منهجان لينان لأنهما ببساطة يصدران عن منظورين فى البحث متشابهين .
واقترح "بينار" (Pinar , 1978) تصنيفاً ثلاثياً يبدو أنه ليس مرضياً كذلك : فكل منظري المناهج – فى تصنيفه- يمكن تصنيفهم على أنهم تقليديون أو مفاهميون ميدانيون ، أو مفاهميون مجددون . فالتقليديون – فى هذا التصنيف – أمثال "رالف تايلور " الذين يعنون بأكثر الوسائل كفاءة فى نقل المعرفة الثابتة بهدف نقل الميرات الثقافى والحفاظ على المجتمع القائم بوظائفة . والميدانيون المفاهميون من أمثال "روبرت جانيه " (Robert Gagne) هم أولئك الذين يشتقون مناهج بحثهم من العلوم الفيزيائية فى محاولة منهم للتوصل إلى تعميمات سوف تمكن التربويين من السيطرة على ما يجرى فى المدارس والتوقع به ، أما المفاهميون المجددون ( وهو اسم أطلقه بينار على عمله الخاص به ) فيؤكدون الذاتية والخبرة الوجودية وفن التفسير وذلك للكشف عن الصراع الطبقى وعن العلاقات غير المتكافئة بين القوى العاملة التي توجد فى المجتمعات الكبرى . والمشكلة الأساسية فى هذا التصنيف الثلاثى هى أنه يخلط بطريقة مميزة بين مناهج بحث المنظرين وبين مواقفهم السياسية ويجعل ذلك أساساً لتصنيفهم .
ومن أوسع تصنيفات منظرى المناهج استخداماً ذلك التصنيف الأكثر فائدة والذى اقترحه "إيزنار ، فلانس" (Eisner , Vallance,1974 ) فى كتابهما " المفاهيم المتعارضة فى المنهج " أنهما عندما يستعرضان حقل المناهج يجدون خمسة مفاهيم مختلفة للمنهج أو خمسة توجهات نحوه . فهناك توجه العمليات المعرفية الذى يعنى أساساً بتنمية العمليات العقلية ولا يعنى كثيراً بمحتوى معين . فهناك التوجه الذى يعتبر المنهج حقل تقنيات ويتصور أن وظيفته هي العثور على أكفأ الوسائل فى تحقيق الغايات والأهداف التى سبق تحديدها . وهناك توجه "تحقيق الذات" الذى يعتبر المنهج خبرة ختامية مكملة مصممة لتحقيق النمو الشخصى . وهناك توجه إعادة البناء الاجتماعى الذى يضع الحاجات الاجتماعية فوق الحاجات الفردية . والمنظرون الذين ينتمون لهذا التوجه يميلون إلى الاعتقاد بأن دور المدرسة الأساسى هو تنمية الانتماء الى المجتمع الأكبر ، سواء بتنبنى موقف التكيف أو موقف إعادة البناء .
وأخيراً هناك "العلاقات الأكاديمية " التى تؤكد أهمية النظم الأكاديمية المعيارية فى مساعدة الطلاب كي يشاركوا فى الثقافة الغربية وتقاليدها .
وبينما يعتبر تصنيف "إيزنار ، فالانس " أكثر تمييزاً بين التوجهات من كل من التصنيفين اللذين ناقشناهما ، إلا أنه وقع فى خطأ فيما يبدو فى نضمينه "توجه التقنيات " على أنه توجه أساسى من توجهات المنهج . أما التوجهات الأربعة فيبدو أنها تعتبر المصادر الرئيسية أساساً فى تحديد محتوى المنهج ، العمليات المعرفية ، الشخص ، المجتمع ، ثم المادة العلمية . أما التوجه التقنى فهو – من ناحية أخرى – معني فى المقام الأول بتأييد عملية واحدة لبناء المنهج – وهي العملية التى يمكن أن تستخدم فى أي توجه من التوجهات الأربعة الأخرى .
والخطأ الأساسى لجميع الصياغات الثلاث السابقة (ماكنيل ، بيمار ، ايزنر وفالانس ) هو أنها لم تصنف نظريات المنهج على أساس توجهاتها أو تأكيداتها الأساسية ، وهنا نجد أن تحليل "هونيك" (Huenecke , 1982) لمجالات البحث في المناهج تحليلاً أكثر فائدة . يبدو أن "هونيك " نصور أن ثلاثة أنواع مختلفة من التنظير فى المناهج : تكوينى وإنشائي وجوهري ، فالنظريات التكوينية أو التركيبية التى أدعى "هونيك " بأنها كانت سائدة في الخمسين سنة الأولى من عمر الدراسة في حقل المناهج تركز على تمييز عناصر المنهج وعلى ما بينها من علاقات ، كما تركز على تركيبة اتخاذ القرار . وتركز النظريات الإنشائية على نتائج المنهج ، وعلى الفروض والمعتقدات والحقائق المقبولة التى تكمن وراء القرارات الخاصة بالمنهج . ويشار أحياناً إلى هذه النظريات بأنها نظريات نقدية ، لأنها تميل إلى تكون ناقدة بدرجة عالية للمفاهيم الماضية والحاضرة التي يقوم عليها المنهج . إنها تسعى لتحرير الفرد من ضغوط المجتمع مستخدمة أفكاراً سياسية واجتماعية لفحص قضايا القوة والسلطة والتأثير . أما النظريات الجوهرية فتنظر فى المحتوى أو المادة الدراسية التي تكون أكثر رغبة ، وفى المعرفة الأجدر بالدراسة والأهم .
وبينما يبدو تصنيف "هونيك " تصنيفاً مفيداً جداً ، إلا أنه وقع فى خطأ حذف مجال مهم – مجال نظريات كنظريات "شواب" (Schwab, 1970) التى تعنى أساساً بعمليات اتخاذ القرار فيما يخص المنهج . وبينما يكون في إمكان "هونيك" أن ترد على ذلك بأن عمل "شواب " يدخل أساساً في مجال النظريات التكوينية من حيث تركيزه وتأكيده ، إلا أن التمييز بين التكوين وبين العمليات تمييز جدير بأن يبقى ويحتفظ به .
ولهذا فإنه يبدو من المفيد جداً أن نقسم نظريات المنهج الى الأنواع الأربعة التالية طبقاً لمجالات بحثها ودراستها :
نظريات ذات اتجاه تكوينى وهى مهتمه بالدرجة الأولى بتحليل مكونات المنهج وعلاقاتها بعضها ببعض . وهى تميل إلى أن تكون نظريات وصفية وتفسيرية في مقاصدها .
نظريات ذات اتجاه قيمي ، وهي مهتمة أساساً بتحليل قيم بناة المنهج وفروضهم ونتائج ذلك ، إنها تميل إلى أن تكون نظريات نقد فى طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى ، وهي معينة أساساً بتحديد محتوى المنهج ، وتميل إلى أن تكون نظريات توجيهية فى طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى ، وهي معينة أساساً بتحديد محتوى المنهج ، وتميل إلى أن تكون نظريات توجيهية في طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو العمليات ، وهي معينة أساساً بالكيفية التي تتطور بها المناهج أو بالتوصية بالكيفية التي ينبغى أن تتطور بها المناهج أو بالتوصية بالكيفية التي ينبغى أن تتطور بها ، وبعض هذه النظريات وضعي فى طبيعته ، وبعضها الآخر يميل إلى أن يكون توجيهيا أكثر .
وسوف نتبع فى بقية هذا النظام من التصنيف فى فحص عدد من منظرى المناهج الأساسين .
1- نظريات ذات اتجاه تكوينى
نظريات المنهج ذات الاتجاه نحو التكوين معنية – بمكونات المنهج وبعلاقات هذه المكونات بعضها ببعض . وباعتبارها في الأساس نظريات تحليلية فى اتجاهها فإنها تسعى إلى وصف وتفسير الكيفية التي تتفاعل بها هذه المكونات داخل البيئة التربوية
ويبدو أن النظريات ذات الاتجاه التكوينى تعمل على ما يمكن أن نطلق عليه المستوى الكبير والمستوى الصغير فالمنظرون على المستوى الكبير ، يحاولون أن يطوروا نظريات عامة شاملة تصف وتفسر العناصر الكبرى فى تكوين المنهج . ومن بين أمثال هؤلاء المنظرين على المستوى الكبير "جون جودلاد " (John Goodlad) الذي يبدو إنه قد قام بأهم إنجاز فى هذا الصدد . إنه يصف فى كتابه " البحث فى المنهج " 1979 م كيف وزملاء له في جامعة شيكاغو صاغوا ولأول مرة "نظاماً مفاهيمياً " من أجل إيجاد التكامل بين "تبرير الغايات والوسائل لــ "تايلر" وبين عمليات التطور التي كان "جودلاد" يستخدمها في دراسته للمنهج في إدارات التعليم . وقد اختبرت هذه الصياغة المبكرة فى ذلك الوقت اختباراً حقلياً مركزاً وأخضعت لتقويم قاس وشديد . ونتيجة للاختبار والتقويم نقح "جودلاد " الصياغة الأولى لتكون مناسبة للمعارف الجديدة التي جدت فى الدراسات الحقلية .
لقد أفاد أولاً من "شواب" فى تمييز القوى التي تحدد المناهج : الحاجات السياسية والاقتصادية ، الثقافة العامة المشتركة وما يتفرع عنها من ثقافات ، الرغبات والحاجات المقبولة لمن يستخدمون المناهج (العملاء) ، مصادر المرعفة مثل مجالات الدراسة المعيارية ، بيئات البحث والدراسة أو إنجازات البحث التي يقدمها العلماء المختصون ، واهتمامات أصحاب المهنة من المدرسين والمديرين ، وتجد هذه المصادر المتعددة التعبير عنها في كل من المعرفة المتراكمة والحكمة التقليدية الخاصة بالحقل .
وهذه العوامل وقوى التأثير الكبرى تتفاعل – بدورها – مع اهتمامات وقيم وحاجات ورغبات الأجهزة التشريعية أو الأجهزة التي تمارس التوجيه والسيطرة .
وتنهض القيم خاصة بدور رئيس فى التأثير على القرارات النهائية التي تتخذ في المنهج على كل مستوى من مستويات اتخاذ القرار وفي كل مجال من المجالات الأربعة من العمل في المنهج – وكما يقول "جودلاد" هذه المجالات الأربعة يتفاعل بعضها مع بعضها الآخر وفي ممارسته التي تتصل بالقضايا الكبرى الخاصة بسياسة المنهج كما تحددها الجهات ذات التوجيه والسيطرة ، مثل الحكومة الفيدرالية أو الحكومة المحلية أو إدارة التعليم المحلية . ويشمل مجال المؤسسات تلك العناصر من المنهج التي تعمل على مستوى المدرسة – القرارات الخاصة باختيار المحتوى وتنظيمه والتي تنتج وتتفاعل مع العناصر الاجتماعية . ويشمل المجال التعليمى عناصر المنهج التي تتحدد على مستوى حجرة الدراسة ، الموضوعات التي ينبغي أن تؤكد ، مناسبة التدريس لسرعة تعلم التلاميذ ، مسألة عرض المادة العلمية ، وما إلى ذلك مما ينجم عن القرارات المؤسسية ويتفاعل معها . وأخيراً المجال الشخصي والخبرى عناصر المنهج كما خبرها المتعلمون أنفسهم – العاناصر التي تشتق من قرارات المدرسين الخاصة بالتدريس والتي تؤثر على هذه القرارات .
إن نظام المفاهيم الذي قدمه "جودلاد" يحقق العديد من الإنجازات التي تساعد فى فهم تكوين المنهج فهماً مهنياً . إنه يبسط دون تحريف مجموعة من القوى والعوامل المتفاعلة والتي تعتبر على جانب كبير من التعقيد . إنه يوجه الاهتمام المناسب للجوانب السياسية والقيمية لتطوير المنهج ، هي جوانب غالباً ما أغفلتها النظريات الأخرى . وتحليله للمجالات الأربعة من شأنه أن يمكن الباحثين والممارسين من أن يقوموا ببعض التمييز المهم فيما يتعلق باتخاذ القرار في المنهج .
والحقيقةالتي مؤداها أن النظام المفاهيمى نتيجة لكل مكن تنظير تعاونى واختبار ميدانى إنما هي تأكيد للمربين الذين يشكون بحق فى النظريات غير المختبرة . إن عيبه الوحيد والخطير هو أنه على مستوى عال من العمومية ، إنه لا يتعامل بدرجة كافية فيما يبدو مع قضايا أخرى خاصة بتكوين المنهج وعلى جانب كبير من الأهمية في مجال المؤسسات .
وهنا يكون من الضرورى أن نتوجه إلى أعمال المنظرين ذوى المستوى الصغير المعنيين أكثر من غيرهم فيما يبدو بوصف وتفسير ظواهر كما تحدث على المستوى المؤسسى والمستوى التعليمي . ويعتبر "جورج بوسنير" (George Posner) من أكثر ممثلي المنظرين على هذا المستوى الصغير فيما يبدو . ذلك أنه عبر عدد من السنين قد قام بتحديد وتحليل العديد من العناصر الصغيرة فى تكوين المنهج . وتعتبر مقالته (1976م) التي ألفها بالتعاون مع "كينيث سترابك " (Kenneth Striks) نموذجاً لأعماله النظرية . وفي هذه المقالة يعرض هو وزميله ويشرحان " مخططا لأنواع مبادئ تتابع المحتوى " لقد استطاع "بوسنر " ، "سترابك " أن يمييزا خمسة أنواع رئيسية لتتابع المحتوى ، وذلك من خلال عرض بعض التحديدات المعرفية المفيدة ومن خلال تحليل أدبيات المنهج .
إنهما يسميان المبدأ الأول لتتابع المحتوى " ذا صلة بالعالم " أي أن تركيب المحتوى يعكس العلاقات الميدانية بين الأحداث والناس والأشياء . وتشمل الأنواع الفرعية هنا التتابع القائم على العلاقات المكانية والعلاقات الزمنية والخصائص الفيزيقية . والمبدأ الثانى " ذو صلة بالمفاهيم " وفيه يعكس التتابع تنظيم عالم المفاهيم .
وهكذا يكون أحد الأنواع الفرعية من التتابع المتصل بالمفاهيم هو " الضرورة المنطقية " – وذلك عندما يكون من الضروري منطقياً أن نعرف المفهوم الأول لكي نعرف المفهوم الثاني . أما التتابعات ذات الصلة بالبحث فهي التي تحدث التتابع في المنهج على أساس طريقة معينة من البحث مثل تحليل "ديوي" لعملية حل المشكلات . وأما التتابعات ذات الصلة بالتعلم فتعتمد على معرفتنا بعلم النفس حول التعلم في اتخاذ القرارات الخاصة بالتتابع ، وعلى هذا فقرارات التتابع القائمة على افتراض مثل "ابدأ بالمحتوى ذي الأهمية الذاتية " أو "ابدأ بالمهارات الأسهل " هذه القرارات قرارات ذات صلة بالتعلم فى طبيعتها . والمبدأ الأخير مبدأ "ذو صلة بالاستخدام " وهو يحقق التتابع في التعلم في علاقته بالسياقات الثلاثة الممكنة للأستخدام – اجتماعي ، شخصي ، مهني ".
هذه الأنواع يمكن – كما يوضح "بوسنر " – "سترابك" أن تعتبر مجموعة من المفاهيم التي ينبغي أن تكون مفيدة لكل من يبني المنهج ويقيمة ويبحث فيه .
2- نظريات ذات اتجاه قيمى :.
النظريات ذات الاتجاه القيمي منهمكة أساساً فيما يبدو يمكن أن نطلق عليه "رفع الضمير التربوي " محاولة أن تجعل التربويين حساسين بالنسبة للقيم والقضايا التي تكمن في قلب المناهج الظاهرة الخفية
واتجاه هذه النظريات الأساسي اتجاه نقدي ، ولذلك فإنها تعرف أحياناً بأنها "نظريات نقدية " . ونظراً لأن الكثيرين قد طالبوا بالحاجة إلى تحديد مفاهيم حقل المناهج فإنهم غالباً ما يطلق عليهم المفاهميون المجددون .
وهم فى بحوثهم وتساؤلاتهم يميلون إلى فحص قضايا مثل القضايا التالية :-
1- بأي الطرق والوسائل تكرار المدارس وتعيد الفروق فى القوى الموجودة في المجتمع الأكبر ؟
2- ما طبيعة الفرد المتحرر حقاً ، وكيف تعيق مثل هذه الحرية ؟
3- كيف تصوغ المدارس عمداً أو بدون عمد شخصيات الأطفال والشباب لتناسب الدور الاجتماعى المقرر مسبقاً من قبل الجنس والطبقة الاجتماعية ؟
4- بما أن قادة المنهج هم أن قادة المنهج هم الذين يحدودن ما يشكل المعرفة الشرعية أو الرسمية فكيف تعكس مثل هذه القرارات تحيزهم الطبقي وتساعد في إعاقة النمو الكامل للأطفال والشباب ؟
5- بأي الوسائل والطرق تميل معالجة المدارس للقضايا التقليدية إلى أن تقلل وتخفي الصراعات المتوطنة في المجتمع ؟
إن المنظرين ذوي الاتجاه القيمى في فحصهم لهذه القضايا يأخذون بشكل انتقائي من مناهج بحث عديدة ، مثل منهج التحليل النفسي والبحث الفلسفى والتحليل التاريخى والنظرية السياسية
المنظرون ذوي الاتجاه القيمى الرئيسيون :.
نظراً لأن الكثيرين من المنظرين الناقدين يركزون فيما يبدو على الشخص ، ولأن كثيرين آخرين منهم يركزون على البيئة الاجتماعية السياسية فإنه من المناسب أن نختار للدراسة هنا منظراً واحداً ذا اتجاه نحو الشخص – "جيمس ماكدونالد"
(James Macdonald) ومنظراً واحداً ذا اتجاه نحو البيئة هو "ميخائيل أبل (Michael Apple)
ظل " جيمس ماكدونالد " ولفترة عقدين من الزمان يمثل الشخصية المزعجة والمحترمة بالنسبة للمشتغلين بمهنة المناهج ، متحدياً التربوين أن يعيدوا النظر في افتراضاتهم ، وأن يطمحوا إلى تحقيق أهداف أكثر استحقاقاً وأهمية ، وأن يعيدوا تصوراتهم الخاصة بمشروع بناء المنهج وباعتباره كاتباً خصب الإنتاج وغزيره ، فإن كتاباته جاءت كثيرة ومتنوعة بحيث أصبح من الصعب تلخيصها . ولذلك فإن المناقشة التالية ستركز على جوانب مختارة من أعماله ذات صلة وثيقة بحقل المنهج .
إن الأساس فى كل أعماله هو وجهة نظره المتعلقه بالوضع الإنساني . ومركز الوضع الإنساني هو البحث عن السمو والارتقاء ، كفاح الفرد لتحقيق النفس الكاملة . ونظراً لأن "مكدونالد " قد تأثر كثيراً فى نهاية حياته المهنية بكتابات "كارل يونج "
(Carl Jung) فإنه استخدام كثيراً من التعبيرات الرمزية والمجازية في كتابه "أيدولوجية تطورية ارتقائية للتربية " (1974م) ليتحدث عن رحلته نحو السمو والارتقاء كهدف أساسي وأولي لكل البشر . فى تلك المرحلة ينهمك الفرد في حوار جدلي بين النفس وبين المجتمع ، بين المعرفة الصريحة والمعرفة المضمرة ، باحثاً عن النظام ، عن المعنى الخلاق ، وعلى ذلك فإن الشخص صانع نشط للمعنى ، وليس مستقبلاً سلبياً للمعرفة .
وبهذا المعنى يكون هدف التربية إذن هو تسهيل تطور الأفراد نحو الاستقلال الذاتى ونحو تحقيق ذاتيهم . ونتيجة لذلك تعتبر التربية – في نظر ماكدونالد – مشروعاً خلقياً في الأساس ، تعكس في كل جوانبها قيم الذين يقومون بها . ومن المحتم على المربين – لذلك – أن يجعلوا قيمهم صريحة واضحة وقد عبر "ماكدونالد " عن ذلك بقوة في الأسلوب التالي :
إن أي شخص مهتم بالمنهج يجب أن يتحقق من أنه يقوم أو يشتغل بنشاط سياسى . إن الحديث عن المنهج والاشتغال به وظيفة تشريعية في أصغر مجالاتها ، نحن معنيون ..بإيجاد الحياة الجيدة ، المجتمع الجيد ، الشخص الجيد ..واذا كان لنا نحن المتحدثين عن المنهج أن نفهم ما نتحدث نحن عنه وأن نوصله لغيرنا ، فإن هذه القيم يجب أن تكون واضحة .
ومن الواضح أن المنهج ينهض بدور أساسي في هذا المشروع الأخلاقي وقد فسر "ماكدونالد " (Macdonald , 1977) المنهج تفسيراً واسعاً ، محدداً إياه بالطريقة التالية :
المنهج ..هو دراسة ما ينبغى أن يشكل عالما من أجل التعلم ، وماذا يمكن أن تصنع لخلق هذا العالم ، وعلى هذا يكون المنهج فى أصغر مجالاته – هو نفس الأسئلة التي تبدو لي أنها ذات أهمية قصوى بالنسبة للإنسانية كلها . (ص 11).
وفى نظر "ماكدونالد " يعتبر المنهج الذي تقدمه معظم المدارس منحرفاً انحرافاً خطيراً ومشوها فيما يؤكده ويركز عليه . وفي تحليل ناقد للمنهج استقى فيه كثيراً من نظريات "جورجين هابرماس "(Jurjen Habermas) عن المعرفة والاهتمامات الإنسانية (1971م) يوضح "ماكدونالد " أن هناك ثلاثة اهتمامات معرفية أساسية – السيطرة ، الإجماع ، التحرر . يمكن أن تكون المصادر الرئيسة للفروق القيمية في المنهج . وكثير من قادة المنهج مهتمون اهتماماً أساسياً بالسيطرة – بتحديد العناصر أو المتغيرات المتضمنة في المنهج وبتنمية وتنفيذ نظام لاتخاذ القرار بالنسبة لتصميم المنهج . ومثل هذا الاهتمام له جذوره في النظرة التحليلية الميدانية ، كما أنه مرتبط أساساً بالمادة الدراسية أو بمدخل النظم .
ويرى "ماكدونالد " أن الجماعة الثانية من منظرى المنهج معينة بالإجماع والاتفاق وتعتمد بصفة أساسية على ما يطلق عليه "هابرماس " الفهم التأويلي للمعنى . ويلاحظ "ماكدونالد " (Macdonald , 1975) أن مثل هذا الفهم للمعنى " ينبثق فى سياق تعبيرات الحياة الثقافية المختلفة مثل اللغة العادية والتصرفات الإنسانية ، والتعبيرات غير اللفظية (ص 280) وفي نظره أن نظريات المنهج " لشواب " نظريات موجهة أساساً نحو اهتمام عملي لفحص ما يجرى فى حجرات الدراسة والنظريات الموجهة نحو الإجماع والاتفاق قد أثرت بقوة فى الذين أنشأوا مقررات "مشكلات الحياة أو "القضايا الاجتماعية " وهي مقررات لها أساس في الافتراض القائل بأن الصراعات يمكن أن تحل من خلال التوقعات الاجتماعية المتبادلة .
وأخيراً ، هناك جماعة صغيرة جداً من منظري المناهج المهتمين بالتحرر من خلال التأمل الذاتي . وهنا يقتبس ماكدونالد " النظريات التربوية لــ "إيفان إليش " "Ivan Illich" ، "بولر فرير" "Paulo Freire" كممثلين . إن عملهما قد ترك أثره على قادة المنهج المهتمين بالمناهج التي تدور حول الشخص والتي تحرر الأفراد من خلال التأمل الذاتى الجدلي .
والمنهج المتمركز حول الشخص يعتبر قلب المدرسة المثالية كما تصورها "ماكدونالد" وفي مقالة قصيرة كتبها "ماكدونالد" واثنان من زملائه "ماكدونالد، وولفسون ، زاريت " (Macdonald , Wolfson , Zaret , 1972) يتصور ماكدونالد المدرسة بيئة تؤكد القيم والعمليات الإنسانية ، والمنهج هنا – كما ينصوره ماكدونالد – معنى أساساً بحل المشكلات ومنظم حول مجالات معينة من البحث . والطلاب يقومون بفحص بيئتهم ويزدون بمصادر المادة الوفيرة التي تمثل وجهات نظر عديدة ، ويقومون بعمليات على المعلومات بطرق عديدة بهمة ونشاط نحو المعنى . والطالب يخبر البيئة بطريقة حافلة باللعب والتعبير الذاتى ، كما يخبرها كذلك بأسلوب عقلي وتأملي .
وعلى الرغم من أن "ماكدونالد" قد انتقد بسببرمزيته وغموضع الزائدين ، فإن ما تركه عمله من تأثير متراكم يعتبر تحدياً لقادة المنهج كي يعيدوا التفكير في افتراضاتهم الأساسية ويجدوا تصوراتهم لحقلهم . ميخائيل أبل
" ميخائيل أبل " منظر ناقد معنى أساساً فيما يبدوا بالعلاقة بين المجتمع والمدرسة . والفكرة الرئيسة فى نقد "أبل" للمجتمع ومدارسه هي استخدامه لمفهوم السيطرة . ونظراً لتأثره تأثراً شديداً بالناقدين الاجتماعين "انطونيو جرامسيسي " (Antonio Gramsci) ، "رايموند وليامز" (Raymond Williams) فإن "أبل " (Apple , 1979) يستخدم مصطلح السيطرة ليعني به "حشداً منظماً من المعاني والممارسات ، النظام المركزي المؤثر والمسيطر من المعاني ، والقيم والأفعال التي يعيشها الناس " (ص 113) . والسيطرة بهذا المعنى تنفذ وتتخلل ضمير المجتمع باعتبارها كتلة من الممارسات ومجموعة من المعاني حددتها الثقافة السائدة . إن الطريقة التي يفسر بها الناس الحقيقة ، والطريقة التي يوجهون بها طاقاتهم ، والطريقة التي يعيشون بها حياتهم كل يوم هذه كلها منأثرة بشدة وعمق بهذا النظام من المعاني , كما أن كل مؤسسات المجتمع الرئيسة – الأسرة ، والمدارس ، والكنائس ، وأماكن العمل – تعمل معاً لنقل وإعادة الثقافة السائدة .
وإحدى الوسائل الخطيرة التي تؤثر بها السيطرة الثقافية على المربين – كما يوضح "أبل"(Apple , 1975) تكمن في إدراكهم للعلم . ويلاحظ "أبل" في هذا النقد الشديد لما يمكن أن يطلق عليه العملية التربوية الزائفة " أن كل المربين تقريباً يعتمدون على النظرة الضيقة والصارمة التي يتسم بها العلم ، تلك النظرة التي تقيم وزناً فقط للعقلانية والمادة الميدانية خدمة للتوقع والتحكم والتي تتجاهل العلاقة الوثيقة بين العلم وبين الفن ، وبين العلم والخيال ، وهكذا وفي محاولة لتحقيق الكفاءة .
والسهولة في التشغيل يعتقد المربي بتفاهة التطور العقلي من خلال إرجاع المعرفة إلى مجموعة سابقة التحديد من الأهداف المتفضلة غير المترابطة ثم يبنى البيئة بشكل لا يستطيع الطلاب معه أن يبتعدوا عن الطريق الذي تم إقراره . وحقل المنهج – في نظر "أبل" قد أصبح مقفراً لا خصوبة فيه لأنه تبنى وجهة نظر المعلم الضيقة ، وقد صاغ أنشطته على نمط اشتق من حالات الأنشطة المؤسسة على الموضوعية والتكرار على نموذج المادة "الجامدة" وخلف كل أعمال منظري المناهج الماضين مثل "بوبيت" (Bobbitt)" تشارترز"(Charters) و"سنددين"(Snedden) وكل أعمال محللي الأنظمة الحاليين – خلف كل هذه الأعمال "يوجد – في نظر "أبل"- بناء زائف من المعتقدات التي تدعم الموقف الذي يرى أن المشكلات المعقدات الخاصة بتخطيط البيئات التربوية التي تستجيب لكل من المعاني الشخصية والمؤسسية – هذه المشكلات سوف تحل فقط إذا أصبحنا متيقنين من أفعالنا ومن نتائجها المشاهدة " .
ومن أهم الوسائل التي تخدم بها المدارس المجتمع السائد وتعكسه الطريقة يحدد بها المربون المعرفة التي تعتبر صحيحة وصادقة . ويوضح "أبل" وزميلته "نانسى كينج " (Nancy King) أن المعرفة نوع من رأس المال الثقافي – وأن مشكلة ما ينبغي أن يدرس في المدارس ينبغي أن يفحص ويدرس مثلما يدرس التوزيع الأكبر للبضائع والخدمات في المجتمع " . وعلى هذا فإن الإصلاحات التي كان لها الأثر الأكبر على النظام المدرسي ، وكذلك الإجراءات والمبادئ التي وجهت الحياة في حجرة الدراسة – كل هذا كانت تسوده لغة الإنتاج والاهتمام به ، والتوظيف الاقتصادي المناسب تماماً ، والمهارات البيروقراطية "
إنهما يدعمان هذه النتيجة بدراستهما لفصل من فصول رياض الأطفال ، حيث وجدا المعلمة تحدد المعاني للأطفال في محاولة ناجحة لتطبيعهم . إن المعلمة طلبت من الأطفال أن يكيفوا أنفسهم للمواد التي عرضتها عليهم . وقد نظمت هذه المواد حتى إن الأطفال قد تعلموا القمع والكبت ، وأن فرضتهم للتفاعل مع المواد كانت محدودة بسبب الجدول المفروض على المعلمة . وقد أوضحن المعلمة بالكلمات والأفعال أن الهدوء والتعاون كانا السمتين الأساسيتين اللتين وجدتا في " رياض الأطفال الجيدة " . وبعد أسابيع قليلة فقط في رياض الأطفال تبنى الأطفال طريقة المعلمة في تفسير الحقيقو . وكان العمل عبارة عنأى نشاط توجهه المعلمة .
النظر عن طبيعته ، وشمل اللعب كل الأنشطة التي كانوا يمارسونها في الأونات الحرة . وكانت كل الأنشطة إجبارية تبدأ وتنتهي حسبما تطلب المعلمة . وكان يطلب من الأطفال أن يستخدموا المواد بنفس الطريقة وأن ينتجوا نفس الأنواع ويصلوا إلى نفس النتائج . ويستنتج "أبل" ، "كينج" أن خبرة رياض الأطفال دخولاً في عالم العمل الذي تعتبر فيه صفات الطاعة والحماسة والقدرة على التكيف والمثابرة صفات لها قيمة أعلى من قيمة الكفاءة العلمية .
3- نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى:.
تهتم النظريات ذات الاتجاه نحو المحتوى بصفة رئيسية بتحديد المصادر الأساسية التي ينبغي أن تؤثر في اختيار وتنظيم محتوى المنهج . ويمكن تصنيف هذه النظريات بصفة عامة في ضوء وجهات نظرها فيما يتعلق بالمصدر الذي ينبغي أن تكون له السيادة إلى :
1- نظريات مركزها الطفل :. التربية الوجدانية ، التربية المفتوحة ، التربية التطورية
2- نظريات مركزها المعرفة :. مبنية علي طرق الاستقراء ، الاستنباط ، التحقق
3- نظريات مركزها المجتمع . تصنف علي اساس الأختلاف الي تطابقيين ، مصلحين ، مستقبلين ، جذريين
المناهج المتمركزة حول الطفل :.
يرى الذين يتنبون المناهج المتمركزة حول الطفل أن الطفل هو نقطة البداية وهو الذي يحدد ، وهو الذي يكون المنهج ويمنحه شكله . وعلى الرغم من أن الطفل النامي سوف يكتسب المعرفة بالمواد الدراسية عند نفقطة ما من حياته ، فإن الأنظمة المعرفية إنما يتظر إليها على أنها نوع واحد فقط من أنواع التعلم . ومن أن الطفل ينمو فى بيئتة اجتماعية ويتأثر بها ، إلا أن حاجات المجتمع لا تعتبر هي الأعلى ، وأن المجتمع سوف يخدم أفضل خدمة عن طريق الفرد الناضج المستقل الذي تحاول المناهج المتمركزة حول الطفل أن تحققع وتنمية . وكما عبر عن ذلك "فرانسيس باركر" (Parker , 1894) منذ سنوات مضت حيث قال : " إن الطفل هو مركز كل حركة في التربية " .
نظريات ذات اتجاه نحو العمليات :.
عبر العقدين الماضيين ، عندما كانت نظرية المنهج قد وصلت وفيما يبدو إلي نضجها كحقل البحث المنظم – كانت هناك عدة محاولات لتطوير أنظمة مفاهيمية لتصنيف عمليات المنهج ونتائجه . ( انظر علي سبيل المثال ما يلي : إيزنر ، فلانس ( Eisner , Vallance, 1964 ) ، سشيرو ( Schiro, 1978 ) ، جاي ( Gay , 1980 ) ومع ذلك ، جاءت معظم مخططات هذا التصنيف ناقصة علي أساسين .
الأساس الأول :.
أنها خلطت بشكل غير جيد بين ما وصف بأنه النظريات ذات التوجه القيمي والنظريات ذات التوجه نحو المحتوي من جهة ، وبين النظريات ذات التوجة نحو العمليات من ناحية أخري .
والأساس الثاني :.
أنها فيما يبدو توجه اهتماماً قليلاً لعملية تطوير المنهج التي يدعو لها وبدافع عنها المنظر المعني . ويقترح معظم المعنين أن هناك بعض التطابق بين التوجة القيمي أو توجه المحتوي في التنظير وبين توجه العلميات المتبني ، علي الرغم من أن مثل هذا الارتباط لم يكن واضحاً فيما يبدو . وعلي ذلك ، فإن أحد أعمال " جاي " ( Gay , 1980 ) " نماذج مفاهيمية لعملية تخطيط المنهج " يكون هـو الذي أطلقت عليه " النموذج الخبري " . وأن وضعها للنموذج الخبري هذا يدل علي أنه يعطي وزناً كبيراً لحاجات الطفل باعتباره محدداً للمحتوي ، كما أنه نموذج تحرري بشكل غامض في توجهه القيمي ، ويؤكد عملية التخطيط التي تصفها بمثل هذه المصطلحات " عضوية التمركز ، وتطورية التمركز ، وموقفية التمركز ، ثم بحثية التمركز .
إذا كنا نبحث عن نماذج بديلة للتخطيط ، فإنه سيتعين أن نتوجه إلي مصادر أخري غير مخططات التصنيف المــعروفة علي نـطاق واسع . وأن أحــد المـصادر التي تبشر ببعض الأمـل لهو مقالـة " إدموندشورت " ( Short , 1983 ) " أشكال واستخدام استراتيجيات بديلة لتطوير المنهج " . وعمله هذا من الحداثة بحيث إنه مبني فيما يبدو علي جهود سابقة ، إنة يعكس إلماماً واسعاً بكل من أدبيات الحقل الوصفية والتوجيهية ، كما أنه يقدم فيما يبدو أكبر أمل في تحليل وإيجاد أنظمة بديلة .
إن لمقالة " شورت " هدفين واضحين : تحليل ما هو معروف عن أشكال واستخدام الاستراتيجيات البديلة لتطوير المنهج ، تنظيم هذه المعرفة بطريقة تسمح بتقويم التضمينات السياسية لاختبار واستخدام هذه الاستراتيجية أو من تلك الاستراتيجيات . ولتحقيق هذين الـهدفين قـام أولاً بتميز مــا يعتبره هـو " المتغيرات الأساسية الأربعة في العملية "
أ- مقعد تطوير المنهج
ب- المشاركون ومؤهلاتهم
ت- الاهتمام الموجه لحقائق الاستخدام المتبني
ث- ثم المبادئ القيمية والافتراضات التي لدي المشاركين
مع ذلك ، فنظراً لأنه يعتقد أنه يمكن تكوين معايير موضوعية للأبعاد التقنية الثلاثة الأولي ، وليس للبعد الرابع القيمي ، فإنه يستخدم فقط الموقع ، والمشاركين ، ودرجة التكيف في تصميم مصفوفة تحليلية ذات أبعاد ثلاثة . ويحدد لكل واحد من هذه المتغيرات الأساسية نوعين أو أكثر . وعلي ذلك ، فهناك في صيغته نوعان من " المقاعد " – عام ، ومحدد . وبالنسبة لمتغير خبرة المشارك المطلوبة هناك أربعة : نوع يسوده العلم الأكاديمي ، نوع يسوده التخصص في المناهج .
النوع الأول :. نوع تسوده الخبرة في البيئة ، ثم نوع يتسم بالتنسيق والتوازن حقائق استخدام الموقف ، يقدم ثلاثة أنواع تضمينات موجهة
والنوع الأول يسمية " عام / يسيطر عليه الأكاديمي / تطبيق موجه " وهي استراتجية يستخدمها أساساً مطورين المشروعات الممولة من الحكومة إحدي " ملامحها النمطية " ما يلي تنجح في توليد المدارس التي تتبني المنهج المنتج ، صور مطبقة من المنهج المطلوب – تتابع لإصدار توجيهات أساسية للتنفيذ دون امتلاك سلطة فرض أو تعديل القرار ، النقص في وجود موظفين في الموقع للمساعدة في القيام بتعديلات محلية تكون ضرورية لتكييف المنهج .
والنوع الثاني من الاستراتيجية يطلق عليه " عام / بلغت عليه الخبراء في البيئة / متبني بشكل محدود " :.
وهي استراتيجية يعتقد أنها تسودها وتحكمها رؤية الخبراء في البيئة الاجتماعية والثقافية وللتربية فيها دور ، ( وبصفة خاصة .. هؤلاء الخبراء العارفون بقطاعات معينة من المجتمع ومهملة من الناحية التربوية برامج خاصة . مثل المعوقين أو الذين لا يتقنون الإنجليزية ) . الملامح النمطية لهذه الاستراتيجية هي : " تواجه صعوبات في مواجهة المشكلات الخلقية والسياسية والتحسبية " ، وذلك عندما نستخدم المدارس الميزانية التي تقبلها من مصدر تمويل من أجل تنفيذ مشروع معين – ويستخدم هذه الميزانية لكي تكيف البرنامج في غير الحدود المتوقعة .
والنوع الثالث من الاستراتيجية هو
خاص بالمكان / نمط متناسق متوازن / تكيف مفتوح " وهي استراتيجية تعاونية قائمة علي الموقع أو المكان وتعكس مشاركة مهمة من قبل المستخدمين . وتشمل وملامحها النمطية ، ما يلي : تأخذ فترات طويلة من الوقت لتحقيق تطوير معين ، حل بعض القضايا والصراعات الصعبة بين القيم الوطنية والمحلية
قائمة المراجع
1- إبراهيم بسيوني عميرة :- المنهج وعناصرة ، ط1 ، القاهرة . دار المعارف للنشر والتوزيع 1986 م ص 37 : 48
2- فرنسيس عبد النور :- التربية والمنهاج ط2 ، القاهرة : مكتبة الأهرام 1973 م ص 56 : 77
3- محمد زياد حمدان :- المنهج – أصوله وأنواعه ومكوناته ، ط الرياض ، دار الرياض للنشر والتوزيع 1982 م ص 157 : 193
4- محمد عزت عبد الموجود :- وآخرون أساسيات المنهج وتنظيماته ، القاهرة : دار الثقافة للطباعة والنشر 1981 م ص 122 : 126
5- مجدي عزيز إبراهيم:- دراسات في المنهج التربوي المعاصر ط1 ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1987 م ص 93 : 102
أولاً :. طبيعة نظرية المنهج
ثانياً :. وظائف نظرية المنهج .
ثالثاً : مراحل تطور نظرية المنهج
رابعاً :. تصنيف نظريات المنهج
1- نظريات ذات اتجاه تكوينى
2- نظريات ذات قيمى
3- نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى
4- نظريات ذات اتجاه نحو العمليات
5- تطبيقات
6- المراجع
مقدمة
فى حين يعتقد المشتغلون بالقضايا النظرية فى حقل المناهج إن نظرية المنهج تمثل عنصراً مهماً فى دراسات المناهج ، للتربويين وغير التربوين فيما يبدو فى مرتبة دنيا ، أنها فى الغالب لا تتصل مطلقاً بعملهم اليومى ، وإذا كان الانصراف عن الأمور النظرية يمكن أن يكون مفهوماً تماماً إلا أن وجهة النظر تعنى أن النظرية الصحيحة والسليمة ممكن ان تكون ذات قيمة لكلاً من الشخص النظري (الأكاديمي)والشخص العملى الممارس.
إن نظرية المنهج يمكنها فى أفضل حالاتها أن تزودنا بمجموعة من المفاهيم التى تعتبر بمثابة أدوات تساعدنا فى تحليل مقترحات المناهج ، وفى هداية الممارسات ، وتوجيه الإصلاحات في الحقل التربوى .
أولاً :. طبيعة نظرية المنهج :.
من الواضح أنه لكي تلم بمفهوم نظرية المنهج فإنه لا بد من أن نفهم طبيهة العلمية " ، ووجهة النظر المقبوالة هذه – كما يوضحها "سوبي" (Suppe , 1974) ترى أن النظرية هى مجموعة من القوانين المصاغة والمستنتجة والمترابطة والقابلة للتطبيق على ظواهرها الملاحظة بطرق يمكن تعيينها .
ويوجد فى وجهة النظر المقبولة هذه عدد قليل من المفاهيم التى تختار لتكون أساساً للنظرية . والبديهات التى تحدد العلاقات الأساسية بين هذه المفاهيم ، ومن التعاريف التى تحدد بقية مفاهيم النظرية فى ضوء المفاهيم الأساسية .
وهناك – كما يلاحظ "اتكينز" (Atkins , 1982) عدد من أوجه النقد على وجهة النظر المقبولة هذه حتى فى صيغتها المنقحة . فلقد انتقدها "سوبي" أولاً بسبب ضيقها الذى يتمثل فيما يتطلب من بداهة أو من نشاط بدهي ، ملاحظاً أن عدداً من النظريات العلمية لم يتوصل إليها ولا يمكن أن يتوصل إليها بالبداهه بشكل مفيد وبدلاً من ذلك – هو يدافع عن وجهة نظر أوسع للنظرية السليمة . وهاجم نقاد آخرون – مثل هانسون (Hanson, 1958) وجهة النظر المقبولة هذه من ناحية موقفها الحيادي ، ذلك أن "هانسون " وغيره من النقاد أوضحوا أن كل جانب من جوانب النظرية محمل بالقيمة . فالعلماء لا يلاحظون الظواهر بموضوعية ، بل إن ملاحظاتهم تكون متأثرة تأثراً عميقاً بنظرتهم للعالم وبما لديهم من قيم . وكذلك رفض "بوبر (Popper , 1962 ) ما تفترضه وجهة النظر المقبولة هذه من أن النظريات العلمية يمكن أن يتم تحقيقها عن طريق الملاحظة . وفى نظره أن النظريات أمور حدسية وأنها – على الرغم من كونها غير قابلة للتحقق من صحتها – إلا أنها تخضع لاختبار قاس للكشف عن زيفها .
ويمكن تصنيف الذين يرفضون الافتراضات الإيجابية لوجهة النظر المقبولة إلى واقعيين وسائليين (وظيفيين ) . فالواقعيون – كما يلاحظ " اتكينز " يرون العلم نشاطاً عقلياً وواقعياً ميدانياً يهتم فى الأساس بتوضيح النتائج والتنبؤ بها . وعلى ذلك تكون النظرية – من وجهة نظر الواقعيين – عبارة عن وصف لتلك التكوينات التى تخلق الظواهر الملاحظة . والخاصية الأساسية للنظرية العلمية هى تفسير الكيفية التى تعمل بها التكوينات والميكانكيات التحتية لكى تخلق الظواهر التى هى موضوع الدراسة ، "كيت ، يورى " (Keat and Urr, 1975 ) . أما الوسائليون (الوظيفيون ) فيركزون – من الناحية الأخرى – على الوظيفة التى تقوم بها النظرية . فالنظرية – فى هذه الوجهة من النظر – عبارة عن أداة للبحث والدراسة ، وليست صورة أو خارطة للعالم . " كابلان " (Kaplan , 1964) والنظرية – بهذا المعنى – إذن ، لا يحكم عليها بالصحة والخطاً ، وإنما تقيم على أساس نوعية التنبؤات التى تكشف عنها وتظهرها .
وهكذا نرى أن فلاسفة العلوم المعاصرين يميلون إلى تبنى وجهة نظر أكثر تفتحاً تجاه طبيعة النظرية ، وهذه الوجهة الأكثر تفتحاً هى المفيدة فيما يبدو خاصة فى حقل التربية ، حيث لا يزال تطور النظرية فيه فى مراحله الأولية ، ولذلك ، ومن أجل تحقيق أهداف هذا الفصل ، فإن التعريف الأوسع لنظرية المنهج يكون : نظرية المنهج هى مجموعة من المفاهيم التربوية المترابطة التى تقدم لنا منظوراً وشارحاً لظواهر المنهج .
ثانياً وظائف نظرية المنهج :.
معظم فلاسفة العلوم يرون أن للنظرية ثلاثة أهداف صحيحة وحقيقية فقط ، تصنف ، وتشرح ، وتنبأ ، ومع ذلك ، فاستعراض نظريات المنهج يشير إلى أن كثيراً من هذه النظريات يخدم وظيفتين إضافيتين أخريين ، فمعظم المنظرين – أمثال "ميشيل أبل " (Michael Apple ) يبدون اهتماماً أكثر بتزويد المربين بمنظور نقدى للمجتمع ولمدارسه وفى الوقت الذى يبدو فيه "أبل " وغيره من الذين يشاركونه منظوره هذا اهتماما ، بوصف وتفسير ظواهر المنهج ، فإن المنهج ، فإن موقفهم هو موقف النقد الحر المفتوح ، وبعض المنظرين الآخرين – من أمثال "رالف تايلور " (Ralph Tyler) يبدون اهتماماً أكثر بتوجيه الممارسة . وبينما يحاول "تايلور " وغيره ممن أثر فيهم أن يضيفوا ويفسروا ظواهر المنهج ، فإن الهدف الرئيسيى من عملهم هو مساعدة المربين فى أن يصلوا إلى الأختيارات الأكثر معقولية
ويتأثر المدى الذى تستطع به نظرية معينة أن تؤدى وظائفها بطريقة فعالة بتعقد هذه النظرية ونضجها ، وهنا تظهر فائدة التصنيف الذى قام به "فاكس " (Faix, 1964)
ثالثاً مراحل تطور نظرية المنهج
المرحلة الأولى يمكن أن تسمى النظرية بالنظرية الأساسية:.
وهى مرحلة تأملية مبكرة لا تكون النظرية فيها قد أرتبطت بالمادة الميدانية الفعلية بعد وتفترض النظرية الأساسية فروضاً لم تختبر ، وتتضمن متغيرات قليلة ، وتستخدم مفاهيم لم تنقح ولم تصنف بطريقة منظمة . وما تزودنا به النظرية الأساسية هو توضيحات وتوجيهات وصفية فقط تساعدنا فى تكوين نظرية أكثر معنى . ويمكن تصنيف ما قام به "جلاتهون" (Glatthorn,1980) من تحليل للمنهج إلى عناصر تمكن وعناصر عضوية ، وعناصر غنى وإثراء على أنه نظرية أساسية .
المرحلة الثانية تسمى النظرية : " نظرية المدى المتوسط " :.
وتتضمن فروضاً تكون قد اختبرت عملياً وميدانياً . ويكون قد بذل فيها جهد لا ستبعاد المتغيرات والعلاقات غير المحتملة وذلك باستخدام النماذج والاختبارات وينتج عن ذلك القوانين التجريبية والتعميمات . والنظرية فى هذا الحال يمكن أن تستخدم فى تفسير الأحداث والتوقع بها وفى التحكم فيها وضبطها والمثال الجيد للنظرية متوسطة المدى هو ما يميل إليه "جودلاد " (Goodlad, 1979) مما يسميه " نظام مفاهيم لتوجيه البحث والممارسة ".
المرحلة الثالثة تسمى النظرية " النظرية العامة " :.
وهذه النظرية العامة عبارة عن نظام نظرى عام أو مخطط مفاهيمى شامل لتفسير مجال الدراسة كله . إن النظرية العامة تحاول أن توجد التكامل بين المعرفة الأساسية الناتجة عن نظريات متوسطة المدى وربما ينظر إلى ما يقوم به "بوشاسب(Beauchamp ,1981) من إيجاد نظرية شاملة للمنهج على أنه محاولة للتوصل إلى نظرية عامة وإن كان البعض قد ينتقد هذه المحاولة من حيث ضحالة الأساس الميدانى العملى لها .
رابعاً تصنيف نظريات المنهج :.
هناك العديد من المحاولات الأخرى لتصنيف تلك النظريات ، ومن أمثلة ذلك "ماكنيل "
(MeNeil, 1985)الذى يقدم ما يبدو أنه تصنيف ثنائى غير واضح فالمنهجون عنده نوعان : منهجون لينون ومنهجون شديدون ، والأولون – فى نظره – هم أمثال وليام بينار"William Pinar" وغيره من المفاهمين المجددين الذين يصدرون عن ميادين وحقول دراسة لينة كالدين والفلسفة والنقد الأدبى ، والآخرون أمثال "ديكر والكر" و "موريتس جونسون" (Mauritz Johnson) الذين يتبعون منهجاً عقلياً ويعتمدون على المادة الميدانية ، ومشكلة مثل هذا التصنيف الثنائى تبدو واضحة إنها نابعة من أنه يجمع مثل هذين المنظرين المتعارضين : "إليوت إيزنر" (Elliot Eisner) و "هنرى جيروكس" (Henry Giroux) على أنهما منهجان لينان لأنهما ببساطة يصدران عن منظورين فى البحث متشابهين .
واقترح "بينار" (Pinar , 1978) تصنيفاً ثلاثياً يبدو أنه ليس مرضياً كذلك : فكل منظري المناهج – فى تصنيفه- يمكن تصنيفهم على أنهم تقليديون أو مفاهميون ميدانيون ، أو مفاهميون مجددون . فالتقليديون – فى هذا التصنيف – أمثال "رالف تايلور " الذين يعنون بأكثر الوسائل كفاءة فى نقل المعرفة الثابتة بهدف نقل الميرات الثقافى والحفاظ على المجتمع القائم بوظائفة . والميدانيون المفاهميون من أمثال "روبرت جانيه " (Robert Gagne) هم أولئك الذين يشتقون مناهج بحثهم من العلوم الفيزيائية فى محاولة منهم للتوصل إلى تعميمات سوف تمكن التربويين من السيطرة على ما يجرى فى المدارس والتوقع به ، أما المفاهميون المجددون ( وهو اسم أطلقه بينار على عمله الخاص به ) فيؤكدون الذاتية والخبرة الوجودية وفن التفسير وذلك للكشف عن الصراع الطبقى وعن العلاقات غير المتكافئة بين القوى العاملة التي توجد فى المجتمعات الكبرى . والمشكلة الأساسية فى هذا التصنيف الثلاثى هى أنه يخلط بطريقة مميزة بين مناهج بحث المنظرين وبين مواقفهم السياسية ويجعل ذلك أساساً لتصنيفهم .
ومن أوسع تصنيفات منظرى المناهج استخداماً ذلك التصنيف الأكثر فائدة والذى اقترحه "إيزنار ، فلانس" (Eisner , Vallance,1974 ) فى كتابهما " المفاهيم المتعارضة فى المنهج " أنهما عندما يستعرضان حقل المناهج يجدون خمسة مفاهيم مختلفة للمنهج أو خمسة توجهات نحوه . فهناك توجه العمليات المعرفية الذى يعنى أساساً بتنمية العمليات العقلية ولا يعنى كثيراً بمحتوى معين . فهناك التوجه الذى يعتبر المنهج حقل تقنيات ويتصور أن وظيفته هي العثور على أكفأ الوسائل فى تحقيق الغايات والأهداف التى سبق تحديدها . وهناك توجه "تحقيق الذات" الذى يعتبر المنهج خبرة ختامية مكملة مصممة لتحقيق النمو الشخصى . وهناك توجه إعادة البناء الاجتماعى الذى يضع الحاجات الاجتماعية فوق الحاجات الفردية . والمنظرون الذين ينتمون لهذا التوجه يميلون إلى الاعتقاد بأن دور المدرسة الأساسى هو تنمية الانتماء الى المجتمع الأكبر ، سواء بتنبنى موقف التكيف أو موقف إعادة البناء .
وأخيراً هناك "العلاقات الأكاديمية " التى تؤكد أهمية النظم الأكاديمية المعيارية فى مساعدة الطلاب كي يشاركوا فى الثقافة الغربية وتقاليدها .
وبينما يعتبر تصنيف "إيزنار ، فالانس " أكثر تمييزاً بين التوجهات من كل من التصنيفين اللذين ناقشناهما ، إلا أنه وقع فى خطأ فيما يبدو فى نضمينه "توجه التقنيات " على أنه توجه أساسى من توجهات المنهج . أما التوجهات الأربعة فيبدو أنها تعتبر المصادر الرئيسية أساساً فى تحديد محتوى المنهج ، العمليات المعرفية ، الشخص ، المجتمع ، ثم المادة العلمية . أما التوجه التقنى فهو – من ناحية أخرى – معني فى المقام الأول بتأييد عملية واحدة لبناء المنهج – وهي العملية التى يمكن أن تستخدم فى أي توجه من التوجهات الأربعة الأخرى .
والخطأ الأساسى لجميع الصياغات الثلاث السابقة (ماكنيل ، بيمار ، ايزنر وفالانس ) هو أنها لم تصنف نظريات المنهج على أساس توجهاتها أو تأكيداتها الأساسية ، وهنا نجد أن تحليل "هونيك" (Huenecke , 1982) لمجالات البحث في المناهج تحليلاً أكثر فائدة . يبدو أن "هونيك " نصور أن ثلاثة أنواع مختلفة من التنظير فى المناهج : تكوينى وإنشائي وجوهري ، فالنظريات التكوينية أو التركيبية التى أدعى "هونيك " بأنها كانت سائدة في الخمسين سنة الأولى من عمر الدراسة في حقل المناهج تركز على تمييز عناصر المنهج وعلى ما بينها من علاقات ، كما تركز على تركيبة اتخاذ القرار . وتركز النظريات الإنشائية على نتائج المنهج ، وعلى الفروض والمعتقدات والحقائق المقبولة التى تكمن وراء القرارات الخاصة بالمنهج . ويشار أحياناً إلى هذه النظريات بأنها نظريات نقدية ، لأنها تميل إلى تكون ناقدة بدرجة عالية للمفاهيم الماضية والحاضرة التي يقوم عليها المنهج . إنها تسعى لتحرير الفرد من ضغوط المجتمع مستخدمة أفكاراً سياسية واجتماعية لفحص قضايا القوة والسلطة والتأثير . أما النظريات الجوهرية فتنظر فى المحتوى أو المادة الدراسية التي تكون أكثر رغبة ، وفى المعرفة الأجدر بالدراسة والأهم .
وبينما يبدو تصنيف "هونيك " تصنيفاً مفيداً جداً ، إلا أنه وقع فى خطأ حذف مجال مهم – مجال نظريات كنظريات "شواب" (Schwab, 1970) التى تعنى أساساً بعمليات اتخاذ القرار فيما يخص المنهج . وبينما يكون في إمكان "هونيك" أن ترد على ذلك بأن عمل "شواب " يدخل أساساً في مجال النظريات التكوينية من حيث تركيزه وتأكيده ، إلا أن التمييز بين التكوين وبين العمليات تمييز جدير بأن يبقى ويحتفظ به .
ولهذا فإنه يبدو من المفيد جداً أن نقسم نظريات المنهج الى الأنواع الأربعة التالية طبقاً لمجالات بحثها ودراستها :
نظريات ذات اتجاه تكوينى وهى مهتمه بالدرجة الأولى بتحليل مكونات المنهج وعلاقاتها بعضها ببعض . وهى تميل إلى أن تكون نظريات وصفية وتفسيرية في مقاصدها .
نظريات ذات اتجاه قيمي ، وهي مهتمة أساساً بتحليل قيم بناة المنهج وفروضهم ونتائج ذلك ، إنها تميل إلى أن تكون نظريات نقد فى طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى ، وهي معينة أساساً بتحديد محتوى المنهج ، وتميل إلى أن تكون نظريات توجيهية فى طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى ، وهي معينة أساساً بتحديد محتوى المنهج ، وتميل إلى أن تكون نظريات توجيهية في طبيعتها .
نظريات ذات اتجاه نحو العمليات ، وهي معينة أساساً بالكيفية التي تتطور بها المناهج أو بالتوصية بالكيفية التي ينبغى أن تتطور بها المناهج أو بالتوصية بالكيفية التي ينبغى أن تتطور بها ، وبعض هذه النظريات وضعي فى طبيعته ، وبعضها الآخر يميل إلى أن يكون توجيهيا أكثر .
وسوف نتبع فى بقية هذا النظام من التصنيف فى فحص عدد من منظرى المناهج الأساسين .
1- نظريات ذات اتجاه تكوينى
نظريات المنهج ذات الاتجاه نحو التكوين معنية – بمكونات المنهج وبعلاقات هذه المكونات بعضها ببعض . وباعتبارها في الأساس نظريات تحليلية فى اتجاهها فإنها تسعى إلى وصف وتفسير الكيفية التي تتفاعل بها هذه المكونات داخل البيئة التربوية
ويبدو أن النظريات ذات الاتجاه التكوينى تعمل على ما يمكن أن نطلق عليه المستوى الكبير والمستوى الصغير فالمنظرون على المستوى الكبير ، يحاولون أن يطوروا نظريات عامة شاملة تصف وتفسر العناصر الكبرى فى تكوين المنهج . ومن بين أمثال هؤلاء المنظرين على المستوى الكبير "جون جودلاد " (John Goodlad) الذي يبدو إنه قد قام بأهم إنجاز فى هذا الصدد . إنه يصف فى كتابه " البحث فى المنهج " 1979 م كيف وزملاء له في جامعة شيكاغو صاغوا ولأول مرة "نظاماً مفاهيمياً " من أجل إيجاد التكامل بين "تبرير الغايات والوسائل لــ "تايلر" وبين عمليات التطور التي كان "جودلاد" يستخدمها في دراسته للمنهج في إدارات التعليم . وقد اختبرت هذه الصياغة المبكرة فى ذلك الوقت اختباراً حقلياً مركزاً وأخضعت لتقويم قاس وشديد . ونتيجة للاختبار والتقويم نقح "جودلاد " الصياغة الأولى لتكون مناسبة للمعارف الجديدة التي جدت فى الدراسات الحقلية .
لقد أفاد أولاً من "شواب" فى تمييز القوى التي تحدد المناهج : الحاجات السياسية والاقتصادية ، الثقافة العامة المشتركة وما يتفرع عنها من ثقافات ، الرغبات والحاجات المقبولة لمن يستخدمون المناهج (العملاء) ، مصادر المرعفة مثل مجالات الدراسة المعيارية ، بيئات البحث والدراسة أو إنجازات البحث التي يقدمها العلماء المختصون ، واهتمامات أصحاب المهنة من المدرسين والمديرين ، وتجد هذه المصادر المتعددة التعبير عنها في كل من المعرفة المتراكمة والحكمة التقليدية الخاصة بالحقل .
وهذه العوامل وقوى التأثير الكبرى تتفاعل – بدورها – مع اهتمامات وقيم وحاجات ورغبات الأجهزة التشريعية أو الأجهزة التي تمارس التوجيه والسيطرة .
وتنهض القيم خاصة بدور رئيس فى التأثير على القرارات النهائية التي تتخذ في المنهج على كل مستوى من مستويات اتخاذ القرار وفي كل مجال من المجالات الأربعة من العمل في المنهج – وكما يقول "جودلاد" هذه المجالات الأربعة يتفاعل بعضها مع بعضها الآخر وفي ممارسته التي تتصل بالقضايا الكبرى الخاصة بسياسة المنهج كما تحددها الجهات ذات التوجيه والسيطرة ، مثل الحكومة الفيدرالية أو الحكومة المحلية أو إدارة التعليم المحلية . ويشمل مجال المؤسسات تلك العناصر من المنهج التي تعمل على مستوى المدرسة – القرارات الخاصة باختيار المحتوى وتنظيمه والتي تنتج وتتفاعل مع العناصر الاجتماعية . ويشمل المجال التعليمى عناصر المنهج التي تتحدد على مستوى حجرة الدراسة ، الموضوعات التي ينبغي أن تؤكد ، مناسبة التدريس لسرعة تعلم التلاميذ ، مسألة عرض المادة العلمية ، وما إلى ذلك مما ينجم عن القرارات المؤسسية ويتفاعل معها . وأخيراً المجال الشخصي والخبرى عناصر المنهج كما خبرها المتعلمون أنفسهم – العاناصر التي تشتق من قرارات المدرسين الخاصة بالتدريس والتي تؤثر على هذه القرارات .
إن نظام المفاهيم الذي قدمه "جودلاد" يحقق العديد من الإنجازات التي تساعد فى فهم تكوين المنهج فهماً مهنياً . إنه يبسط دون تحريف مجموعة من القوى والعوامل المتفاعلة والتي تعتبر على جانب كبير من التعقيد . إنه يوجه الاهتمام المناسب للجوانب السياسية والقيمية لتطوير المنهج ، هي جوانب غالباً ما أغفلتها النظريات الأخرى . وتحليله للمجالات الأربعة من شأنه أن يمكن الباحثين والممارسين من أن يقوموا ببعض التمييز المهم فيما يتعلق باتخاذ القرار في المنهج .
والحقيقةالتي مؤداها أن النظام المفاهيمى نتيجة لكل مكن تنظير تعاونى واختبار ميدانى إنما هي تأكيد للمربين الذين يشكون بحق فى النظريات غير المختبرة . إن عيبه الوحيد والخطير هو أنه على مستوى عال من العمومية ، إنه لا يتعامل بدرجة كافية فيما يبدو مع قضايا أخرى خاصة بتكوين المنهج وعلى جانب كبير من الأهمية في مجال المؤسسات .
وهنا يكون من الضرورى أن نتوجه إلى أعمال المنظرين ذوى المستوى الصغير المعنيين أكثر من غيرهم فيما يبدو بوصف وتفسير ظواهر كما تحدث على المستوى المؤسسى والمستوى التعليمي . ويعتبر "جورج بوسنير" (George Posner) من أكثر ممثلي المنظرين على هذا المستوى الصغير فيما يبدو . ذلك أنه عبر عدد من السنين قد قام بتحديد وتحليل العديد من العناصر الصغيرة فى تكوين المنهج . وتعتبر مقالته (1976م) التي ألفها بالتعاون مع "كينيث سترابك " (Kenneth Striks) نموذجاً لأعماله النظرية . وفي هذه المقالة يعرض هو وزميله ويشرحان " مخططا لأنواع مبادئ تتابع المحتوى " لقد استطاع "بوسنر " ، "سترابك " أن يمييزا خمسة أنواع رئيسية لتتابع المحتوى ، وذلك من خلال عرض بعض التحديدات المعرفية المفيدة ومن خلال تحليل أدبيات المنهج .
إنهما يسميان المبدأ الأول لتتابع المحتوى " ذا صلة بالعالم " أي أن تركيب المحتوى يعكس العلاقات الميدانية بين الأحداث والناس والأشياء . وتشمل الأنواع الفرعية هنا التتابع القائم على العلاقات المكانية والعلاقات الزمنية والخصائص الفيزيقية . والمبدأ الثانى " ذو صلة بالمفاهيم " وفيه يعكس التتابع تنظيم عالم المفاهيم .
وهكذا يكون أحد الأنواع الفرعية من التتابع المتصل بالمفاهيم هو " الضرورة المنطقية " – وذلك عندما يكون من الضروري منطقياً أن نعرف المفهوم الأول لكي نعرف المفهوم الثاني . أما التتابعات ذات الصلة بالبحث فهي التي تحدث التتابع في المنهج على أساس طريقة معينة من البحث مثل تحليل "ديوي" لعملية حل المشكلات . وأما التتابعات ذات الصلة بالتعلم فتعتمد على معرفتنا بعلم النفس حول التعلم في اتخاذ القرارات الخاصة بالتتابع ، وعلى هذا فقرارات التتابع القائمة على افتراض مثل "ابدأ بالمحتوى ذي الأهمية الذاتية " أو "ابدأ بالمهارات الأسهل " هذه القرارات قرارات ذات صلة بالتعلم فى طبيعتها . والمبدأ الأخير مبدأ "ذو صلة بالاستخدام " وهو يحقق التتابع في التعلم في علاقته بالسياقات الثلاثة الممكنة للأستخدام – اجتماعي ، شخصي ، مهني ".
هذه الأنواع يمكن – كما يوضح "بوسنر " – "سترابك" أن تعتبر مجموعة من المفاهيم التي ينبغي أن تكون مفيدة لكل من يبني المنهج ويقيمة ويبحث فيه .
2- نظريات ذات اتجاه قيمى :.
النظريات ذات الاتجاه القيمي منهمكة أساساً فيما يبدو يمكن أن نطلق عليه "رفع الضمير التربوي " محاولة أن تجعل التربويين حساسين بالنسبة للقيم والقضايا التي تكمن في قلب المناهج الظاهرة الخفية
واتجاه هذه النظريات الأساسي اتجاه نقدي ، ولذلك فإنها تعرف أحياناً بأنها "نظريات نقدية " . ونظراً لأن الكثيرين قد طالبوا بالحاجة إلى تحديد مفاهيم حقل المناهج فإنهم غالباً ما يطلق عليهم المفاهميون المجددون .
وهم فى بحوثهم وتساؤلاتهم يميلون إلى فحص قضايا مثل القضايا التالية :-
1- بأي الطرق والوسائل تكرار المدارس وتعيد الفروق فى القوى الموجودة في المجتمع الأكبر ؟
2- ما طبيعة الفرد المتحرر حقاً ، وكيف تعيق مثل هذه الحرية ؟
3- كيف تصوغ المدارس عمداً أو بدون عمد شخصيات الأطفال والشباب لتناسب الدور الاجتماعى المقرر مسبقاً من قبل الجنس والطبقة الاجتماعية ؟
4- بما أن قادة المنهج هم أن قادة المنهج هم الذين يحدودن ما يشكل المعرفة الشرعية أو الرسمية فكيف تعكس مثل هذه القرارات تحيزهم الطبقي وتساعد في إعاقة النمو الكامل للأطفال والشباب ؟
5- بأي الوسائل والطرق تميل معالجة المدارس للقضايا التقليدية إلى أن تقلل وتخفي الصراعات المتوطنة في المجتمع ؟
إن المنظرين ذوي الاتجاه القيمى في فحصهم لهذه القضايا يأخذون بشكل انتقائي من مناهج بحث عديدة ، مثل منهج التحليل النفسي والبحث الفلسفى والتحليل التاريخى والنظرية السياسية
المنظرون ذوي الاتجاه القيمى الرئيسيون :.
نظراً لأن الكثيرين من المنظرين الناقدين يركزون فيما يبدو على الشخص ، ولأن كثيرين آخرين منهم يركزون على البيئة الاجتماعية السياسية فإنه من المناسب أن نختار للدراسة هنا منظراً واحداً ذا اتجاه نحو الشخص – "جيمس ماكدونالد"
(James Macdonald) ومنظراً واحداً ذا اتجاه نحو البيئة هو "ميخائيل أبل (Michael Apple)
ظل " جيمس ماكدونالد " ولفترة عقدين من الزمان يمثل الشخصية المزعجة والمحترمة بالنسبة للمشتغلين بمهنة المناهج ، متحدياً التربوين أن يعيدوا النظر في افتراضاتهم ، وأن يطمحوا إلى تحقيق أهداف أكثر استحقاقاً وأهمية ، وأن يعيدوا تصوراتهم الخاصة بمشروع بناء المنهج وباعتباره كاتباً خصب الإنتاج وغزيره ، فإن كتاباته جاءت كثيرة ومتنوعة بحيث أصبح من الصعب تلخيصها . ولذلك فإن المناقشة التالية ستركز على جوانب مختارة من أعماله ذات صلة وثيقة بحقل المنهج .
إن الأساس فى كل أعماله هو وجهة نظره المتعلقه بالوضع الإنساني . ومركز الوضع الإنساني هو البحث عن السمو والارتقاء ، كفاح الفرد لتحقيق النفس الكاملة . ونظراً لأن "مكدونالد " قد تأثر كثيراً فى نهاية حياته المهنية بكتابات "كارل يونج "
(Carl Jung) فإنه استخدام كثيراً من التعبيرات الرمزية والمجازية في كتابه "أيدولوجية تطورية ارتقائية للتربية " (1974م) ليتحدث عن رحلته نحو السمو والارتقاء كهدف أساسي وأولي لكل البشر . فى تلك المرحلة ينهمك الفرد في حوار جدلي بين النفس وبين المجتمع ، بين المعرفة الصريحة والمعرفة المضمرة ، باحثاً عن النظام ، عن المعنى الخلاق ، وعلى ذلك فإن الشخص صانع نشط للمعنى ، وليس مستقبلاً سلبياً للمعرفة .
وبهذا المعنى يكون هدف التربية إذن هو تسهيل تطور الأفراد نحو الاستقلال الذاتى ونحو تحقيق ذاتيهم . ونتيجة لذلك تعتبر التربية – في نظر ماكدونالد – مشروعاً خلقياً في الأساس ، تعكس في كل جوانبها قيم الذين يقومون بها . ومن المحتم على المربين – لذلك – أن يجعلوا قيمهم صريحة واضحة وقد عبر "ماكدونالد " عن ذلك بقوة في الأسلوب التالي :
إن أي شخص مهتم بالمنهج يجب أن يتحقق من أنه يقوم أو يشتغل بنشاط سياسى . إن الحديث عن المنهج والاشتغال به وظيفة تشريعية في أصغر مجالاتها ، نحن معنيون ..بإيجاد الحياة الجيدة ، المجتمع الجيد ، الشخص الجيد ..واذا كان لنا نحن المتحدثين عن المنهج أن نفهم ما نتحدث نحن عنه وأن نوصله لغيرنا ، فإن هذه القيم يجب أن تكون واضحة .
ومن الواضح أن المنهج ينهض بدور أساسي في هذا المشروع الأخلاقي وقد فسر "ماكدونالد " (Macdonald , 1977) المنهج تفسيراً واسعاً ، محدداً إياه بالطريقة التالية :
المنهج ..هو دراسة ما ينبغى أن يشكل عالما من أجل التعلم ، وماذا يمكن أن تصنع لخلق هذا العالم ، وعلى هذا يكون المنهج فى أصغر مجالاته – هو نفس الأسئلة التي تبدو لي أنها ذات أهمية قصوى بالنسبة للإنسانية كلها . (ص 11).
وفى نظر "ماكدونالد " يعتبر المنهج الذي تقدمه معظم المدارس منحرفاً انحرافاً خطيراً ومشوها فيما يؤكده ويركز عليه . وفي تحليل ناقد للمنهج استقى فيه كثيراً من نظريات "جورجين هابرماس "(Jurjen Habermas) عن المعرفة والاهتمامات الإنسانية (1971م) يوضح "ماكدونالد " أن هناك ثلاثة اهتمامات معرفية أساسية – السيطرة ، الإجماع ، التحرر . يمكن أن تكون المصادر الرئيسة للفروق القيمية في المنهج . وكثير من قادة المنهج مهتمون اهتماماً أساسياً بالسيطرة – بتحديد العناصر أو المتغيرات المتضمنة في المنهج وبتنمية وتنفيذ نظام لاتخاذ القرار بالنسبة لتصميم المنهج . ومثل هذا الاهتمام له جذوره في النظرة التحليلية الميدانية ، كما أنه مرتبط أساساً بالمادة الدراسية أو بمدخل النظم .
ويرى "ماكدونالد " أن الجماعة الثانية من منظرى المنهج معينة بالإجماع والاتفاق وتعتمد بصفة أساسية على ما يطلق عليه "هابرماس " الفهم التأويلي للمعنى . ويلاحظ "ماكدونالد " (Macdonald , 1975) أن مثل هذا الفهم للمعنى " ينبثق فى سياق تعبيرات الحياة الثقافية المختلفة مثل اللغة العادية والتصرفات الإنسانية ، والتعبيرات غير اللفظية (ص 280) وفي نظره أن نظريات المنهج " لشواب " نظريات موجهة أساساً نحو اهتمام عملي لفحص ما يجرى فى حجرات الدراسة والنظريات الموجهة نحو الإجماع والاتفاق قد أثرت بقوة فى الذين أنشأوا مقررات "مشكلات الحياة أو "القضايا الاجتماعية " وهي مقررات لها أساس في الافتراض القائل بأن الصراعات يمكن أن تحل من خلال التوقعات الاجتماعية المتبادلة .
وأخيراً ، هناك جماعة صغيرة جداً من منظري المناهج المهتمين بالتحرر من خلال التأمل الذاتي . وهنا يقتبس ماكدونالد " النظريات التربوية لــ "إيفان إليش " "Ivan Illich" ، "بولر فرير" "Paulo Freire" كممثلين . إن عملهما قد ترك أثره على قادة المنهج المهتمين بالمناهج التي تدور حول الشخص والتي تحرر الأفراد من خلال التأمل الذاتى الجدلي .
والمنهج المتمركز حول الشخص يعتبر قلب المدرسة المثالية كما تصورها "ماكدونالد" وفي مقالة قصيرة كتبها "ماكدونالد" واثنان من زملائه "ماكدونالد، وولفسون ، زاريت " (Macdonald , Wolfson , Zaret , 1972) يتصور ماكدونالد المدرسة بيئة تؤكد القيم والعمليات الإنسانية ، والمنهج هنا – كما ينصوره ماكدونالد – معنى أساساً بحل المشكلات ومنظم حول مجالات معينة من البحث . والطلاب يقومون بفحص بيئتهم ويزدون بمصادر المادة الوفيرة التي تمثل وجهات نظر عديدة ، ويقومون بعمليات على المعلومات بطرق عديدة بهمة ونشاط نحو المعنى . والطالب يخبر البيئة بطريقة حافلة باللعب والتعبير الذاتى ، كما يخبرها كذلك بأسلوب عقلي وتأملي .
وعلى الرغم من أن "ماكدونالد" قد انتقد بسببرمزيته وغموضع الزائدين ، فإن ما تركه عمله من تأثير متراكم يعتبر تحدياً لقادة المنهج كي يعيدوا التفكير في افتراضاتهم الأساسية ويجدوا تصوراتهم لحقلهم . ميخائيل أبل
" ميخائيل أبل " منظر ناقد معنى أساساً فيما يبدوا بالعلاقة بين المجتمع والمدرسة . والفكرة الرئيسة فى نقد "أبل" للمجتمع ومدارسه هي استخدامه لمفهوم السيطرة . ونظراً لتأثره تأثراً شديداً بالناقدين الاجتماعين "انطونيو جرامسيسي " (Antonio Gramsci) ، "رايموند وليامز" (Raymond Williams) فإن "أبل " (Apple , 1979) يستخدم مصطلح السيطرة ليعني به "حشداً منظماً من المعاني والممارسات ، النظام المركزي المؤثر والمسيطر من المعاني ، والقيم والأفعال التي يعيشها الناس " (ص 113) . والسيطرة بهذا المعنى تنفذ وتتخلل ضمير المجتمع باعتبارها كتلة من الممارسات ومجموعة من المعاني حددتها الثقافة السائدة . إن الطريقة التي يفسر بها الناس الحقيقة ، والطريقة التي يوجهون بها طاقاتهم ، والطريقة التي يعيشون بها حياتهم كل يوم هذه كلها منأثرة بشدة وعمق بهذا النظام من المعاني , كما أن كل مؤسسات المجتمع الرئيسة – الأسرة ، والمدارس ، والكنائس ، وأماكن العمل – تعمل معاً لنقل وإعادة الثقافة السائدة .
وإحدى الوسائل الخطيرة التي تؤثر بها السيطرة الثقافية على المربين – كما يوضح "أبل"(Apple , 1975) تكمن في إدراكهم للعلم . ويلاحظ "أبل" في هذا النقد الشديد لما يمكن أن يطلق عليه العملية التربوية الزائفة " أن كل المربين تقريباً يعتمدون على النظرة الضيقة والصارمة التي يتسم بها العلم ، تلك النظرة التي تقيم وزناً فقط للعقلانية والمادة الميدانية خدمة للتوقع والتحكم والتي تتجاهل العلاقة الوثيقة بين العلم وبين الفن ، وبين العلم والخيال ، وهكذا وفي محاولة لتحقيق الكفاءة .
والسهولة في التشغيل يعتقد المربي بتفاهة التطور العقلي من خلال إرجاع المعرفة إلى مجموعة سابقة التحديد من الأهداف المتفضلة غير المترابطة ثم يبنى البيئة بشكل لا يستطيع الطلاب معه أن يبتعدوا عن الطريق الذي تم إقراره . وحقل المنهج – في نظر "أبل" قد أصبح مقفراً لا خصوبة فيه لأنه تبنى وجهة نظر المعلم الضيقة ، وقد صاغ أنشطته على نمط اشتق من حالات الأنشطة المؤسسة على الموضوعية والتكرار على نموذج المادة "الجامدة" وخلف كل أعمال منظري المناهج الماضين مثل "بوبيت" (Bobbitt)" تشارترز"(Charters) و"سنددين"(Snedden) وكل أعمال محللي الأنظمة الحاليين – خلف كل هذه الأعمال "يوجد – في نظر "أبل"- بناء زائف من المعتقدات التي تدعم الموقف الذي يرى أن المشكلات المعقدات الخاصة بتخطيط البيئات التربوية التي تستجيب لكل من المعاني الشخصية والمؤسسية – هذه المشكلات سوف تحل فقط إذا أصبحنا متيقنين من أفعالنا ومن نتائجها المشاهدة " .
ومن أهم الوسائل التي تخدم بها المدارس المجتمع السائد وتعكسه الطريقة يحدد بها المربون المعرفة التي تعتبر صحيحة وصادقة . ويوضح "أبل" وزميلته "نانسى كينج " (Nancy King) أن المعرفة نوع من رأس المال الثقافي – وأن مشكلة ما ينبغي أن يدرس في المدارس ينبغي أن يفحص ويدرس مثلما يدرس التوزيع الأكبر للبضائع والخدمات في المجتمع " . وعلى هذا فإن الإصلاحات التي كان لها الأثر الأكبر على النظام المدرسي ، وكذلك الإجراءات والمبادئ التي وجهت الحياة في حجرة الدراسة – كل هذا كانت تسوده لغة الإنتاج والاهتمام به ، والتوظيف الاقتصادي المناسب تماماً ، والمهارات البيروقراطية "
إنهما يدعمان هذه النتيجة بدراستهما لفصل من فصول رياض الأطفال ، حيث وجدا المعلمة تحدد المعاني للأطفال في محاولة ناجحة لتطبيعهم . إن المعلمة طلبت من الأطفال أن يكيفوا أنفسهم للمواد التي عرضتها عليهم . وقد نظمت هذه المواد حتى إن الأطفال قد تعلموا القمع والكبت ، وأن فرضتهم للتفاعل مع المواد كانت محدودة بسبب الجدول المفروض على المعلمة . وقد أوضحن المعلمة بالكلمات والأفعال أن الهدوء والتعاون كانا السمتين الأساسيتين اللتين وجدتا في " رياض الأطفال الجيدة " . وبعد أسابيع قليلة فقط في رياض الأطفال تبنى الأطفال طريقة المعلمة في تفسير الحقيقو . وكان العمل عبارة عنأى نشاط توجهه المعلمة .
النظر عن طبيعته ، وشمل اللعب كل الأنشطة التي كانوا يمارسونها في الأونات الحرة . وكانت كل الأنشطة إجبارية تبدأ وتنتهي حسبما تطلب المعلمة . وكان يطلب من الأطفال أن يستخدموا المواد بنفس الطريقة وأن ينتجوا نفس الأنواع ويصلوا إلى نفس النتائج . ويستنتج "أبل" ، "كينج" أن خبرة رياض الأطفال دخولاً في عالم العمل الذي تعتبر فيه صفات الطاعة والحماسة والقدرة على التكيف والمثابرة صفات لها قيمة أعلى من قيمة الكفاءة العلمية .
3- نظريات ذات اتجاه نحو المحتوى:.
تهتم النظريات ذات الاتجاه نحو المحتوى بصفة رئيسية بتحديد المصادر الأساسية التي ينبغي أن تؤثر في اختيار وتنظيم محتوى المنهج . ويمكن تصنيف هذه النظريات بصفة عامة في ضوء وجهات نظرها فيما يتعلق بالمصدر الذي ينبغي أن تكون له السيادة إلى :
1- نظريات مركزها الطفل :. التربية الوجدانية ، التربية المفتوحة ، التربية التطورية
2- نظريات مركزها المعرفة :. مبنية علي طرق الاستقراء ، الاستنباط ، التحقق
3- نظريات مركزها المجتمع . تصنف علي اساس الأختلاف الي تطابقيين ، مصلحين ، مستقبلين ، جذريين
المناهج المتمركزة حول الطفل :.
يرى الذين يتنبون المناهج المتمركزة حول الطفل أن الطفل هو نقطة البداية وهو الذي يحدد ، وهو الذي يكون المنهج ويمنحه شكله . وعلى الرغم من أن الطفل النامي سوف يكتسب المعرفة بالمواد الدراسية عند نفقطة ما من حياته ، فإن الأنظمة المعرفية إنما يتظر إليها على أنها نوع واحد فقط من أنواع التعلم . ومن أن الطفل ينمو فى بيئتة اجتماعية ويتأثر بها ، إلا أن حاجات المجتمع لا تعتبر هي الأعلى ، وأن المجتمع سوف يخدم أفضل خدمة عن طريق الفرد الناضج المستقل الذي تحاول المناهج المتمركزة حول الطفل أن تحققع وتنمية . وكما عبر عن ذلك "فرانسيس باركر" (Parker , 1894) منذ سنوات مضت حيث قال : " إن الطفل هو مركز كل حركة في التربية " .
نظريات ذات اتجاه نحو العمليات :.
عبر العقدين الماضيين ، عندما كانت نظرية المنهج قد وصلت وفيما يبدو إلي نضجها كحقل البحث المنظم – كانت هناك عدة محاولات لتطوير أنظمة مفاهيمية لتصنيف عمليات المنهج ونتائجه . ( انظر علي سبيل المثال ما يلي : إيزنر ، فلانس ( Eisner , Vallance, 1964 ) ، سشيرو ( Schiro, 1978 ) ، جاي ( Gay , 1980 ) ومع ذلك ، جاءت معظم مخططات هذا التصنيف ناقصة علي أساسين .
الأساس الأول :.
أنها خلطت بشكل غير جيد بين ما وصف بأنه النظريات ذات التوجه القيمي والنظريات ذات التوجه نحو المحتوي من جهة ، وبين النظريات ذات التوجة نحو العمليات من ناحية أخري .
والأساس الثاني :.
أنها فيما يبدو توجه اهتماماً قليلاً لعملية تطوير المنهج التي يدعو لها وبدافع عنها المنظر المعني . ويقترح معظم المعنين أن هناك بعض التطابق بين التوجة القيمي أو توجه المحتوي في التنظير وبين توجه العلميات المتبني ، علي الرغم من أن مثل هذا الارتباط لم يكن واضحاً فيما يبدو . وعلي ذلك ، فإن أحد أعمال " جاي " ( Gay , 1980 ) " نماذج مفاهيمية لعملية تخطيط المنهج " يكون هـو الذي أطلقت عليه " النموذج الخبري " . وأن وضعها للنموذج الخبري هذا يدل علي أنه يعطي وزناً كبيراً لحاجات الطفل باعتباره محدداً للمحتوي ، كما أنه نموذج تحرري بشكل غامض في توجهه القيمي ، ويؤكد عملية التخطيط التي تصفها بمثل هذه المصطلحات " عضوية التمركز ، وتطورية التمركز ، وموقفية التمركز ، ثم بحثية التمركز .
إذا كنا نبحث عن نماذج بديلة للتخطيط ، فإنه سيتعين أن نتوجه إلي مصادر أخري غير مخططات التصنيف المــعروفة علي نـطاق واسع . وأن أحــد المـصادر التي تبشر ببعض الأمـل لهو مقالـة " إدموندشورت " ( Short , 1983 ) " أشكال واستخدام استراتيجيات بديلة لتطوير المنهج " . وعمله هذا من الحداثة بحيث إنه مبني فيما يبدو علي جهود سابقة ، إنة يعكس إلماماً واسعاً بكل من أدبيات الحقل الوصفية والتوجيهية ، كما أنه يقدم فيما يبدو أكبر أمل في تحليل وإيجاد أنظمة بديلة .
إن لمقالة " شورت " هدفين واضحين : تحليل ما هو معروف عن أشكال واستخدام الاستراتيجيات البديلة لتطوير المنهج ، تنظيم هذه المعرفة بطريقة تسمح بتقويم التضمينات السياسية لاختبار واستخدام هذه الاستراتيجية أو من تلك الاستراتيجيات . ولتحقيق هذين الـهدفين قـام أولاً بتميز مــا يعتبره هـو " المتغيرات الأساسية الأربعة في العملية "
أ- مقعد تطوير المنهج
ب- المشاركون ومؤهلاتهم
ت- الاهتمام الموجه لحقائق الاستخدام المتبني
ث- ثم المبادئ القيمية والافتراضات التي لدي المشاركين
مع ذلك ، فنظراً لأنه يعتقد أنه يمكن تكوين معايير موضوعية للأبعاد التقنية الثلاثة الأولي ، وليس للبعد الرابع القيمي ، فإنه يستخدم فقط الموقع ، والمشاركين ، ودرجة التكيف في تصميم مصفوفة تحليلية ذات أبعاد ثلاثة . ويحدد لكل واحد من هذه المتغيرات الأساسية نوعين أو أكثر . وعلي ذلك ، فهناك في صيغته نوعان من " المقاعد " – عام ، ومحدد . وبالنسبة لمتغير خبرة المشارك المطلوبة هناك أربعة : نوع يسوده العلم الأكاديمي ، نوع يسوده التخصص في المناهج .
النوع الأول :. نوع تسوده الخبرة في البيئة ، ثم نوع يتسم بالتنسيق والتوازن حقائق استخدام الموقف ، يقدم ثلاثة أنواع تضمينات موجهة
والنوع الأول يسمية " عام / يسيطر عليه الأكاديمي / تطبيق موجه " وهي استراتجية يستخدمها أساساً مطورين المشروعات الممولة من الحكومة إحدي " ملامحها النمطية " ما يلي تنجح في توليد المدارس التي تتبني المنهج المنتج ، صور مطبقة من المنهج المطلوب – تتابع لإصدار توجيهات أساسية للتنفيذ دون امتلاك سلطة فرض أو تعديل القرار ، النقص في وجود موظفين في الموقع للمساعدة في القيام بتعديلات محلية تكون ضرورية لتكييف المنهج .
والنوع الثاني من الاستراتيجية يطلق عليه " عام / بلغت عليه الخبراء في البيئة / متبني بشكل محدود " :.
وهي استراتيجية يعتقد أنها تسودها وتحكمها رؤية الخبراء في البيئة الاجتماعية والثقافية وللتربية فيها دور ، ( وبصفة خاصة .. هؤلاء الخبراء العارفون بقطاعات معينة من المجتمع ومهملة من الناحية التربوية برامج خاصة . مثل المعوقين أو الذين لا يتقنون الإنجليزية ) . الملامح النمطية لهذه الاستراتيجية هي : " تواجه صعوبات في مواجهة المشكلات الخلقية والسياسية والتحسبية " ، وذلك عندما نستخدم المدارس الميزانية التي تقبلها من مصدر تمويل من أجل تنفيذ مشروع معين – ويستخدم هذه الميزانية لكي تكيف البرنامج في غير الحدود المتوقعة .
والنوع الثالث من الاستراتيجية هو
خاص بالمكان / نمط متناسق متوازن / تكيف مفتوح " وهي استراتيجية تعاونية قائمة علي الموقع أو المكان وتعكس مشاركة مهمة من قبل المستخدمين . وتشمل وملامحها النمطية ، ما يلي : تأخذ فترات طويلة من الوقت لتحقيق تطوير معين ، حل بعض القضايا والصراعات الصعبة بين القيم الوطنية والمحلية
قائمة المراجع
1- إبراهيم بسيوني عميرة :- المنهج وعناصرة ، ط1 ، القاهرة . دار المعارف للنشر والتوزيع 1986 م ص 37 : 48
2- فرنسيس عبد النور :- التربية والمنهاج ط2 ، القاهرة : مكتبة الأهرام 1973 م ص 56 : 77
3- محمد زياد حمدان :- المنهج – أصوله وأنواعه ومكوناته ، ط الرياض ، دار الرياض للنشر والتوزيع 1982 م ص 157 : 193
4- محمد عزت عبد الموجود :- وآخرون أساسيات المنهج وتنظيماته ، القاهرة : دار الثقافة للطباعة والنشر 1981 م ص 122 : 126
5- مجدي عزيز إبراهيم:- دراسات في المنهج التربوي المعاصر ط1 ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1987 م ص 93 : 102
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق