بسم الله الرحمن الرحيم
التقـييم في المنهج
إن التقييم، وهو العنصر الرابع في المنهج بعد الأهداف والمحتوى والنشاطات التعليمية، هو أكثر الجوانب التربوية التي لم تلق اهتماماً كافياً حتى الآن.
وبالطبع هناك بعض الصدق في التقييم بناء على التحصيل – أي المخرجات التعلمية أو تحقيق التلاميذ للأهداف، إلا أن هذا ليس هو التقييم الشامل المقصود والمرغوب للمنهج. فالتقييم الشامل ينبغي أن يركز على وجود التناظر بين الأهداف الموضوعة ومحتويات المنهج، وتقييم الأهداف نفسها من حيث واقعيتها وصلاحيتها بعد مرور زمن معين. ولكن التقييم بناء على المخرجات التعلمية يعتبر مناسباً فقط في المواقف التي تتضمن التدريب والممارسة العملية، أو في المنهج التقني (صناعي، زراعي، تجاري) (موريس وفيتس 1978)([1]).
أولاً: تقييم المنهج التقني (المهني)
إن كل ما هو معروف من طرق تقييم المنهج تركز أساساً على تقييم المخرجات التعلمية وخاصة في المنهج التقني.
1- ما الفرق بين القياس والتقييم
إن الحكم على مدى تحقيق المتعلمين لأهداف المنهج يعتبر حكماً سليماً إن كان مبنياً على دليل علمي واقعي. هذا الدليل العلمي نحصل عليه بواسطة مقاييس تربوية معينة خلال عملية القياس التربوي، ويمكن تعريفها بأنها مجموعة محاولات من أجل الحصول على تمثيل كمي لصفة من صفات التلميذ. وبينما نجد أن مفهوم القياس يختلف عن مفهوم التقييم إلا أنهما متعلقان ببعضهما البعض، إذ أن القياس جزء مهم من عملية أكبر وأشمل هي عملية التقييم.
2- الاختبارات
إن أكثر مصادر المعلومات عن التلاميذ في المدارس تعتمد على الاختبارات الكتابية، وهي بالتالي تساهم في عملية التقييم بناء على المخرجات التعلمية. ويعرف الاختبار عادة بأنه مجموعة من الأسئلة أو المهام التي يستجيب لها التلاميذ شفهياً أو كتابياً أو عملياً. ومن المفروض أن يتألف الاختبار من عينة ممثلة من عينة كل الأسئلة والمهام الممكنة التي تتعلق بالصفة التي يقيسها الاختبار.
3- القياس غير المباشر
عندما نقوم بقياس طول قطعة من الورق أو لوح من الخشب فإن عامل الطول الذي نريد قياسه هو عامل واضح ومحدد، وهذا ما يسمى بالقياس المباشر. ولكن عندما نستخدم اختباراً لقياس صفة نفسية كالقلق، أو تصور الذات، أو الإبداع، أو الذكاء، أو التحصيل في مادة من المواد، فإننا نستدل على وجود الصفة بملاحظتها من خلال الاستجابات الناتجة عن القياس المستخدم. وبكلمات أخرى فإننا نستدل على وجود صفة من خلال ما نفترضه أنه آثار ناتجة عن هذه الصفة.
ثانياً: مستويات التقييم في المنهج
أي المستويات يجب استخدامها للحكم على النجاح أو الفشل النسبي؟
1- مستوى الحد الأعلى
هناك مستوى مطلق أو مستوى تحصيل عام موضوع اعتباطياً ويتم تقييم كل التلاميذ في المناهج التقنية بناء عليه؛ وبالطبع يمكن منه تحديد الحد الأعلى والحد الأدنى للمستوى المطلق.
2- مستوى الحد الأدنى
هذا النوع من المستويات يوضح ويحدد بشكل يسمح تقريباً لكل التلاميذ بالنجاح فيه. وفي بعض الأحيان يستخدم مستوى الحد الأدنى كأساس أولي لمرحلة الإتقان حيث يضمن التلاميذ اجتياز نقطة الرسوب (50٪) وبالتالي الحصول على مرتبة "مقبول"، غير أن التلاميذ لديهم الفرصة في الحصول على درجات أعلى، خاصة في المناهج التقنية أو مناهج العلوم الإنسانية.
3- المستوى النسبي
يستخدم المستوى النسبي في قياس المنحنى الطبيعي، وهذا يعني أن كل تلميذ يقاس بالنسبة للأداء العام للتلاميذ الآخرين في الفصل. فمعدل الأداء والانحراف المعياري هما اللذان يساعدان على تحديد مستوى التلاميذ. وكما أن للمستوى النسبي نتائج سلبية إلا أن له نتائج إيجابية أيضاً منها أنه يزودنا بأساس يستخدم لتوقع مدى الإنجاز أو التحصيل لدى التلاميذ.
4- المستوى المتعدد
يتضمن هذا النوع من التقييم الإنتاجي ذو المستوى المتعدد قياس نمو كل تلميذ منذ بداية عملية التدريس إلى نقطة التقييم. فالتلميذ الذي ينال درجة امتياز، وينال بعد ذلك بفترة درجة امتياز أخرى فإن ذلك لا يدل على حدوث تغير في أداء التلميذ.
ثالثاً: التقييم الشامل للمنهج
يعتبر التقييم الشامل عملية صعبة ومعقدة إذ يتضمن ليس فقط تقييم خطة المنهج المكتوبة، بل تقييم لجملة من الظواهر المتعلقة بالتفاعل بين التلاميذ والمدرسين والمواد التعليمية والبيئة المحيطة بهم. والأسوأ من هذا أن معظم جوانب المنهج المهمة مثل عمليات التفكير، والاتجاهات والمشاعر، والمعاني والعلاقات التي يمكن الاستدلال عليها من خلال السلوك الظاهر، نحكم عليها بأنها تحدث من جراء عدة عوامل معينة نقوم بدراستها، ولكننا نهمل عوامل أخرى كثيرة اعتقاداً منا بأن المنهج الجاري في مدرسة ما يمكن تقييمه فقط من خلال عملية التدريس التي تحتوي على عوامل محددة تؤخذ في الحسبان عند إجراء التقييم.
رابعاً: أهداف وأدوار التقييم
من الضروري أن تكون مهمة تقييم المنهج واضحة المسار وذلك من أجل تقييم أفضل للمنهج. ويوضح سكرايفن (1967م) الفرق بين أهداف التقييم وأدواره. فالهدف الرئيسي لعملية التقييم هو تحديد مدى نجاح المنهج بناء على معايير معينة، أو مقارنته بمنهج آخر غيره. ولكي نصل إلى تحديد هذا الهدف الرئيسي لابد من تحقيق أهداف ثانوية تؤدي كلها معاً إلى تحقيق الهدف المذكور([2]).
ويلعب التقييم دوراً دافعاً لبعض التلاميذ، بينما يلعب دوراً محبطاً لتلاميذ آخرين. ومن وجهة نظر المدرس يقوم التقييم بدور جهاز التحكم والمراقبة لمدى تقدم التلاميذ، أما من وجهة نظر المدرسة فإنه يعتبر أداة لفرز التلاميذ ووضعهم في مجموعات متجانسة. وتجب الملاحظة بأن هذه الأدوار ليست متعلقة أو متلازمة مع أهداف التقييم، وهي ليست بالضرورة نتيجة حاصلة له، وإنما تعتمد على كيفية تنفيذ واستخدام التقييم في مكان معين للمنهج.
خامساً: التقييمان الكلي والجزئي للمنهج
إن الاختلافات الرئيسية بين التقييمين الكلي والجزئي للمنهج تتعلق بالغايات والزمن ومستوى التعميم ( بلوم، هاستنجز، ومادوس 1971م). وبما أن هذه المميزات تعتبر نسبية وليست مطلقة، فإن أي تعريف للتقييمين يعتبر تقييماً نسبياً وليس مطلقاً بالمعنى الصحيح.
وينبغي ألا يفهم بأن التقييم الكلي يحدث مرة واحدة فقط في نهاية المنهج. فالتقييم الكلي الشامل يحدث عند عدة نقاط استراتيجية خلال عملية تطوير المنهج، وعند نهاية كل مرحلة من مراحل عملية التطوير الشامل للمنهج. ومن المفيد جداً أن تتم الاستعانة أحياناً بمقيم خارجي من أجل الحصول على نظرة ناقدة وجديدة لعملية تطوير المنهج الجارية.
ثامناً: تقويم المنهج الدراسي الذي تم إعداده
ويتم في خطوتين هما:
الأولى: أن يبدأ تقويم المنهج ككل وتقويم طريقة إعداده بواسطة الفريق الذي أعده بالإضافة إلى مجموعة من خبراء تخطيط المناهج.
الثانية: تقويم المنهج المعد بواسطة مؤتمر أو ندوة يشترك فيها خبراء في كل من: تخطيط المناهج وعلم النفس التربوي وعلم النفس التكويني والتقويم التربوي والإدارة التربوية، كما يشترك فيها ممثلون عن كل من: أولياء الأمور ومؤسسات الخدمات والإنتاج والقيادات السياسية والاجتماعية والإعلامية والمهنية ([3]).
والتقييم أعم وأشمل من القياس، لأن القياس يعطي فكرة جزئية عن الشيء الذي يقاس فقط، بمعنى أنه يقيس مستوى المتعلم في ناحية ما، بينما يعطي التقييم صورة صادقة وشاملة عن جميع المعلومات والبيانات التي لها علاقة بتقدم المتعلم نحو أهدافه، سواء أكانت هذه المعلومات كمية أم كيفية، وسواء أكان ذلك بالالتجاء إلى القياس أم بالملاحظة والتجريب.
إذن، التقييم جزء لا يمكن فصله عن عملية التعليم والتعلم، فهو يستمر طالما العملية التربوية مستمرة، وهو يهدف في النهاية إلى إعطاء صورة لنماء المتعلم في جميع النواحي، كما أنه يظهر بجلاء مدى كفاية الوسائل والإمكانات التعليمية المستخدمة في تحقيق الأهداف التربوية المرجوة.
ومن ناحية ثانية يقوم المتعلم منفرداً بعملية القياس، بينما يشترك في عملية التقييم جميع أطراف العملية التربوية (التلميذ- المعلم- مدير أو ناظر المدرسة- الموجه- ولي الأمر- المواطن العادي...)، لذا فالتقييم عملية تعاونية شاملة.
ومن ناحية ثالثة، يشمل التقييم عمليتي القياس والعلاج معاً، لذا فالتقييم أعم وأشمل من القياس، لأنه عملية قياسية، وقائية، علاجية.
فالتقييم التقويمي: يركز على مدى الفعالية التي يجري فيها تطبيق برنامج ما. فمثل هذا التقييم يحدث دائماً في نفس الوقت مع سير البرنامج.
أما التقييم "الإجمالي": فإنه يركز على الدرجة التي وصل إليها تحقيق أهداف البرنامج. وكثيراً ما تجري عملية التقييم الإجمالي بعد انتهاء البرنامج.
ومن المهم أن نتذكر أن التقييم يتضمن تحديداً للنوعية. والأحكام المتعلقة بالنوعية كثيراً ما تكون شخصية وذاتية وصعبة التوفيق.
وظائف التقييم:
(أ) وظائف تعليمية:
وهذه تتمثل في:
· الكشف عن حاجات ومشكلات وقدرات وميول المتعلمين بقصد تكييف المنهج تبعاً للنتائج التي تكشف عنها عملية التقويم.
· تحديد ما حصله المتعلمون من نتائج التعلم المقصود وغير المقصود.
· توجيه عملية التعلم لتسير في مسارها الصحيح، كذا الوقوف على مدى نجاح التدريس المعمول بها.
(ب) وظائف علاجية وإرشادية:
وهذه تتمثل في:
· الحصول على ما يلزم من معلومات تسهم في إدخال التغيرات اللازمة والواجبة في المناهج والأنظمة التعليمية
· الحصول على ما يلزم من معلومات تسهم في تقسيم المتعلمين في فئات تبعاً لإمكاناتهم وقدراتهم، وبذا يمكن قبولهم في نوع التعليم الذي يناسب كلاً منهم وتوجيههم حرفياً أو مهنياً.
· الوقوف على مدى كفاية أجهزة المدرسة ووسائلها وتحديد نواحي النقص فيها.
· الحصول على معلومات كافية ووافية وشاملة عن المتعلمين وذلك بهدف كتابة تقارير عنهم إلى أولياء أمورهم.
1- أسس عملية التقييم:
(أ) يجب أن يكون التقييم عملية مستمرة.
(ب) يجب أن يكون التقييم عملية شاملة .
(ج) يجب أن تتكامل عملية التقييم مع عملية التدريس وبذا تستمر طول فترة الدراسة.
(د) يجب أن يقوم التقييم على أساس ديمقراطي.
2- خطوات وضع برنامج التقييم:
يجب أن تمر عملية التقييم بالخطوات التالية:
· توضيح فلسفة المدرسة وتحديد أهدافها.
· تحديد أهداف التقييم والغرض المرجو منه.
· ترجمة هذه الأهداف إلى أنواع من السلوك.
· تحديد المواقف التي يظهر فيها السلوك.
· اختبار وسائل وطرائق التقييم ومواقفه.
· تنفيذ التقييم وجمع الأدلة والشواهد على السلوك التي تترجم الأهداف.
· إعادة التقييم مرة ثانية للتأكد من صحة عملية التقييم السابقة.
· تعديل المنهج على أساس النتائج التي أظهرتها عملية التقييم.
3-جوانب تقييم المنهج:
(أ) تقويم تخطيط المنهج:
· وضع الأهداف.
· وضع الخطة واختبار نوع الخبرات التربوية.
· تنظيم الخبرات التربوية.
(ب) تقييم تنفيذ المنهج:
إن عملية تقييم تنفيذ المنهج تتضمن طرائق معالجة المنهج، بمعنى أنها تشتمل على طرق التدريس، والكتب المدرسية، وأنواع النشاط التي يشترك فيها المتعلم، والعلاقات الاجتماعية.
4- من الذي يجب أن يتحمل مسئولية التقييم؟
(أ) المعلم:
وذلك عن طريق الاختبارات التي يجريها على المتعلمين وعن طريق ملاحظتهم وتتبع سلوكهم داخل وخارج الفصل الدراسي.
(ب) المتعلم:
يجب أخذ رأي المتعلم فيما يدرسه من مواد وفيما توفر له المدرسة من ألوان النشاطات المختلفة بشرط أن يتعاون مع زملائه في تحقيق ذلك.
(ج) الناظر:
أن يتولى مدى نجاح وسائل الإدارة والإشراف في تحقيق أهداف المدرسة التي سبق تحديدها.
(د) الموجه:
يجب أن يمتد عمله ليشمل تقييم جميع جوانب المنهج الدراسي.
(هـ) ولي الأمر:
يجب أن يكون التعاون بين المدرسة وولي الأمر تعاوناً إيجابياً.
وسائل تقييم المنهج:
1- قياس نماء الفرد:
وذلك عن طريق:
(أ) تقييم تحصيل المتعلم في مجالات المنهج المختلفة.
(ب) تقييم التكيف الشخصي الاجتماعي:
وذلك عن طريق:
· تتبع كل ما يقوم به المتعلمون وتسجيله بدقة وموضوعية.
· رأي المتعلمين زملائهم.
· تقارير أولياء الأمور.
· الرسوم البيانية الاجتماعية التي تبين العلاقات المتبادلة داخل مجموعات المتعلمين
(ج) تقييم نماء ميول المتعلمين:
وذلك عن طريق الاستفتاءات المعدة لذلك الغرض، أو ملاحظة المتعلمين ملاحظة دقيقة.
(د) تقييم نماء الاتجاهات المرغوب فيها:
وذلك عن طريق الاستفتاءات أو الاختبارات التي توضع لذلك الغرض، أو بملاحظة أعمال المتعلمين ومناقشاتهم.
(ه) تتبع نماء المتعلم عن طريق البطاقات أو التقارير التتبعية، وهي خاصة بتجميع وحفظ جميع الحقائق عن المتعلم.
2- قياس نماء الجماعة:
وذلك عن طريق:
· تقييم الجماعة لعملها.
· أو تقييم العلاقات بين أفراد المجموعة الواحدة.
3- قياس تأثير المدرسة على المجتمع:
وذلك عن طريق:
· الإحصاءات الخاصة بمستوى البيئة الاقتصادي والصحي والاجتماعي.
· تتبع خريجي المدرسة.
· آراء المواطنين ورجال الأعمال لمعرفة رأيهم في نشاطات المدرسة التي تتحمل مسئولياتها.
قائمة المراجع
- مجدي عزيز إبراهيم، دراسات في المنهج التربوي المعاصر، كلية التربية بدمياط، الطبعة الأولى، مكتبة الأنجلو المصرية، 1987.
- محمود محمد شوقي: الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية، 1421هـ- 2001م.
- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية، دار المريخ، 1988.
1- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية، دار المريخ،1988
1- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية
1- محمود محمد شوقي: الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية، 1421هـ- 2001م.
التقـييم في المنهج
إن التقييم، وهو العنصر الرابع في المنهج بعد الأهداف والمحتوى والنشاطات التعليمية، هو أكثر الجوانب التربوية التي لم تلق اهتماماً كافياً حتى الآن.
وبالطبع هناك بعض الصدق في التقييم بناء على التحصيل – أي المخرجات التعلمية أو تحقيق التلاميذ للأهداف، إلا أن هذا ليس هو التقييم الشامل المقصود والمرغوب للمنهج. فالتقييم الشامل ينبغي أن يركز على وجود التناظر بين الأهداف الموضوعة ومحتويات المنهج، وتقييم الأهداف نفسها من حيث واقعيتها وصلاحيتها بعد مرور زمن معين. ولكن التقييم بناء على المخرجات التعلمية يعتبر مناسباً فقط في المواقف التي تتضمن التدريب والممارسة العملية، أو في المنهج التقني (صناعي، زراعي، تجاري) (موريس وفيتس 1978)([1]).
أولاً: تقييم المنهج التقني (المهني)
إن كل ما هو معروف من طرق تقييم المنهج تركز أساساً على تقييم المخرجات التعلمية وخاصة في المنهج التقني.
1- ما الفرق بين القياس والتقييم
إن الحكم على مدى تحقيق المتعلمين لأهداف المنهج يعتبر حكماً سليماً إن كان مبنياً على دليل علمي واقعي. هذا الدليل العلمي نحصل عليه بواسطة مقاييس تربوية معينة خلال عملية القياس التربوي، ويمكن تعريفها بأنها مجموعة محاولات من أجل الحصول على تمثيل كمي لصفة من صفات التلميذ. وبينما نجد أن مفهوم القياس يختلف عن مفهوم التقييم إلا أنهما متعلقان ببعضهما البعض، إذ أن القياس جزء مهم من عملية أكبر وأشمل هي عملية التقييم.
2- الاختبارات
إن أكثر مصادر المعلومات عن التلاميذ في المدارس تعتمد على الاختبارات الكتابية، وهي بالتالي تساهم في عملية التقييم بناء على المخرجات التعلمية. ويعرف الاختبار عادة بأنه مجموعة من الأسئلة أو المهام التي يستجيب لها التلاميذ شفهياً أو كتابياً أو عملياً. ومن المفروض أن يتألف الاختبار من عينة ممثلة من عينة كل الأسئلة والمهام الممكنة التي تتعلق بالصفة التي يقيسها الاختبار.
3- القياس غير المباشر
عندما نقوم بقياس طول قطعة من الورق أو لوح من الخشب فإن عامل الطول الذي نريد قياسه هو عامل واضح ومحدد، وهذا ما يسمى بالقياس المباشر. ولكن عندما نستخدم اختباراً لقياس صفة نفسية كالقلق، أو تصور الذات، أو الإبداع، أو الذكاء، أو التحصيل في مادة من المواد، فإننا نستدل على وجود الصفة بملاحظتها من خلال الاستجابات الناتجة عن القياس المستخدم. وبكلمات أخرى فإننا نستدل على وجود صفة من خلال ما نفترضه أنه آثار ناتجة عن هذه الصفة.
ثانياً: مستويات التقييم في المنهج
أي المستويات يجب استخدامها للحكم على النجاح أو الفشل النسبي؟
1- مستوى الحد الأعلى
هناك مستوى مطلق أو مستوى تحصيل عام موضوع اعتباطياً ويتم تقييم كل التلاميذ في المناهج التقنية بناء عليه؛ وبالطبع يمكن منه تحديد الحد الأعلى والحد الأدنى للمستوى المطلق.
2- مستوى الحد الأدنى
هذا النوع من المستويات يوضح ويحدد بشكل يسمح تقريباً لكل التلاميذ بالنجاح فيه. وفي بعض الأحيان يستخدم مستوى الحد الأدنى كأساس أولي لمرحلة الإتقان حيث يضمن التلاميذ اجتياز نقطة الرسوب (50٪) وبالتالي الحصول على مرتبة "مقبول"، غير أن التلاميذ لديهم الفرصة في الحصول على درجات أعلى، خاصة في المناهج التقنية أو مناهج العلوم الإنسانية.
3- المستوى النسبي
يستخدم المستوى النسبي في قياس المنحنى الطبيعي، وهذا يعني أن كل تلميذ يقاس بالنسبة للأداء العام للتلاميذ الآخرين في الفصل. فمعدل الأداء والانحراف المعياري هما اللذان يساعدان على تحديد مستوى التلاميذ. وكما أن للمستوى النسبي نتائج سلبية إلا أن له نتائج إيجابية أيضاً منها أنه يزودنا بأساس يستخدم لتوقع مدى الإنجاز أو التحصيل لدى التلاميذ.
4- المستوى المتعدد
يتضمن هذا النوع من التقييم الإنتاجي ذو المستوى المتعدد قياس نمو كل تلميذ منذ بداية عملية التدريس إلى نقطة التقييم. فالتلميذ الذي ينال درجة امتياز، وينال بعد ذلك بفترة درجة امتياز أخرى فإن ذلك لا يدل على حدوث تغير في أداء التلميذ.
ثالثاً: التقييم الشامل للمنهج
يعتبر التقييم الشامل عملية صعبة ومعقدة إذ يتضمن ليس فقط تقييم خطة المنهج المكتوبة، بل تقييم لجملة من الظواهر المتعلقة بالتفاعل بين التلاميذ والمدرسين والمواد التعليمية والبيئة المحيطة بهم. والأسوأ من هذا أن معظم جوانب المنهج المهمة مثل عمليات التفكير، والاتجاهات والمشاعر، والمعاني والعلاقات التي يمكن الاستدلال عليها من خلال السلوك الظاهر، نحكم عليها بأنها تحدث من جراء عدة عوامل معينة نقوم بدراستها، ولكننا نهمل عوامل أخرى كثيرة اعتقاداً منا بأن المنهج الجاري في مدرسة ما يمكن تقييمه فقط من خلال عملية التدريس التي تحتوي على عوامل محددة تؤخذ في الحسبان عند إجراء التقييم.
رابعاً: أهداف وأدوار التقييم
من الضروري أن تكون مهمة تقييم المنهج واضحة المسار وذلك من أجل تقييم أفضل للمنهج. ويوضح سكرايفن (1967م) الفرق بين أهداف التقييم وأدواره. فالهدف الرئيسي لعملية التقييم هو تحديد مدى نجاح المنهج بناء على معايير معينة، أو مقارنته بمنهج آخر غيره. ولكي نصل إلى تحديد هذا الهدف الرئيسي لابد من تحقيق أهداف ثانوية تؤدي كلها معاً إلى تحقيق الهدف المذكور([2]).
ويلعب التقييم دوراً دافعاً لبعض التلاميذ، بينما يلعب دوراً محبطاً لتلاميذ آخرين. ومن وجهة نظر المدرس يقوم التقييم بدور جهاز التحكم والمراقبة لمدى تقدم التلاميذ، أما من وجهة نظر المدرسة فإنه يعتبر أداة لفرز التلاميذ ووضعهم في مجموعات متجانسة. وتجب الملاحظة بأن هذه الأدوار ليست متعلقة أو متلازمة مع أهداف التقييم، وهي ليست بالضرورة نتيجة حاصلة له، وإنما تعتمد على كيفية تنفيذ واستخدام التقييم في مكان معين للمنهج.
خامساً: التقييمان الكلي والجزئي للمنهج
إن الاختلافات الرئيسية بين التقييمين الكلي والجزئي للمنهج تتعلق بالغايات والزمن ومستوى التعميم ( بلوم، هاستنجز، ومادوس 1971م). وبما أن هذه المميزات تعتبر نسبية وليست مطلقة، فإن أي تعريف للتقييمين يعتبر تقييماً نسبياً وليس مطلقاً بالمعنى الصحيح.
وينبغي ألا يفهم بأن التقييم الكلي يحدث مرة واحدة فقط في نهاية المنهج. فالتقييم الكلي الشامل يحدث عند عدة نقاط استراتيجية خلال عملية تطوير المنهج، وعند نهاية كل مرحلة من مراحل عملية التطوير الشامل للمنهج. ومن المفيد جداً أن تتم الاستعانة أحياناً بمقيم خارجي من أجل الحصول على نظرة ناقدة وجديدة لعملية تطوير المنهج الجارية.
ثامناً: تقويم المنهج الدراسي الذي تم إعداده
ويتم في خطوتين هما:
الأولى: أن يبدأ تقويم المنهج ككل وتقويم طريقة إعداده بواسطة الفريق الذي أعده بالإضافة إلى مجموعة من خبراء تخطيط المناهج.
الثانية: تقويم المنهج المعد بواسطة مؤتمر أو ندوة يشترك فيها خبراء في كل من: تخطيط المناهج وعلم النفس التربوي وعلم النفس التكويني والتقويم التربوي والإدارة التربوية، كما يشترك فيها ممثلون عن كل من: أولياء الأمور ومؤسسات الخدمات والإنتاج والقيادات السياسية والاجتماعية والإعلامية والمهنية ([3]).
والتقييم أعم وأشمل من القياس، لأن القياس يعطي فكرة جزئية عن الشيء الذي يقاس فقط، بمعنى أنه يقيس مستوى المتعلم في ناحية ما، بينما يعطي التقييم صورة صادقة وشاملة عن جميع المعلومات والبيانات التي لها علاقة بتقدم المتعلم نحو أهدافه، سواء أكانت هذه المعلومات كمية أم كيفية، وسواء أكان ذلك بالالتجاء إلى القياس أم بالملاحظة والتجريب.
إذن، التقييم جزء لا يمكن فصله عن عملية التعليم والتعلم، فهو يستمر طالما العملية التربوية مستمرة، وهو يهدف في النهاية إلى إعطاء صورة لنماء المتعلم في جميع النواحي، كما أنه يظهر بجلاء مدى كفاية الوسائل والإمكانات التعليمية المستخدمة في تحقيق الأهداف التربوية المرجوة.
ومن ناحية ثانية يقوم المتعلم منفرداً بعملية القياس، بينما يشترك في عملية التقييم جميع أطراف العملية التربوية (التلميذ- المعلم- مدير أو ناظر المدرسة- الموجه- ولي الأمر- المواطن العادي...)، لذا فالتقييم عملية تعاونية شاملة.
ومن ناحية ثالثة، يشمل التقييم عمليتي القياس والعلاج معاً، لذا فالتقييم أعم وأشمل من القياس، لأنه عملية قياسية، وقائية، علاجية.
فالتقييم التقويمي: يركز على مدى الفعالية التي يجري فيها تطبيق برنامج ما. فمثل هذا التقييم يحدث دائماً في نفس الوقت مع سير البرنامج.
أما التقييم "الإجمالي": فإنه يركز على الدرجة التي وصل إليها تحقيق أهداف البرنامج. وكثيراً ما تجري عملية التقييم الإجمالي بعد انتهاء البرنامج.
ومن المهم أن نتذكر أن التقييم يتضمن تحديداً للنوعية. والأحكام المتعلقة بالنوعية كثيراً ما تكون شخصية وذاتية وصعبة التوفيق.
وظائف التقييم:
(أ) وظائف تعليمية:
وهذه تتمثل في:
· الكشف عن حاجات ومشكلات وقدرات وميول المتعلمين بقصد تكييف المنهج تبعاً للنتائج التي تكشف عنها عملية التقويم.
· تحديد ما حصله المتعلمون من نتائج التعلم المقصود وغير المقصود.
· توجيه عملية التعلم لتسير في مسارها الصحيح، كذا الوقوف على مدى نجاح التدريس المعمول بها.
(ب) وظائف علاجية وإرشادية:
وهذه تتمثل في:
· الحصول على ما يلزم من معلومات تسهم في إدخال التغيرات اللازمة والواجبة في المناهج والأنظمة التعليمية
· الحصول على ما يلزم من معلومات تسهم في تقسيم المتعلمين في فئات تبعاً لإمكاناتهم وقدراتهم، وبذا يمكن قبولهم في نوع التعليم الذي يناسب كلاً منهم وتوجيههم حرفياً أو مهنياً.
· الوقوف على مدى كفاية أجهزة المدرسة ووسائلها وتحديد نواحي النقص فيها.
· الحصول على معلومات كافية ووافية وشاملة عن المتعلمين وذلك بهدف كتابة تقارير عنهم إلى أولياء أمورهم.
1- أسس عملية التقييم:
(أ) يجب أن يكون التقييم عملية مستمرة.
(ب) يجب أن يكون التقييم عملية شاملة .
(ج) يجب أن تتكامل عملية التقييم مع عملية التدريس وبذا تستمر طول فترة الدراسة.
(د) يجب أن يقوم التقييم على أساس ديمقراطي.
2- خطوات وضع برنامج التقييم:
يجب أن تمر عملية التقييم بالخطوات التالية:
· توضيح فلسفة المدرسة وتحديد أهدافها.
· تحديد أهداف التقييم والغرض المرجو منه.
· ترجمة هذه الأهداف إلى أنواع من السلوك.
· تحديد المواقف التي يظهر فيها السلوك.
· اختبار وسائل وطرائق التقييم ومواقفه.
· تنفيذ التقييم وجمع الأدلة والشواهد على السلوك التي تترجم الأهداف.
· إعادة التقييم مرة ثانية للتأكد من صحة عملية التقييم السابقة.
· تعديل المنهج على أساس النتائج التي أظهرتها عملية التقييم.
3-جوانب تقييم المنهج:
(أ) تقويم تخطيط المنهج:
· وضع الأهداف.
· وضع الخطة واختبار نوع الخبرات التربوية.
· تنظيم الخبرات التربوية.
(ب) تقييم تنفيذ المنهج:
إن عملية تقييم تنفيذ المنهج تتضمن طرائق معالجة المنهج، بمعنى أنها تشتمل على طرق التدريس، والكتب المدرسية، وأنواع النشاط التي يشترك فيها المتعلم، والعلاقات الاجتماعية.
4- من الذي يجب أن يتحمل مسئولية التقييم؟
(أ) المعلم:
وذلك عن طريق الاختبارات التي يجريها على المتعلمين وعن طريق ملاحظتهم وتتبع سلوكهم داخل وخارج الفصل الدراسي.
(ب) المتعلم:
يجب أخذ رأي المتعلم فيما يدرسه من مواد وفيما توفر له المدرسة من ألوان النشاطات المختلفة بشرط أن يتعاون مع زملائه في تحقيق ذلك.
(ج) الناظر:
أن يتولى مدى نجاح وسائل الإدارة والإشراف في تحقيق أهداف المدرسة التي سبق تحديدها.
(د) الموجه:
يجب أن يمتد عمله ليشمل تقييم جميع جوانب المنهج الدراسي.
(هـ) ولي الأمر:
يجب أن يكون التعاون بين المدرسة وولي الأمر تعاوناً إيجابياً.
وسائل تقييم المنهج:
1- قياس نماء الفرد:
وذلك عن طريق:
(أ) تقييم تحصيل المتعلم في مجالات المنهج المختلفة.
(ب) تقييم التكيف الشخصي الاجتماعي:
وذلك عن طريق:
· تتبع كل ما يقوم به المتعلمون وتسجيله بدقة وموضوعية.
· رأي المتعلمين زملائهم.
· تقارير أولياء الأمور.
· الرسوم البيانية الاجتماعية التي تبين العلاقات المتبادلة داخل مجموعات المتعلمين
(ج) تقييم نماء ميول المتعلمين:
وذلك عن طريق الاستفتاءات المعدة لذلك الغرض، أو ملاحظة المتعلمين ملاحظة دقيقة.
(د) تقييم نماء الاتجاهات المرغوب فيها:
وذلك عن طريق الاستفتاءات أو الاختبارات التي توضع لذلك الغرض، أو بملاحظة أعمال المتعلمين ومناقشاتهم.
(ه) تتبع نماء المتعلم عن طريق البطاقات أو التقارير التتبعية، وهي خاصة بتجميع وحفظ جميع الحقائق عن المتعلم.
2- قياس نماء الجماعة:
وذلك عن طريق:
· تقييم الجماعة لعملها.
· أو تقييم العلاقات بين أفراد المجموعة الواحدة.
3- قياس تأثير المدرسة على المجتمع:
وذلك عن طريق:
· الإحصاءات الخاصة بمستوى البيئة الاقتصادي والصحي والاجتماعي.
· تتبع خريجي المدرسة.
· آراء المواطنين ورجال الأعمال لمعرفة رأيهم في نشاطات المدرسة التي تتحمل مسئولياتها.
قائمة المراجع
- مجدي عزيز إبراهيم، دراسات في المنهج التربوي المعاصر، كلية التربية بدمياط، الطبعة الأولى، مكتبة الأنجلو المصرية، 1987.
- محمود محمد شوقي: الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية، 1421هـ- 2001م.
- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية، دار المريخ، 1988.
1- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية، دار المريخ،1988
1- وليد عبد اللطيف هوانة: المدخل في إعداد المناهج الدراسية
1- محمود محمد شوقي: الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية، 1421هـ- 2001م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق