ابن مصر أحمد زويل
أسطورة مصرية فى المعامل الأمريكية
ش
بقلم أ.د/ حسام محمد مازن
وكيل كلية التربية بسوهاج
لم يكن غريباً ولا مفاجئاً أمر حصول ابن مصر وعالم الكيمياء والفيزياء الكبير الأستاذ الدكتور/ أحمد زويل على جائزة نوبل العالمية، فمصر على طول التاريخ والزمان هى دائماً منبع المواهب ومصدر الأفكار وارض الأبطال فى كافة المجالات، وأسألوا بناة الأهرام وأطباء التحنيط وأسألوا بناة السد العالى وابطال حرب رمضان أكتوبر المجيدة، وأسألوا مجدى يعقوب ومحمد المشد ونبوية موسى وأحمد سيد بدير وفاروق الباز وغيرهم من عباقرة مصر والعالم فى مجالات العمارة والطب والحرب والذرة والفضاء... فلماذا لايكون أحمد زويل واحداً من هذه القمم المصرية العالمية؟.
لقد أكد العلماء أن اكتشاف الدكتور/ زويل والذى استحق بسببه جائزة نوبل العالمية سيعيد من جديد صياغة علوم الفيزياء والكيمياء وما يرتبط بهما من علوم أخرى، ويؤدى إلى ثورة علمية جديدة.
لقد كانت المقدرة العلمية قبل ابحاث الدكتور/ أحمد زويل لا تتعدى تصوير تأثير التفاعلات الكيميائية، أما الآن فيمكن مشاهدة هذه التفاعلات على مستوى حركة الذرات والأجزاء الداخلة فى التفاعل أثناء حدوثه، مما يعطينا تفهماً أكثر لطبيعة هذه التفاعلات وكيفية التحكم فى نواتجها الضارة، فقد كانت اسرع كاميرا قبل اكتشاف زويل يمكنها تصوير التفاعل بسرعات لاتزيد على مليون صورة كل ثانية، ولكن اكتشف زويل أسلوباً يمكننا من مشاهدة التفاعلات التى تحدث بسرعة تساوى 1: 1000000 : 1000.000.000 أو بسرعة تساوى 1×10-15 (واحد على مليون على بليون فى الثانية) مستخدماً فى ذلك اشعة الليزر وهذه الوحدة أسماها زويل الفيمتو ثانية.
وعلى هذا الأساس فسوف يمكن مشاهدة التفاعلات الكيميائية داخل آلة الاحتراق الداخلى بمعدل سرعات قد تصل إلى ألف مليون صورة كل ثانية، كما سيمكننا بهذا الاكتشاف تصوير ما يحدث داخل التفاعلات الكيميائية على مستوى الذرات، ولم يعد العالم فى حاجة إلى اسرع من هذا المعدل فى التصوير فى الوقت الحالى. وفى مجال الطب فإن اكتشاف زويل سوف يفيد فى الكشف عن معدل سرعات التفاعلات التى تحدث داخل خلايا جسم الإنسان فى أزمنة متناهية فى الدقة مما يعتبر فتحاً علمياً جديداً سوف يغير من بعض النظريات فى مجال الطب والعلاج.
والخلية الحية عبارة عن نواة وسيتوبلازم وغشاء خلوى وآخر نووى، وتوجد بالخلية أجسام دقيقة جداً لا ترى إلا بالميكروسكوب الالكترونى، وهذه الأجزاء مثل “الميتوكوندريا” وهو الجهاز الدقيق الذى يتم به جميع التفاعلات الخاصة بانتاج الطاقة بالخلية،والشبكة الأندوبلازمية وتتم بها جميع التفاعلات المسئولة عن تكون البروتينات، ومنها الانزيمات وبروتينات التصدير خارج الخلية والبروتينات الخاصة بالخلية، كما توجد بالخلية مناطق لتخزين افرازاتها مثل جهاز جولجى، وجدار الخلية المسئول عن التبادل بين الخلية وخارجها، والنواة المسئولة عن الانقسام والجينات التى تحمل الكروموسومات وتنقل بواسطتها الصفات الوراثية وكل جزء من هذه الأجزاء به تفاعلات كيميائية ومعادلات أمكن رصد بعض التفاعلات البسيطة جداً منها والتى تأخذ وقتاً قصيراً، لكن التفاعلات السريعة جداً لم يكن هناك وسيلة متاحة لرصدها وقياسها مثل طريقة العالم المصرى الدكتور/ زويل التى تسمى الفيمتوثانية، لأنه بالتأكيد تحدث تفاعلات تمر دون أن نتمكن من ملاحظتها، وبالتالى تفيد فى معرفة فسيولوجية الخلية (وظائفها كاملة) وبالتالى تحديد التفاعلات الخاطئة والضارة والتى يمكن التحكم فيها بهذا الأسلوب مستقبلاً وتعديلها فى حالة التمكن من معرفة الأسباب، كما يفيد أسلوب التصوير الجديد فى كشف كثير من الأمراض غير معروفة السبب والتى قد تكون ناشئة عن تفاعلات غير طبيعية مثل الأمراض العقلية والنفسية وما يحدث من انفصام واكتئاب، وباختصار فإن العائد من اكتشاف زويل سيكون كبيراً وعظيماً فى المجالات الطبية والزراعية والصناعية وغيرها...
وإذا كان أحمد زويل ابن مصر البار قد حقق أول فوز لعالم عربى فى مجال الكيمياء بحصوله منفرداً على جائزة نوبل، حيث تصدر رقم الثمانية والثلاثون بعد المائة فى قائمة علماء العالم الفائزين بهذه الجائزة رفيعة المستوى والتى بدأت منذ عام 1901 فإن هذا يدل على أن هذا العالم الكبير ابن قرية منشية أخلافه التى تبعد عن دمنهور عاصمة محافظة البحيرة ثلاثة كيلو مترات لم ينس يوماً أنه ابن فلاح مصرى وينتمى إلى ريف مصر البسيط والمتواضع لأن ما حصل عليه من تعليم فى جامعة الاسكندرية فى كلية العلوم التى تخرج منها كان عاملاً مهماً أهله للمزيد من العلم التعليم فى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية فإن ابن النيل لم يغرق فى الأطلنطى كما فعل غيره ولم ينس عروبته يوماً ما ولم يتنكر لشعبه ولا لأهل بلده على الاطلاق وما زال وسيظل متمسكاً بقيم دينه الإسلامى الحنيف وليس أدل على ذلك الانتماء من اعلانه أنه فور الانتهاء من مراسم استلام جائزة نوبل سوف يتوجه مباشرة إلى بلده مصر كى يهديها هذا الفوز جزاءً وفاقاً لقاء ما قدمته له مصر منذ نعومة أظافره.
وفى استقراء سريع وبسيط حول جائزة نوبل فى مجال الكيمياء فإنها بدأت عام 1901 وفاز بها فى ذلك الوقت العالم "جاكوب هنرى فان هوف" وأن هذه الجازة تم حجبها خمس سنوات متفرقة على مدار تاريخ الجائزة، حيث تم تخصيص قيمتها إلى الصندوق المخصص لدعم تمويل الجائزة، كما أن هذه الجائزة فاز بها مناصفة عالمان فى ثمان عشرة دورة فى الوقت الذى فاز بها ثلاثة علماء فى الدورة الواحدة خمس مرات على مدى عمر الجائزة حيث كان يخصص النصف الأول للجائزة (أكثر من 900000 دولار) إلى أحد العلماء، بينما يخصص النصف الثانى لاثنين من العلماء.
ويذكر أن تكرار فوز أكثر من عالم بالجائزة حيث بلغ هذا المعدل حوالى ثلاثة وعشرون دورة من عمر الجائزة يشكل تميزاً للدكتور أحمد زويل الذى اضطلع بالجائزة دون أن يشاركه عالم آخر سوى فان هوف عام 1901 وأحمد زويل عام 1999م.
وهكذا يأبى القرن العشرين أن ينصرم دون أن ينال أحمد زويل أحد علماء مصر والعالم المبرزين جائزة نوبل 1999 فى الكيمياء ومن قبله نجيب محفوظ عام 1986 فى الأدب ومن قبلهما عام 1979 الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام، فسلام لك يامصر فى الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين.
الجهاز الذى استخدمه زويل فى متابعة حركة الجزئيات داخل المركبات الكيميائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق