بسم الله الرحمن الرحيم
ششش
التعليم/ التعلم عن بًعد
الدكتور / حسام محمد مازن
مقدمة :-
من المعروف أن التعليم العادي في مختلف مراحله يعتمد على المواجهة بين المعلم والمتعلم والتعامل مع المواد المستخدمة في موقف تعليمي معين في مكان معين هو المدرسة أو المعهد أو الجامعة ، أما التعليم عن بعد فهو موقف تعليمي تعلمي تحتل فيه وسائل الاتصال والتواصل المتوافرة كالمطبوعات وشبكات الهواتف النقالة والتلكس وأنظمة التلفاز والحاسوب الالكتروني وغيرها من الأجهزة السلكية واللاسلكية تلعب دوراً أساسيا في التغلب على مشكلة المسافات البعيدة التي تفصل بين المعلم والمتعلم بحيث تتيح فرصة التفاعل المشترك اى تسخير اكبر عدد ممكن من وسائل الاتصال التعليمية في التغلب على بعد المسافات ومواجهة المعلم والمتعلم وفرص التفاعل بينهما ([1])
التعلم عن بعد Distance learning / Instruction يمكن تعرف التعلم عن بعد إجزائياً " بأنه نظام تعليمي غير تقليدي أو غير نمطي يقدم هذه الخدمات التعليمية ( عن بعد ) وذلك لمن فاتهم قطار التعليم أو الراغبين في تحسين ورفع مؤهلاتهم التي سبق حصولهم عليها وهو لايشترط وجود المعلم والمتعلم في الموقع نفسه أو بصورة مباشرة وهو يتميز بوجود جداول دراسية منتظمة حديثة من أهمها وأوسعها انتشاراً حالياً استخدام الأقمار الصناعية ونظام الفيديو كونفرانس ، ونظام المراسلة بالبريد الالكتونى أو البريد المعتاد أو عبر المذياع أو التلفاز أو الحاسوب أو من خلال دائرة الفيديو التفاعلي وغيرها من الوسائط التكنولوجية الحديثة ([2] )
نشأة التعليم عن بعد :-
إن التعليم عن بعد وأساليبه قد سبق في الظهور فكرة التعليم المفتوح في العصر الحديث حيث ترجع بدايات التعليم عن بعد إلى التعليم بالمراسلة ، أقدم أشكال التعليم عن بعد الذي بدأت ارهاصاته منذ إنشاء المكاتب البريدية المنتظمة الأولى في بريطانيا عام 1840وكذلك معهد ( توسان ولانجشتين ) والذي تأسس في برلين عام 1856م والمتخصص في تعليم اللغات والذي يعد أول مؤسسة للتعليم عن بعد بالمراسلة بالمعنى الصحيح
وقد ذاع مصطلح التعليم المفتوح في العصر الحديث مع إنشاء الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة التي بدأ يعلن عنها باسم جامعة الهواء في عام 1963 م حيث كان مفهوماً عند عرض الفكرة أن الإذاعة والتلفيزيون سيكونات العنصرين الأساسين في ذلك النظام التعليمي اى أن هدف الجامعة تقديم محاضرات تليفزيونية وإذاعية ودروس بالمراسلة يتم تعزيزها بحاضرات تلقى في مراكز بالقرب من أماكن إقامة الطلاب ثم تغير هذا المسمى إلى الجامعة المفتوحة حيث كفل المرسوم الملكي بإنشاءها ، نظامها الاساسى كجامعة مستقلة وقد افتتحت يوم 23 يوليو 1969م ( [3] )
وقد ارتبط هذا النوع من التعليم بنشوء الجامعات المفتوحة في العالم ومن أشهرها جامعة يونيد في اسبانيا والتي تأسست عام 1972م
- جامعة افيال في باكستان والتي تأسست عام 1975م
- جامعة اتياركا في كندا والتي تأسست عام 1975م
جامعة كل إنسان في إسرائيل والتي تأسست عام 1975 م
بالإضافة إلى جامعات أخرى مفتوحة سابقاً في كلاً من استراليا والاتحاد السوفيتي ثم إفتتاح جامعة القدس المفتوحة في عمان / الأردن عام 1986م ( [4] )
الفرق بين التعليم المدرسي والمفتوح وعن بعد :-
إن التعليم عن بعد هو جزء أو فرع من التعليم المفتوح ولكنه ليس مرادفاً له وان اغلب التعليم العالي عن بعد ليس تعليم مفتوح وإن اكبر مؤسسات التعليم عن بعد موجودة من اجل زيادة عدد الأماكن الجامعية المخصصة والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر عاماً أو أربعة وعشرون عاماً وهو يضع شروط للقبول مماثلة للشروط التي يضعها التعليم العالي التقليدي .
ترى " نجوى جمال الدين " أن التعليم من بعد يركز عن كيفية الاتصال بالمتعلم أو الوصول إليه بينما يركز التعليم المفتوح على كيفية التعلم وأهدافه في ضوء خصائص المتعلم وظروفه الخاصة واعتبرت أن التعليم عن بعد نظام فرعي من التعليم المفتوح( [5] )
ويقول( د / على عثمان ) الفرق بين التعليم المدرسي والمفتوح :
" هو تنظيم توصيل المعلم والمعرفة إلى طالب ( بعيد) عن المؤسسة التعليمية ولاستطيع أن يتفرغ لطلب العلم كما يستطيع زميله في النظام المدرسي وهكذا أتاح نظام التعليم عن بعد مجال لتعليم شرائح متعددة في المجتمع وتعويضهم عما فاتهم من فرص التعلم والتعليم المدرسي والجامعي وذلك بزيادة مهاراتهم ورفع مستوى مؤهلاتهم العلمية وتحسين أدائهم المهني ويتطلب هذا النوع من التعليم الأخذ بالتكنولوجيا الحديثة – أجهزة ومواد ومعدات وأساليب للقضاء على مشكلة البعد بين المعلم والمتعلم ( [6] )
كيف يتم التعليم عن بعد :-
1- يتم تصميم المسافات الدراسية وإعدادها وتصميمها وإنتاجها سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو جميع هذه الوسائل معاً إنتاجاً مركزياً من قبل أعضاء الهيئة المشرفة عن برنامج التعليم عن بعد في ظل حاجات الفئات المستهدفة من هذه البرامج
2- يجب توزيع هذه المسافات وما يرافقها من برامج تعليمية في أوقات محددة لجميع الدارسين وتعريفهم بالبرامج التي تعتمد على أدوات الاتصال العامة كالإذاعة والتليفزيون وأوقات بث هذه البرامج .
3- تعرف الدراسين بممثلي المؤسسة التعليمية في مناطقهم وطرق الاتصال لهم وتوفير مكان ارتباط مع بعض الأجهزة والمواد التعليمية التي تشكل بعض برامج التعليم وذلك لتقديم الاستشارات وتوزيع البرامج والمواد التعليمية .
4- وضع نظام لتقويم تحصيل الطلبة ومتابعة وتقويم البرامج لتعديلها وتطويرها
5- الاستغلال الأمثل لوسائط النقل المتاحة والتركيز على العام منها كالإذاعة والتليفزيون .
6- الاستعانة بنظام الحقائب التعليمية في إعداد البرامج ودراستها حيث أن هذا الأسلوب من الأساليب المتطورة ذات المردود الفعل في التعليم الذاتي ومقابلة الفروق الفردية لدى الطلبة .
مجالات التعليم عن بعد
التعليم عن بعد من الأنظمة الحديثة التي فتحت مجال لشرائح متعددة من المجتمع وعلى عدة مستويات منها :-
اولاً التعليم الجامعي :- وقد عنيت به الجامعات المفتوحة في العلم واعدت له العديد من البرامج التي تعتمد على أدوات الاتصال وأنواعها وأشهر هذه الجامعات حالياً الجامعة البريطانية المفتوحة و قد أصبحت برامجها المسجلة تليفزيونياً في موقع الريادة من البرامج العلمية المشابهة في العالم .
هذا الواقع أدى إلى تعلم لا يقل عن مستوى التعليم النظامي من حيث الأثر و لمردود و من سماته أيضا توفير الحرية للدارسين و في اختيار الموضوع و المكان و نوع الدراسة و قد دلت الإحصاءات على إن هذا النوع من النظام أدى إلى تخفيض كلفة الدراسة و مواجهة المنافسة على المقاعد الدراسية في الجامعات و ذلك لأن سعته غير محدودة و غير مرتبطة بالمكان و الزمان و عدد القوى العاملة و تعتبر المسافات التعليمية و طرق توصيلها للمتعلم ، المحور الأساسي نجاح هذا النظام الأمر الذي يفرض متابعة هذه البرامج و مراقبة توصيلها ، عن طريق التقويم الدائم ن و التغذية الراجعة للرقي في مستوى هذه البرامج و للتغلب على طلبة هذا النظام .
وضع اختبارات مرحلية لقياس تقدم الطالب و أهليته لتعلم برامج جديدة و منحه الدرجة المناسبة بعد نجاحه في كل اختبار . ( [7] )
و منها فصول الدراسة الافتتاحية :- Virtual class room
تتفوق فصول الدراسة الافتراضية على فصول الدراسة التقليدية من عدة أوجه :
1. الانخفاض الكبير في التكلفة
2. تغطية عدد كبير من التلاميذ و الطلاب في مناطق جغرافية مختلفة و في توقيتات مختلفة .
3. إمكانية التوسع دون قيود .
4. السرعة العالية في التعامل و الاستجابة .
5. تقليل الأعباء على الإدارة التعليمية .
6. الكم الكبير في الأسس المعرفية المسخرة للقاعات الافتراضية من مكتبات و موسوعات و مراكز البحث على الشبكة .
7. فتح محاور عديدة في منتديات النقاش في حجرة الدراسة الافتراضية
8. عملية التعليم لم تعد محصورة في توقيت أو مكان محددين أو مضبوطة في دفتر صارم .
9. التفاعل المستمر و الاستجابة المستمرة و المتابعة المستمرة .
لا تحتاج إدارة الفصول الدراسية الافتراضية مهارات تقنية عالية مما يعفي المدرس من الأعباء الثقيلة من مراجعة و تصحيح و رصد درجات و التنظيم و يتيح له التفرغ لمهامه التعليمية المباشرة و تحسين الأداء و الارتقاء بمستوى و التعامل مع التقنيات الحديثة و النهل من المعارف و اكتساب المهارات و الخبرات ( [8] )
يتم حالياً تطوير تصميم قاعات الدراسة الافتراضية بحيث أصبحت مع التقدم المستمر في التقنيات التفاعلية متفوقة مع الفصول المبنية في أرقى المدارس و تشجع الطلاب على تجاوز مرحلة التلقي السلبي للمعلومات و التعلم بالمشاركة الفعالة و الاحتكاك بالتكنولوجيا و التماس مع زملاء في شتى بقاع الأرض .
الدراسة المنزلية :
تخلق شبكة الانترنت توجهاً تعليمياً جديداً بتعليم غير محدود بالزمان و المكان بعد أن اقتحمت شبكة الانترنت في البلدان المتقدمة المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحوث والتدريب وشركات التدريب والتواصل من خلال الشبكة يمثل كافة أشكال التواصل الورقية والصوتية والمرئية كما يتصف بميزة السرعة والسهولة والتفاعل بين الطالب والمدرس.
جامعة الانترنت :-
نقل الانترنت التعليم إلى المنازل بالدراسات والشهادات الجامعية التي أتاحها كخدمات تعليمية توفرها التكنولوجيا للدراسة المنزلية بهدف الحصول على شهادة جامعية ( بكالوريوس – ليسانس ) أو شهادة عليا ( ماجستير – دكتوراه ) لتحسين الأوضاع المادية والوظيفية أو الاستزادة من العلم
يقدم الإنترنت جامعات العلم عن بعد وتعتبر بديلا اقتصاديا يوفر التكلفة والانتقال وبالتالي يقدم الانترنت شكلا جديدا للتعليم يوفر الوقت والمال للتغلب على الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو عدم القدرة للتفرغ للتعليم ( [9] )
من مجالات التعليم عن بعد :-
تدريب العاملين إثناء الخدمة :
استخدام هذا النظام لتدريب العاملين وتأهيلهم في العديد من دول العالم وذلك لتطوير خبراتهم ورفع مستوى أدائهم وممارساتهم المهنية .
مثال لتدريب العاملين إثناء الخدمة :
ومن النماذج الرائدة في هذا المجال برنامج معهد التربية " اونروايونسكو" لتدريب العاملين ( المعلمين ) الفلسطينيين في جميع الدول المضيفة
1. يشرف على هذا البرنامج معهد التربية إشرافا مركزياً
2. يهدف البرنامج إلى تأهيل المعلمين ثناء الخدمة
3. مدة الدراسة سنتان بنجاح بعد انتهاء الدراسة الثانوية
4. يعتمد أسلوب التعليم على (الواجبات الدراسية) وهى أساليب في التربية وطرق التدريس وأساليب التعليم والوسائل التعليمية وجميع مواد المناهج .
- يتم توزيع هذه الواجبات بواسطة ممثل المركز في المنطقة
- يعطى المتدرب فرصة لدراسة هذه الواجبات وتطبيقها على موقع عمله ثم مجتمع ممثل المعهد لمناقشاتها من قبله أو بواسطة إنسان آخر ذوى كفاءة ومعرفة بمحتوى الواجب .
- يقوم ممثل المعهد بزيارات متعددة للمعلم في موقع عمله للتعرف على مردود دراسته لهذا الواجبات ومردودها في ممارسته .
5. تعقد دورات إنعاشية للمشاركين في هذا البرنامج بهدف المواجهة والتفاعل وتثبيت خبراتهم وإعدادهم للتقدم إلى الاختبارات الرسمية .
6. تعقد اختبارات موحدة لجميع المشاركين في هذا البرنامج لنقلهم إلى برامج أعلى في حال نجاحهم أو منحهم الشهادة في حال إنهاء البرنامج إلى اتخاذه كنموذج لتأهيل المعلمين إثناء الخدمة في غالبية دول العالم العربي .( [10] )
خاتمة
وأخيرا يمكن القول عن التعليم عن بعد Distance learning انه أسلوب من أساليب التعلم الذاتي ، أدى إلى تعزيز نظام التعليم المفتوح Open learning والتعليم المستمر ، وقد جاء كغيره من الاتجاهات الحديثة في التربية والتعليم التي عنيت بمواجهة الزيادة الهائلة في حجم المعارف الإنسانية والتطور العلمي ودخول التكنولوجيا مجالات الحياة كما انه أسلوب فعال في توفير فرص التعلم وإثراء الخبرات أمام العاملين الذين لا يستطيعون الانقطاع عن العمل والتفرغ للتعليم – أي الذين حرموا من التعليم النظامي ( [11] ) .
المراجع :
1. بشير عبدا لرحيم كلوب – التكنولوجية في عملية التعليم والتعلم ط 2 – عمان – دار الشرق للنشر والتوزيع.
2. حسام محمد مازن.
3. خالد مصطفى مالك – تكنولوجيا التعليم المفتوح – دار الكتاب المعاصر – القاهرة .
4. عبدالحميد بسيوني – التعلم والدراسة على الانترنت – القاهرة – دار الكتاب المعاصر .
5. ماجي الحلواني حسين – تكنولوجيا الإعلام في المجال التعليمي والتربوي.
[1] بشير عبدا لرحيم كلوب – التكنولوجية في عملية التعليم والتعلم –عمان – دار الشرق –ط 2 – ص291.
[2] حسام محمد مازن.
[3] خالد مصطفى مالك – تكنولوجيا التعليم المفتوح
[4] بشير عبدالرحيم الكلوب مرجع سابق – ص 293
[5] ماجي الحلواني حسين – تكنولوجيا الإعلام في المجال التعليمي والتربوي.
[6] بشير عبدالرحيم الكلوب – مرجع سابق ص 297 م
[7] بشير عبدالرحمن الكلوب ، مرجع سبق ذكره – ص 293- 295
[8] عبدالحميد بسيوني – التعلم والدراسة على الانترنت –دار الكتاب المعاصر –القاهرة- ص 114-115.
[9] عبدالحميد بسيوني – مرجع سابق – ص 64-66.
[10] بشير عبدا لرحيم كلوب- مرجع سبق ذكره – ص – 294 – 295 .
[11] بشير عبدا لرحيم كلوب- مرجع سبق ذكره – ص – 290.
ششش
التعليم/ التعلم عن بًعد
الدكتور / حسام محمد مازن
مقدمة :-
من المعروف أن التعليم العادي في مختلف مراحله يعتمد على المواجهة بين المعلم والمتعلم والتعامل مع المواد المستخدمة في موقف تعليمي معين في مكان معين هو المدرسة أو المعهد أو الجامعة ، أما التعليم عن بعد فهو موقف تعليمي تعلمي تحتل فيه وسائل الاتصال والتواصل المتوافرة كالمطبوعات وشبكات الهواتف النقالة والتلكس وأنظمة التلفاز والحاسوب الالكتروني وغيرها من الأجهزة السلكية واللاسلكية تلعب دوراً أساسيا في التغلب على مشكلة المسافات البعيدة التي تفصل بين المعلم والمتعلم بحيث تتيح فرصة التفاعل المشترك اى تسخير اكبر عدد ممكن من وسائل الاتصال التعليمية في التغلب على بعد المسافات ومواجهة المعلم والمتعلم وفرص التفاعل بينهما ([1])
التعلم عن بعد Distance learning / Instruction يمكن تعرف التعلم عن بعد إجزائياً " بأنه نظام تعليمي غير تقليدي أو غير نمطي يقدم هذه الخدمات التعليمية ( عن بعد ) وذلك لمن فاتهم قطار التعليم أو الراغبين في تحسين ورفع مؤهلاتهم التي سبق حصولهم عليها وهو لايشترط وجود المعلم والمتعلم في الموقع نفسه أو بصورة مباشرة وهو يتميز بوجود جداول دراسية منتظمة حديثة من أهمها وأوسعها انتشاراً حالياً استخدام الأقمار الصناعية ونظام الفيديو كونفرانس ، ونظام المراسلة بالبريد الالكتونى أو البريد المعتاد أو عبر المذياع أو التلفاز أو الحاسوب أو من خلال دائرة الفيديو التفاعلي وغيرها من الوسائط التكنولوجية الحديثة ([2] )
نشأة التعليم عن بعد :-
إن التعليم عن بعد وأساليبه قد سبق في الظهور فكرة التعليم المفتوح في العصر الحديث حيث ترجع بدايات التعليم عن بعد إلى التعليم بالمراسلة ، أقدم أشكال التعليم عن بعد الذي بدأت ارهاصاته منذ إنشاء المكاتب البريدية المنتظمة الأولى في بريطانيا عام 1840وكذلك معهد ( توسان ولانجشتين ) والذي تأسس في برلين عام 1856م والمتخصص في تعليم اللغات والذي يعد أول مؤسسة للتعليم عن بعد بالمراسلة بالمعنى الصحيح
وقد ذاع مصطلح التعليم المفتوح في العصر الحديث مع إنشاء الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة التي بدأ يعلن عنها باسم جامعة الهواء في عام 1963 م حيث كان مفهوماً عند عرض الفكرة أن الإذاعة والتلفيزيون سيكونات العنصرين الأساسين في ذلك النظام التعليمي اى أن هدف الجامعة تقديم محاضرات تليفزيونية وإذاعية ودروس بالمراسلة يتم تعزيزها بحاضرات تلقى في مراكز بالقرب من أماكن إقامة الطلاب ثم تغير هذا المسمى إلى الجامعة المفتوحة حيث كفل المرسوم الملكي بإنشاءها ، نظامها الاساسى كجامعة مستقلة وقد افتتحت يوم 23 يوليو 1969م ( [3] )
وقد ارتبط هذا النوع من التعليم بنشوء الجامعات المفتوحة في العالم ومن أشهرها جامعة يونيد في اسبانيا والتي تأسست عام 1972م
- جامعة افيال في باكستان والتي تأسست عام 1975م
- جامعة اتياركا في كندا والتي تأسست عام 1975م
جامعة كل إنسان في إسرائيل والتي تأسست عام 1975 م
بالإضافة إلى جامعات أخرى مفتوحة سابقاً في كلاً من استراليا والاتحاد السوفيتي ثم إفتتاح جامعة القدس المفتوحة في عمان / الأردن عام 1986م ( [4] )
الفرق بين التعليم المدرسي والمفتوح وعن بعد :-
إن التعليم عن بعد هو جزء أو فرع من التعليم المفتوح ولكنه ليس مرادفاً له وان اغلب التعليم العالي عن بعد ليس تعليم مفتوح وإن اكبر مؤسسات التعليم عن بعد موجودة من اجل زيادة عدد الأماكن الجامعية المخصصة والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر عاماً أو أربعة وعشرون عاماً وهو يضع شروط للقبول مماثلة للشروط التي يضعها التعليم العالي التقليدي .
ترى " نجوى جمال الدين " أن التعليم من بعد يركز عن كيفية الاتصال بالمتعلم أو الوصول إليه بينما يركز التعليم المفتوح على كيفية التعلم وأهدافه في ضوء خصائص المتعلم وظروفه الخاصة واعتبرت أن التعليم عن بعد نظام فرعي من التعليم المفتوح( [5] )
ويقول( د / على عثمان ) الفرق بين التعليم المدرسي والمفتوح :
" هو تنظيم توصيل المعلم والمعرفة إلى طالب ( بعيد) عن المؤسسة التعليمية ولاستطيع أن يتفرغ لطلب العلم كما يستطيع زميله في النظام المدرسي وهكذا أتاح نظام التعليم عن بعد مجال لتعليم شرائح متعددة في المجتمع وتعويضهم عما فاتهم من فرص التعلم والتعليم المدرسي والجامعي وذلك بزيادة مهاراتهم ورفع مستوى مؤهلاتهم العلمية وتحسين أدائهم المهني ويتطلب هذا النوع من التعليم الأخذ بالتكنولوجيا الحديثة – أجهزة ومواد ومعدات وأساليب للقضاء على مشكلة البعد بين المعلم والمتعلم ( [6] )
كيف يتم التعليم عن بعد :-
1- يتم تصميم المسافات الدراسية وإعدادها وتصميمها وإنتاجها سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو جميع هذه الوسائل معاً إنتاجاً مركزياً من قبل أعضاء الهيئة المشرفة عن برنامج التعليم عن بعد في ظل حاجات الفئات المستهدفة من هذه البرامج
2- يجب توزيع هذه المسافات وما يرافقها من برامج تعليمية في أوقات محددة لجميع الدارسين وتعريفهم بالبرامج التي تعتمد على أدوات الاتصال العامة كالإذاعة والتليفزيون وأوقات بث هذه البرامج .
3- تعرف الدراسين بممثلي المؤسسة التعليمية في مناطقهم وطرق الاتصال لهم وتوفير مكان ارتباط مع بعض الأجهزة والمواد التعليمية التي تشكل بعض برامج التعليم وذلك لتقديم الاستشارات وتوزيع البرامج والمواد التعليمية .
4- وضع نظام لتقويم تحصيل الطلبة ومتابعة وتقويم البرامج لتعديلها وتطويرها
5- الاستغلال الأمثل لوسائط النقل المتاحة والتركيز على العام منها كالإذاعة والتليفزيون .
6- الاستعانة بنظام الحقائب التعليمية في إعداد البرامج ودراستها حيث أن هذا الأسلوب من الأساليب المتطورة ذات المردود الفعل في التعليم الذاتي ومقابلة الفروق الفردية لدى الطلبة .
مجالات التعليم عن بعد
التعليم عن بعد من الأنظمة الحديثة التي فتحت مجال لشرائح متعددة من المجتمع وعلى عدة مستويات منها :-
اولاً التعليم الجامعي :- وقد عنيت به الجامعات المفتوحة في العلم واعدت له العديد من البرامج التي تعتمد على أدوات الاتصال وأنواعها وأشهر هذه الجامعات حالياً الجامعة البريطانية المفتوحة و قد أصبحت برامجها المسجلة تليفزيونياً في موقع الريادة من البرامج العلمية المشابهة في العالم .
هذا الواقع أدى إلى تعلم لا يقل عن مستوى التعليم النظامي من حيث الأثر و لمردود و من سماته أيضا توفير الحرية للدارسين و في اختيار الموضوع و المكان و نوع الدراسة و قد دلت الإحصاءات على إن هذا النوع من النظام أدى إلى تخفيض كلفة الدراسة و مواجهة المنافسة على المقاعد الدراسية في الجامعات و ذلك لأن سعته غير محدودة و غير مرتبطة بالمكان و الزمان و عدد القوى العاملة و تعتبر المسافات التعليمية و طرق توصيلها للمتعلم ، المحور الأساسي نجاح هذا النظام الأمر الذي يفرض متابعة هذه البرامج و مراقبة توصيلها ، عن طريق التقويم الدائم ن و التغذية الراجعة للرقي في مستوى هذه البرامج و للتغلب على طلبة هذا النظام .
وضع اختبارات مرحلية لقياس تقدم الطالب و أهليته لتعلم برامج جديدة و منحه الدرجة المناسبة بعد نجاحه في كل اختبار . ( [7] )
و منها فصول الدراسة الافتتاحية :- Virtual class room
تتفوق فصول الدراسة الافتراضية على فصول الدراسة التقليدية من عدة أوجه :
1. الانخفاض الكبير في التكلفة
2. تغطية عدد كبير من التلاميذ و الطلاب في مناطق جغرافية مختلفة و في توقيتات مختلفة .
3. إمكانية التوسع دون قيود .
4. السرعة العالية في التعامل و الاستجابة .
5. تقليل الأعباء على الإدارة التعليمية .
6. الكم الكبير في الأسس المعرفية المسخرة للقاعات الافتراضية من مكتبات و موسوعات و مراكز البحث على الشبكة .
7. فتح محاور عديدة في منتديات النقاش في حجرة الدراسة الافتراضية
8. عملية التعليم لم تعد محصورة في توقيت أو مكان محددين أو مضبوطة في دفتر صارم .
9. التفاعل المستمر و الاستجابة المستمرة و المتابعة المستمرة .
لا تحتاج إدارة الفصول الدراسية الافتراضية مهارات تقنية عالية مما يعفي المدرس من الأعباء الثقيلة من مراجعة و تصحيح و رصد درجات و التنظيم و يتيح له التفرغ لمهامه التعليمية المباشرة و تحسين الأداء و الارتقاء بمستوى و التعامل مع التقنيات الحديثة و النهل من المعارف و اكتساب المهارات و الخبرات ( [8] )
يتم حالياً تطوير تصميم قاعات الدراسة الافتراضية بحيث أصبحت مع التقدم المستمر في التقنيات التفاعلية متفوقة مع الفصول المبنية في أرقى المدارس و تشجع الطلاب على تجاوز مرحلة التلقي السلبي للمعلومات و التعلم بالمشاركة الفعالة و الاحتكاك بالتكنولوجيا و التماس مع زملاء في شتى بقاع الأرض .
الدراسة المنزلية :
تخلق شبكة الانترنت توجهاً تعليمياً جديداً بتعليم غير محدود بالزمان و المكان بعد أن اقتحمت شبكة الانترنت في البلدان المتقدمة المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحوث والتدريب وشركات التدريب والتواصل من خلال الشبكة يمثل كافة أشكال التواصل الورقية والصوتية والمرئية كما يتصف بميزة السرعة والسهولة والتفاعل بين الطالب والمدرس.
جامعة الانترنت :-
نقل الانترنت التعليم إلى المنازل بالدراسات والشهادات الجامعية التي أتاحها كخدمات تعليمية توفرها التكنولوجيا للدراسة المنزلية بهدف الحصول على شهادة جامعية ( بكالوريوس – ليسانس ) أو شهادة عليا ( ماجستير – دكتوراه ) لتحسين الأوضاع المادية والوظيفية أو الاستزادة من العلم
يقدم الإنترنت جامعات العلم عن بعد وتعتبر بديلا اقتصاديا يوفر التكلفة والانتقال وبالتالي يقدم الانترنت شكلا جديدا للتعليم يوفر الوقت والمال للتغلب على الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو عدم القدرة للتفرغ للتعليم ( [9] )
من مجالات التعليم عن بعد :-
تدريب العاملين إثناء الخدمة :
استخدام هذا النظام لتدريب العاملين وتأهيلهم في العديد من دول العالم وذلك لتطوير خبراتهم ورفع مستوى أدائهم وممارساتهم المهنية .
مثال لتدريب العاملين إثناء الخدمة :
ومن النماذج الرائدة في هذا المجال برنامج معهد التربية " اونروايونسكو" لتدريب العاملين ( المعلمين ) الفلسطينيين في جميع الدول المضيفة
1. يشرف على هذا البرنامج معهد التربية إشرافا مركزياً
2. يهدف البرنامج إلى تأهيل المعلمين ثناء الخدمة
3. مدة الدراسة سنتان بنجاح بعد انتهاء الدراسة الثانوية
4. يعتمد أسلوب التعليم على (الواجبات الدراسية) وهى أساليب في التربية وطرق التدريس وأساليب التعليم والوسائل التعليمية وجميع مواد المناهج .
- يتم توزيع هذه الواجبات بواسطة ممثل المركز في المنطقة
- يعطى المتدرب فرصة لدراسة هذه الواجبات وتطبيقها على موقع عمله ثم مجتمع ممثل المعهد لمناقشاتها من قبله أو بواسطة إنسان آخر ذوى كفاءة ومعرفة بمحتوى الواجب .
- يقوم ممثل المعهد بزيارات متعددة للمعلم في موقع عمله للتعرف على مردود دراسته لهذا الواجبات ومردودها في ممارسته .
5. تعقد دورات إنعاشية للمشاركين في هذا البرنامج بهدف المواجهة والتفاعل وتثبيت خبراتهم وإعدادهم للتقدم إلى الاختبارات الرسمية .
6. تعقد اختبارات موحدة لجميع المشاركين في هذا البرنامج لنقلهم إلى برامج أعلى في حال نجاحهم أو منحهم الشهادة في حال إنهاء البرنامج إلى اتخاذه كنموذج لتأهيل المعلمين إثناء الخدمة في غالبية دول العالم العربي .( [10] )
خاتمة
وأخيرا يمكن القول عن التعليم عن بعد Distance learning انه أسلوب من أساليب التعلم الذاتي ، أدى إلى تعزيز نظام التعليم المفتوح Open learning والتعليم المستمر ، وقد جاء كغيره من الاتجاهات الحديثة في التربية والتعليم التي عنيت بمواجهة الزيادة الهائلة في حجم المعارف الإنسانية والتطور العلمي ودخول التكنولوجيا مجالات الحياة كما انه أسلوب فعال في توفير فرص التعلم وإثراء الخبرات أمام العاملين الذين لا يستطيعون الانقطاع عن العمل والتفرغ للتعليم – أي الذين حرموا من التعليم النظامي ( [11] ) .
المراجع :
1. بشير عبدا لرحيم كلوب – التكنولوجية في عملية التعليم والتعلم ط 2 – عمان – دار الشرق للنشر والتوزيع.
2. حسام محمد مازن.
3. خالد مصطفى مالك – تكنولوجيا التعليم المفتوح – دار الكتاب المعاصر – القاهرة .
4. عبدالحميد بسيوني – التعلم والدراسة على الانترنت – القاهرة – دار الكتاب المعاصر .
5. ماجي الحلواني حسين – تكنولوجيا الإعلام في المجال التعليمي والتربوي.
[1] بشير عبدا لرحيم كلوب – التكنولوجية في عملية التعليم والتعلم –عمان – دار الشرق –ط 2 – ص291.
[2] حسام محمد مازن.
[3] خالد مصطفى مالك – تكنولوجيا التعليم المفتوح
[4] بشير عبدالرحيم الكلوب مرجع سابق – ص 293
[5] ماجي الحلواني حسين – تكنولوجيا الإعلام في المجال التعليمي والتربوي.
[6] بشير عبدالرحيم الكلوب – مرجع سابق ص 297 م
[7] بشير عبدالرحمن الكلوب ، مرجع سبق ذكره – ص 293- 295
[8] عبدالحميد بسيوني – التعلم والدراسة على الانترنت –دار الكتاب المعاصر –القاهرة- ص 114-115.
[9] عبدالحميد بسيوني – مرجع سابق – ص 64-66.
[10] بشير عبدا لرحيم كلوب- مرجع سبق ذكره – ص – 294 – 295 .
[11] بشير عبدا لرحيم كلوب- مرجع سبق ذكره – ص – 290.
المشاركات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق