hosam mazen
البنائية المعرفية
Cognitive Constructivism
مقدمة: ش
شهد البحث التربوي خلال العقدين الأخيرين تحولات رئيسية في النظر للعملية التعليمية من قبل الباحثين، وتضمن ذلك التحول من إثارة التساؤل حول العوامل الخارجية المؤثرة على التعلم مثل متغيرات المعلم كشخصيته ، ووضوح تعابيره ، وحماسته، وطريقة ثنائه، إلى إثارة التساؤل حول ما يجرى يداخل عقل المتعلم مثل معرفته السابقة، وفهمه الساذج، وقدرته على التذكر، وقدرته على معالجة المعلومات، ودافعيته وانتباهه، وأنماط تفكيره، وكل ما يجعل التعلم لديه ذا معنى، وقد أسهم الباحثون بمساهمات كبيرة وواضحة في هذا المجال، وظهر ذلك من خلال تركيزهم على كيفية تشكيل هذه المعاني للمفاهيم العلمية عند المتعلم، ودور الفهم السابق في تشكيل هذه المعاني، واستند الباحثون في هذا التوجه إلى مدرسة فلسفية تسمى بالنظرية البنائية Constructivism Theory (خليل الخليلي،1996، ص 255)0
النظرية البنائية : Constructivism Theory
يمكن القول بأن النظرية البنائية هي فلسفة تربوية تقول بأن المتعلم يقوم بتكوين معارفه الخاصة التي يخزنها بداخله فلكل شخص معارفه الخاصة التي يمتلكها، وأن المتعلم يكّون معرفته بنفسه إما بشكل فردى أو مجتمعي بناء على معارفه الحالية وخبراته السابقة، حيث يقوم المتعلم بانتقاء وتحويل المعلومات وتكوين الفرضيات واتخاذ القرارات معتمداً على البنية المفاهيمية التي تمكنه من القيام بذلك0
كما يمكن القول أن البنائية هي نظرية تعلم وليست أسلوب تدريس أو توجيه. يمكن أن يدرّس المدرسون بطرق تعرف "بالبنائية" عندما يكونوا مدركين لها ويدرسون بطريقة تتوافق مع كيفية تعلم الطلاب. تستلزم طرق التدريس المتوافقة مع كيفية التعلم إستراتيجيات مختلفة عن تلك التي تتبع غالباً في الفصول الدراسية. والطريقة الوحيدة لكي يتعلم المدرسون كيفية التدريس بالطريقة البنائية هي أن يتعلموا بالطريقة البنائية.
وتهتم ا لنظرية البنائية بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم أي ما يجري داخل عقل المتعلم عندما يتعرض للمواقف التعليمية كمعرفته السابقة ومدي تقبله للتعلم ومدي دافعيته وقدرته علي معالجة المعلومات وبالتالي يكون دور المعلم تهيئة بيئة التعلم لتجعل المتعلم يبني معرفته بنفسه0(مني عبد الصبور شهاب ، 2004 ، ص ص96- 98)0
نشأة البنائية المعرفية
لكي نتعرف علي نشأة البنائية يجب معرفة الفترة التي انبتثقت فيها البنائية فقد تباينت نظريتان تهتمان بالعملية التعليمية وهما نظرية التعلم ونظرية التعليم وكل نظرية منهما أخذت منحي مختلف فيري (حسن سلامة ، 1995 ، ص15، حسن سلامة ، 2003 ، ص ص5-6 ) أن نظريات التعليم تهتم بالطريقة التي يؤثر بها التعلم في طريقة تعلم أشخاص آخرين ، أي بما يفعله المعلم داخل حجرات الدراسة، وبالتالي فهي توصيفية أي تهتم بالطريقة التي تساعد علي إحداث الحدث بأفضل طريقة ممكنة ، بينما تهتم نظريات التعلم بطريقة تعلم الكائن الحي وما يفعله المتعلم ، وبالتالي فهي وصفية أي تهتم بوصف الحدث كما يحدث 0
وفي ظل تلك الفروق بين نظريات التعلم ونظريات التعليم يتضح عدم كفاية أي من الاتجاهين بمفرده في تحقيق التعليم والتعلم الأفضل ، لذا ظهر اتجاه ثالث يربط بين الاتجاهين ٌعرف بنظريات التدريس
حيث ينظر (إسماعيل محمد الأمين ،1995 ، ص64) لنظريات التدريس علي أنها حالة خاصة من نظريات التعلم ولذلك فهي تعتمد اعتمادا كبيراُ عليها إلا أن نظريات التدريس تعتبر أسلوب المدرسين هو العامل الأساسي في تعلم التلميذ وليس العامل الوحيد ، كما تقوم نظرية التدريس بوصف الطرق التي يؤثر فيها سلوك المدرسين علي تعلم الطلاب والتنبؤ بها وضبطها0
ومن نظريات التدريس نظريتان هامتان هما النظرية البنائية والنظرية السلوكية وكلاهما له تطبيقات في التربية فالنظرية البنائية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم أي ما يجري داخل عقل المتعلم عندما يتعرض للمواقف التعليمية كمعرفته السابقة ومدي تقبله للتعلم ومدي دافعيته وقدرته علي معالجة المعلومات وبالتالي يكون دور المعلم تهيئة بيئة التعلم لتجعل المتعلم يبني معرفته بنفسه0(مني عبد الصبور شهاب ، 2004 ، ص ص96- 98)0
ويؤكد هذا (عبد الرحمن السعدي، ثناء السيدعودة ،2006 ، ص115) بقوله أن النظرية البنائية من أحدث الاتجاهات في تدريس العلوم نتيجة التحول الكبير في البحث التربوي خلال العقود الثلاثة الماضية ، فقد تحول التركيز من العوامل الخارجية التي تؤثر علي المتعلم مثل متغيرات المعلم والمدرسة والمنهج والأقران وغيرها من العوامل ، إلي التركيز علي العوامل التي تؤثر داخلياً علي هذا التعلم 0 أي التركيز علي ما يحدث داخل عقل المتعلم حينما يتعرض للمواقف التعليمية المختلفة كمعرفته السابقة وفهمه السابق للمفاهيم وقدرته علي التذكر وقدرته علي معالجة المعلومات ودافعيته للتعلم ، وأنماط تفكيره وكل ما يجعل التعلم ذا معني0
ويري أصحاب النظرية البنائية أن المعلومات المتوفرة في المصادر المختلفة تشبه المواد الخام ، لا يستفيد منها المتعلم إلا بعد قيامه بعمليات معالجة لها ، مثل الطعام غي المهضوم ، والطعام المهضوم الذي يتفيد منه الإنسان فبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ بالتفكير فيها ويصنفها في عقله ، ويبوبها ويربط طها مع مشابهاتها إن وجدت وهكذا إلي أن يصبح ما تعلمه ذا معني ومغزي وفي هذه اللحظة يكون الطالب تعلم شيئاً ، وأصبح قادراً علي استخدام ما تعلمه في حياته أو توليد معرفة جديدة ، وهكذا يتحول الطلاب والافراد من مستهلكين للمعلومات إلي منتجين لها(طه علي أحمد علي ، 2005، ص19) 0
البنائية نظرية في المعرفة Theory of Knowledge
كيف يأتي لنا أن نعرف ما نعرفه ؟ وما المعرفة ؟ وما الحقيقة ؟ هذه الاسئلة المهمة ليست فقط لعلماء المعرفة أو الفلاسفة الذين يدرسون نظرية المعرفة ، لكن كذلك للذين يهتمون بالعلوم واللغة والقيم وعلم النفس التعليمي0 هل ما نشاهده من معرفة مطلقة تكون منفصلة عن الفرد أو مطابقة للحقيقة ؟ أو ما نشاهده من معرفة هو جزء من تكوين الفرد وليست خبراته وتجاربه مع البيئة ، هذه الأسئلة ومشابهها يتناول مفهوم البنائية كنظرية معرفية (منال احمد محمدين منصور،2007، ص19)
وكان جان بياجيه شديد الاهتمام بمبحث المعرفة ، وكانت تشغل ذهنه في تلك الأثناء تساؤلات كثيرة مؤداها: ما معنى المعرفة ؟ وكيف يكتسب الإنسان المعرفة ؟ وهل يكتسبها عن طريق حواسه أم عن طريق عقله؟ وكيف تنمو معرفة الطفل عن العالم المحيط ؟ ، كانت تلك الأسئلة وغيرها بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها طاقة بحثه محاولا الإجابة عنها0وربما كان السؤال الذي يدور حول كيفية اكتساب الإنسان للمعرفة ، وكيفية نموها لديه بمثابة المحور الأساسي لذلك البحث ورأي بياجيه أنه للإجابة علي هذا السؤال يجب تتبع النمو المعرفي للأطفال منذ ميلادهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص 82)0
وعليه يجب التعرف علي مفهوم المعرفة عن التربويين والفلاسفة ، وما هي أدواتها
معني المعرفة :
إن مفهوم المعرفة ٍ لم يستقر بعد علي معني محدد فالأدبيات الفلسفية التي عُنيت بتناول المعرفة عبر فترة من الزمن تصل لنحو 2500 عام ٍكثيرة جداً ،ومن هؤلاء الفلاسفة والإبستمولوجيون من ذوي المذاهب المختلفة مثل أرسطو وأفلاطون وديكارت ، فجميعهم لم يتفقوا علي تعريف محدد للمعرفة فكل منهم قدم تصوراً مغايراً بعض الشئ ومن التعريفات العديدة للمعرفة : أن المعرفة هي الخبرة 0حيث تمثل البيئة التي يعيش الإنسان فيها جملة من الخبرات وقد رمز البعض للعلاقة بين الإنسان وبيئته بأنها عبارة عن مثير واستجابة (إرنست، 1999)0
بينما يري (حسنين الكامل،2002) أنه من الافضل التحدث عن ظروف المعرفة لا عن مصادرها ، لأن الإنسان له اهتماماته ورغباته ، ونتيجة تفاعله مع العالم المحيط تتيح الخبرة ، لذلك ينبغي ألا تنعزل عملية المعرفة عن الحياة والتفاعل معها عن الحياة والتفاعل معها فى مواقف تعليمية حيوية0
ويؤكد هذا (Krollk,2004) بقوله إن المعرفة هي نموذج للحقيقة Model وليست الحقيقة ذاتها ولذلك يجب علي المعرفة أن تمثل عالماً حقيقاً، ويري أن المعرفة تنظيم عام يمكن تكوينه من خلال خبراتنا وتفاعلاتنا مع الواقع والبيئة الاجتماعية التي نحياها0
عناصر المعرفة
علي الرغم من عدم اتفاق الكثير من علماء النفس والفلاسفة علي تعريف محدد للمعرفة لكنهم اتفقوا نوعا ما علي أمر واحد يخص المعرفة وهو "عناصر المعرفة " وهي العناصر الواجبة لحدوث المعرفة والتي تتمثل في (حسن حسين زيتون ،كمال زيتون ،2003، ص21) ( حسن زيتون ،كمال زيتون ،1992، ص6 ) هي :
1) الذات العارفة أوالشخص Epistemic Subject وهو الشخص الذي يسعي لإكتساب المعرفة0
2) موضوع المعرفة Epistemic object هو الموضوع الذي تسعي لإكتسابه0
3) العلاقة بين الذات العارفة وموضوع المعرفة Epistemic relation 0
واختلف الفلاسفة كلاً حسب مذهبه في العلاقة بين موضوع المعرفة وصلته بالذات العارفة
فأصحاب المذهب الواقعي يرون أن موضوع المعرفة وجوداً مستقلاً عن الذات التي تدركها ، وأن المعرفة صورة مطابقة لحقائق الأشياء في العالم الخارجي ، فالعالم الخارجي كما هو مدرك في عقولنا ليس إلا صورة للعالم الموجود في الواقع0
أما أصحاب المذهب الواقعي النقدي فالمعرفة عندهم إدراك صورة معدلة بفعل العقل الذي يمكن أن يتجاوز الجزئيات الي الكليات ، فالواقعية تبحث في إمكان معرفة الإنسان للموضوعات الخارجية وتحديد الشروط العلمية اهذه المعرفية0
أما المثاليون فينقسمون الس ثلاث فئات :
(1) فالمثالية عند "أفلاطون" تري أن العقل المدرك يلتزم بموضوع الإدراك ولا يؤثر فيه ، بل إن الموضوع هو الذي يؤثر في عقل المدرك 0
(2) المثالية عند "باركي" فتري أن الوجود يرجع إلي الإدراك فوجود الأشياء معناه أننا ندركها ، فلا وجود لغير المدرك فالوجود سابق للادراك0
(3) المثالية عن "كانت" تميز بين الظواهر الاولية السابقة علي كل تجربة والظواهر التي تكتسب بالتجربة ن ووظيفة العقل هنا أن يكشف لنا عما يجئ من الخارج وما يضيفه الفكر من معاني تجعل التجربة ممكنة0
وعليه فإن المعرفة بالنسبة للبنائية في مفهومها هي الموضوع المعرفي الذي يبحث عنه الطالب
أدوات المعرفة :
هي الأدوات التي تعرف بها الذات العارفة الموضوع المعرفي ، وتتعدد طرق الوصول إلي المعرفة وتتنوع وتسمي أدوات المعرفة ، ومن أهم أدوات المعرفة :
1- أخبار الغير : ويشمل كل ما تقرأه من أخبار في الكتب والمجلات والصحف ومعلومات ، وما نسمعه من الآخرين مباشرة أو عن طريق أدوات الاتصال الحديثة كالإذاعة والتليفزيون وغيرها (كمال زيتون ،2002) 0
2- الحواس والعقل معاً: فالشخص العارف يري أو يلمس أو يحس بالموقف المشكل أو الموضوع المعرفي من خلال حواسه ، ويتنبأ ويصل إلي المعرفة الجديدة من خلال إعمال العقل ، فعملية المعرفة لا تتم علي مرحلتين منفصلتين ، إنما دور الحس ودور العقل فيها متداخلان ومتشابكان ويكمل أحدهما الآخر ، فبدون العقل لا تتم المعرفة وبدون الحواس لا يجد العقل ما يشتغل به، وبذلك يتأكد لنا أنه لا معرفة بدون عقل ولا فكر بدون خبرة حسية (حسن زيتون ،كمال زيتون ،2003، ص23) (حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص10)0
أماكن المعرفة وحدودها وصحتها :
محور هذه القضية الأساسي هو مشكلة المعرفة بين الشك واليقين ، وهي ما قد تسمي بمشكلة الحقيقة Truth وعلى نحو مبسط فإن هذه القضية تختص بمسألة وهي : إلي أي مدي تتطابق معرفتنا عن موضوع معين (موضوع المعرفة) مع حقيقة الشئ المطلق ؟ )حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص8-9( 0
وتختلف الآراء حول هذه المسألة ، فنجد أصحاب مذهب اليقين (المذهب العقلي، المذهب التجريبي ، المذهب النقدي) علي تنوعهم يرون أن كل معرفة سواء أكانت عقلية أم حسية هي صادقة علي الإطلاق ، وليس هناك ما يدعو الي اختبار صحتها0Susan hanley,2001) ( 0
أما أصحاب مذهب الشك علي تنوع فرقهم فيقفون موقفاً معارضاً من أصحاب مذهب اليقين فإنهم ينكرون اليقين المطلق ، ولا يعتقدون بموضوعية المعرفة ، إذ أنههم يجعلون الفرد مقياساً للمعرفة فإذا كنا نشك في المعرفة فإنه ليس بهدف الشك أو الهدم وإنما الشك بهدف الحذر واليقظة وعدم القبول الأعمي0وذلك بهدف الوصول إلي اليقين)حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص8-9 . (
ومن ذلك يتضح أن البنائيين علي اختلاف مذاهبهم ينكرون مبدأ صدق المعرفة أو الحقيقة الموضوعية المطلقة ، ومن ثم فالبنائيون يتفقون مع الذين يرون إمكانية قيام معرفة صحيحة ويقينية وذلك لسلامة الوسيلة التي يستخدمها الفرد في تحصيل هذه المعرفة وهي الحواس والعقل 0
موقف البنائية بالنسبة إلي أنواع المعرفة :
تنقسم المعرفة بالنسبة لدي البنائيين إلي أنواع عديدة)حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص37-39 (:
1-المعرفة الكامنة Knowledge Inert وهي المعرفة المستقرة في العقل والتي لا تظهر إلا إذا تم استدعائها بصورة مباشرة عن طريق سؤال مثل المفردات السلبية أي التي يعرفها الفرد ولكنه لا يستخدمها في الحياة اليومية بصورة منتظمة0
2-المعرفة الروتينية Knowledge Ritual وهي المعرفة التي نستخدمها بصورة روتينية دون أن ندرك معني واضحاً لها مثل الأسماء والتواريخ والقواعد الروتينية في العلوم والرياضيات0
3- المعرفة الأجنبية Foreign Knowledge وهي المعرفة التي تأتي إلينا من منظور يتعارض مع منظورنا الخاص ، مثل ما يحدث في التاريخ حيث ينظر المتعلمون للأحداث التاريخية من منظور المعرفة الحالية وليس من منظور المعرفة السابقة0
بينما يري بياجيه أن المعرفة تنقسم لنوعين (كمال زيتون،2002، ص168)هما :
1-المعرفة الشكلية وتهتم بمعرفة المثيرات0
2-المعرفية الإجرائية وهي التي تصدر من المحاكاة العقلية وتهتم بالكيفية التي تتغير عليها الأشياء0
الجذور المعرفية للبنائية :
أولا :عند المسلمين
علي الرغم من أن البنائية تعد نظرية فلسفية حديثة في التعلم المعرفي إلا أن لها جذوراً تاريخية عميقة 0 فيذكر (عبد الرحمن الزبيدي ،1992، ص499) ( ذكي عدل الدين، عاطف العراقي، 1994 ، ص77) أن الإسلام جعل الادراكات الحسية أساسا تقوم عليه المعارف ولكن الحواس فقط لا تحقق بمفردها المعرفة المطلوبة لأن هذه مهمة العقل من خلال مبادئه الفطرية ، واعتماد الإنسان علي الحواس فقط في الوصول للمعرفة جعله عَرضة لخداعها ولولا كفاية العقل ورجاحته لالتبس في عقول العلماء والناس معتقدات فاسدة عن الخالق0
بينما اهتم البعض الآخر بطبيعة المعرفة وتقسيماتها فمنهم من قسمها إلي توفيقية ومكتسبة ، ومنهم من قسمها إلي معرفة نقلية ومعرفة حسية ومعرفة تقليدية ،ومنهم من قسمها إلي معرفة لدنية كما في قوله تعالي (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) آية 99من سورة طه، ومعرفة وثقي التي تصدر عن كبار العلماء والمختصين كالفتاوى ، والمعرفة العقلية التي تصدر عن طريف العقل والتأمل الفكري، والمعرفة الحسية التي تأتي عن طريق الحواس ولا يمكن الاعتماد علي نمط واحد من هذه الأنماط في اكتساب المعرفة وإنما الاعتماد عليها كلها0
ثانياً :عند فلاسفة الغرب
للنظرية البنائية جذور تاريخية قديمة تمتد إلي عهد سقراط ، لكنها تبلورت إلي صيغتها الحالية علي ضوء نظريات وأفكار كثير من المنظرين أمثال أزوبل ، وبياجيه وكيلي ، وغيرهم 0
وهناك العديد من الفلاسفة الذين تناولوا جذور البنائية :-
1- فتحدث الفيلسوف الإيطالي جيامبتسا فيكو Giambattisa Vico عام1710م تقريبا عن عملية البناء المعرفي في أطروحته ، وأقترض أن عقل الإنسان يبني المعرفة وأنه لا يعرف إلا ما يبنيه بنفسه 0
2- أصحاب المذهب الشكاك أمثال أكسانوفا وديكارت Dekart اللذان شككا في كفاية الحواس وكفاءة العقل في بلوغ اليقين إزاء طبيعة الأشياء 0
3- أصحاب المذهب النقدي من أمثال كانت kant اللذين ذكروا أن العقل ينشىء المعرفة وفقا لتصوره ومقولاته إلا أن هذه الصور والمقولات التي تنطبق على عالم التجربة لا تنطبق علي عالم الشيء بذاته 0
4- أصحاب مذهب الدارونية ومنهم بيير موري P.Moreau ، وايلير E Hilaire ، وروبرت تشمبرز R Chambers ، وتشارلز لييل C Lyell وتشارلز دارون Charles Darwin إذ أوضحوا أن فكرة الموائمة بين الكائن الحي، والبيئة تمثل أساسا للتكيف 0
5- أصحاب المذهب البراجماتي من أمثال وليم جيمس William James وجورج ساميل George Simmel وجون ديوي John Dewey's والذين أشاروا إلي أن المعرفة آلة وظيفية في خدمة مطالب الحياة0
6- صاحب نظرية الابستمولوجيا الارتقائية جان بياجيه Jean Piaget والذي قدم نظريته عن النمو المعرفي عند الأطفال وكيفية اكتساب المعرفة لديهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص27- 30)0
مما سبق نخلص إلي أن فلاسفة الغرب أيضاً شككوا في كفاية الحواس للوصول للمعرفة ، وأكدوا علي أهمية التفاعل بين العقل والحواس للوصول الصحيح إلي المعرفة وهذا هو الأساس الذي قامت عليه النظرية البنائية0
وتعد نتائج البحوث التي أجراها جان بياجيه في نمو المعرفة وتطورها عند الإنسان بمثابة الأساس للفلسفة البنائية بمفهومها الحديث، فقد وضع بياجيه نظرية متكاملة ومنفردة حول النمو المعرفي لدي الاطفال0(محمد عبد الله عبيد ، 2007، ص433)0
كما أن بياجيه لم يقتصر علي وصف التعلم بل وصف عملية تراكم المعرفة في ذهن المتعلم عند تشكيل البني المعرفية لديه ، ويؤكد ذلك (خليل الخليلي ، 1996 ص 58) بقوله إن نتائج تحليل الدراسات التي جاءت تحت مظلة الفلسفة البنائية انتهت إلي أن بياجيه كان قد سبق له التوصل إلي ما توصلت إليه البحوث المعاصرة حول نمو المفاهيم العلمية وتطورها عند المتعلمين وبهذا تكون بحوث بياجيه هي التي وضعت الأساس للفلسفة البنائية0
الملامح الابستمولوجية للبنائية (ملامح المعرفة من وجهة النظر البنائية) :
فيما يلي مجموعة من الخطوط العامة التي قد تعبر عن الملامح المعرفية للبنائية (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص30-31) (حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص28-29) :-
1- البنائية عبارة عن رؤية معرفية تري أن الواقع يدرك بواسطة الذات العارفة0
2- نشاط المتعلم (الذات العارفة) يُعد أمراً جوهرياً لبناء المعرفة ، حني أن بعض منظروا البنائية اعتبروا أن نشاط المتعلم والمعرفة شيئاً واحداً0
3- إن معيار الحكم علي المعرفة لدي البنائيين ليس في كونها مطابقة للواقع ولكنها في كونها عملية ، بمعني أنها تعمل علي تسيير أمور الفرد وحل المشكلات المعرفية ، فهي وسيلة لحل المشكلات0
4- إن المعرفة لا توجد مستقلة عن الذات العارفة بل ترتبط بها وتلازمها0
وتضيف (منال احمد محمدين منصور، 2007 ، ص24) علي ذلك
5- يبني الفرد معرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخـرين ومع البيئة المحيطة0
ويتفق هذا مع ما ذهب إليه "فيوجوتسكي"في أن العمليات العقلية يمكن أن تنمو من خلال عمليات
التفاوض الاجتماعي (Woolfolk,Anita.E,1995,P82)0
ويضيف كاننجهام (Cunningham,1991,p15) أن دور المعلم هو تعليم المتعلمين كيفية بناء
المعرفة وأن يعزز لديهم التعاون مع الآخرين لكي ينسبوا تعدد الرؤى المختلفة تجاه أي مشكلة مطروحة0
الافتراضات المعرفية للبنائية:
اتفق منظروا ومؤيدوا البنائية أمثال (Vygotsky,1983)، (V.Glasserfeld,1989) (Wheatly,1991, pp 9-18) ، (Perkins,1991,pp19-21)، (Cunningham,1991)
(Jonassen,1992)(Spiro,1991) (Merrill,1991)، (Saunder,1992,pp139-140) (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 1992، ص ص 18-22) ، ( حسام مازن ، 1993، ص ص 45-49) ( Appleton,1997,pp303-318) ، (مني سعودي،1998، ص ص780-783) ،( محمد ربيع حسني ، 2000 ، ص ص9-13)، (خليل رضوان خليل ، عبد الرازق سويلم ،2001 ، ص ص112-113)، ( عفت مصطفي الطناوي ،2002، ص ص11-12)، (أمين فاروق فهمي ،2002، ص22)، (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص32-45) علي أن البنائية تقوم علي افتراضين أساسين هما:- أولهما : يختص باكتساب المعرفة وثانيهما : يختص بوظيفة المعرفة وصحتها
الفــــــــــرض الأول
" يبني الفرد الواعي المعرفة اعتماداً علي خبرته ، ولا يستقبلها بصورة سلبية من الآخريــــــن"
ويذكر ساند رز أن المعرفة تتشكل بداخل عقل المتعلم كنتيجة لتفاعل حواسه مع العالم المحيط ، ولا يمكن أن يتشكل هذه المعني أو الفهم عنده إذا قام المعلم بسرد المعلومات له ، أي أن المعرفة تكون متأصلة في عقل المتعلم وليست كياناً مستقلا يجري نقله إلي عقله من الطبيعة أو من المعلم ، والتعلم هنا عملية مستمرة يعيد خلالها الفرد تنظيم ما يمر به من خبرات بحيث يسعي إلي فهم أوسع وأشمل من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات التي تمكنه من ربط المعلومات الجديدة بما لديه من معرفة سابقة ، تمكنه من إعادة تشكيل المعاني السابقة لديه بما يتفق مع المعاني العلمية السليمة0
وبالنظر إلي هذا الفرض يمكن اكتشاف بعض النقاط الهامة المتصلة باكتساب المعرفة من منظور البنائية وهي:-
1- يبني المتعلم المعرفة الخاصة به بنفسه عن طريق استخدام عقله 0
2- معرفة المتعلم دالة لخبرته ، أي أن المعرفة ذات علاقة بخبرة المتعلم وممارسته ونشاطه في التعامل مع معطيات العالم المحيط به0
3- تأخذ الأفكار والمفاهيم والمبادىء معني داخل كل متعلم قد يختلف عن المعني لدي متعلم آخر0
ويعّبر عن ذلك ويتلي (Wheatly,1991,p11) بقوله : إن الاتصال الذي نجربه مع الآخرين لا يؤدي إلي انتقال أفكارنا إليهم بنفس المعني الموجود في عقولنا ، بل إن تعبيرنا يثير معانِ مختلفة لدي كل فرد من الأفراد0
كما يتفق (وديع مكسيموس ، 2003 ، ص 51) مع ويتلي بقوله : يجب علي المعلم تشجيع التلاميذ علي معارفهم بأنفسهم ، وان يقدم لهم أحداث تتحدي هذه الأفكار وتشجع علي تكوين تفسيرات متعددة، كما يجب تشجيع التلاميذ علي القيام بالأنشطة حني يحدث لديهم تعلم ذا معني0
الفــــــــــرض الثانـــــــي
" إن وظيفة العملية المعرفية هي التكيف مع تنظيم العالم التجريبي وخدمته ، وليس اكتشاف الحقيقة الموجودة المطلــــــقة "
ويقصد بالعملية المعرفية : العملية التي يصبح الفرد بمقتضاها واعياً بموضوع المعرفة ، وتشمل الإحساس والإدراك والانتباه والتذكر والاستدلال وغيرها، ويقصد بالحقيقة المطلقة : حقيقة الأشياء كما هي معلومة عند الله سبحانه وتعالي0
وبناء علي ما سبق تتضح لنا وجهة نظر منظري البنائية في مسألة وظيفية المعرفة، إذ يرون أن بناء المعرفة عملية بحث عن المواءمة بين المعرفة والواقع وليس بعملية مقابلة بينهما ، أي أن البنائية تنظر إلي المعرفة علي أنها وسيلية0
كما تتضح أيضا وجه نظرهم حول الحقيقة المطلقة ، فيؤكد البنائيون أنه ليس في استطاعة الإنسان اكتشاف حقيقة الوجود المطلق للأشياء ، وعبّر عن ذلك (Wheatly,1991,p12) بقوله : إننا لا نملك العيون التي تساعدنا علي إدراك العالم الخارجي الواقعي أو رؤيته في كليته ، ولذلك يمكننا معرفة العالم فقط من خلال حواسنا0
أي أن البنائيون ينكرون فرضية الحقيقة الموضوعية المطلقة حيث أن المعرفة متصلة بنشاط الفرد ولا توجد حقيقة منفصلة عنها0
بياجيه والنظرية البنائية :
كان جان بياجيه شديد الاهتمام بمبحث المعرفة ، وكانت تشغل ذهنه في تلك الأثناء تساؤلات كثيرة مؤداها :
ما معنى المعرفة ؟ وكيف يكتسب الإنسان المعرفة ؟ وهل يكتسبها عن طريق حواسه أم عن طريق عقله؟ وكيف تنمو معرفة الطفل عن العالم المحيط ؟ ، كانت تلك الأسئلة وغيرها بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها طاقة بحثه محاولا الإجابة عنها0وربما كان السؤال الذي يدور حول كيفية اكتساب الإنسان للمعرفة ، وكيفية نموها لديه بمثابة المحور الأساسي لذلك البحث ورأي بياجيه أنه للإجابة علي هذا السؤال يجب تتبع النمو المعرفي للأطفال منذ ميلادهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص 82)0
وأكتشف أن الفرد يمر بمراحل في التطور العقلي هذه المراحل ترتبط بمجالات عقلية معينة0 والمراحل هي المرحلة الحسية الحركية، ومرحلة التفكير الصوري ، ومرحلة العمليات المحسوسة ، ومرحلة العمليات الشكلية0 ويوجد الأطفال الصغار في مرحلة التفكير الصوري بينما يوجد معظم تلاميذ المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مرحلة العمليات المحسوسة ومرحلة العمليات الشكلية، مع وجود عدد منهم فيما بين المرحلتين0 (زيد الهويدي ، 2005 ، ص300)0
والمراحل العمرية التي حددها جان بياجيه كالأتي:-
1. مرحلة الحس الحركية (Sensori -motor Stage) تمتد من الميلاد وحني نهاية السنة الثانية0
2. مرحلة التفكير الصوري(Preoperational Stage)تمتد من سنتين وحني سبع سنوات
3. مرحلة العمليات المحسوسة (Concrete operational Stage) وتمتد من سبع سنوات وتمتد حني احدي عشر عاماً 0
4. مرحلة العمليات المجردة (Formal operational Stage) وتمتد من احدي عشر عاما وما بعدها0
ويؤكد بياجيه علي الترتيب السابق لمراحل النمو العقلي إلا أن الفترة الزمنية لكل مرحلة ليست مطلقة ولكن يختلف سن دخول كل مرحلة والخروج منها من شخص لآخر ومن ثقافة لاخري (فايزة مصطفي ، 1991 ، ص462) 0
ومن الملاحظ هنا أن المراحل التي حددها بياجيه للنمو العقلي للإنسان تتماشي مع المراحل التي حددها علماء النفس للنمو وهي (حنان مصطفي احمد ، 2002 ، ص ص22- 23) :
1- مرحلة المهد (الميلاد - سنتين)
2- مرحلة الطفولة المبكرة (2-7 سنوات)
3- مرحلة الطفولة المتأخرة (7- 12 سنة)
4- مرحلة المراهقة (12- 20 سنة)
ويُلاحظ أن بياجيه وصف هذه المراحل بالتفصيل كما أنه قدم وصفاً دقيقا لمظاهر النمو العقلي للمعرفي للإنسان في كل مرحلة من هذه المراحل ، ولكنه لم يقدم ما يفعله المعلم في مواقف التعلم لإحداث التعلم لدي المتعلم في مرحة من تلك المراحل0
وملخص نظرية بياجيه في التعلم المعرفي البنائى ينص علي أن عملية اكتساب المعرفة عملية بنائية مستمرة ونشطة ، وتتم من خلال تعديل في المنظومات أو التراكيب المعرفية للفرد بواسطة آليات عملية التنظيم الذاتي (التمثيل والمواءمة) بهدف تكيف الفرد مع الضغوط المعرفية البيئية (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص95)0
ولهذه النظرية شقان أساسيان مترابطان (وديع مكسيموس ،2003 ، ص50) هما الحتمية المنطقية وتختص بمراحل النمو المعرفي ، وبنائية المعرفة وتختص بكيفية بناء المتعلم للمعرفة ويوضح الشكل التالي نموذج تخطيطي لنظرية بياجيه
نظرية بياجيه في النمو المعرفي
بنائية المعرفة وتختص كيفية بناء المتعلم للمعرفة
الحتمية المنطقية وتختص بالعمليات المنطقية وتمر بأربع مراحل
التفكير الحركي من الميلاد وحني سنتان
ما قبل العمليات من سنتين وحني 7سنوات
العمليات العيانية من 7سنوات وحتي11 سنة
العمليات الشكلية من11سنة وما بعدها
التنظيم
التمثيل
الاستيعاب
التكيف
التوازن
شكل (1)
رسم تخطيطي لنظرية بياجيه في النمو المعرفي
وكما هو واضح من الشكل السابق فان بياجيه ينظر للنمو المعرفي من منظورين هما :-
المنظور الأول: التراكيب المعرفية (العقلية)
يري بياجيه أن التعلم المعرفي ما هو إلا نمو أو تعديل في التراكيب المعرفية ، كما يرى أن التكيف العقلي أو المعرفي يقتضي وجود مجموعة من التراكيب المعرفية أو العقلية داخل عقل الإنسان وأن هذه التراكيب المعرفية لا يمكن ملاحظتها مباشرة وإنما يستدل عليها من سلوك الإنسان ، كما أنها تكون في حالة تغير مستمر وخاصة أثناء فترة الطفولة والمراهقة (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص87- 89)0أي أن معارف الفرد تنمو بنمو عقله أي بتطور ذهنه، وهذا التطور والنمو تدريجي عبر مراحل الأربعة التي حددها بياجيه كما بالشكل السابق
المنظور الثاني: الوظائف العقلية
ويقصد بالوظائف العقلية : تلك العمليات التي يلجأ إليها المتعلم عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها ،وهي خصائص عامة للنشاط العقلي لدي المتعلمين0وتقتصر تلك الوظائف التي لا تتغير مع العمر (حسام مازن ، 2007 ، ص94) علي : -
الوظيفة الأولي : التنظيم ويقصد بها ميل الفرد إلي ترتيب وتنسيق العمليات العقلية في أنظمة كلية ومتناسقة
الوظيفة الثانية : التكيف ويقصد بها ميل الفرد إلي التآلف مع البيئة التي يعيش فيها0
وتعتبر هاتان الوظيفتان أساسيتين لبقاء الكائن الحي0فالانسان لا يستطيع أن يبقي إلا إذا نظم العمليات البيولوجية والعقلية0000 بطريقة تحقق التناسق والتكامل فيما بينها كما أنه لا يستطيع البقاء إذا لم يتمكن من التكيف مع البيئة التي يعيش فيها0
والنمو المعرفي للمتعلم ما هو إلا نمط مستمر من أنماط التكيف المتدرج المستمر بين عمليتين عقليتين متكاملتين هما : الأولي : التمثيل ويقصد به ميل الفرد لدمج أمورا من العالم الخارجي في بنائه العقلي ، أو تنظيم الخبرات الجديدة مع
التكوينات الموجودة أصلاً0
الثانية : الاستيعاب ويقصد به إعادة تنتظيم البنية المعرفية للفرد لكي تتوافق مع متطلبات البيئة ، أو هو ميل الفرد
لتغيير استجابته ليتلاءم مع البيئة المحيطة به0
مفاهيم بياجيه المرتبطة بالتصور البنائي لاكتساب المعرفة
أنواع المعرفة Types Of Knowledge
يميز بياجيه بين نوعين من المعرفة هما :-
1) المعرفة الشكلية : والتي تشير إلي معرفة المثيرات بمعناها الحرفي أي أنها تعتمد علي التعرف علي الشكل العلام للمثيرات ، وتهتم هذه المعرفة بالأشياء في حالتها الساكنة في لحظة زمنية معينة، وهذه المعرفة لا تنبع من المحاكاة العقلية0
2) المعرفة الإجرائية: وهي المعرفة التي تنطوي علي التوصل إلي الاستدلال في أي مستوي من المستويات ، أي أنها تهتم بالكيفية التي تتغير بها الأشياء ، وهذه المعرفة تنبع من المحاكاة العقلية0(حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص 85) (كمال زيتون ، 2002، ص186)0
التكيف Adaptation
هو ميل الفرد إلي التآلف مع البيئة التي يعيش فيها ، ويري بياجيه أن تكيف الإنسان للبيئة ليس تكيفاً حيوياً فقد ولكنه عقلي أيضاً ، وأن الإنسان يسعى دائماً للتكيف مع عوامل البيئة المحيطة، وتوصل بياجيه إلي أن الأفعال العقلية هي التي تؤدي إلي نمو معارف المتعلم عن المثير ، لذلك فإن التعلم المعرفي لدي المتعلم ينشأ نتيجة للتكيف العقلي مع مؤثرات البيئة المحيطة به0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 1992 ، ص39) (حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص ص 86-87)0
التراكيب المعرفية Cognitive Structures
يري بياجيه أن الإنسان عندما يتكيف بيولوجياً (حيويا) مع البيئة التي يعيش فيها فإنه يستخدم عدداً من التراكيب الجسدية والمعرفية (العقلية) ، وتختلف التراكيب معرفية عن التراكيب الجسدية في أن التراكيب المعرفية لا بمكن ملاحظتها مباشرة وإنما نستدل عليها من سلوك الإنسان ، وتنشأ التراكيب المعرفية من وجهة نظر بياجيه من صغره حيث أن الطفل يولد ولديه مجموعة من التراكيب العقلية الفطرية وأطلق عليها لفظة الصور أو المخططات الإجمالية العامة ، وهي تخضع لعملية تغيير مستمرة خاصة أثناء فترة الطفولة والمراهقة مما يؤدي إلي تكوين تراكيب عقلية جديدة0(العجيلي سركز ، ناجي خليل ، 1993،ص51)،( حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص ص87-89)0
عملية التنظيم الذاتي Self Regulation أو الموازنة Equilibration
يري بياجيه أن هذا العامل من أهم العوامل المسئولة عن التعلم المعرفي للمتعلم ، لأنه يلعب الدور الرئيسي في النمو أو التعديل المستمر في التراكيب المعرفية ، كما يفترض بياجيه أن هناك عمليتين أساسيتين تحدثان أثناء عملية التنظيم الذاتي هما :-
1- التمثل: Assimilation
وهو عملية عقلية مسئولة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في تراكيب معرفية موجودة عند الفرد المتعلم ، ويوجد تشابه بين تمثيل الغذاء وتمثيل المعرفة ، فتمثيل الغذاء يعني تحول الغذاء من صورة لاخري بحيث يصبح جزءاً من تراكيب الجسم ، أما تمثيل المعرفة فيعني تلقي المعلومات عن أحداث البيئة وفهمها واستخدامها في نشاط ما موجود بالفعل في ذخيرة الكائن الحي من الأنشطة ، ولا يحدث هذا إلا إذا نجح الفرد في إحداث التكامل بين الخبرات الجديدة والخبرات السابقة لديه (آمال صادق، فؤاد أبو حطب ، 1990، ص176)
2- المواءمة Accommodation
هي عملية عقلية مسئولة عن تعديل البنيات المعرفية لتناسب ما يستجد من مثيرات0
والتمثيل والموائمة عمليتان متكاملتان لبعضهما البعض ، ونتيجتهما تصحيح البنيات المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة علي التعميم، كما أنها عملية مستمرة ولذلك فهي وسيلة الكائن الحي للتكيف مع البيئة المحيطة به0(حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003، ص ص89-93) ، (حسن زيتون ، كمال زيتون، 1992 ، ص ص 42-44)0
قي حين يري (أمين فاروق فهمي ،2002، ص 25) أن عملية التنظيم الذاتي تمر بثلاث مراحل أساسية هي:
1- التمثل : وهو عملية عقلية مسئولة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في بنيات معرفية موجودة عند الفرد المتعلم0
2- المواءمة :هي عملية عقلية مسئولة عن تعديل البنيات المعرفية الموجودة لدي المتعلم لتناسب ما يستجد من مثيرات 0
3- التنظيم: ويشمل المرحلتين الأولي والثانية ويتم فيه تصحيح البنيات المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة علي التعميم ، وتكوين المفاهيم0
التراكيب المعرفية في مستوي أولي من التفكير
أنماط من التفكير تفوق مستوى التراكيب العقلية
اختلال توازن التراكيب المعرفية
تكيف التراكيب المعرية خلال المماثلة والمواءمة
انتظام التراكيب المعرفية في توازن جديد ويمكن توضيح خطوات عملية المواءمة من خلال الشكل التالي(رشدي فتحي كامل، زينب محمد أمين ،1996 ، ص128)
شكل ( 2 )
خطوات عملية المواءمة
تطبيقات نظرية بياجيه في تدريس العلوم0
قدمت نظرية بياجيه العديد من الأفكار والمعلومات التي يمكن الاستفادة منها في جميع المجالات التربوية والتخطيط لها،ومن هذه المعلومات ما يتعلق بالمراحل التي يمر بها النمو العقلي عند الأطفال، وخصائص كل مرحلة 0كل هذه المعلومات تسهم في عملية تخطيط وتطوير المناهج وتنفيذها0 (عبد السلام مصطفي عبد السلام،2001، ص98)0
وفي ضوء هذه النظرية يتطلب من المعلم أن يعرف طلابه ويعرف مستويات نموهم العقلي، ثم يبدأ في التخطيط للدروس والنشاطات التعليمية وتنفيذها ، واختيار طرق التدريس المناسبة بناءً علي ما يناسب مستوياتهم وخبراتهم السابقة ورغباتهم، لأن بياجيه أكد علي أن التعلم يكون ذا معني إذا رُوعيت قدرات الطلاب ورغباتهم وميولهم ، كما أكد بياجيه علي تعامل الطفل مع بيئته ، وأن الطفل يتعلم بشكل أفضل عندما يتفاعل مع بيئته ومع الأشياء المحسوسة فيها 0(عبد السلام مصطفي عبد السلام،2001، ص98)0
البنائية المعرفية وعملية التدريس
ركزت المدرسة دهراً من الزمان علي نقل المعارف إلي المتعلمين وكان لذلك ما يبرره، إذ خشي المربون من اندثار تراثهم المعرفي فعمدوا إلي محاولة تخزينه في عقول المتعلمين، ولهذا أوكل المجتمع إلي المدرسة هذه المهمة0
ومما لا شك فيه أن المدرسة المعاصرة تقيّم التعلم والتعليم علي ضوء فلسفات مغايرة لتلك التي كانت تتبعها فيما مضي، وتحول الاهتمام إلي المتعلم ومدي نشاطه في عملية التعلم ، وبالتالي فقد تغيرن النظرة وفقاً للنظرية البنائية المعرفية إلي بعض المفاهيم المرتبطة بعمليتي التعليم والتعلم ومن هذه المفاهيم (التعلم – التعليم – بيئة التعلم – المحتوي – الأهداف التعليمية - دور المتعلم - دور المعلم – استراتيجيات التدريس – التعزيز - التقويم)0
أولا ً: التعــــــــــــلم
التعلم البنائى في ابسط صورة هو أن يبنى المتعلم معرفته بنفسه من خلال تفاعله مع مادة التعلم وربطها بمفاهيم سابقة وإحداث تغييرات بها ، علي أساس أن المعاني الجديدة تتحول إلى عملية توليد لمعرفة متجددة0
وبالتالي فالتعلم البنائى هو عملية بناء معنى داخل المتعلم نتيجة خبراته الحسية مع العالم المحيط به عن طريق بناء وتعديل التراكيب العقلية له (Cunningham , 1991,pp13-17)
ويحدث التعلم البنائى عندما تكون الأفكار المراد تعلمها مرتبطة بطريقة ما في ذاكرة المتعلم ، ويحدث ترابط بين الأفكار الجديدة وما هو موجود بالبنية المعرفية للمتعلم وفى نفس الوقت يتم الترابط بين هذه المعلومات والأفكار والمفاهيم جميعاً فيما بينهم بطريقة يتم تعديلها وينتج عنها مفاهيم وأفكار جديدة تساهم في نمو البنية المعرفية وتطويرها0
ويُبني التعلم في ضوء النظرية البنائية المعرفية علي خمسة مبادئ (افتراضات) رئيسة (عفت مصطفي الطناوي ، 2002 ، ص ص12-17 )( حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص 96-99) (وديع مكسيموس،2003، ص5) (حسنين الكامل،2002،ص10) هـــي :-
1- التعلم عملية بنائية نشطة ومستمرة وغرضية التوجيه0
ويقصد بالعملية البنائية أن التعلم عملية بناء تراكيب جديدة تنظم وتفسر خبرات الفرد في ضوء معطيات العالم المحيط به ، كما يقصد بالتعلم عند البنائيون : أنه عملية بناء تراكيب من الخبرة ، ويري (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص 96-99) أن التعلم عملية بنائية : يعيد خلالها الفرد تنظيم ما يمر به من خبرات بحيث يصل لفهم أوسع من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات السابقة0
ويقصد بأن التعلم عملية نشطة : أن المتعلم يبذل جهداً عقلياً لاكتشاف المعرفة بنفسه0
ويقصد بأن التعلم عملية غرضية التوجيه : أن التعلم غرضي يسعى خلاله الفرد لتحقيق أغراض معينة تسهم في حل المشكلة التي يواجهها ، أو تجيب عن أسئلة محيرة لديه وهذه الأغراض هي التي توجه أنشطة المتعلمين وتكون بمثابة قوة الدفع الذاتي له وتجهله مثابراً في تحقيق أهدافه0
2- المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء التعلم ذي المعني0
حيث إن التفاعل بين معرفة المتعلم الجديدة ومعرفته السابقة ُتعد من أحد المكونات الهامة في عملية التعلم ذي المعني0
3- الهدف الجوهري من عملية التعلم هو إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية
الممارسة علي خبرة الفرد0
والمقصود بالضغوط المعرفية هي عناصر الخبرة التي يمر بها الفرد والتي لا تتوافق مع توقعاته ، وتؤدي إلي إحداث حالة من الاضطراب المعرفي لدي الفرد نتيجة مروره بخبرة جديدة عليه ، وهدف التعلم هو إحداث التوافق مع هذه الضغوط لدي المتعلم0
4- مواجهة المتعلم بمشكلة أو مهمة حقيقية تهيىء أفضل ظروف للتعلم 0
فالتعلم القائم علي حل المشكلات يساعد التلاميذ علي بناء معني لما يتعلمونه ، وينمي الثقة لديهم في قدراتهم
علي حل المشكلات ، فهم يعتمدون علي أنفسهم ولا ينتظرون أحداً لكي يخبرهم بحل المشكلة بصورة جاهزة0
5- تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع
الآخـــــــــرين 0
أي أن الفرد لا يبني معرفته عن الظواهر الطبيعية للعالم المحيط به من خلال أنشطته الذاتية التي يكّون من خلالها معاني خاصة بها في عقله فقط ، وإنما يبنيها من خلال مناقشة ما وصل إليه من معاني مع الآخرين مما يترتب عليه تعديل المعاني والأفكار فيما بينهم ، شرط أن يكون المعلم موجها وميسراً للتعلم لا ملقناً له0(حسن زيتون، كمال زيتون،1992 ، ص 55)0
ويتفق هذا مع ما ذهب إليه "فيوجوتسكي"في أن العمليات العقلية يمكن أن تنمو من خلال عمليات التفاوض الاجتماعي (Woolfolk,Anita.E,1995,P82)0
ويضيف كاننجهام (Cunningham,1991,p15) أن دور المعلم هو تعليم المتعلمين كيفية بناء المعرفة وأن يعزز لديهم التعاون مع الآخرين لكي ينسبوا تعدد الرؤى المختلفة تجاه أي مشكلة مطروحة0
ويوضح النموذج التالي لساندرز كيفية حدوث التعلم من المنظور البنائي0
الكون الطبيعي المادي المحيط بالفرد (الظواهر والأشياء)
عملية التمثيل
العلم المعرفي والتراكيب العقلية والأفكار والمعتقدات
ملاحظات وقياسا ت
وعمليات أخري
الاختلافات بين التوقعــات مع والملاحظات والقياسات يؤدي إلي
توقعات وتنبؤات عن
الظاهرة (الشيء والحدث)
عدم التوازن
يدفع المتعلم إلي
المواءمة العالم الخارج العالم الداخلي
شكل (3)
كيفية حدوث التعلم من المنظور البنائي
ثانياً :التعليم البنائـــــي
يهدف التعلم البنائي إلي مساعدة المتعلمين علي اكتساب وتحقيق أهداف تعليمية تستهدفها المؤسسات التربوية وتنادي بها لتحقيق التنمية الشاملة حيث يهتم التعليم البنائى بما يفعله المعلم من تجهيز للبيئة المعرفية وتحديد للأهداف والأنشطة التعليمية والتقويم0
فيري(Jonassen,1991,p6) أن المتعلم هدفه الوصول إلي المعرفة ، أما المعلم فهدفه كيف ينقل هذه المعرفة إلي المتعلم ، ولما كان المعلم هو الموكل له رسمياً عملية التعليم ، ونظراً للتطورات والتغيير المستمر في المناهج التربوية ، أصبح المعلم مهمته أن يساعد المتعلمين في تفسير الوقائع لهم وأخبارهم عن العالم المحيط ، وينتظر منهم أن يدركوا محتواه ومكوناته في تفكيرهم0
وبالتالي يكون أساس التعليم البنائي هو التفاعل بين المعلم والمتعلم وما يصاحبه من اكتساب المتعلم للعديد من المهارات المختلفة ، كما أن التفاعل المستمر بين المعلم والمتعلم يجعل المتعلم نشطاً في استقباله للمعلومة وملاحظتها ، ومن ثم فالتعليم البنائي يساعد المتعلم علب أن يتعلم تعلماً فعالا ، أي أن يعرف وبعمل ويطبق ويستخدم عملياته الخاصة ، بحيث يتفاعل المتعلم مع الموقف التعليمي ويحرك تفكيره ويثير دوافعه ومشاركته الإيجابية0
ثالثاً : بيئة التعلم
يصف كيفن وآخرون (Kevin , 2004 ) بيئة التعلم بأنها المكان الذي يحتمل أن يعمل فيه المتعلمون معاً ويشجع بعضهم بعضاً ، مستخدمين في تحقيق ذلك الأدوات المختلفة ومصادر المعلومات المتعددة لتحقيق الأهداف التعليمية وأنشطة حل المشكلات0
أي أن بيئة التعلم بيئة مرنة تهتم بالتعلم ذي المعني والذي يحدث من خلال الأنشطة الحقيقية التي تساعد المتعلم في بناء الفهم وتنمية المهارات المناسبة لحل المشكلات التي تقابلهم0
كما يجب أن تتصف بيئة التعلم البنائي بممارسة المتعلمين للخبرات الحسية المباشرة والتعامل مع المواد والأجهزة بأنفسهم عن طريق ملاحظاتهم وأنشطتهم والتي يمكن أن يقوم بها كل متعلم بمفرده أو من خلال التعاون مع زملاءه (Saunders , 1992 , pp 138-140)
كما يجب أن تشجع المتعلمين علي التعاون مع بعضهم البعض في اتخاذ القرار للخروج بأفكار جديدة وابتكارات وأشياء ذات معني0
خصائص بيئة التعلم البنائية
أوردت العديد من الدراسات تحليلا لمواصفات هذه البيئة والتي تسهم في التحول من التركيز على المعلم إلي التركيز على المتعلم ومن أبرز هذه الخصائص(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص170- 171 ) :-
1. أن يكون المتعلم نشطاً في ربط المعارف الجديدة بالمعارف التي يمتلكها0
2. تحكم المتعلم في عملية تعلمه وفي معدلها عند تفاوضه مع زملائه داخل الفصل0
3. التأكيد علي بناء المعرفة بدلا من إعادة سردها0
4. تقديم بيئات تعلم حقيقية ترتبط بمشكلات العالم الفعلي0
5. تدعيم التعاون في بناء المعرفة0
6. تتغلب بيئة التعلم البنائية علي الأسباب التي تعوق المتعلمين0
رابعاً : الأهداف التعليمية
يجب علي المعلم أن يحدد أهدافه بحيث تتناسب مع مراحل النمو التي يمر بها غالبية تلاميذه ، كما يجب علي المعلم إشراك المتعلمين في تحديد أهداف التعلم وذلك من خلال التفاوض الاجتماعي بينهم وبين المعلم بحيث تتضمن أهدافاً عامة لمهمة التعلم يسعى جميع المتعلمين إلي تحقيقها ، بالإضافة إلي أهداف شخصية تخص كل طالب أو مجموعة من الطلاب تسعي كل مجموعة لتحقيقها من خلال الأنشطة الخاصة بها0
خامساً : المحتــــــــــــوي
يُقدم المحتوي من الكل ثم يتعرض للأجزاء الصغيرة مع التركيز علي المفاهيم العامة ، ويجب أن ُيصاغ المحتوي في النموذج البنائي في صورة مهام أو مشكلات أو أنشطة حقيقة ذات صلة بواقع التلاميذ وحياتهم ، كما يجب أن تكون هذه الأنشطة بسيطة تلائم مستوي المتعلمين وترتبط بمعرفتهم السابقة0
ويؤكد هذا كاننجهام (Cunningham ,1991 , p15) بقوله إن المعلومات التي يتم تزويد المتعلمين بها يجب ألا تكون عبء دراسي عليهم بل يجب أن تساعدهم في فهم الأنشطة التي يقومون بها0
سادساً : الأنشطة والوسائل التعليمية
يؤكد التربويون علي أهمية استخدام عمليات العلم مثل الملاحظة ، القياس ، التصنيف ، الاستنتاج، فرض الفروض ، التجريب ، ضبط المتغيرات وغيرها حيث أن تلك العمليات تساعد المتعلم في بناء التراكيب العقلية حول موضوع الدرس 0
فاستخدام الأنشطة والوسائل التعليمية المتعددة تمكن الطالب من جمع المعلومات حول المشكلة أو النشاط الذي يحاول القيام به بمفرده أو مع المجموعة التي ينتمي إليها في النشاط ، كما يجب أن تكون الوسائل التعليمية التي يستخدمها الطلاب مرتبطة بالبيئة المحيطة بهم 0
ويؤكد ساندرز (Saunders ,1992) علي أهمية توفير كل الأدوات والأجهزة والوسائل التعليمية للطلاب قبل البدء في حل المهام أو الأنشطة0
ثامناً : دور المعلــــــم
تتعدد الأدوار التي يقوم بها المعلم من وجهة نظر المنظور البنائي كما أشار إليها كل من ( مديحة محمد ، 2000، ص320 ) ( وليم عبيد، 2002، ص19 )( حسن زيتون، كمال زيتون ،2003 ، ص ص143-144)( وديع مكسيموس ،2003، ص ص 58-59) ومن هذه الأدوار:
1- ينظم بيئة التعلم بحيث يتوفر فيها جو الانفتاح العقلي وإصدار القرارات0
2- يلاحظ أفعال الطلاب ويستمع لإجاباتهم وتساؤلاتهم0
3- تهيئة فرص للمتعلمين تسمح لهم ببناء معرفة جديدة 0
4- يكون مصدر واحد من مصادر المعلومات وليس المصدر الاساسي0
5- يوفر خبرات تعليمية لبناء المعرفة0
6- يشارك في إدارة التعليم وتقويم التعلم0
7- يكون نموذج يكتسب منه التلاميذ الخبرة0
8- تشجيع التلاميذ علي الاندماج في حوارات مع بعضهم البعض0
9- يشجع المتعلمين علي التعبير عن أفكارهم بطرق متعددة 0
10- يستخدم استراتيجيات تدريسية فعالة0
11- يعطى أسئلة تتطلب تفكيرا عميقا ومشكلات مفتوحة النهاية0
تاسعاً : دور المتــــعلم
تتعد أدوار المتعلم البنائي (مديحة محمد ، 2000، ص ص328-329 )( حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص175-176) لتشتمل علي المتعلم النشط ، والمتعلم الاجتماعي ، والمتعلم المبتكر 0
المتعلم النشط The Active Learner
وهو يقوم بدور نشط في عملية التعلم ، حيث يقوم بالمناقشة وفرض الفروض والنقض وبناء المعرفة بدلا من الاستقبال السلبي للمعلومات، أي أن الدور النشط للمتعلم يتمثل في الاكتساب النشط للمعرفة وفهمها0
المتعلم الاجتماعي The Social Learner
تؤكد البنائية دائما علي أن المعرفة والفهم (معرفة المتعلم) لها صفة اجتماعية ، حيث أن المتعلمين لا يكونوا الفهم لهذه المعارف بصورة فردية ، ولكن بصورة اجتماعية عن طريق التفاوض والمحادثة بين المتعلمين أثناء عملية التعلم ، أي أن الدور الاجتماعي للمتعلم يتمثل في اكتساب المعرفة وفهمها بصورة اجتماعية0
المتعلم المبتكر The Creative Learner
تؤكد البنائية علي ضرورة اكتساب الطلاب للمعرفة وهي بذلك لا تكتفي بجعل الطلاب نشطين في عملية التعلم فقط ، بل يجب توجيه الطلاب لإعادة اكتشاف النظريات العلمية أي إعادة اكتشاف المعرفة بانفسهم0
مما سبق يخلص الباحث إلي أن الدور الأساسي للمتعلم في ظل البنائية هو الدور النشط ، وأثناء الممارسة يصاحب هذا الدور النشط الدور الاجتماعي أو الدور الابتكاري0
عاشراً : استراتيجيات التدريس
تعتمد استراتيجيات التدريس القائمة علي الفكر البنائي علي مواجهة المتعلمين بموقف مشكل حقيقي في محاولة لإيجاد حلول له ، وذلك من خلال البحث والتقصي والتفاوض الاجتماعي حول تقويم، وتحديد أكثر هذه الحلول فعالية0ويوجد العديد من استراتيجيات التدريس القائمة علي الفكر البنائي منها :-
1- استراتيجية دورة التعلم 0 2- استراتيجية الشكل (V)0
3- استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة0 4- استراتيجية التعلم التعاوني0
5- نموذج التغير المفهومي " لبوسنر " 0 6- نموذج التعلم الواقعي0
7- نموذج التحليل البنائي لـ "أبلتون" 0 8- نموذج التدريس المفصل0
9- نموذج التعلم البنائي0
حادي عشر: التعـــــــزيز
تتم عملية التعزيز من المنظور البنائي بطريقتين إحداها خارجية من قبل المعلم للمتعلم ، والاخري داخلية يعزز فيها المتعلم نفسه عن طريق مقارنة ما وصل إليه بما كان يتوقعه ، وينتج عن ذلك ارتباط بين المعرفة الجديدة والبنية العقلية للمتعلم ، كما أن التعزيز الداخلي أكثر تأثيرا من التعزيز الخارجي0
ثاني عشر : التقـــــــــويم
يلاحظ الباحث من خلال قراءاته حول البنائية أن البنائيين يشيرون ضمناً إلي ضرورة تقويم المتعلمين أثناء قيامهم بالأنشطة ، ويؤكد ذلك جوناسين (Jonassen ,1991 , p29) بقوله علي الرغم من أن أصحاب الفكر البنائي لم يحددوا أسلوب معين للتقويم إلا أنهم يولون اهتماما كبيرا بالتقويم التكويني أو المستمر ، ويعرف التقويم البنائي : بأنه العملية التقويمية التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعلم ، والذي يبدأ مع بداية التعلم ويواكبه أثناء سير الحصة الدراسية 0
وعليه فقد تعددت أساليب التقويم لتأخذ أشكالا عدة منها التقويم المبدئي، التقويم البنائي، التقويم النهائي ، وتتم من خلال الملاحظات ومجلات الحائط والاختبارات وغير ذلك مما يراه المعلم مناسبا0
المراجــــــــع
أولاً : المراجع العربية
1- أمين فاروق فهمي 0(ديسمير2002) البنائية المنظومية ومنظومة التعليم0ندوة علمية، البنائية والمدخل المنظومي في التعليم والتعلم0ص ص22-38 كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0
2- العجيلي سركز، ناجي خليل0(1993)0 نظريات التعليم0طرابلس: دار الحكمة0
3- آمال صادق ، وفؤاد أبو حطب 0(1990)0 نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلي مرحلة المسنين 0 القاهرة : دار الأنجلو المصرية0
4- حسام مازن0(2007) 0 اتجاهات حديثة في تعليم وتعلم العلوم 0القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع0
5- حسام محمد مازن0 (يناير1994) 0 استخدام أسلوب دورة التعلم كاستراتيجية في نظرية بنائية المعرفة في تدريس وحدة تحويلات الطاقة للصف السادس الابتدائي بمدينة الرياض وأثره على التحصيل المعرفي والمهارات اليدوية وفهم عمليات العلم ، مجلة كلية التربية بسوهاج، جامعة أسيوط ، المجلد (1) ، العدد(10) ص ،ص 211- 235 0
6- حسن حسين زيتون ، كمال عبد الحميد زيتون (2003) 0 التعلم والتدريس من منظور النظرية البنائية 0 القاهرة : عالم الكتب0
7- حسنين محمد الكامل0(2002) 0 تعليم التفكير المنظومي 0ورقة قدمت في ندوة "المدخل المنظومي في العلوم التربوية " مركز تطوير تدريس العلوم جامعة عين شمس0
8- حنان مصطفي أحمد 0(2002) 0 برنامج مقترح في التربية الصحية طبقاً لبنائية المعرفة باستخدام الوسائل المتعددة وأثره عي التحصيل المعرفي وتنمية بعض عمليات مهارات العلم والوعي الصحي لطلاب كلية التربية بسوهاج 0رسالة دكتوراه0كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0
9- خليل يوسف الخليلي0(1996)0مضامين الفلسفة البنائية في تدريس العلوم0 مجلة التربية القطرية0 العدد 116 0السنة (25) 0ص ص255-271 0
10- خليل يوسف الخليل واخرون0(1996)0 تدريس العلوم في مراحل التعليم العام 0دبى : دار القلم0
11- خليل رضوان خليل ، عبد الرازق سويلم همام0(2001) اثر استخدام نموذج التعلم البنائى في تدريس العلوم على تنمية بعض المفاهيم العلمية والتفكير الناقد لدى تلاميذ الصف الثاني الاعدادى 0 مجلة البحث في التربية وعلم النفس 0كلية التربية 0جامعة المنيا المجلد الخامس عشر0 العدد(2) أكتوبر 0
12- ذكي عدل الدين ، عاطف العراقي 0(1994) الإنسان في فلسفة الغزالي وتصوفه 0 القاهرة 0دار الفكر العربي0
13- رشدي فتحي كامل ، زينب محمد أمين 0(1996)0مقدمة في تخطيط البرامج التعليمية0 المنيا
14- زيد الهويدي0(2005)0الأساليب الحديثة في تدريس العلوم0العين : دار الكتاب الجامعي0
15- طه علي أحمد علي0(2005)0 أثر استخدام إستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات في تدريس الهندسة علي التحصيل والتفكير الهندسي لدي تلاميذ الحلقة الإعدادية 0رسالة ماجستير0كلية التربية0 جامعة جنوب الوادي0
16- عبد الرحمن بن زيد الزبيدي0 (1992) مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي 0 دراسة نقدية في ضوء الإسلام 0 الرياض0 مكتبة المؤيد
17- عبد الرحمن السعدي، ثناء مليجى السيد عودة0(2006)0 التربية العلمية مداخلها واستراتيجياتها0 القاهرة: دار الكتب الحديث0
18- عبد السلام مصطفي عبد السلام0(2001)0 الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم 0القاهرة : دار الفكر العربي0
19- عفت مصطفى الطناوى0(2002):أساليب التعليم والتعلم وتطبيقاتها في البحوث التربوى0 القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية0
20- فايزة مصطفي محمد0(يوليو1991) إعداد برنامج لتنمية فهم معلمي العلوم قبل الخدمة للمفاهيم الأساسية والمضامين التربوية لنظرية بياجيه ودراسة أثره علي أدائهم التدريسي0المجلة التربوية0كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0الجزء(2)0العدد(6)0ص ص459-476 0
21- كمال عبد الحميد زيتون0(2002) 0تدريس العلوم للفهم رؤية بنائية0 القاهرة:عالم الكتب0
22- محمد ربيع حسنى اسماعيل0(2000):اثر استخدام خرائط الشكل (V) في تدريس الهندسة على التحصيل والتفكير العلمي لدى تلاميذ الصف الثاني الاعدادى0 مجلة البحث في التربية وعلم النفس0 كلية التربية 0جامعة المنيا- المجلد (14)0العدد(1)0
23- محمد عبد الله عبيد0(2007)0فعالية استخدام نموذج التعلم البنائي في تدريس حساب الإنشاءات علي التحصيل وتنمية التفكير الابتكاري وبقاء أثر لتعلم لدي تلاميذ الصف الثاني الثانوي الصناعي0مجلة كلية التربية0جامعة أسيوط0المجلد الثالث والعشرون0 العدد الاول0يناير0
24- منال أحمد محمدين منصور0(2007)0برنامج مقنرح في التربية لطالبات شعبة الطفولة لبنائية المعرفة باستخدام نموذج التدريسالمفصل ودراسة أثره علي التحصيل المعرفي والمهارات الحركية والاتجاه نحو التربية الرياضية لديهن0رسالة دكتوراه0كلية التربية0جامعة سوهاج0
25- مني عبد الصبور شهاب0(2004)0المدخل المنظومي وبعض نماذج التدريس القائمة علي الفكر البنائي0 المؤتمر العربي الرابع0 المدخل المنظومي في التدريس والتعليم0 ص ص96-113 0مركز تطوير تدريس العلوم0 جامعة عين شمس0
26- منى عبد الهادي حسين سعودى0(1998): فاعلية استخدام نموذج التعلم البنائى في تدريس العلوم على تنمية التفكير الابتكارى لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائى0 المؤتمر العلمي الثاني للجمعية المصرية للتربية العلمية، إعداد معلم العلوم للقرن الحادي والعشرين0المجلد (2) 0مركز تطوير تدريس العلوم 0 جامعة عين شمس0
27- وديع مكسيموس 0 (أبريل2003)0 البنائية في عمليتي تعليم وتعلم الرياضيات 0 المؤتمر العربي الثالث ، المدخل المنظومي في التدريس والتعلم 0ص ص 50-69 0 مركز تطوير تدريس العلوم0 جامعة عين شمس0
ثانياً: المراجع الأجنبية
1-Ernest, P(1999).Constructivism in education. P459-486. New Jearsy .Lawrence Erlbaum Assbciates,Inc . www. Constructivism. Com.
2- Kroll, R(2004) .Constructing Constructivism: how Student teachers construct ideas of development knowledge, learning and teaching . Journal teachers and teaching, Vol.4, No.(2). pp 199-221.
3- Susan Hanley.(2001) Constructivism ,Maryland collaborative for teacher Preparation. www towson.edu/ Constructivism2007
4- Cunningham , D.J (1991). Assessing Constructions and constructing assessments. Journal of Educational Technology. Vol.31,No.(5). pp10-17 5- Woolfolk & Anita. E .(1995).Rediscovering the student in teaching. Journal of Educational Technology. Vol.13,No.(9). pp76-89
6- Appleton , k (1997). Analysis and description of students learning
during science classes using a constructivist –based model. Journal of Research in science teaching. Vol.34, No. (3). pp 302-323.
7- Saunders, W.L .(1992). The constructivist perspective : Implications and teaching strategies for science. Journal of School science and mathematics . Vol.92, No.(3). pp130-146.
8- Wheatley, G.H.(1991). constructivist perspective on science and mathematics learning. Journal of science Education. Vol.75, No.(1). pp7-22 .
9- 10- Von Glasserfeld, E.(1990). An exposition of Constructivism why some like it radical in R.B Davis, C.A. Maher& N. Noddings (Eds). Constructivist view on the teaching and learning of mathematics. Journal of Research in mathematics Education. Vol.3, No.(2). pp8-24 .
11- Vygotsky, (1983). Vygotsky learning Construction .www/ Constructivism / html. 6/12/2003.
12-Spiro, R.(1991)cognitive flexibility Constructivism and hyper text. Journal of Educational Technology Vol.88, No.(1). pp29-37
13- Merrill, M.D. (1991). Constructivism and instructional design . Journal of Educational Technology Vol.13, No.(5). pp47-55.
14- Perkins, D. (1991). What Constructivism Demands of the learner . Journal of Educational Technology Vol.31, No.(9). pp19-21.
Cognitive Constructivism
مقدمة: ش
شهد البحث التربوي خلال العقدين الأخيرين تحولات رئيسية في النظر للعملية التعليمية من قبل الباحثين، وتضمن ذلك التحول من إثارة التساؤل حول العوامل الخارجية المؤثرة على التعلم مثل متغيرات المعلم كشخصيته ، ووضوح تعابيره ، وحماسته، وطريقة ثنائه، إلى إثارة التساؤل حول ما يجرى يداخل عقل المتعلم مثل معرفته السابقة، وفهمه الساذج، وقدرته على التذكر، وقدرته على معالجة المعلومات، ودافعيته وانتباهه، وأنماط تفكيره، وكل ما يجعل التعلم لديه ذا معنى، وقد أسهم الباحثون بمساهمات كبيرة وواضحة في هذا المجال، وظهر ذلك من خلال تركيزهم على كيفية تشكيل هذه المعاني للمفاهيم العلمية عند المتعلم، ودور الفهم السابق في تشكيل هذه المعاني، واستند الباحثون في هذا التوجه إلى مدرسة فلسفية تسمى بالنظرية البنائية Constructivism Theory (خليل الخليلي،1996، ص 255)0
النظرية البنائية : Constructivism Theory
يمكن القول بأن النظرية البنائية هي فلسفة تربوية تقول بأن المتعلم يقوم بتكوين معارفه الخاصة التي يخزنها بداخله فلكل شخص معارفه الخاصة التي يمتلكها، وأن المتعلم يكّون معرفته بنفسه إما بشكل فردى أو مجتمعي بناء على معارفه الحالية وخبراته السابقة، حيث يقوم المتعلم بانتقاء وتحويل المعلومات وتكوين الفرضيات واتخاذ القرارات معتمداً على البنية المفاهيمية التي تمكنه من القيام بذلك0
كما يمكن القول أن البنائية هي نظرية تعلم وليست أسلوب تدريس أو توجيه. يمكن أن يدرّس المدرسون بطرق تعرف "بالبنائية" عندما يكونوا مدركين لها ويدرسون بطريقة تتوافق مع كيفية تعلم الطلاب. تستلزم طرق التدريس المتوافقة مع كيفية التعلم إستراتيجيات مختلفة عن تلك التي تتبع غالباً في الفصول الدراسية. والطريقة الوحيدة لكي يتعلم المدرسون كيفية التدريس بالطريقة البنائية هي أن يتعلموا بالطريقة البنائية.
وتهتم ا لنظرية البنائية بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم أي ما يجري داخل عقل المتعلم عندما يتعرض للمواقف التعليمية كمعرفته السابقة ومدي تقبله للتعلم ومدي دافعيته وقدرته علي معالجة المعلومات وبالتالي يكون دور المعلم تهيئة بيئة التعلم لتجعل المتعلم يبني معرفته بنفسه0(مني عبد الصبور شهاب ، 2004 ، ص ص96- 98)0
نشأة البنائية المعرفية
لكي نتعرف علي نشأة البنائية يجب معرفة الفترة التي انبتثقت فيها البنائية فقد تباينت نظريتان تهتمان بالعملية التعليمية وهما نظرية التعلم ونظرية التعليم وكل نظرية منهما أخذت منحي مختلف فيري (حسن سلامة ، 1995 ، ص15، حسن سلامة ، 2003 ، ص ص5-6 ) أن نظريات التعليم تهتم بالطريقة التي يؤثر بها التعلم في طريقة تعلم أشخاص آخرين ، أي بما يفعله المعلم داخل حجرات الدراسة، وبالتالي فهي توصيفية أي تهتم بالطريقة التي تساعد علي إحداث الحدث بأفضل طريقة ممكنة ، بينما تهتم نظريات التعلم بطريقة تعلم الكائن الحي وما يفعله المتعلم ، وبالتالي فهي وصفية أي تهتم بوصف الحدث كما يحدث 0
وفي ظل تلك الفروق بين نظريات التعلم ونظريات التعليم يتضح عدم كفاية أي من الاتجاهين بمفرده في تحقيق التعليم والتعلم الأفضل ، لذا ظهر اتجاه ثالث يربط بين الاتجاهين ٌعرف بنظريات التدريس
حيث ينظر (إسماعيل محمد الأمين ،1995 ، ص64) لنظريات التدريس علي أنها حالة خاصة من نظريات التعلم ولذلك فهي تعتمد اعتمادا كبيراُ عليها إلا أن نظريات التدريس تعتبر أسلوب المدرسين هو العامل الأساسي في تعلم التلميذ وليس العامل الوحيد ، كما تقوم نظرية التدريس بوصف الطرق التي يؤثر فيها سلوك المدرسين علي تعلم الطلاب والتنبؤ بها وضبطها0
ومن نظريات التدريس نظريتان هامتان هما النظرية البنائية والنظرية السلوكية وكلاهما له تطبيقات في التربية فالنظرية البنائية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم أي ما يجري داخل عقل المتعلم عندما يتعرض للمواقف التعليمية كمعرفته السابقة ومدي تقبله للتعلم ومدي دافعيته وقدرته علي معالجة المعلومات وبالتالي يكون دور المعلم تهيئة بيئة التعلم لتجعل المتعلم يبني معرفته بنفسه0(مني عبد الصبور شهاب ، 2004 ، ص ص96- 98)0
ويؤكد هذا (عبد الرحمن السعدي، ثناء السيدعودة ،2006 ، ص115) بقوله أن النظرية البنائية من أحدث الاتجاهات في تدريس العلوم نتيجة التحول الكبير في البحث التربوي خلال العقود الثلاثة الماضية ، فقد تحول التركيز من العوامل الخارجية التي تؤثر علي المتعلم مثل متغيرات المعلم والمدرسة والمنهج والأقران وغيرها من العوامل ، إلي التركيز علي العوامل التي تؤثر داخلياً علي هذا التعلم 0 أي التركيز علي ما يحدث داخل عقل المتعلم حينما يتعرض للمواقف التعليمية المختلفة كمعرفته السابقة وفهمه السابق للمفاهيم وقدرته علي التذكر وقدرته علي معالجة المعلومات ودافعيته للتعلم ، وأنماط تفكيره وكل ما يجعل التعلم ذا معني0
ويري أصحاب النظرية البنائية أن المعلومات المتوفرة في المصادر المختلفة تشبه المواد الخام ، لا يستفيد منها المتعلم إلا بعد قيامه بعمليات معالجة لها ، مثل الطعام غي المهضوم ، والطعام المهضوم الذي يتفيد منه الإنسان فبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ بالتفكير فيها ويصنفها في عقله ، ويبوبها ويربط طها مع مشابهاتها إن وجدت وهكذا إلي أن يصبح ما تعلمه ذا معني ومغزي وفي هذه اللحظة يكون الطالب تعلم شيئاً ، وأصبح قادراً علي استخدام ما تعلمه في حياته أو توليد معرفة جديدة ، وهكذا يتحول الطلاب والافراد من مستهلكين للمعلومات إلي منتجين لها(طه علي أحمد علي ، 2005، ص19) 0
البنائية نظرية في المعرفة Theory of Knowledge
كيف يأتي لنا أن نعرف ما نعرفه ؟ وما المعرفة ؟ وما الحقيقة ؟ هذه الاسئلة المهمة ليست فقط لعلماء المعرفة أو الفلاسفة الذين يدرسون نظرية المعرفة ، لكن كذلك للذين يهتمون بالعلوم واللغة والقيم وعلم النفس التعليمي0 هل ما نشاهده من معرفة مطلقة تكون منفصلة عن الفرد أو مطابقة للحقيقة ؟ أو ما نشاهده من معرفة هو جزء من تكوين الفرد وليست خبراته وتجاربه مع البيئة ، هذه الأسئلة ومشابهها يتناول مفهوم البنائية كنظرية معرفية (منال احمد محمدين منصور،2007، ص19)
وكان جان بياجيه شديد الاهتمام بمبحث المعرفة ، وكانت تشغل ذهنه في تلك الأثناء تساؤلات كثيرة مؤداها: ما معنى المعرفة ؟ وكيف يكتسب الإنسان المعرفة ؟ وهل يكتسبها عن طريق حواسه أم عن طريق عقله؟ وكيف تنمو معرفة الطفل عن العالم المحيط ؟ ، كانت تلك الأسئلة وغيرها بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها طاقة بحثه محاولا الإجابة عنها0وربما كان السؤال الذي يدور حول كيفية اكتساب الإنسان للمعرفة ، وكيفية نموها لديه بمثابة المحور الأساسي لذلك البحث ورأي بياجيه أنه للإجابة علي هذا السؤال يجب تتبع النمو المعرفي للأطفال منذ ميلادهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص 82)0
وعليه يجب التعرف علي مفهوم المعرفة عن التربويين والفلاسفة ، وما هي أدواتها
معني المعرفة :
إن مفهوم المعرفة ٍ لم يستقر بعد علي معني محدد فالأدبيات الفلسفية التي عُنيت بتناول المعرفة عبر فترة من الزمن تصل لنحو 2500 عام ٍكثيرة جداً ،ومن هؤلاء الفلاسفة والإبستمولوجيون من ذوي المذاهب المختلفة مثل أرسطو وأفلاطون وديكارت ، فجميعهم لم يتفقوا علي تعريف محدد للمعرفة فكل منهم قدم تصوراً مغايراً بعض الشئ ومن التعريفات العديدة للمعرفة : أن المعرفة هي الخبرة 0حيث تمثل البيئة التي يعيش الإنسان فيها جملة من الخبرات وقد رمز البعض للعلاقة بين الإنسان وبيئته بأنها عبارة عن مثير واستجابة (إرنست، 1999)0
بينما يري (حسنين الكامل،2002) أنه من الافضل التحدث عن ظروف المعرفة لا عن مصادرها ، لأن الإنسان له اهتماماته ورغباته ، ونتيجة تفاعله مع العالم المحيط تتيح الخبرة ، لذلك ينبغي ألا تنعزل عملية المعرفة عن الحياة والتفاعل معها عن الحياة والتفاعل معها فى مواقف تعليمية حيوية0
ويؤكد هذا (Krollk,2004) بقوله إن المعرفة هي نموذج للحقيقة Model وليست الحقيقة ذاتها ولذلك يجب علي المعرفة أن تمثل عالماً حقيقاً، ويري أن المعرفة تنظيم عام يمكن تكوينه من خلال خبراتنا وتفاعلاتنا مع الواقع والبيئة الاجتماعية التي نحياها0
عناصر المعرفة
علي الرغم من عدم اتفاق الكثير من علماء النفس والفلاسفة علي تعريف محدد للمعرفة لكنهم اتفقوا نوعا ما علي أمر واحد يخص المعرفة وهو "عناصر المعرفة " وهي العناصر الواجبة لحدوث المعرفة والتي تتمثل في (حسن حسين زيتون ،كمال زيتون ،2003، ص21) ( حسن زيتون ،كمال زيتون ،1992، ص6 ) هي :
1) الذات العارفة أوالشخص Epistemic Subject وهو الشخص الذي يسعي لإكتساب المعرفة0
2) موضوع المعرفة Epistemic object هو الموضوع الذي تسعي لإكتسابه0
3) العلاقة بين الذات العارفة وموضوع المعرفة Epistemic relation 0
واختلف الفلاسفة كلاً حسب مذهبه في العلاقة بين موضوع المعرفة وصلته بالذات العارفة
فأصحاب المذهب الواقعي يرون أن موضوع المعرفة وجوداً مستقلاً عن الذات التي تدركها ، وأن المعرفة صورة مطابقة لحقائق الأشياء في العالم الخارجي ، فالعالم الخارجي كما هو مدرك في عقولنا ليس إلا صورة للعالم الموجود في الواقع0
أما أصحاب المذهب الواقعي النقدي فالمعرفة عندهم إدراك صورة معدلة بفعل العقل الذي يمكن أن يتجاوز الجزئيات الي الكليات ، فالواقعية تبحث في إمكان معرفة الإنسان للموضوعات الخارجية وتحديد الشروط العلمية اهذه المعرفية0
أما المثاليون فينقسمون الس ثلاث فئات :
(1) فالمثالية عند "أفلاطون" تري أن العقل المدرك يلتزم بموضوع الإدراك ولا يؤثر فيه ، بل إن الموضوع هو الذي يؤثر في عقل المدرك 0
(2) المثالية عند "باركي" فتري أن الوجود يرجع إلي الإدراك فوجود الأشياء معناه أننا ندركها ، فلا وجود لغير المدرك فالوجود سابق للادراك0
(3) المثالية عن "كانت" تميز بين الظواهر الاولية السابقة علي كل تجربة والظواهر التي تكتسب بالتجربة ن ووظيفة العقل هنا أن يكشف لنا عما يجئ من الخارج وما يضيفه الفكر من معاني تجعل التجربة ممكنة0
وعليه فإن المعرفة بالنسبة للبنائية في مفهومها هي الموضوع المعرفي الذي يبحث عنه الطالب
أدوات المعرفة :
هي الأدوات التي تعرف بها الذات العارفة الموضوع المعرفي ، وتتعدد طرق الوصول إلي المعرفة وتتنوع وتسمي أدوات المعرفة ، ومن أهم أدوات المعرفة :
1- أخبار الغير : ويشمل كل ما تقرأه من أخبار في الكتب والمجلات والصحف ومعلومات ، وما نسمعه من الآخرين مباشرة أو عن طريق أدوات الاتصال الحديثة كالإذاعة والتليفزيون وغيرها (كمال زيتون ،2002) 0
2- الحواس والعقل معاً: فالشخص العارف يري أو يلمس أو يحس بالموقف المشكل أو الموضوع المعرفي من خلال حواسه ، ويتنبأ ويصل إلي المعرفة الجديدة من خلال إعمال العقل ، فعملية المعرفة لا تتم علي مرحلتين منفصلتين ، إنما دور الحس ودور العقل فيها متداخلان ومتشابكان ويكمل أحدهما الآخر ، فبدون العقل لا تتم المعرفة وبدون الحواس لا يجد العقل ما يشتغل به، وبذلك يتأكد لنا أنه لا معرفة بدون عقل ولا فكر بدون خبرة حسية (حسن زيتون ،كمال زيتون ،2003، ص23) (حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص10)0
أماكن المعرفة وحدودها وصحتها :
محور هذه القضية الأساسي هو مشكلة المعرفة بين الشك واليقين ، وهي ما قد تسمي بمشكلة الحقيقة Truth وعلى نحو مبسط فإن هذه القضية تختص بمسألة وهي : إلي أي مدي تتطابق معرفتنا عن موضوع معين (موضوع المعرفة) مع حقيقة الشئ المطلق ؟ )حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص8-9( 0
وتختلف الآراء حول هذه المسألة ، فنجد أصحاب مذهب اليقين (المذهب العقلي، المذهب التجريبي ، المذهب النقدي) علي تنوعهم يرون أن كل معرفة سواء أكانت عقلية أم حسية هي صادقة علي الإطلاق ، وليس هناك ما يدعو الي اختبار صحتها0Susan hanley,2001) ( 0
أما أصحاب مذهب الشك علي تنوع فرقهم فيقفون موقفاً معارضاً من أصحاب مذهب اليقين فإنهم ينكرون اليقين المطلق ، ولا يعتقدون بموضوعية المعرفة ، إذ أنههم يجعلون الفرد مقياساً للمعرفة فإذا كنا نشك في المعرفة فإنه ليس بهدف الشك أو الهدم وإنما الشك بهدف الحذر واليقظة وعدم القبول الأعمي0وذلك بهدف الوصول إلي اليقين)حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص8-9 . (
ومن ذلك يتضح أن البنائيين علي اختلاف مذاهبهم ينكرون مبدأ صدق المعرفة أو الحقيقة الموضوعية المطلقة ، ومن ثم فالبنائيون يتفقون مع الذين يرون إمكانية قيام معرفة صحيحة ويقينية وذلك لسلامة الوسيلة التي يستخدمها الفرد في تحصيل هذه المعرفة وهي الحواس والعقل 0
موقف البنائية بالنسبة إلي أنواع المعرفة :
تنقسم المعرفة بالنسبة لدي البنائيين إلي أنواع عديدة)حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص37-39 (:
1-المعرفة الكامنة Knowledge Inert وهي المعرفة المستقرة في العقل والتي لا تظهر إلا إذا تم استدعائها بصورة مباشرة عن طريق سؤال مثل المفردات السلبية أي التي يعرفها الفرد ولكنه لا يستخدمها في الحياة اليومية بصورة منتظمة0
2-المعرفة الروتينية Knowledge Ritual وهي المعرفة التي نستخدمها بصورة روتينية دون أن ندرك معني واضحاً لها مثل الأسماء والتواريخ والقواعد الروتينية في العلوم والرياضيات0
3- المعرفة الأجنبية Foreign Knowledge وهي المعرفة التي تأتي إلينا من منظور يتعارض مع منظورنا الخاص ، مثل ما يحدث في التاريخ حيث ينظر المتعلمون للأحداث التاريخية من منظور المعرفة الحالية وليس من منظور المعرفة السابقة0
بينما يري بياجيه أن المعرفة تنقسم لنوعين (كمال زيتون،2002، ص168)هما :
1-المعرفة الشكلية وتهتم بمعرفة المثيرات0
2-المعرفية الإجرائية وهي التي تصدر من المحاكاة العقلية وتهتم بالكيفية التي تتغير عليها الأشياء0
الجذور المعرفية للبنائية :
أولا :عند المسلمين
علي الرغم من أن البنائية تعد نظرية فلسفية حديثة في التعلم المعرفي إلا أن لها جذوراً تاريخية عميقة 0 فيذكر (عبد الرحمن الزبيدي ،1992، ص499) ( ذكي عدل الدين، عاطف العراقي، 1994 ، ص77) أن الإسلام جعل الادراكات الحسية أساسا تقوم عليه المعارف ولكن الحواس فقط لا تحقق بمفردها المعرفة المطلوبة لأن هذه مهمة العقل من خلال مبادئه الفطرية ، واعتماد الإنسان علي الحواس فقط في الوصول للمعرفة جعله عَرضة لخداعها ولولا كفاية العقل ورجاحته لالتبس في عقول العلماء والناس معتقدات فاسدة عن الخالق0
بينما اهتم البعض الآخر بطبيعة المعرفة وتقسيماتها فمنهم من قسمها إلي توفيقية ومكتسبة ، ومنهم من قسمها إلي معرفة نقلية ومعرفة حسية ومعرفة تقليدية ،ومنهم من قسمها إلي معرفة لدنية كما في قوله تعالي (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) آية 99من سورة طه، ومعرفة وثقي التي تصدر عن كبار العلماء والمختصين كالفتاوى ، والمعرفة العقلية التي تصدر عن طريف العقل والتأمل الفكري، والمعرفة الحسية التي تأتي عن طريق الحواس ولا يمكن الاعتماد علي نمط واحد من هذه الأنماط في اكتساب المعرفة وإنما الاعتماد عليها كلها0
ثانياً :عند فلاسفة الغرب
للنظرية البنائية جذور تاريخية قديمة تمتد إلي عهد سقراط ، لكنها تبلورت إلي صيغتها الحالية علي ضوء نظريات وأفكار كثير من المنظرين أمثال أزوبل ، وبياجيه وكيلي ، وغيرهم 0
وهناك العديد من الفلاسفة الذين تناولوا جذور البنائية :-
1- فتحدث الفيلسوف الإيطالي جيامبتسا فيكو Giambattisa Vico عام1710م تقريبا عن عملية البناء المعرفي في أطروحته ، وأقترض أن عقل الإنسان يبني المعرفة وأنه لا يعرف إلا ما يبنيه بنفسه 0
2- أصحاب المذهب الشكاك أمثال أكسانوفا وديكارت Dekart اللذان شككا في كفاية الحواس وكفاءة العقل في بلوغ اليقين إزاء طبيعة الأشياء 0
3- أصحاب المذهب النقدي من أمثال كانت kant اللذين ذكروا أن العقل ينشىء المعرفة وفقا لتصوره ومقولاته إلا أن هذه الصور والمقولات التي تنطبق على عالم التجربة لا تنطبق علي عالم الشيء بذاته 0
4- أصحاب مذهب الدارونية ومنهم بيير موري P.Moreau ، وايلير E Hilaire ، وروبرت تشمبرز R Chambers ، وتشارلز لييل C Lyell وتشارلز دارون Charles Darwin إذ أوضحوا أن فكرة الموائمة بين الكائن الحي، والبيئة تمثل أساسا للتكيف 0
5- أصحاب المذهب البراجماتي من أمثال وليم جيمس William James وجورج ساميل George Simmel وجون ديوي John Dewey's والذين أشاروا إلي أن المعرفة آلة وظيفية في خدمة مطالب الحياة0
6- صاحب نظرية الابستمولوجيا الارتقائية جان بياجيه Jean Piaget والذي قدم نظريته عن النمو المعرفي عند الأطفال وكيفية اكتساب المعرفة لديهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص27- 30)0
مما سبق نخلص إلي أن فلاسفة الغرب أيضاً شككوا في كفاية الحواس للوصول للمعرفة ، وأكدوا علي أهمية التفاعل بين العقل والحواس للوصول الصحيح إلي المعرفة وهذا هو الأساس الذي قامت عليه النظرية البنائية0
وتعد نتائج البحوث التي أجراها جان بياجيه في نمو المعرفة وتطورها عند الإنسان بمثابة الأساس للفلسفة البنائية بمفهومها الحديث، فقد وضع بياجيه نظرية متكاملة ومنفردة حول النمو المعرفي لدي الاطفال0(محمد عبد الله عبيد ، 2007، ص433)0
كما أن بياجيه لم يقتصر علي وصف التعلم بل وصف عملية تراكم المعرفة في ذهن المتعلم عند تشكيل البني المعرفية لديه ، ويؤكد ذلك (خليل الخليلي ، 1996 ص 58) بقوله إن نتائج تحليل الدراسات التي جاءت تحت مظلة الفلسفة البنائية انتهت إلي أن بياجيه كان قد سبق له التوصل إلي ما توصلت إليه البحوث المعاصرة حول نمو المفاهيم العلمية وتطورها عند المتعلمين وبهذا تكون بحوث بياجيه هي التي وضعت الأساس للفلسفة البنائية0
الملامح الابستمولوجية للبنائية (ملامح المعرفة من وجهة النظر البنائية) :
فيما يلي مجموعة من الخطوط العامة التي قد تعبر عن الملامح المعرفية للبنائية (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص30-31) (حسن زيتون ،كمال زيتون،1992، ص ص28-29) :-
1- البنائية عبارة عن رؤية معرفية تري أن الواقع يدرك بواسطة الذات العارفة0
2- نشاط المتعلم (الذات العارفة) يُعد أمراً جوهرياً لبناء المعرفة ، حني أن بعض منظروا البنائية اعتبروا أن نشاط المتعلم والمعرفة شيئاً واحداً0
3- إن معيار الحكم علي المعرفة لدي البنائيين ليس في كونها مطابقة للواقع ولكنها في كونها عملية ، بمعني أنها تعمل علي تسيير أمور الفرد وحل المشكلات المعرفية ، فهي وسيلة لحل المشكلات0
4- إن المعرفة لا توجد مستقلة عن الذات العارفة بل ترتبط بها وتلازمها0
وتضيف (منال احمد محمدين منصور، 2007 ، ص24) علي ذلك
5- يبني الفرد معرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخـرين ومع البيئة المحيطة0
ويتفق هذا مع ما ذهب إليه "فيوجوتسكي"في أن العمليات العقلية يمكن أن تنمو من خلال عمليات
التفاوض الاجتماعي (Woolfolk,Anita.E,1995,P82)0
ويضيف كاننجهام (Cunningham,1991,p15) أن دور المعلم هو تعليم المتعلمين كيفية بناء
المعرفة وأن يعزز لديهم التعاون مع الآخرين لكي ينسبوا تعدد الرؤى المختلفة تجاه أي مشكلة مطروحة0
الافتراضات المعرفية للبنائية:
اتفق منظروا ومؤيدوا البنائية أمثال (Vygotsky,1983)، (V.Glasserfeld,1989) (Wheatly,1991, pp 9-18) ، (Perkins,1991,pp19-21)، (Cunningham,1991)
(Jonassen,1992)(Spiro,1991) (Merrill,1991)، (Saunder,1992,pp139-140) (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 1992، ص ص 18-22) ، ( حسام مازن ، 1993، ص ص 45-49) ( Appleton,1997,pp303-318) ، (مني سعودي،1998، ص ص780-783) ،( محمد ربيع حسني ، 2000 ، ص ص9-13)، (خليل رضوان خليل ، عبد الرازق سويلم ،2001 ، ص ص112-113)، ( عفت مصطفي الطناوي ،2002، ص ص11-12)، (أمين فاروق فهمي ،2002، ص22)، (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص32-45) علي أن البنائية تقوم علي افتراضين أساسين هما:- أولهما : يختص باكتساب المعرفة وثانيهما : يختص بوظيفة المعرفة وصحتها
الفــــــــــرض الأول
" يبني الفرد الواعي المعرفة اعتماداً علي خبرته ، ولا يستقبلها بصورة سلبية من الآخريــــــن"
ويذكر ساند رز أن المعرفة تتشكل بداخل عقل المتعلم كنتيجة لتفاعل حواسه مع العالم المحيط ، ولا يمكن أن يتشكل هذه المعني أو الفهم عنده إذا قام المعلم بسرد المعلومات له ، أي أن المعرفة تكون متأصلة في عقل المتعلم وليست كياناً مستقلا يجري نقله إلي عقله من الطبيعة أو من المعلم ، والتعلم هنا عملية مستمرة يعيد خلالها الفرد تنظيم ما يمر به من خبرات بحيث يسعي إلي فهم أوسع وأشمل من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات التي تمكنه من ربط المعلومات الجديدة بما لديه من معرفة سابقة ، تمكنه من إعادة تشكيل المعاني السابقة لديه بما يتفق مع المعاني العلمية السليمة0
وبالنظر إلي هذا الفرض يمكن اكتشاف بعض النقاط الهامة المتصلة باكتساب المعرفة من منظور البنائية وهي:-
1- يبني المتعلم المعرفة الخاصة به بنفسه عن طريق استخدام عقله 0
2- معرفة المتعلم دالة لخبرته ، أي أن المعرفة ذات علاقة بخبرة المتعلم وممارسته ونشاطه في التعامل مع معطيات العالم المحيط به0
3- تأخذ الأفكار والمفاهيم والمبادىء معني داخل كل متعلم قد يختلف عن المعني لدي متعلم آخر0
ويعّبر عن ذلك ويتلي (Wheatly,1991,p11) بقوله : إن الاتصال الذي نجربه مع الآخرين لا يؤدي إلي انتقال أفكارنا إليهم بنفس المعني الموجود في عقولنا ، بل إن تعبيرنا يثير معانِ مختلفة لدي كل فرد من الأفراد0
كما يتفق (وديع مكسيموس ، 2003 ، ص 51) مع ويتلي بقوله : يجب علي المعلم تشجيع التلاميذ علي معارفهم بأنفسهم ، وان يقدم لهم أحداث تتحدي هذه الأفكار وتشجع علي تكوين تفسيرات متعددة، كما يجب تشجيع التلاميذ علي القيام بالأنشطة حني يحدث لديهم تعلم ذا معني0
الفــــــــــرض الثانـــــــي
" إن وظيفة العملية المعرفية هي التكيف مع تنظيم العالم التجريبي وخدمته ، وليس اكتشاف الحقيقة الموجودة المطلــــــقة "
ويقصد بالعملية المعرفية : العملية التي يصبح الفرد بمقتضاها واعياً بموضوع المعرفة ، وتشمل الإحساس والإدراك والانتباه والتذكر والاستدلال وغيرها، ويقصد بالحقيقة المطلقة : حقيقة الأشياء كما هي معلومة عند الله سبحانه وتعالي0
وبناء علي ما سبق تتضح لنا وجهة نظر منظري البنائية في مسألة وظيفية المعرفة، إذ يرون أن بناء المعرفة عملية بحث عن المواءمة بين المعرفة والواقع وليس بعملية مقابلة بينهما ، أي أن البنائية تنظر إلي المعرفة علي أنها وسيلية0
كما تتضح أيضا وجه نظرهم حول الحقيقة المطلقة ، فيؤكد البنائيون أنه ليس في استطاعة الإنسان اكتشاف حقيقة الوجود المطلق للأشياء ، وعبّر عن ذلك (Wheatly,1991,p12) بقوله : إننا لا نملك العيون التي تساعدنا علي إدراك العالم الخارجي الواقعي أو رؤيته في كليته ، ولذلك يمكننا معرفة العالم فقط من خلال حواسنا0
أي أن البنائيون ينكرون فرضية الحقيقة الموضوعية المطلقة حيث أن المعرفة متصلة بنشاط الفرد ولا توجد حقيقة منفصلة عنها0
بياجيه والنظرية البنائية :
كان جان بياجيه شديد الاهتمام بمبحث المعرفة ، وكانت تشغل ذهنه في تلك الأثناء تساؤلات كثيرة مؤداها :
ما معنى المعرفة ؟ وكيف يكتسب الإنسان المعرفة ؟ وهل يكتسبها عن طريق حواسه أم عن طريق عقله؟ وكيف تنمو معرفة الطفل عن العالم المحيط ؟ ، كانت تلك الأسئلة وغيرها بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها طاقة بحثه محاولا الإجابة عنها0وربما كان السؤال الذي يدور حول كيفية اكتساب الإنسان للمعرفة ، وكيفية نموها لديه بمثابة المحور الأساسي لذلك البحث ورأي بياجيه أنه للإجابة علي هذا السؤال يجب تتبع النمو المعرفي للأطفال منذ ميلادهم0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص 82)0
وأكتشف أن الفرد يمر بمراحل في التطور العقلي هذه المراحل ترتبط بمجالات عقلية معينة0 والمراحل هي المرحلة الحسية الحركية، ومرحلة التفكير الصوري ، ومرحلة العمليات المحسوسة ، ومرحلة العمليات الشكلية0 ويوجد الأطفال الصغار في مرحلة التفكير الصوري بينما يوجد معظم تلاميذ المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مرحلة العمليات المحسوسة ومرحلة العمليات الشكلية، مع وجود عدد منهم فيما بين المرحلتين0 (زيد الهويدي ، 2005 ، ص300)0
والمراحل العمرية التي حددها جان بياجيه كالأتي:-
1. مرحلة الحس الحركية (Sensori -motor Stage) تمتد من الميلاد وحني نهاية السنة الثانية0
2. مرحلة التفكير الصوري(Preoperational Stage)تمتد من سنتين وحني سبع سنوات
3. مرحلة العمليات المحسوسة (Concrete operational Stage) وتمتد من سبع سنوات وتمتد حني احدي عشر عاماً 0
4. مرحلة العمليات المجردة (Formal operational Stage) وتمتد من احدي عشر عاما وما بعدها0
ويؤكد بياجيه علي الترتيب السابق لمراحل النمو العقلي إلا أن الفترة الزمنية لكل مرحلة ليست مطلقة ولكن يختلف سن دخول كل مرحلة والخروج منها من شخص لآخر ومن ثقافة لاخري (فايزة مصطفي ، 1991 ، ص462) 0
ومن الملاحظ هنا أن المراحل التي حددها بياجيه للنمو العقلي للإنسان تتماشي مع المراحل التي حددها علماء النفس للنمو وهي (حنان مصطفي احمد ، 2002 ، ص ص22- 23) :
1- مرحلة المهد (الميلاد - سنتين)
2- مرحلة الطفولة المبكرة (2-7 سنوات)
3- مرحلة الطفولة المتأخرة (7- 12 سنة)
4- مرحلة المراهقة (12- 20 سنة)
ويُلاحظ أن بياجيه وصف هذه المراحل بالتفصيل كما أنه قدم وصفاً دقيقا لمظاهر النمو العقلي للمعرفي للإنسان في كل مرحلة من هذه المراحل ، ولكنه لم يقدم ما يفعله المعلم في مواقف التعلم لإحداث التعلم لدي المتعلم في مرحة من تلك المراحل0
وملخص نظرية بياجيه في التعلم المعرفي البنائى ينص علي أن عملية اكتساب المعرفة عملية بنائية مستمرة ونشطة ، وتتم من خلال تعديل في المنظومات أو التراكيب المعرفية للفرد بواسطة آليات عملية التنظيم الذاتي (التمثيل والمواءمة) بهدف تكيف الفرد مع الضغوط المعرفية البيئية (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص95)0
ولهذه النظرية شقان أساسيان مترابطان (وديع مكسيموس ،2003 ، ص50) هما الحتمية المنطقية وتختص بمراحل النمو المعرفي ، وبنائية المعرفة وتختص بكيفية بناء المتعلم للمعرفة ويوضح الشكل التالي نموذج تخطيطي لنظرية بياجيه
نظرية بياجيه في النمو المعرفي
بنائية المعرفة وتختص كيفية بناء المتعلم للمعرفة
الحتمية المنطقية وتختص بالعمليات المنطقية وتمر بأربع مراحل
التفكير الحركي من الميلاد وحني سنتان
ما قبل العمليات من سنتين وحني 7سنوات
العمليات العيانية من 7سنوات وحتي11 سنة
العمليات الشكلية من11سنة وما بعدها
التنظيم
التمثيل
الاستيعاب
التكيف
التوازن
شكل (1)
رسم تخطيطي لنظرية بياجيه في النمو المعرفي
وكما هو واضح من الشكل السابق فان بياجيه ينظر للنمو المعرفي من منظورين هما :-
المنظور الأول: التراكيب المعرفية (العقلية)
يري بياجيه أن التعلم المعرفي ما هو إلا نمو أو تعديل في التراكيب المعرفية ، كما يرى أن التكيف العقلي أو المعرفي يقتضي وجود مجموعة من التراكيب المعرفية أو العقلية داخل عقل الإنسان وأن هذه التراكيب المعرفية لا يمكن ملاحظتها مباشرة وإنما يستدل عليها من سلوك الإنسان ، كما أنها تكون في حالة تغير مستمر وخاصة أثناء فترة الطفولة والمراهقة (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص87- 89)0أي أن معارف الفرد تنمو بنمو عقله أي بتطور ذهنه، وهذا التطور والنمو تدريجي عبر مراحل الأربعة التي حددها بياجيه كما بالشكل السابق
المنظور الثاني: الوظائف العقلية
ويقصد بالوظائف العقلية : تلك العمليات التي يلجأ إليها المتعلم عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها ،وهي خصائص عامة للنشاط العقلي لدي المتعلمين0وتقتصر تلك الوظائف التي لا تتغير مع العمر (حسام مازن ، 2007 ، ص94) علي : -
الوظيفة الأولي : التنظيم ويقصد بها ميل الفرد إلي ترتيب وتنسيق العمليات العقلية في أنظمة كلية ومتناسقة
الوظيفة الثانية : التكيف ويقصد بها ميل الفرد إلي التآلف مع البيئة التي يعيش فيها0
وتعتبر هاتان الوظيفتان أساسيتين لبقاء الكائن الحي0فالانسان لا يستطيع أن يبقي إلا إذا نظم العمليات البيولوجية والعقلية0000 بطريقة تحقق التناسق والتكامل فيما بينها كما أنه لا يستطيع البقاء إذا لم يتمكن من التكيف مع البيئة التي يعيش فيها0
والنمو المعرفي للمتعلم ما هو إلا نمط مستمر من أنماط التكيف المتدرج المستمر بين عمليتين عقليتين متكاملتين هما : الأولي : التمثيل ويقصد به ميل الفرد لدمج أمورا من العالم الخارجي في بنائه العقلي ، أو تنظيم الخبرات الجديدة مع
التكوينات الموجودة أصلاً0
الثانية : الاستيعاب ويقصد به إعادة تنتظيم البنية المعرفية للفرد لكي تتوافق مع متطلبات البيئة ، أو هو ميل الفرد
لتغيير استجابته ليتلاءم مع البيئة المحيطة به0
مفاهيم بياجيه المرتبطة بالتصور البنائي لاكتساب المعرفة
أنواع المعرفة Types Of Knowledge
يميز بياجيه بين نوعين من المعرفة هما :-
1) المعرفة الشكلية : والتي تشير إلي معرفة المثيرات بمعناها الحرفي أي أنها تعتمد علي التعرف علي الشكل العلام للمثيرات ، وتهتم هذه المعرفة بالأشياء في حالتها الساكنة في لحظة زمنية معينة، وهذه المعرفة لا تنبع من المحاكاة العقلية0
2) المعرفة الإجرائية: وهي المعرفة التي تنطوي علي التوصل إلي الاستدلال في أي مستوي من المستويات ، أي أنها تهتم بالكيفية التي تتغير بها الأشياء ، وهذه المعرفة تنبع من المحاكاة العقلية0(حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص 85) (كمال زيتون ، 2002، ص186)0
التكيف Adaptation
هو ميل الفرد إلي التآلف مع البيئة التي يعيش فيها ، ويري بياجيه أن تكيف الإنسان للبيئة ليس تكيفاً حيوياً فقد ولكنه عقلي أيضاً ، وأن الإنسان يسعى دائماً للتكيف مع عوامل البيئة المحيطة، وتوصل بياجيه إلي أن الأفعال العقلية هي التي تؤدي إلي نمو معارف المتعلم عن المثير ، لذلك فإن التعلم المعرفي لدي المتعلم ينشأ نتيجة للتكيف العقلي مع مؤثرات البيئة المحيطة به0(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 1992 ، ص39) (حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص ص 86-87)0
التراكيب المعرفية Cognitive Structures
يري بياجيه أن الإنسان عندما يتكيف بيولوجياً (حيويا) مع البيئة التي يعيش فيها فإنه يستخدم عدداً من التراكيب الجسدية والمعرفية (العقلية) ، وتختلف التراكيب معرفية عن التراكيب الجسدية في أن التراكيب المعرفية لا بمكن ملاحظتها مباشرة وإنما نستدل عليها من سلوك الإنسان ، وتنشأ التراكيب المعرفية من وجهة نظر بياجيه من صغره حيث أن الطفل يولد ولديه مجموعة من التراكيب العقلية الفطرية وأطلق عليها لفظة الصور أو المخططات الإجمالية العامة ، وهي تخضع لعملية تغيير مستمرة خاصة أثناء فترة الطفولة والمراهقة مما يؤدي إلي تكوين تراكيب عقلية جديدة0(العجيلي سركز ، ناجي خليل ، 1993،ص51)،( حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003 ، ص ص87-89)0
عملية التنظيم الذاتي Self Regulation أو الموازنة Equilibration
يري بياجيه أن هذا العامل من أهم العوامل المسئولة عن التعلم المعرفي للمتعلم ، لأنه يلعب الدور الرئيسي في النمو أو التعديل المستمر في التراكيب المعرفية ، كما يفترض بياجيه أن هناك عمليتين أساسيتين تحدثان أثناء عملية التنظيم الذاتي هما :-
1- التمثل: Assimilation
وهو عملية عقلية مسئولة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في تراكيب معرفية موجودة عند الفرد المتعلم ، ويوجد تشابه بين تمثيل الغذاء وتمثيل المعرفة ، فتمثيل الغذاء يعني تحول الغذاء من صورة لاخري بحيث يصبح جزءاً من تراكيب الجسم ، أما تمثيل المعرفة فيعني تلقي المعلومات عن أحداث البيئة وفهمها واستخدامها في نشاط ما موجود بالفعل في ذخيرة الكائن الحي من الأنشطة ، ولا يحدث هذا إلا إذا نجح الفرد في إحداث التكامل بين الخبرات الجديدة والخبرات السابقة لديه (آمال صادق، فؤاد أبو حطب ، 1990، ص176)
2- المواءمة Accommodation
هي عملية عقلية مسئولة عن تعديل البنيات المعرفية لتناسب ما يستجد من مثيرات0
والتمثيل والموائمة عمليتان متكاملتان لبعضهما البعض ، ونتيجتهما تصحيح البنيات المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة علي التعميم، كما أنها عملية مستمرة ولذلك فهي وسيلة الكائن الحي للتكيف مع البيئة المحيطة به0(حسن زيتون ، كمال زيتون، 2003، ص ص89-93) ، (حسن زيتون ، كمال زيتون، 1992 ، ص ص 42-44)0
قي حين يري (أمين فاروق فهمي ،2002، ص 25) أن عملية التنظيم الذاتي تمر بثلاث مراحل أساسية هي:
1- التمثل : وهو عملية عقلية مسئولة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في بنيات معرفية موجودة عند الفرد المتعلم0
2- المواءمة :هي عملية عقلية مسئولة عن تعديل البنيات المعرفية الموجودة لدي المتعلم لتناسب ما يستجد من مثيرات 0
3- التنظيم: ويشمل المرحلتين الأولي والثانية ويتم فيه تصحيح البنيات المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة علي التعميم ، وتكوين المفاهيم0
التراكيب المعرفية في مستوي أولي من التفكير
أنماط من التفكير تفوق مستوى التراكيب العقلية
اختلال توازن التراكيب المعرفية
تكيف التراكيب المعرية خلال المماثلة والمواءمة
انتظام التراكيب المعرفية في توازن جديد ويمكن توضيح خطوات عملية المواءمة من خلال الشكل التالي(رشدي فتحي كامل، زينب محمد أمين ،1996 ، ص128)
شكل ( 2 )
خطوات عملية المواءمة
تطبيقات نظرية بياجيه في تدريس العلوم0
قدمت نظرية بياجيه العديد من الأفكار والمعلومات التي يمكن الاستفادة منها في جميع المجالات التربوية والتخطيط لها،ومن هذه المعلومات ما يتعلق بالمراحل التي يمر بها النمو العقلي عند الأطفال، وخصائص كل مرحلة 0كل هذه المعلومات تسهم في عملية تخطيط وتطوير المناهج وتنفيذها0 (عبد السلام مصطفي عبد السلام،2001، ص98)0
وفي ضوء هذه النظرية يتطلب من المعلم أن يعرف طلابه ويعرف مستويات نموهم العقلي، ثم يبدأ في التخطيط للدروس والنشاطات التعليمية وتنفيذها ، واختيار طرق التدريس المناسبة بناءً علي ما يناسب مستوياتهم وخبراتهم السابقة ورغباتهم، لأن بياجيه أكد علي أن التعلم يكون ذا معني إذا رُوعيت قدرات الطلاب ورغباتهم وميولهم ، كما أكد بياجيه علي تعامل الطفل مع بيئته ، وأن الطفل يتعلم بشكل أفضل عندما يتفاعل مع بيئته ومع الأشياء المحسوسة فيها 0(عبد السلام مصطفي عبد السلام،2001، ص98)0
البنائية المعرفية وعملية التدريس
ركزت المدرسة دهراً من الزمان علي نقل المعارف إلي المتعلمين وكان لذلك ما يبرره، إذ خشي المربون من اندثار تراثهم المعرفي فعمدوا إلي محاولة تخزينه في عقول المتعلمين، ولهذا أوكل المجتمع إلي المدرسة هذه المهمة0
ومما لا شك فيه أن المدرسة المعاصرة تقيّم التعلم والتعليم علي ضوء فلسفات مغايرة لتلك التي كانت تتبعها فيما مضي، وتحول الاهتمام إلي المتعلم ومدي نشاطه في عملية التعلم ، وبالتالي فقد تغيرن النظرة وفقاً للنظرية البنائية المعرفية إلي بعض المفاهيم المرتبطة بعمليتي التعليم والتعلم ومن هذه المفاهيم (التعلم – التعليم – بيئة التعلم – المحتوي – الأهداف التعليمية - دور المتعلم - دور المعلم – استراتيجيات التدريس – التعزيز - التقويم)0
أولا ً: التعــــــــــــلم
التعلم البنائى في ابسط صورة هو أن يبنى المتعلم معرفته بنفسه من خلال تفاعله مع مادة التعلم وربطها بمفاهيم سابقة وإحداث تغييرات بها ، علي أساس أن المعاني الجديدة تتحول إلى عملية توليد لمعرفة متجددة0
وبالتالي فالتعلم البنائى هو عملية بناء معنى داخل المتعلم نتيجة خبراته الحسية مع العالم المحيط به عن طريق بناء وتعديل التراكيب العقلية له (Cunningham , 1991,pp13-17)
ويحدث التعلم البنائى عندما تكون الأفكار المراد تعلمها مرتبطة بطريقة ما في ذاكرة المتعلم ، ويحدث ترابط بين الأفكار الجديدة وما هو موجود بالبنية المعرفية للمتعلم وفى نفس الوقت يتم الترابط بين هذه المعلومات والأفكار والمفاهيم جميعاً فيما بينهم بطريقة يتم تعديلها وينتج عنها مفاهيم وأفكار جديدة تساهم في نمو البنية المعرفية وتطويرها0
ويُبني التعلم في ضوء النظرية البنائية المعرفية علي خمسة مبادئ (افتراضات) رئيسة (عفت مصطفي الطناوي ، 2002 ، ص ص12-17 )( حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص 96-99) (وديع مكسيموس،2003، ص5) (حسنين الكامل،2002،ص10) هـــي :-
1- التعلم عملية بنائية نشطة ومستمرة وغرضية التوجيه0
ويقصد بالعملية البنائية أن التعلم عملية بناء تراكيب جديدة تنظم وتفسر خبرات الفرد في ضوء معطيات العالم المحيط به ، كما يقصد بالتعلم عند البنائيون : أنه عملية بناء تراكيب من الخبرة ، ويري (حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص 96-99) أن التعلم عملية بنائية : يعيد خلالها الفرد تنظيم ما يمر به من خبرات بحيث يصل لفهم أوسع من ذلك الفهم الذي توحي به الخبرات السابقة0
ويقصد بأن التعلم عملية نشطة : أن المتعلم يبذل جهداً عقلياً لاكتشاف المعرفة بنفسه0
ويقصد بأن التعلم عملية غرضية التوجيه : أن التعلم غرضي يسعى خلاله الفرد لتحقيق أغراض معينة تسهم في حل المشكلة التي يواجهها ، أو تجيب عن أسئلة محيرة لديه وهذه الأغراض هي التي توجه أنشطة المتعلمين وتكون بمثابة قوة الدفع الذاتي له وتجهله مثابراً في تحقيق أهدافه0
2- المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء التعلم ذي المعني0
حيث إن التفاعل بين معرفة المتعلم الجديدة ومعرفته السابقة ُتعد من أحد المكونات الهامة في عملية التعلم ذي المعني0
3- الهدف الجوهري من عملية التعلم هو إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية
الممارسة علي خبرة الفرد0
والمقصود بالضغوط المعرفية هي عناصر الخبرة التي يمر بها الفرد والتي لا تتوافق مع توقعاته ، وتؤدي إلي إحداث حالة من الاضطراب المعرفي لدي الفرد نتيجة مروره بخبرة جديدة عليه ، وهدف التعلم هو إحداث التوافق مع هذه الضغوط لدي المتعلم0
4- مواجهة المتعلم بمشكلة أو مهمة حقيقية تهيىء أفضل ظروف للتعلم 0
فالتعلم القائم علي حل المشكلات يساعد التلاميذ علي بناء معني لما يتعلمونه ، وينمي الثقة لديهم في قدراتهم
علي حل المشكلات ، فهم يعتمدون علي أنفسهم ولا ينتظرون أحداً لكي يخبرهم بحل المشكلة بصورة جاهزة0
5- تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع
الآخـــــــــرين 0
أي أن الفرد لا يبني معرفته عن الظواهر الطبيعية للعالم المحيط به من خلال أنشطته الذاتية التي يكّون من خلالها معاني خاصة بها في عقله فقط ، وإنما يبنيها من خلال مناقشة ما وصل إليه من معاني مع الآخرين مما يترتب عليه تعديل المعاني والأفكار فيما بينهم ، شرط أن يكون المعلم موجها وميسراً للتعلم لا ملقناً له0(حسن زيتون، كمال زيتون،1992 ، ص 55)0
ويتفق هذا مع ما ذهب إليه "فيوجوتسكي"في أن العمليات العقلية يمكن أن تنمو من خلال عمليات التفاوض الاجتماعي (Woolfolk,Anita.E,1995,P82)0
ويضيف كاننجهام (Cunningham,1991,p15) أن دور المعلم هو تعليم المتعلمين كيفية بناء المعرفة وأن يعزز لديهم التعاون مع الآخرين لكي ينسبوا تعدد الرؤى المختلفة تجاه أي مشكلة مطروحة0
ويوضح النموذج التالي لساندرز كيفية حدوث التعلم من المنظور البنائي0
الكون الطبيعي المادي المحيط بالفرد (الظواهر والأشياء)
عملية التمثيل
العلم المعرفي والتراكيب العقلية والأفكار والمعتقدات
ملاحظات وقياسا ت
وعمليات أخري
الاختلافات بين التوقعــات مع والملاحظات والقياسات يؤدي إلي
توقعات وتنبؤات عن
الظاهرة (الشيء والحدث)
عدم التوازن
يدفع المتعلم إلي
المواءمة العالم الخارج العالم الداخلي
شكل (3)
كيفية حدوث التعلم من المنظور البنائي
ثانياً :التعليم البنائـــــي
يهدف التعلم البنائي إلي مساعدة المتعلمين علي اكتساب وتحقيق أهداف تعليمية تستهدفها المؤسسات التربوية وتنادي بها لتحقيق التنمية الشاملة حيث يهتم التعليم البنائى بما يفعله المعلم من تجهيز للبيئة المعرفية وتحديد للأهداف والأنشطة التعليمية والتقويم0
فيري(Jonassen,1991,p6) أن المتعلم هدفه الوصول إلي المعرفة ، أما المعلم فهدفه كيف ينقل هذه المعرفة إلي المتعلم ، ولما كان المعلم هو الموكل له رسمياً عملية التعليم ، ونظراً للتطورات والتغيير المستمر في المناهج التربوية ، أصبح المعلم مهمته أن يساعد المتعلمين في تفسير الوقائع لهم وأخبارهم عن العالم المحيط ، وينتظر منهم أن يدركوا محتواه ومكوناته في تفكيرهم0
وبالتالي يكون أساس التعليم البنائي هو التفاعل بين المعلم والمتعلم وما يصاحبه من اكتساب المتعلم للعديد من المهارات المختلفة ، كما أن التفاعل المستمر بين المعلم والمتعلم يجعل المتعلم نشطاً في استقباله للمعلومة وملاحظتها ، ومن ثم فالتعليم البنائي يساعد المتعلم علب أن يتعلم تعلماً فعالا ، أي أن يعرف وبعمل ويطبق ويستخدم عملياته الخاصة ، بحيث يتفاعل المتعلم مع الموقف التعليمي ويحرك تفكيره ويثير دوافعه ومشاركته الإيجابية0
ثالثاً : بيئة التعلم
يصف كيفن وآخرون (Kevin , 2004 ) بيئة التعلم بأنها المكان الذي يحتمل أن يعمل فيه المتعلمون معاً ويشجع بعضهم بعضاً ، مستخدمين في تحقيق ذلك الأدوات المختلفة ومصادر المعلومات المتعددة لتحقيق الأهداف التعليمية وأنشطة حل المشكلات0
أي أن بيئة التعلم بيئة مرنة تهتم بالتعلم ذي المعني والذي يحدث من خلال الأنشطة الحقيقية التي تساعد المتعلم في بناء الفهم وتنمية المهارات المناسبة لحل المشكلات التي تقابلهم0
كما يجب أن تتصف بيئة التعلم البنائي بممارسة المتعلمين للخبرات الحسية المباشرة والتعامل مع المواد والأجهزة بأنفسهم عن طريق ملاحظاتهم وأنشطتهم والتي يمكن أن يقوم بها كل متعلم بمفرده أو من خلال التعاون مع زملاءه (Saunders , 1992 , pp 138-140)
كما يجب أن تشجع المتعلمين علي التعاون مع بعضهم البعض في اتخاذ القرار للخروج بأفكار جديدة وابتكارات وأشياء ذات معني0
خصائص بيئة التعلم البنائية
أوردت العديد من الدراسات تحليلا لمواصفات هذه البيئة والتي تسهم في التحول من التركيز على المعلم إلي التركيز على المتعلم ومن أبرز هذه الخصائص(حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003 ، ص ص170- 171 ) :-
1. أن يكون المتعلم نشطاً في ربط المعارف الجديدة بالمعارف التي يمتلكها0
2. تحكم المتعلم في عملية تعلمه وفي معدلها عند تفاوضه مع زملائه داخل الفصل0
3. التأكيد علي بناء المعرفة بدلا من إعادة سردها0
4. تقديم بيئات تعلم حقيقية ترتبط بمشكلات العالم الفعلي0
5. تدعيم التعاون في بناء المعرفة0
6. تتغلب بيئة التعلم البنائية علي الأسباب التي تعوق المتعلمين0
رابعاً : الأهداف التعليمية
يجب علي المعلم أن يحدد أهدافه بحيث تتناسب مع مراحل النمو التي يمر بها غالبية تلاميذه ، كما يجب علي المعلم إشراك المتعلمين في تحديد أهداف التعلم وذلك من خلال التفاوض الاجتماعي بينهم وبين المعلم بحيث تتضمن أهدافاً عامة لمهمة التعلم يسعى جميع المتعلمين إلي تحقيقها ، بالإضافة إلي أهداف شخصية تخص كل طالب أو مجموعة من الطلاب تسعي كل مجموعة لتحقيقها من خلال الأنشطة الخاصة بها0
خامساً : المحتــــــــــــوي
يُقدم المحتوي من الكل ثم يتعرض للأجزاء الصغيرة مع التركيز علي المفاهيم العامة ، ويجب أن ُيصاغ المحتوي في النموذج البنائي في صورة مهام أو مشكلات أو أنشطة حقيقة ذات صلة بواقع التلاميذ وحياتهم ، كما يجب أن تكون هذه الأنشطة بسيطة تلائم مستوي المتعلمين وترتبط بمعرفتهم السابقة0
ويؤكد هذا كاننجهام (Cunningham ,1991 , p15) بقوله إن المعلومات التي يتم تزويد المتعلمين بها يجب ألا تكون عبء دراسي عليهم بل يجب أن تساعدهم في فهم الأنشطة التي يقومون بها0
سادساً : الأنشطة والوسائل التعليمية
يؤكد التربويون علي أهمية استخدام عمليات العلم مثل الملاحظة ، القياس ، التصنيف ، الاستنتاج، فرض الفروض ، التجريب ، ضبط المتغيرات وغيرها حيث أن تلك العمليات تساعد المتعلم في بناء التراكيب العقلية حول موضوع الدرس 0
فاستخدام الأنشطة والوسائل التعليمية المتعددة تمكن الطالب من جمع المعلومات حول المشكلة أو النشاط الذي يحاول القيام به بمفرده أو مع المجموعة التي ينتمي إليها في النشاط ، كما يجب أن تكون الوسائل التعليمية التي يستخدمها الطلاب مرتبطة بالبيئة المحيطة بهم 0
ويؤكد ساندرز (Saunders ,1992) علي أهمية توفير كل الأدوات والأجهزة والوسائل التعليمية للطلاب قبل البدء في حل المهام أو الأنشطة0
ثامناً : دور المعلــــــم
تتعدد الأدوار التي يقوم بها المعلم من وجهة نظر المنظور البنائي كما أشار إليها كل من ( مديحة محمد ، 2000، ص320 ) ( وليم عبيد، 2002، ص19 )( حسن زيتون، كمال زيتون ،2003 ، ص ص143-144)( وديع مكسيموس ،2003، ص ص 58-59) ومن هذه الأدوار:
1- ينظم بيئة التعلم بحيث يتوفر فيها جو الانفتاح العقلي وإصدار القرارات0
2- يلاحظ أفعال الطلاب ويستمع لإجاباتهم وتساؤلاتهم0
3- تهيئة فرص للمتعلمين تسمح لهم ببناء معرفة جديدة 0
4- يكون مصدر واحد من مصادر المعلومات وليس المصدر الاساسي0
5- يوفر خبرات تعليمية لبناء المعرفة0
6- يشارك في إدارة التعليم وتقويم التعلم0
7- يكون نموذج يكتسب منه التلاميذ الخبرة0
8- تشجيع التلاميذ علي الاندماج في حوارات مع بعضهم البعض0
9- يشجع المتعلمين علي التعبير عن أفكارهم بطرق متعددة 0
10- يستخدم استراتيجيات تدريسية فعالة0
11- يعطى أسئلة تتطلب تفكيرا عميقا ومشكلات مفتوحة النهاية0
تاسعاً : دور المتــــعلم
تتعد أدوار المتعلم البنائي (مديحة محمد ، 2000، ص ص328-329 )( حسن زيتون ، كمال زيتون ، 2003، ص ص175-176) لتشتمل علي المتعلم النشط ، والمتعلم الاجتماعي ، والمتعلم المبتكر 0
المتعلم النشط The Active Learner
وهو يقوم بدور نشط في عملية التعلم ، حيث يقوم بالمناقشة وفرض الفروض والنقض وبناء المعرفة بدلا من الاستقبال السلبي للمعلومات، أي أن الدور النشط للمتعلم يتمثل في الاكتساب النشط للمعرفة وفهمها0
المتعلم الاجتماعي The Social Learner
تؤكد البنائية دائما علي أن المعرفة والفهم (معرفة المتعلم) لها صفة اجتماعية ، حيث أن المتعلمين لا يكونوا الفهم لهذه المعارف بصورة فردية ، ولكن بصورة اجتماعية عن طريق التفاوض والمحادثة بين المتعلمين أثناء عملية التعلم ، أي أن الدور الاجتماعي للمتعلم يتمثل في اكتساب المعرفة وفهمها بصورة اجتماعية0
المتعلم المبتكر The Creative Learner
تؤكد البنائية علي ضرورة اكتساب الطلاب للمعرفة وهي بذلك لا تكتفي بجعل الطلاب نشطين في عملية التعلم فقط ، بل يجب توجيه الطلاب لإعادة اكتشاف النظريات العلمية أي إعادة اكتشاف المعرفة بانفسهم0
مما سبق يخلص الباحث إلي أن الدور الأساسي للمتعلم في ظل البنائية هو الدور النشط ، وأثناء الممارسة يصاحب هذا الدور النشط الدور الاجتماعي أو الدور الابتكاري0
عاشراً : استراتيجيات التدريس
تعتمد استراتيجيات التدريس القائمة علي الفكر البنائي علي مواجهة المتعلمين بموقف مشكل حقيقي في محاولة لإيجاد حلول له ، وذلك من خلال البحث والتقصي والتفاوض الاجتماعي حول تقويم، وتحديد أكثر هذه الحلول فعالية0ويوجد العديد من استراتيجيات التدريس القائمة علي الفكر البنائي منها :-
1- استراتيجية دورة التعلم 0 2- استراتيجية الشكل (V)0
3- استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلة0 4- استراتيجية التعلم التعاوني0
5- نموذج التغير المفهومي " لبوسنر " 0 6- نموذج التعلم الواقعي0
7- نموذج التحليل البنائي لـ "أبلتون" 0 8- نموذج التدريس المفصل0
9- نموذج التعلم البنائي0
حادي عشر: التعـــــــزيز
تتم عملية التعزيز من المنظور البنائي بطريقتين إحداها خارجية من قبل المعلم للمتعلم ، والاخري داخلية يعزز فيها المتعلم نفسه عن طريق مقارنة ما وصل إليه بما كان يتوقعه ، وينتج عن ذلك ارتباط بين المعرفة الجديدة والبنية العقلية للمتعلم ، كما أن التعزيز الداخلي أكثر تأثيرا من التعزيز الخارجي0
ثاني عشر : التقـــــــــويم
يلاحظ الباحث من خلال قراءاته حول البنائية أن البنائيين يشيرون ضمناً إلي ضرورة تقويم المتعلمين أثناء قيامهم بالأنشطة ، ويؤكد ذلك جوناسين (Jonassen ,1991 , p29) بقوله علي الرغم من أن أصحاب الفكر البنائي لم يحددوا أسلوب معين للتقويم إلا أنهم يولون اهتماما كبيرا بالتقويم التكويني أو المستمر ، ويعرف التقويم البنائي : بأنه العملية التقويمية التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعلم ، والذي يبدأ مع بداية التعلم ويواكبه أثناء سير الحصة الدراسية 0
وعليه فقد تعددت أساليب التقويم لتأخذ أشكالا عدة منها التقويم المبدئي، التقويم البنائي، التقويم النهائي ، وتتم من خلال الملاحظات ومجلات الحائط والاختبارات وغير ذلك مما يراه المعلم مناسبا0
المراجــــــــع
أولاً : المراجع العربية
1- أمين فاروق فهمي 0(ديسمير2002) البنائية المنظومية ومنظومة التعليم0ندوة علمية، البنائية والمدخل المنظومي في التعليم والتعلم0ص ص22-38 كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0
2- العجيلي سركز، ناجي خليل0(1993)0 نظريات التعليم0طرابلس: دار الحكمة0
3- آمال صادق ، وفؤاد أبو حطب 0(1990)0 نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلي مرحلة المسنين 0 القاهرة : دار الأنجلو المصرية0
4- حسام مازن0(2007) 0 اتجاهات حديثة في تعليم وتعلم العلوم 0القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع0
5- حسام محمد مازن0 (يناير1994) 0 استخدام أسلوب دورة التعلم كاستراتيجية في نظرية بنائية المعرفة في تدريس وحدة تحويلات الطاقة للصف السادس الابتدائي بمدينة الرياض وأثره على التحصيل المعرفي والمهارات اليدوية وفهم عمليات العلم ، مجلة كلية التربية بسوهاج، جامعة أسيوط ، المجلد (1) ، العدد(10) ص ،ص 211- 235 0
6- حسن حسين زيتون ، كمال عبد الحميد زيتون (2003) 0 التعلم والتدريس من منظور النظرية البنائية 0 القاهرة : عالم الكتب0
7- حسنين محمد الكامل0(2002) 0 تعليم التفكير المنظومي 0ورقة قدمت في ندوة "المدخل المنظومي في العلوم التربوية " مركز تطوير تدريس العلوم جامعة عين شمس0
8- حنان مصطفي أحمد 0(2002) 0 برنامج مقترح في التربية الصحية طبقاً لبنائية المعرفة باستخدام الوسائل المتعددة وأثره عي التحصيل المعرفي وتنمية بعض عمليات مهارات العلم والوعي الصحي لطلاب كلية التربية بسوهاج 0رسالة دكتوراه0كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0
9- خليل يوسف الخليلي0(1996)0مضامين الفلسفة البنائية في تدريس العلوم0 مجلة التربية القطرية0 العدد 116 0السنة (25) 0ص ص255-271 0
10- خليل يوسف الخليل واخرون0(1996)0 تدريس العلوم في مراحل التعليم العام 0دبى : دار القلم0
11- خليل رضوان خليل ، عبد الرازق سويلم همام0(2001) اثر استخدام نموذج التعلم البنائى في تدريس العلوم على تنمية بعض المفاهيم العلمية والتفكير الناقد لدى تلاميذ الصف الثاني الاعدادى 0 مجلة البحث في التربية وعلم النفس 0كلية التربية 0جامعة المنيا المجلد الخامس عشر0 العدد(2) أكتوبر 0
12- ذكي عدل الدين ، عاطف العراقي 0(1994) الإنسان في فلسفة الغزالي وتصوفه 0 القاهرة 0دار الفكر العربي0
13- رشدي فتحي كامل ، زينب محمد أمين 0(1996)0مقدمة في تخطيط البرامج التعليمية0 المنيا
14- زيد الهويدي0(2005)0الأساليب الحديثة في تدريس العلوم0العين : دار الكتاب الجامعي0
15- طه علي أحمد علي0(2005)0 أثر استخدام إستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات في تدريس الهندسة علي التحصيل والتفكير الهندسي لدي تلاميذ الحلقة الإعدادية 0رسالة ماجستير0كلية التربية0 جامعة جنوب الوادي0
16- عبد الرحمن بن زيد الزبيدي0 (1992) مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي 0 دراسة نقدية في ضوء الإسلام 0 الرياض0 مكتبة المؤيد
17- عبد الرحمن السعدي، ثناء مليجى السيد عودة0(2006)0 التربية العلمية مداخلها واستراتيجياتها0 القاهرة: دار الكتب الحديث0
18- عبد السلام مصطفي عبد السلام0(2001)0 الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم 0القاهرة : دار الفكر العربي0
19- عفت مصطفى الطناوى0(2002):أساليب التعليم والتعلم وتطبيقاتها في البحوث التربوى0 القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية0
20- فايزة مصطفي محمد0(يوليو1991) إعداد برنامج لتنمية فهم معلمي العلوم قبل الخدمة للمفاهيم الأساسية والمضامين التربوية لنظرية بياجيه ودراسة أثره علي أدائهم التدريسي0المجلة التربوية0كلية التربية بسوهاج0جامعة جنوب الوادي0الجزء(2)0العدد(6)0ص ص459-476 0
21- كمال عبد الحميد زيتون0(2002) 0تدريس العلوم للفهم رؤية بنائية0 القاهرة:عالم الكتب0
22- محمد ربيع حسنى اسماعيل0(2000):اثر استخدام خرائط الشكل (V) في تدريس الهندسة على التحصيل والتفكير العلمي لدى تلاميذ الصف الثاني الاعدادى0 مجلة البحث في التربية وعلم النفس0 كلية التربية 0جامعة المنيا- المجلد (14)0العدد(1)0
23- محمد عبد الله عبيد0(2007)0فعالية استخدام نموذج التعلم البنائي في تدريس حساب الإنشاءات علي التحصيل وتنمية التفكير الابتكاري وبقاء أثر لتعلم لدي تلاميذ الصف الثاني الثانوي الصناعي0مجلة كلية التربية0جامعة أسيوط0المجلد الثالث والعشرون0 العدد الاول0يناير0
24- منال أحمد محمدين منصور0(2007)0برنامج مقنرح في التربية لطالبات شعبة الطفولة لبنائية المعرفة باستخدام نموذج التدريسالمفصل ودراسة أثره علي التحصيل المعرفي والمهارات الحركية والاتجاه نحو التربية الرياضية لديهن0رسالة دكتوراه0كلية التربية0جامعة سوهاج0
25- مني عبد الصبور شهاب0(2004)0المدخل المنظومي وبعض نماذج التدريس القائمة علي الفكر البنائي0 المؤتمر العربي الرابع0 المدخل المنظومي في التدريس والتعليم0 ص ص96-113 0مركز تطوير تدريس العلوم0 جامعة عين شمس0
26- منى عبد الهادي حسين سعودى0(1998): فاعلية استخدام نموذج التعلم البنائى في تدريس العلوم على تنمية التفكير الابتكارى لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائى0 المؤتمر العلمي الثاني للجمعية المصرية للتربية العلمية، إعداد معلم العلوم للقرن الحادي والعشرين0المجلد (2) 0مركز تطوير تدريس العلوم 0 جامعة عين شمس0
27- وديع مكسيموس 0 (أبريل2003)0 البنائية في عمليتي تعليم وتعلم الرياضيات 0 المؤتمر العربي الثالث ، المدخل المنظومي في التدريس والتعلم 0ص ص 50-69 0 مركز تطوير تدريس العلوم0 جامعة عين شمس0
ثانياً: المراجع الأجنبية
1-Ernest, P(1999).Constructivism in education. P459-486. New Jearsy .Lawrence Erlbaum Assbciates,Inc . www. Constructivism. Com.
2- Kroll, R(2004) .Constructing Constructivism: how Student teachers construct ideas of development knowledge, learning and teaching . Journal teachers and teaching, Vol.4, No.(2). pp 199-221.
3- Susan Hanley.(2001) Constructivism ,Maryland collaborative for teacher Preparation. www towson.edu/ Constructivism2007
4- Cunningham , D.J (1991). Assessing Constructions and constructing assessments. Journal of Educational Technology. Vol.31,No.(5). pp10-17 5- Woolfolk & Anita. E .(1995).Rediscovering the student in teaching. Journal of Educational Technology. Vol.13,No.(9). pp76-89
6- Appleton , k (1997). Analysis and description of students learning
during science classes using a constructivist –based model. Journal of Research in science teaching. Vol.34, No. (3). pp 302-323.
7- Saunders, W.L .(1992). The constructivist perspective : Implications and teaching strategies for science. Journal of School science and mathematics . Vol.92, No.(3). pp130-146.
8- Wheatley, G.H.(1991). constructivist perspective on science and mathematics learning. Journal of science Education. Vol.75, No.(1). pp7-22 .
9- 10- Von Glasserfeld, E.(1990). An exposition of Constructivism why some like it radical in R.B Davis, C.A. Maher& N. Noddings (Eds). Constructivist view on the teaching and learning of mathematics. Journal of Research in mathematics Education. Vol.3, No.(2). pp8-24 .
11- Vygotsky, (1983). Vygotsky learning Construction .www/ Constructivism / html. 6/12/2003.
12-Spiro, R.(1991)cognitive flexibility Constructivism and hyper text. Journal of Educational Technology Vol.88, No.(1). pp29-37
13- Merrill, M.D. (1991). Constructivism and instructional design . Journal of Educational Technology Vol.13, No.(5). pp47-55.
14- Perkins, D. (1991). What Constructivism Demands of the learner . Journal of Educational Technology Vol.31, No.(9). pp19-21.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق