حسام مازن يرحب بكم في مدونته التكنولوجية المتواضعة

سلام عليكم
ارحب بك أيها الزائر الكريم لمدونة حسام مازن التكنولوجية
للمزيد من بحوث ودرسات ونشاطات حسام مازن تفضل بالدخول على الموقع التالي :_
http://drmazen2008.sohag-univ.edu.eg/

كما يمكنكم الدخول على موقع الدراسات العليا بكلية التربية بجامعة سوهاج على الرابط التالي:
http://pgfes.sohag-univ.edu.eg/

كما يمكنكم الدخول على موقع جوجل المعروف وكتابة باللغة العربية :حسام مازن رائد من روادالتربية العلمية ، حيث يفتح لك صفحة خاصة ببحوثنا
موقع المجلة التربوية لكلية التربية بجامعة سوهاج هو:
www.jedu-sohag.sci.eg

إبراهيم بسيوني عميرة علم العلماء قل ان يجود الزمان بمثلة

إبراهيم بسيوني عميرة علم العلماء قل ان يجود الزمان بمثلة

حسام مازن يرحب بحضراتكم في موقعه التكنولوجي المتواضع فمرحبا بك زائرا كريما وباحثا صبورا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسام مازن يرحب بحضراتكم
ويتمنى لكم مشاهدة علمية ممتعة لتكنولوجيات مازن المتواضعة

أستاذنا العالم المرحوم أد/ بسيوني عميرة في مناقشة الباحث /عاصم محمد عمر المعيد بالكلية

أستاذنا العالم المرحوم أد/ بسيوني عميرة في مناقشة الباحث /عاصم محمد عمر المعيد بالكلية

حسام مازن في المانيا=صيف 2007م

حسام مازن في المانيا=صيف 2007م
حسام مازن في المانيا=صيف 2007م

أحد معامل الكيمياء بألمانيا

أحد معامل الكيمياء بألمانيا
أحد معامل الكيمياء بألمانيا

حسام مازن في أحد معامل الكيمياء بألمانيا وتعليم الكيمياء للصغار

حسام مازن في أحد معامل الكيمياء بألمانيا وتعليم الكيمياء للصغار
أحد معامل الكيمياء بألمانيا وتعليم الكيمياء للصغار

في المتحف الألماني بميونيخ

في المتحف الألماني بميونيخ
في المتحف الألماني بميونيخ

في جامعة إيرالنجن-نورنبيرج-حيث المنحة العلمية

في جامعة إيرالنجن-نورنبيرج-حيث المنحة العلمية
في جامعة إيرالنجن-نورنبيرج-حيث المنحة العلمية

حسام مازن وبروفيسور مارتن بليك أستاذ الكيمياء وتدريسها بدولة سلوفاكيا

حسام مازن وبروفيسور مارتن بليك أستاذ الكيمياء وتدريسها بدولة سلوفاكيا

شهادة منحة ألمانيا =حسام مازن 2007م

شهادة منحة ألمانيا =حسام مازن 2007م

في ملعب بايرن ميونيخ بألمانيا

في ملعب بايرن ميونيخ بألمانيا
في ملعب بايرن ميونيخ بألمانيا

مازن وأحد علماء الكيمياء الألمان في محاضرة له بجامعة نورنبيرج الألمانية

مازن وأحد علماء الكيمياء الألمان في محاضرة له بجامعة نورنبيرج الألمانية

حسام مازن =بروفيسور كوميتز=دكتورة هالة السنوسي من تربية بني سويف-وسكرتيرة قسم الكيمياء بجامعة نورن

حسام مازن =بروفيسور كوميتز=دكتورة هالة السنوسي  من تربية بني سويف-وسكرتيرة قسم الكيمياء بجامعة نورن

حسام امزن بجوار تمثال فريدرك مؤسس جامعة إيرالنجن-نورنبيرج الألمانية

حسام امزن بجوار تمثال فريدرك مؤسس جامعة إيرالنجن-نورنبيرج الألمانية

حسام مازن وبروفيسور كوميتز بالمانيا

حسام مازن وبروفيسور كوميتز بالمانيا

أحد معامل الكيمياء بألمانيا

أحد معامل الكيمياء بألمانيا
أحد معامل الكيمياء بألمانيا

في استاد بايرن ميونيخ

في استاد بايرن ميونيخ
في استاد بايرن ميونيخ

في مدينة نورنبيرج الألمانية

في مدينة نورنبيرج الألمانية
في مدينة نورنبيرج الألمانية

١٠ صفر، ١٤٣٠

كتاب تخطيط المناهج==مازن




تخطيط المناهج


( 401 ت ر )
للفرقة الرابعة – الشعب العامة – جميع التخصصات

المؤلف
دكتور / حسام الدين محمد مازن
أستاذ المناهج وتكنولوجيا التدريس
جامعة سوهاج – كلية التربية


العام الجامعى
2008 / 2009 م






الفصل الأول
تخطيط المنهج وتطويره

الفصل الأول
تخطيط المنهج وتطويره
Curriculum Planning and Development

ماذا نعني بتخطيط المنهج؟
ماذا نعني بتطوير المنهج؟
المنحى العلمي التقني في تطوير المنهج .
نموذج الأهداف والوسائل/ نموذج تايلور .
النموذج التفاعلي/ نموذج هيلداتابا .
نموذج هنكنز التطوري.
المنحى غير العلمي غير التقني في تطوير المنهج.
نموذج الصف المفتوح.
نموذج منهج المشاعر.
تطوير المنهج على المستوى القومي
نشاطات
ماذا نعني بتخطيط المنهج؟
يعتمد نجاح المنهج بدرجة كبيرة على التخطيط الدقيق له، وبدون هذا النوع من التخطيط للمنهج تعم فيه الفوضى ويصعب تنفيذه. ويعتمد هذا التخطيط بدرجة كبيرة على وعي المخططين للقضايا المنظورة والمتوقعة التي تتصل بالمنهج. وتخطيط المنهج هو:
"عملية إعداد خطة مفصلة لبناء المنهج يتم فيها تحديد أهدافه ومحتواه وخبرات التعلم وطرق التدريس والأدوات والمواد اللازمة لتنفيذه وكيفية تقويمه ومتابعته".
والتخطيط الجيد للمنهج يجب أن يشمل إضافة إلى المنهج نفسه، الناس المعنيين به من تلاميذ ومعلمين ومشرفين، والهيكل التنظيمي للمؤسسة التعليمية (المدرسة).
يتم تخطيط المنهج وفق تصميم محدد للمنهج، ويشكل هذا التصميم الإطار المرجعي له ولتطويره بشكل أشمل. وفي العادة يظهر تخطيط المنهج على شكل وثيقة تسمى وثيقة المنهج.
ماذا نعني بتطوير المنهج؟
يخلط البعض بين مفهومي تطوير المنهج وتحديث المنهج. فليس المقصود بتطوير المنهج تحديثه كما يدل ظاهر المعنى. فالتحديث هو إعادة النظر في بناء المنهج بما يتفق والمستجدات. في حين أن كلمة تطوير هي الترجمة للكلمة الإنجليزية Development. فعندما نقو مثلا Cognitive development نعني التطور الفكري للطفل والذي يتم كما هو معروف عبر مراحل. وعندما نقول Curriculum development فإننا نعني تطور المنهج والذي شاعت تسميته بتطوير المنهج وذلك لأن المنهج لا يتطور لوحده، بل لابد له من مطور، فتصبح العملية تطوير المنهج. وبذلك يتبدى لدينا أن تطوير المنهج يعني "النمو الشامل للمنهج عبر مراحل منذ أن يكون فكرة إلى أن يصبح حقيقة واقعة منفذة في الميدان على شكل منهج متكامل بعد أن يكون قد خضع للتقويم والمتابعة". وتحمل كلمة التطوير معاني النمو للأفضل إذا التزمنا بشروط ومقومات التطوير العلمي السليم الهادف. ويكون للأسوأ إذا انحرف عن مثل هذه الشروط.
ونظراً للاختلافات الكبيرة في وجهات النظر حول كيفية تطوير المنهج ليصل إلى الصورة الكاملة، فقد تعددت الآراء حول المقصود بتطوير المنهج. واستطاع أورنستين وهنكنز (Ornstein & Hunkins, 1988) أن يوفقا بين هذه الآراء في التعريف الآتي:
"تطوير المنهج هو عملية تستند إلى مجموعة من المبادئ العلمية والفنية، وتتشكل من إجراءات إنسانية وفنية تسمح للمعنيين توجيه المنهج بمختلف عناصره نحو تحقيق أهداف محددة"(P.199).
يتضح من هذا التعريف أن تطوير المنهج هو عملية إجرائية غايتها إنتاج منهج يحقق الأهداف المرغوبة. وتشمل هذه العملية تخطيط المنهج وتنفيذه ومتابعته.
فهو عملية تهتم ببيان كيف ينشأ المنهج ويخطط، وكيف ينفذ ويقوم، إضافة إلى بيان دور كل من مختلف الناس المعنيين به، والعمليات والإجراءات والطرق ذات الصلة بالمنهج.
وهكذا يتبدى لنا أن تخطيط المنهج يصبح جزءً من عملية التطوير نفسها والتي هي أعم وأشمل من التخطيط. وذلك لأن التطوير يهتم بأساس بناء المنهج وبتنفيذه ومتابعته إضافة إلى تخطيطه.
ويشير الأدب التربوي إلى توفر العديد من النماذج التي يمكن اتباعها في عملية تطوير المنهج وقد صنفها أونستين وهنكنز (Ornstein & Hunkins, 1988) في منحيين رئيسيين هما: المنحى العلمي التقني Scientific technical approach والمنحى غير العلمي غير التقني Nonscientific nontechnical approach ويتميز المنحى العلمي التقني في تطوير المنهج بأنه يأخذ جانب تصاميم المنهج التي تتمحور حول المحتوى. أما المنحى غير العلمي غير التقني، فيأخذ جانب تصاميم المنهج التي تتمحور حول المتعلم. أما التصاميم التي تتمحور حول المشكلات فتقع في الوسط بين المنحيين.
المنحى العلمي التقني في تطوير المنهج :
هو طريقة منظمة في التفكير تساعد التربويين في تخطيط المنهج وفق خطوات محددة لرفع مستوى تحصيل التلاميذ ومساعدتهم في زيادة مخرجات التعليم بما في ذلك الجانب الإنساني عندهم. وينظر المنحى العلمي التقني إلى تطوير المنهج على أنه خطة لبناء بيئة المواءمة المنظمة فيما بين الزمان والمكان والتجهيزات والكوادر البشرية. وهو ما يساعد في النظر إلى المنهج بالمنظورين العام الشامل والدقيق المفصل وفق خطة محددة للتطوير.
ويؤكد هذا المنحى على ربط الوسائل بالغايات في عملية التطوير. ويمكن وصف هذا المنحى بالعقلانية التقنية مقابل العقلانية الجمالية في المنحى غير العلمي غير التقني. وتعتبر غاية تطوير المنهج هي إنتاج منهج ذي معنى بالنسبة للطلبة ونستعرض فيما يأتي أبرز نماذج تطوير المنهج ضمن هذا المنحى:
نموذج الأهداف والوسائل/ نموذج تايلور :
Means-end ModelL Tyler's Model
يعد هذا النموج أكثر النماذج شهرة لتطوير المنهج Brady, 1995;Ornstein & Hunkins, 1988) ولذلك، يطلق عليه أسماء متعددة من بينها: النموذج بالأهداف، النموذج المتسلسل، النموذج العقلي، النموذج الكلاسيكي، ونموذج ربط الوسائل بالغايات.
يرى تايلور (Tayler, 1949) صاحب هذا النموذج أن تخطيط المنهج وتطويره يمر في أربع مراحل متسلسلة (انظر الشكل رقم 1) هي: صياغة الأهداف، واختيار خبرات التعلم، وتنظيم خبرات التعلم، والتقويم. ونبين فيما يأتي كلاً من هذه المراحل بشيء من الإيجاز.
المرحلة الأولى : صياغة الأهداف : Stating Objectives
يعتقد تايلور أن المنهج يبدأ بصياغة الأهداف التي يتوقع تحققها عند المتعلم. وتشتق هذه الأهداف من ثلاثة مصادر هي: المادة الدراسية، وطبيعة المتعلم، وخصائص المجتمع. وتخضع هذه الأهداف إلى مصاف لتنقيتها وتنقيحها. وتتمثل هذه المصافي بفلسفة التعليم في المجتمع، وعلم نفس التعلم.

صياغة الأهداف

اختيار خبرات التعلم

تنظيم خبرات التعلم

التقويم








شكل رقم (1) نموذج تايلور في تخطيط المنهج وتطويره

المرحلة الثانية : اختيار خبرات التعلم :
Selecting Learning Experiences
يتم في هذه المرحلة اختيار خبرات التعلم من محتوى علمي ونشاطات تعلم، والتي تساعد في بلوغ الأهداف المرسومة. ويؤخذ بالحسبان في عملية الاختيار هذه حاجات المتعلم المختلفة وخبراته السابقة ومبادئ التعلم.
المرحلة الثالثة : تنظيم خبرات التعلم :
Organizing Learning Experiences
يتم في هذه المرحلة حبك وتنظيم المفاهيم والقيم والمهارات معاً بحيث تصبح كقطعة قماش واحدة لتقدم إلى المتعلم بطريقة منظمة سلسلة متفقة مع خبراته ومستواه المعرفي والعقلي. والتنظيم المنطقي ضروري لإحداث التعلم المنشود بالأهداف.
المرحلة الرابعة : التقويم : Evaluation
ويتم في هذه المرحلة التحقق فيما إذا كانت الخطة والإجراءات التنفيذية قد حققت الأهداف المرسومة. ويشكل التقويم العنصر المهم في تطوير المنهج، حيث أنه يقضي إلى الحكم على المنهج من حيث الاستمرار فيه أو تعديله أو إلغاؤه كلياً.
أوجه القوة في نموذج تايلور:
يستند نموذج تايلور في قوته وشهرته إلى ثلاثة عناصر أساسية انظر (Brady, 1995, PP. 77 – 78) هي:
1- إن جعل الأهداف هي الخطوة الأولى في النموذج يوفر لمطوري المنهج اتجاه واضح ومحدد يقودهم في عملية تطوير المنهج بمختلف عناصره.
2- يحدد النموذج خطوات تطوير المنهج خطوة خطوة بشكل ثابت وبذلك فهو يجنب مطوري المنهج التشتت والضياع في التفاصيل.
3- تتفق الخطوات المحددة في النموذج مع المنطق في عملية تخطيط المنهج وتطويره.
النقد الموجه لنموذج تايلور:
يوجه النقد إلى نموذج تايلور انظر (Brady, 1995, PP. 78 – 79) في الجوانب الآتية:
1- يرى التربويون أن تطوير المنهج لا يتم من الناحية العملية وفق خطوات ثابتة ومحددة.
2- لا يهتم النموذج بنواتج التعلم المعقدة؛ إذ يمكن التنبؤ دائماً بكل ما يتعلمه الطفل أو بطريقة تعلمه.
3- إن التقيد بالأهداف يضيق المجال فيما يتعلمه التلاميذ والذي لم يكن من توقعاتنا. وبذلك فهو يهمل أي تعلم خارج الأهداف المرسومة.
4- التخطيط بالأهداف يتعامل مع الوسائل (المحتوى والطرق) والغايات (الأهداف) باعتبارهما منفصلتين، في حين أن المنطق يتطلب عدم الفصل بينهما.
5- إن البناء المعرفي للمحتوى كل متكامل تصعب تجزئته إلى إنجازات عمل محددة بالأهداف.
6- ليس بالإمكان صياغة أهداف لجميع أوجه التعلم المرغوبة مثل الاتجاهات والاهتمامات والميول.
7- ليس بالضرورة أن تسبق الأهداف اختيار وتنظيم خبرات التعلم لمختلف المباحث الدراسية، وبمختلف الأوقات.
8- لم يأخذ النموذج اختلاف طبيعة المواد في كتابة الأهداف، فبعضها تسهل صياغة الأهداف حوله مثل العلوم والرياضيات والبعض الآخر تصعب هذه الصياغة مثل الفنون الجميلة والنقد الأدبي.
النموذج التفاعلي/ نموذج هيلدا تابا :
The Interactive Model/ Hilda Taba Model
تنظر تابا في هذا النموذج إلى عملية تطوير المنهج بأنها عملية دينامية تفاعلية يمكن أن تبدأ بأي من عناصر المنهج الرئيسية الأربعة وهي: الأهداف، المحتوى، والطرق والأساليب، والتقويم. ووفق هذا النموذج، فإن أي تغيير في أحد عناصر المنهج يجب أن ينعكس على باقي العناصر. وعلى سبيل المثال، إذا ارتأى المعلم ضرورة إدخال طريقة لعب الأدوار في التدريس، فإن هذا التعديل يتوجب عليه تعديل الأهداف والمحتوى والتقويم. وعليه فما أن تبدأ عملية تطوير المنهج تعديل الأهداف والمحتوى والتقويم. وعليه فما أن تبدأ عملية تطوير المنهج فباستطاعة مطوري المنهج أن يتحركوا فيما بين عناصره بأي اتجاه تقتضيه طبيعة الموقف.
تضع هيلدا تابا تطوير المنهج في مرمى المعلم باعتباره هو حجر الزاوية والأساس في تنفيذ المنهج، وهو الأقدر على تلمس مقتضيات التطوير وإدخالها بالوقت المناسب. ولذلك يطلق على نموذجها أحياناً نموذج منطق الأساس (Grass-Roots Rational Model). ويوجه إلى نموذجها في هذا الجانب بأنها تترك تطوير المنهج لقرار شخص واحد، في حين أنه يجب أن يكون عمل فريق متكامل يضم خبير المناهج والمعلم والموجه والطالب وولي الأمر
الأهداف


خبرات التعلم المحتوى
الطرق والأساليب المادة التعليمية

التقويم






شكل رقم (2) عناصرالمنهج ذات علاقات تفاعلية متبادلة (نموذج هليدا تابا)
أوجه القوة في نموذج تابا :
تكمن عناصر قوة هذا النموذج في خصائصه، وتتمثل هذه بالجوانب الآتية (انظر Bady,1995 PP. 80 – 82 لمزيد من التفاصيل).
1- يعبر هذا النموذج عن واقع التطوير الميداني للمناهج، أي يمثل ما يجري فعلاً في الميدان التربوي في الولايات المتحدة الأمريكية.
2- لا يقيد النموذج مطوري المنهج بتسلسل جامد ثابت، بل يترك لهم مرونة التحرك فيما بين عناصر المنهج لإدخال التغييرات التي يقتضيها الموقف. وبذلك فإن النموذج يفسح المجال للإبداع في عملية تطوير المنهج.
3- يسمح النموذج لمطوري المنهج بالاستجابة لمقتضيات المواقف التعليمية فيما يتعلق بتحديد التسلسل المناسب لإدخال التطوير.
النقد الموجه لنموذج تابا :
يوجه النقد لهذا النموذج من خلال فقدانه لعناصر القوة في نموذج التطوير بالأهداف (انظر Brady,1995 PP. 82 – 83)، إذ ينتقد في ثلاث جوانب هي:
1- لا يحدد النموذج التفاعلي الأهداف كمنطلق لإحداث التطوير في المناهج، وفي هذه الحالة فإنه يخشى أن تعدل الأهداف بعد تعديل المحتوى والطرق، وبالتالي تفقد قيمتها كموجهات للتعليم حيث تصبح للديكور فقط الذي نعمله بعد استكمال عملية التطوير.
2- ليس في النموذج التفاعلي انتظام محدد لعملية تطوير المنهج. ويخشى متقدو النموذج من أن عملية تطوير المنهج وقفة ربما تسفر عن نتائج مجزأة ومبعثرة في عناصر المنهج.
3- إن إسناد عملية تطوير المنهج إلى المعلم فيه مخاطر كثيرة ، إذ يصبح قرار التطوير بيد شخص واحد، في حين أن التطوير الجماعي الذي يشترك فيه خبراء المناهج والمعلم والطالب وولي الأمر يكون بكل تأكيد أفضل من التطوير الذي يعمله شخص واحد.
نموذج هنكنز التطوري : Hunkin's Development Model
تتم بلورة المنهج وتطويره بموجب هذا النموذج وفق سبع مراحل ترتبط فيما بينها برابطة دائرية بواسطة حلقة للتغذية الراجعة تضمن إحداث التغيير المطلوب في كل مرحلة حسبما تقتضيه أي مرحلة أخرى (انظر الشكل رقم 3). وفيما يأتي توضيح لكل من هذه المراحل:
مرحلة تصور المنهج ومشروعيته :
Curriculum conceptualization and Legitimation
ينفرد هذا النموذج بأنه يتضمن هذه المرحلة. وفيها يتم تحديد جمهور الطلبة الذين سيطبق عليهم المنهج، والحاجات التي سيلبيها هذا المنهج. كما ويتقرر التصميم الذي سيتبع في بناء المنهج، والإجابة عن الأسئلة التي تثيرها فلسفة التربية. وبذلك يكتسب المنهج في هذه المرحلة مشروعية البدء تمهيداً للانتقال إلى المراحل اللاحقة.

تصور المنهج
مشروعية المنهج
تقويم المنهج
صيانة المنهج
والإبقاء عليه
تنفيذ المنهج
تشخيصات المنهج
(اختيار الأهداف)
بلورة المنهج
اختيراالمحتوى
بلورة المنهج
اختيار الخبرات











شكل رقم "3" رسم تخطيطي يوضح نموذج هنكنز التطوري للمنهج
مرحلة تشخيصات المنهج : Curriculum Diagnosis
ويتم في هذه المرحلة تحديد أهداف المنهج.
مرحلة بلورة المنهج : اختيار المحتوى :
Curriculum Development: Content Selection:
يتم في هذه المرحلة اختيرا وتنظيم المحتوى وفق التصميم الذي وقع عليه الاختيار.
مرحلة بلورة المنهج : اختيار الخبرات :
Curriculum Development: Experience Selection
ويتم في هذه المرحلة اختيار نختلف مناحي التدريس وتنظيمها وفق متطلبات المحتوى وبما يحقق تفاعل التلاميذ في المواقف التعليمية بإيجابية.
مرحلة تنفيذ المنهج Curriculum Implementation:
وهي مرحلة التجريب الأولى للمنهج حيث ينفذ على عينة استطلاعية تمهيداً لتهذيبه وتعديله قبل تعميمه.
مرحلة تقويم المنهج : Curriculum Evaluation
ويتم في هذه المرحلة التقويم الشمولي للمنهج بإتباع الطرق المناسبة.
مرحلة صيانة المنهج والإبقاء عليه : Curriculum Maintenance
وينفرد هذا النموذج بهذه المرحلة، وفيها تتم متابعة تنفيذ المنهج ومراقبته لإدخال أية تعديلات يقتضيها بقاء تطبيق المنهج في الميدان، كما يتم تضمينه أية تحديثات يتطلبها التقدم العلمي والتقني وتغير حاجات الأفراد والمجتمع.
المنحى غير العلمي غير التقني في تطوير المنهج :
إن وصف هذا المنحى بأنه غير علمي غير تقني لا يعني أنه فوضوي وساذج، بل لأن الذين يتبنونه يثيرون بعض القضايا الفلسفية في وجه المنحى العلمي التقني، ويثيرون التساؤلات حول تبعات الاعتماد على هذا المنحى في تصميم المنهج وتطويره. ومن ذلك أن المنحى العلمي التقني يفترض أن عملية تطوير المنهج تتصف بدرجة كبيرة من الموضوعية والعالمية والمنطق. وأنه يعمل وفق افتراض أن الحقيقة يمكن معرفتها، وفهمها، والتعبير عنها بالرموز المناسبة. وبذلك فإن أهداف التربية يمكن معرفتها وصياغتها بدقة والتصويب نحوها بشكل خطي مباشر. فهم ينتقدون الاعتماد على الفلسفة الوضعية في بناء المناهج وتطويرها.
وبالمقابل، فإن أنصار المنحى غير العلمي غير التقني يؤكدون اللاموضوعية والتفرد الشخصي, والجمال, ومشجعات الاكتشاف, والتفاعل. فهم لا يؤكدون علي نواتج التعلم, بل علي المتعلم من خلال منحي النشاط في التعلم والتعليم. فليست جميع نواتج التعلم معروفة بالنسبة لهم, وليس بالضرورة أن تعرف في جميع الحالات. وعليه فهم يرفضون التخطيط الدقيق المسبق للمنهج. وينادون بأن يلعب من يطبق عليهم المنهج دورا مركزيا في تخطيطه, بزعم أن الطلاب يعرفون أنفسهم أكثر مما يعرفهم الآخرون. ولذلك فهم قادرون علي اختيار خبرات التعلم المناسبة لهم والتي تسهل نموهم الفكري وتطورهم الاجتماعي.
يركز هذا المنحى على مفهوم الذات عند المتعلم، وعلى تفضيلاته الشخصية وتقديراته الذاتية لحاجاته، ومحاولاته في الوصول إلى التكامل الذاتي. وتعتبر هذه الأشياء بمثابة البيانات التي يجب أن تؤخذ بالحسبان في القرارات ذات الصلة بتطوير المنهج والذي يأتي من المتعلم نفسه. وهذا التوجيه يناقض المنحى العلمي التقني، من أعلى أسفل top- down.
ومن أوجه الخلاف بين المنحى غير العلمي غير التقني والمنحى العلمي التقني أنه في حين أن هذا الأخير يؤكد في تطوير المنهج علي العقلانية (التفكير) والأمبريقية (الإحساس), فإن المنحي المنحى غير العلمي غير التقني يؤكد على الحدس (الشعور) والعقلانية والجمالية. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتبع تصاميم المنهج التي تتمحور حول المتعلم، في حين أن المنحى العلمي التقني يتبع التصاميم التي تتمحور حول المواد الدراسية.
ونبين فينا يأتي نموذجين كأمثلة على المنحى غير العلمي غير التقني في تطوير المنهج وهما: نموذج الصف المفتوح، ونموذج منهج المشاعر.
نموذج الصف المفتوح : Open Classroom Model
ظهر هذا النموذج في أوائل السبعينات من هذا القرن كرد فعل للضبط المرتفع والتوجيه الكبير في المناهج الدراسية. وهو يدعو إلى عدم وضع أي منهج قبل قدوم التلاميذ إلى الصف. ويكون المنهج وفق هذا النموذج منهج نشاط؛ وفيه يأتي التلاميذ إلى ما يسمى بالصف المفتوح، حيث يختار كل منهم ما يحلو له وما يهمه ليتابع عنه. فيصبح الصف دفقاً دائماً من النشاط والحركة. ويتحدد اتجاه التعلم وبؤرة المنهج في ضوء ما يستجلب انتباه الطفل والمعلم، وما يهتم به كل طفل باعتباره حالة فريدة. ويكون دور المعلم ليس ضبط المنهج، بل ترتيب بيئة التعلم بما يجعل نشاطات المتعلم نابعة من اهتماماته. أي أنه يسهل المنهج الذي ينبثق من الطفل نفسه. وعليه فالصف المفتوح هو كمائدة الطعام المفتوحة يختار الطفل منه ما يشاء بحرية تامة.
ويُنتقد هذا النموذج كغيره ضمن هذا المنحى بأنه يضع ثقة زائدة عن حدها في الطفل، فيركن إليه في مهمة اختيار المنهج الملائم وخبرات التعلم الملائمة والتي ربما لا يعرف قيمتها إلا مؤخراً. وفي النموذج إهمال واضح لما توصلت إليه البشرية من معارف فيما يتعلق بتصميم المنهج وتطويره.
نموذج منهج المشاعر : A Curriculum of Affect
ينسب هذا النموذج إلى ونستين وفانتاني 1970 (Weinstein & Fantani, cited in Ornstein & Hunkins, 1988) وبموجب هذا النموذج (انظر الشكل رقم 4)، يكون المتعلم هو مركز عملية تطوير المنهج. والخطوة الأولى في هذا النموذج هي تحديد هوية المتعلمين كمجموعة واحدة, وذلك من منطلق أن الطلاب يتعاملون في مجموعات, وعليه فإن معرفة الاهتمامات والخصائص المشتركة في المجموعة تعتبر المتطلب السابق لتشخيص ميول الفرد وأغراضه واهتماماته.

عربة المحتوى
عربة المحتوى
عربة المحتوى









شكل رقم (4) رسم تخطيطي لنموذج ونستين وفانتابي في تطوير المنهج (منهج المشاعر)
وفي الخطوة الثانية من النموذج، ويتم تحديد أغراض الطالب الفرد؛ وهذه تحدد في الحقيقة المنهج بالنسبة له. إذ يعتمد اختيرا المحتوى وتنظيمه على هذا الأغراض؛ كما يعتمد أسلوب التدريس المتبع عليها كذلك. ولأن الأغراض (Concerns) بأعم وأعمق الاهتمامات (interests) فإنها تتخذ كمحاور لتنظيم المنهج وذلك لأنها تمنحه الثبات مع الزمن. ويؤكد صاحبا هذا النموذج على تحسين التصور الذاتي للمتعلم ومساعدته على الضبط الذاتي، وهو المنتاج التعليمي المرغوب.
وبعد تحديد أغراض المتعلم، يتم اختيار أفكار تنظيمية تتألف من مفاهيم ومبادئ وتعميمات لتنظيم حولها عناصر المحتوى في المنهج. وتتحدد هذه الأفكار التنظيمية في ضوء أغراض المتعلم نفسه.
ينتقل المعلم بعد ذلك إلى المهمة الجوهرية، وهي اختيار المحتوى؛ ويتم تنظيم المحتوى في ثلاث عربات. الأولى وتضم المحتوى المكتسب من الخبرات التي يمتلكها المتعلم كشخص ينمو، مما يساعده في أخذ مكانه وبلورة هويته. أما الثانية، فتضم المحتوى ذا الصلة بالجانب الانفعالي للمتعلم فيما يتصل بمشاعره نحو اهتماماته الشخصية. أما الثالثة، فتضم المحتوى ذا الصلة بالسياق الاجتماعي الذي يعيش المتعلم فيه.
إن نوعية المحتوى الذي يتم اختياره يحدد المهارات التي يتوجب على المتعلم اكتسابها حتى يستطيع أن يتعامل مع هذا المحتوى. وهنالك مهارات مشتركة لجميع التلاميذ كالمهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب؛ ومهارات التعلم الذاتي، أي يتعلم التلميذ كيف يتعلم. إلا أن هناك مهارات خاصة بحسب مجال الاهتمام. فالتجريب المخبري على سبيل المثال يحتاج إلى مهارات غير المهارات التي تحتاجها التمارين الرياضية.
وتأتي عملية التدريس في آخر المطاف، حيث يتبع المعلم الطرق المناسبة ويستخدم الوسائل المعينة التي يستطيع من خلالها مساعدة المتعلم الفرد في أن يتعلم المحتوى المناسب له، وأن يكتسب المهارات الضرورية له في مجال اختياره، ويؤخذ بالحسبان في ذلك أنماط التعلم التي يتبعها التلميذ والتي تميزه عن غيره.
ومن المفروض أن ينمو الطفل انفعالياً ويقوى تقديره لذاته من خلال تفاعله مع المعلم والأقران والمحتوى. والنتاج النهائي للتعلم وفق هذا المنهج كما يدعي صاحباه هو أن ينتهي التعليم بإنسان قادر على توجيه ذاته معتقد أن أفكاره وقيمه وقراراته هي فعلاً مهمة.
إن هذا النموذج يبدو ظاهرياً بأنه يسمو بالتعليم إلى مستوى مثالي؛ ويوجهه نحو خدمة المتعلم ومعاونته في تكوين ذاته. إلا أنه يصطدم بعقبات الواقع وخصوصاً في وقت المعلم وإمكاناته والواجبات الكثيرة التي تقع على عاتقه. كما أنه يصطدم بفلسفة المجتمع وتوقعاته من التربية وبتوجهاته في تخطيط المناهج وتطويرها. وهو على الأقل لا يناسب مجتمعاتنا العربية بحسب الواقع الذي نعرفه جميعاً فيها.
تطوير المنهج على المستوى القومي :
تتبع معظم دولنا العربية في أنظمتها التعليمية أسلوب المنهج الوطني الواحد للمواد الدراسية بحسب مسارات التعليم المختلفة. بل وقد ظهرت محاولات عديدة لتوحيد المناهج فيما بين دولتين أو أكثر كما في المناهج الموحدة لدول الخليج العربية، والتي يتولى إدارتها والإشراف عليها مكتب التربية العربي لدول الخليج.
والنمط المعتاد في تطوير المنهج الوطني الواحد (انظر الشكل رقم 5) هو أن يتم تكليف فريق من الخبراء المتخصصين والمدرسين بإعداد الخطوط العريضة لمناهج مواد دراسية كالعلوم أو الرياضيات أو التربية الرياضيات أو التربية الإسلامية أو غيرها لمرحلة دراسية بأكملها (ابتدائية، إعدادية، ثانوية) يقوم الفريق بإعداد هذه الخطوط العريضة للمنهج وفق فلسفة التربية للدولة، وبما يتلاءم مع خصائص الطلبة النفسية، وحاجاتهم المنظورة والمتوقعة، وحاجات المجتمع، وواقع المدارس. وفي العادة لا تتبع هذه اللجنة أياً من نماذج تطوير المنهج، ويغلب على عملها إتباع النموذج التقليدي، أي نموذج الغايات والوسائل (نموذج تايلور). كما لا يكون للمنهج الذي يتم بناؤه وتصميم محدد، ويغلب عليه أن يكون تصميم المواد الدراسية المنفصلة وأحياناً المجالات الواسعة.
شكل رقم (5): النموذج المركزي لإعداد المناهج والمواد المنهجية
الخطوات العريضة لمناهج مرحلة دراسية بأكملها وتشمل:
- أسس المنهج
- أهداف المنهج
- الخطة الدراسية (عدد الحصص)
- محتوى المنهج
- استراتيجيات التدريس
- كيفية تنفيذ المنهج:
- الكتب ومواصفاتها.
- دليل المعلم ومواصفاته.
- دليل الطالب ومواصفاته.
- المواد التعليمية المرافقة.
- تدريب المعلمين وإعدادهم.
- المرافق التربوية (مختبرات، معامل، مشاغل)
- كيفية تقويم المنهج
تشكيل فريق إعداد المنهج
خبراء المنهج
خبراء مواد دراسية
معلمون
مهتمون بالتربية
قرار وزير التربية والتعليم

















تقدم إلى
اللجنة العليا للتربية والتعليم في الدولة
اعتماد الخطوط العريضة بشكل رسمي إدخال التعديلات المطلوبة

قرار وزير التربية بتشكيل لجان فرعية لإعداد المناهج
تقوم بـ
إعداد المنهج بشكل مفصل وفق الخطوط العريضة المرسومة له
التقويم المستمر لصيانة المنهج والمواد المنهجية وتحديثها
اللجنة العليا للتربية والتعليم في الدولة تقدم عملها إلى

وثيقة المنهج جاهزة بصورتها النهائية إدخال التعديلات المطلوبة

تكليف متخصصين بالمواد العلمية والمناهج ومعلمين لإعداد المواد المنهجية:
- كتاب الطالب
- دليل الطالب
- دليل العلم




فريق وطني للإشراف على التأليف يتشكل من:
- أساتذة جامعيين أكاديميين وتربويين.
- رؤساء شعب في المناهج للمبحث المعني. تقدم عملها إلى




مقبولة مرفوضة
تطبيق المواد المنهجية في عينة محدودة للتجريب والتقويم الأولي

إدخال التعديلات الضرورية
تعميم المواد المنهجية على كافة مدارس الجمهورية
التقويم المستمر لصيانة المنهج والمواد المنهجية وتحديثها المتابعة
ينجز الفريق عمله ويعده على شكل وثيقة أو مشروع الخطوط العريضة لمنهج مرحلة دراسية بأكملها. وفي العادة تشمل الخطوط العريضة سبعة جوانب أساسية في المنهج وهي: أسس المنهج؛ وأهدافه؛ والخطة الدراسية أي عدد الحصص المخصصة له في كل صف مدرسي؛ ومحتوى المنهج؛ واستراتيجيات التدريس؛ وكيفية تنفيذ المنهج من حيث الكتب ومواصفاتها،ودليل المعلم ومواصفاته، ودليل الطالب ومواصفاته، والمواد التعليمية، وتدريب المعلمين وإعدادهم، والمرافق التربوية من مكتبة ومختبرات ومشاغل ومعامل. كما تشمل الخطوط العريضة كذلك كيفية تقويم المنهج ومتابعة تنفيذه.
يقدم الفريق عمله إلى لجنة عليا للتربية والتعليم، وهي أعلى سلطة في الدولة مسئولة عن التعليم ويترأسها وزير التربية والتعليم نفسه، ومع أنه يختلف تشكيل هذه اللجنة من دولة لأخرى، إلا أنه يفترض أن تضم في عضويتها شخصيات تربوية مرموقة مثل وزراء تربية سابقين، ومسئولي مناهج، وأكاديميين جامعيين. تدرس هذه اللجنة المشروع وقد تهتدي بملاحظات خبراء متخصصين من خارجها، وتلزم الفريق بإدخال التعديلات الضرورية تمهيداً لاعتماد هذه الخطوط العريضة بشكل رسمي من قبلها.
يقوم الوزير بتكليف لجان فرعية لإعداد المناهج بشكل مفصل وفق الخطوط العريضة للمنهج، ثم تقدم عملها على شكل مشروع مناهج إلى اللجنة العليا للتربية والتعليم في الدولة. وبعد مناقشة المشروع والاهتداء مرة أخرى بخبراء متخصصين من خارج اللجنة، يتم إدخال التعديلات المطلوبة ويتم اعتماد هذه المناهج على شكل وثيقة مناهج جاهزة بصورتها النهائية.
يقوم وزير التربية والتعليم بتكليف متخصصين بالمواد العلمية والمناهج وبعض المعلمين المتميزين لإعداد المواد المنهجية وفق ما ورد في وثيقة المنهج. وتتضمن هذه المواد المنهجية: كتبا الطالب، ودليل الطالب (كتاب النشاط)، ودليل المعلم. كما يقوم الوزير بتكليف فريق قومي للإشراف على تأليف هذه المواد المنهجية يتشكل من أساتذة الجامعات ومديري الجامعات ومديري مناهج المباحث الدراسية التي يكون التأليف في مجالها. ويتولى هذا الفريق القومي متابعة عملية التأليف واستلام المواد التي يجري تأليفها أولاً بأول والحكم عليها بقبولها أو برفضها أو بطلب تعديلها من قبل فريق المؤلفين. وبعد قبول هذه المواد المنهجية، تطبق في عينة محدودة من المدارس التي تمثل مختلف شرائح المجتمع من مدينة وقرية وبادية. تخضع التجربة للتقويم الدقيق إما من قبل جهاز الإشراف في وزارة التربية والتعليم أو من قبل فريق تقويم يكلف بذلك. وفي ضوء نتائج هذا التجريب الأولي يجري إدخال التعديلات الضرورية. وبعدها تعمم على كافة مدارس الدولة.
إن تعميم هذه المواد المنهجية لا يعني أنها لن تخضع للتقويم والمتابعة. بل يجب أن تكون تحت المنظار، ويجب أن تكون الوزارة منفتحة لاستقبال ملاحظات من أي مصدر بعينه أمر تطوير المناهج وتحسينها.
يتضح مما تقدم أن النموذج المركزي لإعداد المناهج والمواد المنهجية يتميز بالضبط المرتفع لعملية تطوير المنهج واشتراك عقول عديدة في إنجازه. وبهذا فهو يتفوق على النماذج الغربية التي توكل هذه المهمة لمعلم واحد أو إلى لجنة من المعلمين والمشرفين على مستوى دائرة التربية والتعليم في المنطقة التعليمية. والتي ينتهي دورها بإعداد وثيقة المنهج. وبعدها تتولى دور النشر إعداد المواد المنهجية وتتنافس فيما بينها في أيها يقدم أفضل المواد التي تخدم التلميذ وتعينه في التعلم وتلبي احتياجاته وتساعد المعلم في مهمة التعليم.
ونحن نرى أن النموذج المركزي قد يكون أفضل من أي نموذج آخر لتطوير المناهج في وطننا العربي فيما لو انتهى دوره بإعداد المنهج وفسح المجال للتنافس فيها بين دور النشر العربية في إعداد موادها المنهجية وترك الحرية للمدارس في اختيار منشورات الدار التي ترى أن سلسلتها تخدمها في منطقتها بحسب واقعها المدرسي وظروفها البيئية وإمكاناتها، مع الاحتفاظ للوزارة بحق تقويم جميع السلاسل للحكم على صلاحيتها والتزامها بوثيقة المنهج وعدم احتوائها على أفكار تهدم النشئ وتسمم أفكارهم بآراء لا تمت إلى ثقافتنا ولا تلتزم بمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف والتزاماتنا الوطنية والدولية.
نشاطات :
1- بماذا يختلف تخطيط المنهج عن تطويره؟ وبماذا يختلف هذا المفهومان عن تصميم المنهج؟
2- هل المنحى غير العلمي غير التقني هو فعلاً غير علمي وغير تقني؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟
3- اعقد مناظرة مع زميل لك يتبنى نموذج تايلور في تطوير المنهج وأنت تعارضه في ذلك.
4- اعقد مناظرة مع زميل لك يتبنى نموذج هيلدا تابا في تطوير المنهج وأنت تعارضه في ذلك.
5- يعتبر نموذج هنكنز في تطوير المنهج أكثر النماذج واقعية لما يجرى فعلاً. ادرس هذا النموذج وحاول أن تستنبط مبررات تدعيم مثل هذا الرأي.
6- ورد في نهاية عرضنا لنموذج منهج المشاعر قولنا لا يناسب مجتمعاتنا العربية. وعلى افتراض أنك تؤيدنا في ذلك، فما المبررات التي تستطيع أن تقدمها لدعم هذا الموقف.
7- ارجع إلى مديرية المناهج في وزارة التربية والتعليم ورتب مقابلة مع أحد المسئولين تدور حول سياسة الوزارة في تخطيط المناهج المعتمدة فيها. ولا تتردد في طلب ما يمكن أن يزودك به من وثائق. اكتب تقريراً حول ما توصلت إليه عن كيفية تخطيط المناهج في بلدك مع بيان أوجه القصور أوجه القوة في هذه العملية.
8- في ضوء معرفتك بالنماذج المختلفة لتطوير المنهج، أي من هذه النماذج ترى أنه يناسب بلدك؟ وما مبرراتك لهذا الاختيار؟ وما مقترحاتك لإدخال أية تعديلات عليه ليصبح أكثر ملاءمة لواقع بلدك؟




الفصل الثانى
تخطيط المناهج الدراسة والتخطيط لها
وتدريب العاملين بها
الفصل الثانى
طبيعة المناهج الدراسية والتخطيط لها وتدريب العاملين بها

مقدمة :
من الأهمية البالغة أن تفهم البلاد النامية – ومنها الدول العربية – ما مرت به البلاد الأخرى من خبرات في محاولاتها للارتقاء من أنظمة التعليم التقليدية التي وضعت لتفيد طبقة اجتماعية محدودة في محاولتها للارتقاء من أنظمة التعليم التقليدية التي وضعت لتفيد طبقة اجتماعية محدودة إلى أنظمة تعليمية تشبع حاجات جميع مواطنيها، ومع تحرك تلك البلاد نحو تعليم يستوعب جميع الطبقات المكونة لمجتمعاتها ظهرت الحاجة لأسلوب جديد للعملية التعليمية برمتها، وبخاصة ما يتعلق منها بتنمية العاملين في هذا المجال وتطويرهم بما في ذلك تدريب المعلمين وكذلك ما يتعلق بمناهج التخطيط وأساليبه مادة وكيفاً.
ولأسباب ترجع إلى عدد كبير من المتغيرات المتعلقة بأسلوب النظم، فإن عرض النظريات والتطبيقات السابقة له أبعاد عديدة، بعضها أساسي في هذا الفصل، والبعض الآخر قد يساعد على التوصل إلى صياغة إطار نظري لتفهم طبيعة المناهج الدراسية والتخطيط لها في البلاد العربية، ومن أهم هذه الأبعاد ما يلي:-
1- طبيعة المناهج الدراسية والتخطيط لها في البلاد المتقدمة وفي الدول العربية، وكذلك طبيعة تصميم عملية التعلم Instruction وعلاقتها بتخطيط المناهج.
2- طبيعة عملية التغيير واستحداث أدوار جديدة لكل المشتركين في الجهود التعليمية.
3- استخدام عوامل التغيير وأساليب تنمية العاملين (في مجال التعلم).
4- التعرف على عدة نماذج تصورية Conceptual Models متعلقة بالمناهج ومتغيراتها واستخدام هذه النماذج في تطوير المناهج والتخطيط لها.
5- دور الاتصال في تخطيط المناهج وفي عمليات التغيير.
على أن تصنيف ما توصل إليه هذا الكتاب في هذا الشأن تبعاً للأبعاد السابقة سوف يحدد معالم هذا الفصل.
طبيعة المناهج الدراسية وتخطيطها :
عندما يبحث المربون في المناهج الدراسية والتخطيط لها، فإنهم قد يفكرون في عمليات عديدة مختلفة، وقد تعني العبارة الواحدة شيئاً مختلفاً لكل منهم.
"فعبارات مثل المقررات... وكل شيء يتعلمه الطفل في المدرسة.. ومرحلة التنفيذ... وعلاقات الأدوار – قد يختلف مفهومها من بلد لآخر، ويرجع هذا لاختلاف إلى أن بعض رجال التربية ينسبون هذه العبارات إلى إطارات التفاعل الاجتماعي الدينامي، والبعض الآخر يهمل ذلك" طاهر عبد الرازق Razik، 1977، ص 219
ويبدو أن هذه العبارات لها مدلولات واسعة تمتد من وصف المناهج على أنها مواد دراسية أو تخطيط عام للمقررات الدراسية إلى وصف لخبرة التعليم الكلية في الدارس. وفي بعض الحالات يتضمن المنهج جدولة الوقائع الصفية، وتوزيعاها على شهور السنة الدراسية، وقد تحتل معظم هذه المفاهيم مركزاً وسطاً بين الخطوط العريضة لكل شيء يحدث للطفل في البيئة المدرسية وبين التصنيف الكامل لها.
وقد نذكر هنا التعريفات الشاملة المحددة للمنهج في كتاب " أنلو Anlow (1966)" فيصف "سبيرز Spears" المنهج – بأنه "شيء نشعر به أكثر مما نراه" أما ثورنتون وايت Thornton and Weightفيعتقدان أن "المنهج يضم كل الخبرات التعليمية التي يكتسبها التلاميذ داخل المدرسة ويعرف بوشامب Beauchamp في هذا الكتاب كذلك بأن المنهج "وثيقة وضع تصميمها بحيث تستخدم كنقطة بداية في التخطيط التعليم"، والتعريف الذي ساقه بوشامب – على الرغم من عموميته – لا يشتمل على شيء يحدث للطفل في المدرسة. ويبدو أنه قد غض النظر عن "المنهج الضمني" والذي يتألف من أنشطة التعلم التي لا تدخل بالضرورة في تخطيط التعليم الرسمي. ويذهب "سكافارزك وهامبسون Schaffarzick & Hampson (1975) إلى أبعد من ذلك فيعرفان المنهج "بأنه مجموعة الغايات التعليمية، وخبرات التعليم التي تعرفنا عليها وخططنا لها ونظمناها على نحو ييسر تقويم نتائج التعلم" وهو تعريف يبدو أنه يهتم بوظيفة المنهج، أو يركز على تحقيق نتائج التعلم.
ويؤكد " أنلو Anlow (1966)" كذلك أن المنهج يهدف إلى القيم والمرامي، بمعنى أنه قائم في ذهن المعلم أو منصوص عليه صراحة، وأنه عندما "يتلقى شحنة التعليم يؤدي إلى تغير في سلوك التلميذ"
وعند تطوير المناهج يصبح من الضروري تحديد ما يعنيه المنهج، وتحديد الأشخاص المشتركين في التخطيط وتحديد الظروف والشروط التي يجب أن تتوافر لتنفيذ هذا المنهج.
ولقد توصل سكافارزك وهامبسون Schaffarzick & Hampson (1975) كذلك إلى تعريف لتطوير المنهج كثيراً ما يستشهد به الباحثون، وهو تعريف يؤكد على أهمية الجوانب العملية والإجرائية، ويشير هذا التعريف على أن عملية تطوير المنهج تهدف إلى التوصل إلى "نموذج" أو "نظام" للمنهج قابل للتطبيق والتنفيذ.
ويشير طاهر عبد الرازق Razik (1976) إلى أن رجال التربية المتأثرين بالاتجاه السلوكي يميلون إلى تحديد مفهوم "تصميم المنهج" تحديداً دقيقاً، وتؤكد تابا Taba (1962) أن تصميم المنهج يتضمن:
"تشخيص الحاجات التعليمية.
1 - صياغة الأهداف. 2 - اختيار المحتوى.
3 - تنظيم المحتوى. 4 - اختيار خبرات التعلم.
5 - تنظيم خبرات التعلم.
6 - تحديد أساليب ووسائل تقييم فاعلية ما يدرس. "طاهر عبد الرازق Razik (1976)"
وتطوير المنهج في هذا الإطار المحدد يبدو أنه نرتبط بالتعليم، كما هو مرتبط بالمنهج.
ويقوم هذا الفصل على تعريف المنهج بأنه وثيقة وضعت على نحو عام تتعرض لمرامي التعليم واستراتيجياته التي يمكن استغلالها في بيئات مختلفة أما تصميم التعليم، - وإن كان في الغالب – نشاطاً يتوسط تخطيط المنهج وتنفيذه، فإنه يتضمن مدلولات أشمل من ذلك كثيراً.
وقد تعددت الاتجاهات في تحديد المعنى العام للمنهج، وتنوعت أساليب تناوله وامتدت فهي إما تنظيمات مركزية تخطط لها المؤسسات التربوية – وزارات التربية والتعليم (مثل النظام المعمول به في مجموعة الدول العربية) – وإما نظم قائمة على ممارسات ديمقراطية بحتة والتي تتضمن الاستفادة من أراء الطلاب.
علىأنه ينبغي علىالقائمين على تطوير المنهج التعرف على العوامل العديدة التي أثرت بالفعل أو من المحتمل أن تؤثر في كل ما يتعلق بالمنهج.
ويتمثل أحد هذه العوامل الهامة في الانفجار الهائل في المعرفة الذي شهده القرن العشرون، وكذلك يتمثل في عامل آخر وهو الانفجار السكاني الذي أدى إلى تزايد الطلب على التعليم في العالم.
بالإضافة إلى هذه العوامل التي تشترك فيها جميع البلاد إلا أن هنالك مؤثرات عديدة تختص بها بعض الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك - على سبيل المثال – الضغوط المتزايدة من الأقليات للمشاركة في الإشراف على المدارس وإدارتها، وكذلك ما يناجي به الطلبة من إدخال بعض التغييرات على المناهج، حتى يكون لما يدرسونه من مقررات ومواد دراسية معنى وفائدة، بل يعبر المدرسون عن سخطهم تجاه المناهج الحالية ويلجأون إلى استخدام أساليب جماعية أشبه ما تكون بالمساومة – للتعبير عن حاجتهم الماسة إلى إدخال التعديلات على المناهج، ومن العوامل التي كان لها تأثير بالغ في الآونة الأخيرة في تخطيط المنهج في الولايات المتحدة – ما يطالب به هذا المجتمع من ضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة Accountability في مجال التعليم، وضرورة قياس المدارس بالوفاء بما تعهدت به أهداف تعليمية على نحو يمكن قياسه وتقديره.
وقد دفع هذا المبدأ ببعض هيئات التعليم إلى الأخذ بأسلوب التعاقد التعليمي مع أولياء الأمور فتتعهد بتعليم الأطفال مهارات في زمن محدد، مقابل أجر متفق عليه.
ويصنف ستيرجز Sturges "العوامل المؤثرة في المنهج إلى نمطين: نمط يهتم بتفريد التعليم وإخضاعه للتوجيه الذاتي، ونمط يقوم على تعليم منظم محدد البنية، ويشترك كل من هذين النمطين في هدفين أساسيين: الهدف الأول: يتمثل في توصيل المعلومات التي يراها المنهج ضرورية ومرغوباً فيها: وذلك من خلال محتوى معين: وبطرق وأساليب محددة، والهدف الثاني: يتمثل في تشجيع جميع الطلاب على تعلم واكتساب المهارات التي تعينهم على البدء في الحياة العملية، والاستمرار فيها بنجاح، والقيام بأدوار البالغين على نحو مرضٍ.
ويتأثر تخطيط المنهج في المدارس الأمريكية – علاوة على ما تقدم – بعامل آخر يتعلق بتمويل التعليم على المستوى المحلي الذي يحتم على المدارس التزام حدود الميزانية التي يحددها دافعو الضرائب العامة.
ويعتقد ستيرجز Sturges أيضاً أنه إذا حصر قرار الأغلبية المنهج في نمط واحد، قلت فرص التنوع في هذا المنهج. وإذا واجه القرار قوى متوازنة ومتعارضة عاق ذلك التوصل إلى اتفاق إجماعي على منهج واحد وأصبح لهذا المنهج برامج متنوعة.
تخطيط المنهج وتطوره :
على الرغم من أن "جوين وتشيس Gwynn and Chase " . قاما بدراسة العوامل المؤثرة في المنهج، وتتبعاها منذ بداية تاريخ أمريكا، فإنهما وجدا أنه لا يمكن القول بوجود أي أثر لتخطيط المنهج بشكل تخصيصي أو منظم قبل القرن العشرين.
وصرح مولنر وزاهوريك Monar and Zahorik "أن علم المنهج كمجال تخصص قد نشأ أبان حركة التغير السريع التي سادت الجزء الأول من القرن العشرين. ويذهب كلبيارد Kliebard إلى أن علم المنهج قد نشأ حوالي مقترناً بظهور كتاب "المنهج" لفرانكلين بوبيت Franklin Bobitt وظهور كتاب أساسيات التعليم الثانوي لـ كلارنس لنجزلي" Clarence Kengsley.
وقد قام "بوبيت" بتطبيق مبادئ الإدارة العلمية في التعليم لزيادة فاعليته واتجه إلى اعتبار الطلاب منتجاً تعليمياً، أما كتابات "رالف تيلر" Ralf Tyler والتي بدأت في اتخاذ شكل مميز في الثلاثينات من القرن الماضى ، فقد ساعدت على توضيح معنى الإدارة العلمية. ويسرت فهمها، وقد أقام تيلر نموذجه لتطوير المنهج على أفكار بوبيت بعد صقلها وتعديلها. ويسوق تيلر أربعة أسئلة عن المنهج والتدريس وهي:
1- ما أهداف التعليم التي تسعى المدرسة إلي تحقيقها ؟
2- ما الخبرات التعليمية التي يمكن توفيرها لتحقيق هذه الأهداف ؟
3- كيف يمكن تنظيم هذه الخبرات تنظيما فعالا ؟
4- كيف نتأكد من تحقيق هذه الأهداف ؟
وقد أدى السؤال الأول – فيما سبق- إلي الاتجاه السائد نحو تحديد الغايات والأهداف في مستوى المجتمع كله وفي مستوى المدرسة وما يجري داخلها من خبرات تعليمية. وينبغي أن نلفت النظر هنا إلي أن تحديد الغايات والأهداف في معظم البلاد النامية ومنها البلدان العربية قد انحصر بصورة عامة في المستوى الأول (المجتمع) وصيغت في عبارات عامة شاملة, ومع ذلك فقد ظهر الاهتمام مؤخرا بالغايات والأهداف علي مستوى المدرسة والصف الدراسي.
ويتعلق السؤال الثاني بالوسائل التي يمكن عن طريقها تحقيق هذه الغايات والأهداف, ويقوم بوضع هذه الوسائل الهيئات المسئولة عن تخطيط المنهج فيحددون خطوات التطوير, وبنيته, ويختارون المواد ويعدون وسائل التقويم وإجراءاته.
وتعتبر الخبرات التعليمية وتنظيمها (السؤال الثالث لتيلر) من الأمور الرئيسية في جميع مستويات التخطيط للتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية عند المستوى الفيدرالي أو مستوى الولاية أو المنطقة أو المستوى المحلي, أما في أنظمة التعليم الأخرى, فيتم تنظيم هذه الخبرات مركزيا علي مستوى وزارة التربية والتعليم.
ويتناول السؤال الأخير التقويم وهو عملية تستحق ما يرصد لها من أموال, ويشير فوشيه Foshay إلي ذلك بقوله " أن التجريب الواعي ينبغي أن يكون جزءا أساسيا في برامج تطوير المنهج". والتجريب يتضمن بطبيعة الحال عملية مستمرة للتقويم.
وقد أظهرت نظريات أخرى اتسعت بمقتضاها مفاهيم تحديد الغايات والعمليات التعليميةوالتقويم,فأصبحت تمثل تطبيق التفكير العلمي في المنهج. وكان من النتائج المباشرة للتفكير العلمي وتطبيقه في التعلم- التطور الذي شمل تصميم التعليم, وتكنولوجيا التعليم, ولابد من الإشارة هنا إلي أن البلاد النامية- ومن بينها الدول العربية- تقيم وزنا كبيرا للأسلوب العلمي التكنولوجي وتطبيقاته, وتدرك ما له من أهمية وفائدة بالغة في تطوير التعليم.
المنهج وأبعاده :
يرى فوشيه Foshay أن أي علم يتعلق بالتربية- لبد أن يقوم علي ثلاثة أبعاد أساسية, وهي:
1- المدرسة والمجتمع القائمة فيه. 2 - المنهج.
3 - العلاقة بين المعلم والمتعلم.
ويرى فوشيه- في دراسته أن رجال التربية غالبا ما يتناول كلا من هذه الأبعاد بصورة منفصلة دون البحث فيما بينها من علاقات تربط بينها, وهو الأمر الذي يجب أن يتوافر إذا أردنا اعتبار التربية علما قائما بذاته. وفي دراسة قام بها فوشيه بعد ذلك بأربع سنوات- أعاد صياغة هذه الأبعاد, وأدخل عليها تعديلات طفيفة, وأكد أن اهتمام رجال التربية ينبغي أن ينصب علي جوانب رئيسية تتعلق بنمو الطفل, وبالمجتمع الذي يعيش فيه وبطبيعة المعرفة وتنظيمها. ويحتم الجانب الأول علي رجال التربية ضرورة الالتزام بخصائص النمو للطفل وعدم انتهاكها, والجانب الثاني يتعلق بوسائل وطرق ربط التعليم بالمجتمع.
ويعد الجانب الثالث المتعلق بالمعرفة وتنظيمها نقطة تحول في نظرتنا للمادة الدراسية ويرى نياجلي وايفانز Neagley and evans أن ما ذهب إليه فوشيه يعد تحولا من اتجاه نحو تأسيس المنهج علي المادة الدراسية وتمركزه حولها إلي اتجاه جديد نحو اعتبار المنهج علما قائما بذاته يذهب في أساسياته وطرق تطويره. ويؤكد فوشيه أن "اكتشاف" أساسيات العلم واتخاذها وسيلة للتوصل إلي المعرفة أهم كثيرا من تعلم الحقائق (شحن الذاكرة بها), ويصف بيلاك Bellack في كتاب بياجلي وايفانز هذا التحول علي النحو التالي:
" أن غاية التعليم تكمن في تعريف التلاميذ بطرق معالجة الموضوعات, أو إذا شئنا التعميم: تعريفهم بأساليب الحياة التي تمثلها مجالات العلوم المختلفة, ومن هنا يتعين علي الطلاب مزاولة أنماط من الأنشطة تماثل ما يمارسه الفيزيائيون والكيميائيون والاقتصاديون. فبينما اهتم المربون في الماضي بالمحتوى المعرفي والوصفي للمجالات العلمية المختلفة, أصبح هذا الاهتمام ينصب الآن علي المفاهيم الأساسية وما يربطها من علاقات وهي أدوات البحث العلمي التي يستخدمها العلماء في المجالات المختلفة لتحليل وتناول ما يتوصلون إليه من معلومات".
وفي أثناء عملية التحول من التخطيط للمناهج المتمركز حول المادة الدراسية إلي التخطيط لها من منظور أكبر للمجال المعرفي- قد يغيب عنا بعض ما ساقه "تيلر" Tyler في مخطوط نياجلي وايفانز من تأكيد حول أهمية معالجة موضوع المناهج بأسلوب علمي, وقد يدفعنا هذا إلي الاعتقاد بظهور عصر جديد لتطوير المناهج. وقد قام "ماكدونالد" Macdonald في هذا المخطوط أيضا بالتوصل إلي ثلاثة أنماط لنظرية المناهج: نمط ضابط, ونمط تفسيري, ونمط ناقد.
ويرى " ماكدونالد Macdonald كما جاء في كتاب مولنر وزاهوريك Molnar & ZAhorik بأن "بوبيت" Bobitt و"تيلر" Tyler و"جودلار" Goodlad في عداد أصحاب نظرية الضبط، وأنهم يمثلون اتجاهاً نحو اعتبار علم تخطيط المناهج مجللاً معرفياً قائماً بذاته، وقد عرفا نماذج تخطيط المناهج التي أكدت على ضرورة الأخذ بالضبط والتحكم العلمي لنتائج التعليم بكونها نماذج تقليدية (أولية) سرعان ما نمت وتطورت وجعلت من تطوير المناهج علماً مستقلاً. ويبدو أن هذا الاتجاه يشير إلى تكنولوجيا التعليم بما تنطبق عليه من عمليات خطية Linear، وما تتميز به من قدرة على التنبؤ - لم تعد كافية – كنموذج لمعظم مخططي المناهج. وتشير معظم الانتقادات التي وجهت لأصحاب نظرية الضبط والتحكم هذه إلى أن محاولة ضبط نتائج التعلم، عملية لا أخلاقية تستغل على نحو مباشر للطلاب وتدفعهم دفعاً نحو أهداف معينة، دون النظر إلى ما لديهم من قيم.
والنمط الثاني الذي حدده ""ماكونالد" Macdonald لنظرية المناهج هو النمط التفسيري Hermeneutic وهو ينظر إلى المعنى الذي تنطوي عليه الأفكار كعنصر أساسي في تخطيط المناهج. وأصحاب هذه النظرية لا يركزون على الاعتبارات العملية، وإنما يهتمون بالتوصل إلى تعليلات وتفسيرات جديدة، والعمل على تنميتها، وغالباً ما يحاولون الكشف عن جوانب النقص في التعليم، دون تقديم الاقتراحات العملية للتغلب عليها. ويرى النقاد أن أصحاب نظرية التفسير هذه ينغمسون في الفكر النظري مبتعدين بذلك عن المطالب الملحة لتحديد المسئوليات المتعلقة بنتائج التعلم، وعلى الرغم من أن مولنر وزاهوريك Molar and Zahorik يعتبران هذا الاتجاه نظرية جديدة، ويعرضان ما كتبه ماكسين جرين Maxine Green تحت عنوان "المعرفة، ولوعي المنهج، باعتباره عملاً يمثل هذه النظرية تمثيلاً دقيقاً، إلا أن تاريخ هذا الاتجاه ما زال رهن البحث.
وفي اعتقادنا أن أصحاب النظرية الإنسانية في التعليم يتبنون الأسلوب التفسيري في أعمالهم دائما.
وعلي ذلك يبدو أن ما يعرف "بالتقليدي" في نظرية المناهج وتخطيطها- يتضمن معني للنموذج التفسيري, فإذا ما ثبت صدق هذا الاحتمال, أدى بنا إلي الاعتقاد بأن القائمين علي تخطيط المناهج، قاموا بتوحيد صفوفهم إما في جانب العلم والتكنولوجيا وإما في جانب "المعنى والتفسير"، ورأوا استخدام أساليب لتخطيط المناهج تنتمي لأي من الجانبين بحيث تتلاءم معه، ويمثل هذا النمطان المتطرفان التطبيق الصارم لأسلوب النظم، وعلى النقيض الآخر لا يتقيد دعاة استخدام طرق وأساليب تعليمية بتحديد دقيق لتخطيط المناهج.
وأصبح من الواضح أن الأسلوب التقليدي – في حد ذاته – لم يعد كافياً لواضعي المناهج في المستقبل، سواء في البلاد العربية أو في أي دولة أخرى. ولقد أشار ماكدونالد إلى اتجاه متزايد ينحو للتكامل بين المنظور في إطار ما اسماه "بالنظرية الناقدة"، ويهتم أصحاب النظرية الناقدة بالجانب النظري والعملي، فهم يعتقدون أن يتكامل الجانبين النظري والعملي،وعن طريق النقد، وتحليل العلاقات التي تربط بين هذين الجانبين – يمكن للمسئولين عن تخطيط المنهج – المساعدة على تحرير الطلاب من الضبط والتحكم الزائدين، وفي الوقت نفسه تشجعهم وتحثهم علي فهم ذواتهم, وما يمرون به من عمليات تعلم, ويمثل هذا الاتجاه فرير Freire ذلك أنه ينادي في كتابه " المغبونون وعلم أصول التدريس" بضرورة القيام بتكامل جوانب الضبط والمعنى.
وينبغي الإشارة إلي أن مجال تخطيط المناهج- ما زال مجالا تتنوع فيه الاتجاهات, فتتعايش فيه- حتى الآن- الأنماط الثلاثة التي سبق أن تعرضنا لها, إلا أننا نتوقع- بصورة مؤكدة- أن يسود في السنوات القليلة القادمة الاتجاه نحو التكامل الذي تمثله النظرية الناقدة.
أما جودلادGoodlad فقد اهتم بنوع آخر من التصنيف وسماه "مجالات المناهج ودراستها" ويرى جودلاد وزملاؤه. أن البحث في المنهج يقوم علي مجالين: مجال العملية (عملية البحث) ذاتها ومجال البحث في أساسياته, وينطوي كل من المجالين علي مجالات ثانوية.
وتتضمن مجالات عملية البحث أربعة مستويات لاتخاذ القرارات حيالها وهي مستوى المجتمع, ومستوى المعهد, ومستوى التدريس, والمستوى الشخصي, وتستمد البنية النظرية لمستويات اتخاذ القرارات أصولها من مجالات العلوم السياسية والاجتماعية, وعلم الأجناس والعلوم النفسية وغيرها, وتتكامل صورة هذه البنيات بمراعاة أن القرارات التي تتخذ علي أحد المستويات, ويذهب جودلاد إلي أن المتخصصين في المناهج لم يعطوا اهتماما للنواحي المتعلقة بالفرد أو للخبرات التي يمر بها التلاميذ " بل اقتصروا علي التعميم داخل التخصيص في دراسة طرق إشراك التلاميذ علي نحو فعال في عملية اتخاذ القرارات..". ويضيف أن إجراء البحوث في المجالات المتعلقة بالفرد صعبة ومكلفة, بل أن من ينادون بضرورة إشراك التلاميذ لم يكن اهتمامهم كافيا, لكي يدفعهم إلي البحث عن الطرق الفعالة الكفيلة بتحقيق هذا المطلب.
ويصف جودلاد وزملاؤه المجالات الرئيسية التي ينبغي أن تتصدي لها دراسة المنهج علي النحو التالي:
1- مناهج أيديولوجية أو نموذجية :
وهي أفضل ما توصل إليه واضعو المناهج من تصميمات تناسب ظروفا معينة, أجرى تعديلها بعد اختبارها, ولكنها ما زالت غير قابلة للتطبيق في المدارس.
2- مناهج رسمية :
وهي لم تتعد الوثائق المعتمدة من قبل الهيئات التعليمية الرسمية، وفي معظم الأحوال تجرى صياغة هذه المناهج في إطار القيم الاجتماعية وفي إطار نتائج تعليمية يجمع عليها هذا المجتمع.
3- مناهج كما يتصورها المجتمع بأفراده وهيئاته :
هو تصور يخضع لإدراك الفرد لمفهوم هذه المناهج، وهو مفهوم يتباين ويختلف طبقاً لما يتمتع به أفراد المجتمع من إدراك، فلكل من الآباء والتلاميذ والمعلمين والإدارة المدرسية، مفهومهم الخاص عما ينبغي أن تكون عليه المناهج.
4- مناهج قابلة للتطبيق :
وهي مناهج جرى وضعها في صورة إجرائية تصف ما يحدث من ساعة لأخرى، ومن يوم لآخر على مستوى المدرسة وحجرة الدراسة. إلا أنه يصعب علينا الوقوف على ما يجرى بالتحديد. ويضيف جودلان – مع ذلك - أن أساليب الملاحظة المختلفة تمدنا بالفعل ببعض المعلومات عن المناهج التي وضعت في صورة إجرائية.
5- مناهج قائمة على الخبرات :
وهي المناهج التي يعيشها التلاميذ بالفعل إلا أن مراقبة التلاميذ أو سؤالهم عما يحدث أمامهم – قد لاتكشف عن التفاعل بين التلاميذ والمناهج.
ومن الوصف الذي ساقه جودلان يتضح لنا تداخل وتضارب المجالات المختلفة فما أسناه بالمناهج النموذجية أو الرسمية نادراً ما يتقابل مع المناهج التي أخضعها جودلان لتصوراتنا. أو التي أقامها على الإجراءات التطبيقية، أو مع ما تمر به من خبرات في أي من هذه المناهج.
تصميم التعليم، ماهيته وعلاقته بتخطيط المناهج :
الاتجاه السائد في البلاد المتقدمة يميل إلى الفصل بين فكرة التخطيط للمناهج، وفكرة تصميم التعليم. ويرجع السبب في ذلك إلى أن تصميم التعليم أصبح نشاطاً يعتمد بصورة متزايدة على ما يستجد في المجالات العلمية التكنولوجية، ولهذا يميل بعض الكتاب إلى تحديد ثلاث مراحل يمر بها تغيير المنهج بمعناه الواسع، وهي:
(1) بناء المنهج. (2) تطوير المنهج. (3) تنفيذ المنهج.
ومع أن المرحلة الثالثة (تنفيذ المنهج) ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعمليات تصميم التعليم إلا أن هناك تداخلاً بين المراحل الثلاث، فيسير تطوير المنهج، وتصميم التعليم جنباً إلى جنب في وقت واحد.
يرى كابفر Kapfer أن "نظرية التعلم تهتم بظروف البيئة وتحدد ما يكتسبه المتعلم من أنماط سلوكية مرغوب فيها، وما يجب أن ينميه من اتجاهات إيجابية نحو التعليم ونحو نفسه كمتعلم، ومن هنا نرى أن طبيعة التعليم ذاتها ونظرية التعلم جعلا من تصميم التعلم مجالاً تخصصياً من مجالات تكنولوجيا التعليم.
ويبدو أن بعض الكتاب يقعون في الخلط بين مفهوم تصميم المنهج، وتصميم التعلم والعلاقة بينهما، فإذا كان اهتمامنا يدور حول المرامي العامة والتخطيط الشامل للنظام المدرسي، فإننا نكون بصدد تطوير المنهج وذلك من منظور غير تقني، أما إذا اعتبرنا عملية التصميم تتضمن جوانب من تكنولوجيا التعليم، فإننا نكون بذلك في دائرة تصميم التعلم وهي دائرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجانب التطبيقي التنفيذي داخل حجرة الدراسة.
وقد يساعدنا العرض التالي لبعض التعريفات لمفهوم تصميم التعلم في التمييز بينه وبين غيره من المفاهيم. ويعرف ميريل Merrill تصميم التعلم على أنه "عملية تحديد وإنتاج ظروف بيئية تدفع التلميذ إلى التفاعل على نحو يؤدي إلى تغيير في سلوكه"، ويذهب ميريل إلى أبعد من ذلك، فيضمن تصميم التعلم ملاحظة التلميذ وتتبعه، ومع ما صمم له من بيئة تعليمية، لكي نساعد على تقييم فعالية ما قام بتصميمه.
وغالباً ما يوصف التعلم بالإجراءات العملية التي تراعى في وضع تصميم لنظم التعلم، وهي إجراءات عادة ما يفرضها استخدام "أسلوب النظم" "Systems Approach".
ينبغي وضع تصميم التعلم في إطار نظام متكامل للتعلم وهو ما يعرف نظام التعلم هذا بمجموعة من خبرات التعلم جرى تطويرها إمبريقياً، وصممت علي نحو دقيق بحيث تحقق ناتجا معينا لمجموعة معينة من التلاميذ.
أن تطبيق أسلوب النظم في مجال تصميم التعليم يقوم علي أربع خصائص أساسية, وهي: التحليل, والتركيب, وتصميم النماذج, والمحاكاة, ويتميز كل جزء من أجزاء أسلوب النظم بمفاهيم تكنولوجية محددة على المستويات النظرية والتطبيقية، ويوضح لانج Lang في كتاب ميريل Merrill ما للتكنولوجية من تأثير عميق في أسلوب النظم فيؤكد "أن تصميم التعليم Instruction Design هو بالضرورة الأسلوب الأمثل التجريبي لمعالجة كل الأمور المتعلقة بالتعلم، وهو أسلوب يهدف إلى استثارة مجموعات متتابعة من أنماط السلوك التي أمكن التوصل إليها بأساليب إمبريقية". (ميريل، في مقدمة الكتاب صفحة XIII).
وقد أكد تعريفات كثيرة مفهوم التعلم، وعكست ما للتكنولوجيا من دور أساسي فيصف ميريل التعلم بأنه ععملية عن طريقها تجرى تهيئة مقصودة لبيئة الفرد، بحيث تمكنه من تعلم إصدار استجابات محددة أو الانغماس فيها، وذلك تحت شروط معينة ومواقف محددة".
ويرى سيرلس Searls "أن التدريس Teaching عملية عرض المعلومات التي تؤدي إلى العلم بينما التعليم Learning يقوم بعرض المعرفة بعد تنظيمها في أنماط وفي بنية، وهذا ما توحيه كلمة التعلم Instruction، فهي تعني وضع نمط ما في بنية معينة"؟
وبناء على هذا المعنى يمكن أن يتم التدريس ويحدث العليم في غياب تنظيم المعرفة وتنسيقها، أما التعلم Instruction فلابد له من وضع عناصر المنهج في بنية معينة.
ويتضح لنا الآن – بالمقارنة مع تخطيط المناهج – أن تصميم التعلم أكثر ارتباطاً بالنتائج الفعلية للتعلم، فيعمل على التنبؤ بها، والإعداد لها من خلال تنظيم عناصر التعلم وترتيبها.
ويذهب ميريل أيضاً إلى أن تصميم التعلم وتطويره يؤكدان على جوانب الكيف بينما يتم تطويرالمناهج أساساً بالمادةالمطروحة للدراسة، ولذا فالمقررات المتعلقة بالمناهج تنطلق صوب المحتوى، في حين أن المقررات المتعلقة بالتعلم تدور حول العملية التعليمية ذاتها وما تحققه من ناتج ، ومن هنا تصبح العلاقة واضحة بين ما ينبغي أن يحدده المنهج من مادة فيصفها ةيحللها ويرتبها، وبين الطريقة أو الكيف الذي ينبغي أن يتم تحديد هذه المادة ووصفها وتحليلها وترتيبها. وتجدر الإشارة هنا إلى أننا – في هذا الكتاب – سنتناول كلاً من "المحتوى" و "الكيف" الذي يتم به ونوليهما نفس القدر من الاهتمام فيما نقترحه من تصور نظري لتطوير المناهج.
وترتبط نشأة تكنولوجيا تطوير التعلم بالتطور الذي مرت به الوسائط الجديدة للمعدات والبرامج، وتستمد تكنولوجيا تطوير التعلم في نفس الوقت جذورها من عدة بديهيات ومسلمات عن التعلم، وطبيعة التعلم.
أشار جانييه وبريجزGagne & Briggs إلى بعض هذه البديهيات:
1- ينبغي أن يكون الفرد وتنمية محور التخطيط التعلمي.
2- ينبغي أن يضع تصميم التعلم في اعتباره التخطيط على المدى البعيد، وكذلك التخطيط للنتائج العاجلة في التعلم.
3- التعلم القائم على التصميم العمي أفضل من تعليم لا تقوم فيه الخبرات على خطة، ولا تراعي تفريد التعلم.
4- ينبغي تصميم التعليم في إطار نظريات التعلم والطريقة التي يتعلم بها الفرد، مع الاهتمام ببعض مبادئ التعلم وأسسه مثل اقتران المثير والاستجابة، مبدأ التكرار والممارسة والتعزيز. وقد أضاف جانييه إلى مبادئ علم النفس السابقة فأكد على شروط التعلم بما فيها إستراتيجيات المعرفة، وهرم المهارات، وكيفية تنميتها.
ولا يمكننا أن نسلم – في ضوء النظريات التربوية التي سقناها – بحدوث التعلم نتيجة للتعليم أو الأخذ بأن يناسب طالباً ينجح مع طالب آخر، وذلك لأن أصحاب هذه النظريات تولدت لديهم فكرة العمل من النهاية فبدأوا من نواتج التعلم المرغوب فيها، لكي يتعرفوا على العمليات المؤدية لهذه النواتج ويحددها.
وقد أشار عدد آخر من الكتاب المهتمين بالمناهج والتصميم التعلمي إلى ضرورة تحديد الأهداف التعلمية بوضوح قبل البدء في تصميم العملية التعليمية، وتحدد هذه الأهداف ما ينبغي على المتعلم القيام به والظروف التي تحيط بأدائه، ومستوى الأداء المتوقع له " بريجز Briggs " .
ومع تزايد الاهتمام بتحديد الأهداف بمستوياتها الرئيسية العامة، بذلت محاولات عديدة لتصنيف هذه الأهداف، وللتوصل إلى مجالات التعلم، فيحدد تصنيف Taxonomy ثلاثة مجالات: المجال المعرفي، والمجال العاطفي، والمجال النفسحركي (المهاري الحركي) ويقسم جانييه وبريجز المجال المعرفي إلى قسمين: قسم المهارات العقلية وقسم إستراتيجيات المعرفة.
وكان من نتيجة كل هذا الاهتمام بتحليل العملية التعليمية أن أصبح في الإمكان التوصل إلى تحديد دقيق للجوانب التقنية (التكنولوجية) المتعلقة بتطوير التعلم. ويمكننا تصور تصميم التعلم أولاً كأسلوب أو طريقة، أو كمفهوم قابل للنمو والتطور، وثانياً على أنه عملية تتضمن خطوات متتابعة، وأخيراً أن لهذا التصميم نواتج يمكن تطبيقها واستخدامها داخل حجرة الدراسة.
وإذا ما أعدنا النظر فيما ذكره جانييه وبريجز من مسلمات وبديهيات نستطيع أن نلمس ما يتضمنه التخطيط طويل الأجل أو أي تطوير منهجي لنظم التعلم من إشارات هامة للأدوات المستخدمة في تحليل الوقائع وتنظيم تتابعها. ويعف كوفمان Kaufman أسلوب النظم أنه:
"عملية لتصميم يفترض أنها قائمة على أساس منطقي منظم، منهجي وقادرة على التصحيح الذاتي لمسارها، وهي بذلك تتطلب من واضع التصميم أو القائم بتحليله أن يكون موضوعياً لا يأخذ إلا البيانات الصحيحة في مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم".
ونشير هما إلى أسلوبين شاع استخدامهما في عملية التصميم التعليمي، لكل منهما حدود لا يتجاوزها. فإذا ما اعتبرنا المدرس مصمماً أساسياً للتعلم كان تصميمه موجهاً بالضرورة للتعلم الصفي، وعلى أي حال فليس من الواقع أن يتوافر للمعلم الوقت للقيام بما يتطلبه التصميم التعلمي من تحليل وتنفيذ وتقييم للأنشطة التعليمية على نحو شامل، ولذا يلجأ معظم الدارس إلى أسلوب فريق العمل للقيام بوضع مشروعات التصميم الكبيرة، ويتكون فريق العمل عادة من مدرس المواد المعنية، ويضاف إلى مهارات هؤلاء المدرسين، خبرة أخصائي الوسائل التعليمية وعلم النفس التعليمي، والمتخصصين في التصميم التعلمي، والتقييم، وكذلك الإدارة المدرسية. ولاستخدام أسلوب الفريق في العمل مزايا عديدة، منها: أنه يتيح الاستفادة من خبرات متنوعة، وييسر التوصل إلى خطة طويلة الأجل، كما يأخذ بمبدأ تقسيم العمل بين المشتركين فيه، كل في اختصاصه.
والأساس المنطقي لاستخدام أسلوب النظم في مجال التصميم التعلمي يعتمد جزئياً على الالتزام بمبدأ تعزيز التعلم الذي يتيح للطلاب التقدم كل حسب معدل استيعابه ويعتمد كذلك على ضرورة القيام بمقارنة عدة تصميمات لاختيار ما يحقق أفضل نتائج التعلم من بينها. وفي هذا الإطار يورد كوفيان عدة فروض مسلم بها نوجزها فيما يلي:
1- من الممكن الوقوف على الحاجات وتحديدها ثم التعبير عنها في صيغ قابلة للقياس.
2- الإنسان قابل للتعلم، ونمط فرص التعلم المتاحة له وما يتضمنه من مثيرات يمكنها أن تحدد الاتجاه الذي يأخذه هذا التعلم.
3- إن إخضاع التعليم وحل مشكلاته للأسلوب المنهجي سيؤدي إلى فاعلية وكفاءة تفوق عند قياسها ما يحققه أي أسلوب آخر يستخدم حالياً.
4- يمكن وضع الاتجاهات وأنماط السلوك في صيغ محددة قابلة للقياس، وذلك عن طريق مؤشرات السلوك المطلوب وتصنيفاته.
5- أن محاولة التعبير عن شيء موجود فعلاً. وقياسه كمياً أفضل كثيراً من إدعاء قابلية هذا الشيء للقياس دون التثبت ن وجوده الفعلي، أو التحقق من تنفيذه.
6- كثيراً ما يوجد اختلاف بين ما نأمل أن تحققه، وما تحقق فعلاً.
7- التدريس ليس بالضرورة معادلاً للتعلم.
8- أن مجالات التعليم المختلفة التي تبدو غير قابلة للقياس الكمي في مجال تصميم النظم أحوج ما تكون إلى البحوث التربوية.
9- أن أسلوب النظم بما لديه من قدرة على تصحيح مساره له نفع أكثر من العمليات المفتوحة لتحقيق تعليم فعال.
10- ما من نظام معين أو إجراء ما يمثل الحل النهائي، وينبغي مراجعة أسلوب النظم وتقييمه – كغيره من الأدوات – وذلك بالنسبة إلى البدائل الأخرى، بقصد تعديله أو رفضه إذا ما توافرت أدوات أخرى أكثر نفعاً واستجابة.
دور وطبيعة عملية التغيير والتوصل إلى علاقات جديدة :
بالرغم من المحاولات العديدة التي تقوم بها بعض البلاد العربية في تغيير وتطوير المناهج كثيراً ما نجد أنه لم يتحقق إحداث أي تغيير حقيقي في المنهج حتى الآن ولم يلق نجاحاً وقد يرجع السبب في ذلك إلى القائمين على تخطيط المنهج، وكذلك مديرو الدارس لم يتفهموا – على نحو كامل – الإستراتيجيات والعمليات اللازمة لإحداث هذا التغيير، والضرورية للتغلب على المقاومة التي يواجهها دائماً أي فكر جديد.
ويبدو أن فكرة تخصيص دور لمخطط المنهج، ترتبط بازدياد عدد المدارس، وبتعاظم الآمال التي يعقدها المجتمع على دور هذه المدارس في إشباع حاجاته، لذا نجد أن المنهج قد اتسع إلى التغيير الكمي الذي تعرضت له المدارس–أصبح من الضروري إحداث تغييرات كيفية فىالمنهج المدرسي بحيث تساير ما يتطلبه المجتمع من قيم ومهارات في الأجيال التالية.
وتتوقف هذه التغيرات على تراث الدولة الثقافي ونظامها القيمي وما لهما من تأثير في المدارس التي تعمل في هذه الدولة، بل تخضع هذه التغيرات بما لدى الأمة من قيادة واعية ومؤثرة في إحداثها. ويشير فوشيه Foshay إلى ذلك بقوله:
"لقد اعتدنا النظر إلى تطوير المنهج على أنه عملية يقصد منها تحسين عمليةالتعلم، غير أننا بدأنا مؤخراً التصدي لموضوع الاستراتيجيات، ومواجهتها وعلى نحو مباشر".
ويناقش فوشيه ما يجب أن تكون عليه إستراتيجيات التغيير من شمولية، فيستخدم تصنيف مايلز Mile لعملية التغيير إلى أربع مراحل محددة وهي:
1- تصميم الخطة الجديدة.
2- وعي البيئة المحلية واهتمامها بهذا الجديد.
3- عمليات تقييم الخطة من واقع البيئة المحلية.
4- عمليات التجريب في البيئة المحلية.
وعلى الرغم من أن فوشيه أشار إلىأهميةالعامل البيئي (Ecology) للنظم المدرسية ويؤكد على ضرورة تصدي عمليات تطوير المنهج لجميع العناصر المتعلقة بنظام البيئة، إلا أنه لم يزد على ذلك، بل لم يتطرف إلى بحث سبل من شأنها إحداث أي تغيير في المنهج، ويبدو أن معظم ما نشر في هذا الموضوع قد اقتصر على المناداة بضرورة وجود إستراتيجيات لتطوير المنهج بدون الذهاب إلى أبعد من ذلك، وبدون تحديد لما تحتاج إليه فعلاً من معلومات دقيقة عن هذه الإستراتيجيات وسبل توفيرها.
ولاعتبارات عديدة يمكن اعتبار دور مخطط المنهج المتغير نتيجة مباشرة لما مر به مخططو المنهج من خبرات عملية خلال الستين عاماً الماضية وهي خبرات أثرت بدرجة كبيرة في نظرية المنهج. ويحدد وايفانز المشكلات التي يواجهها الباحث في موضوع المنهج في سبعة أنماط :
1- تحديد الأولويات.
2- تحديد نظم القيم السائدة.
3- العمل على إزالة الازدواجية بين المحتوى، وعملية التطوير.
4- توضيح طبيعة عملية التطوير.
5- توضيح دور القيم في تطوير المنهج.
6- توضيح طبيعة إجراءات تطوير المنهج.
7- إيجاد طريقة لدراسة بنية المنهج.
وتشير النظرة العامة لهذه المشكلات التي تعقد عملية تطوير المنهج وإلى ضرورة توفير التدريب الكافي للقائمين بهذا التخطيط في النواحي النظرية للمنهج وتكنولوجيا التعليم وبطرق تيسير عمليات التغيير في المؤسسات التعليمية وفي المدارس.
وعلى الرغم من أن القائم بتخطيط المنهج لابد أن بيكون بالضرورة أول من ينادي بعملية التغيير يتزعمها ويوجهها، إلا أنه من وجهة النظر الحديثة ينبغي الا تكون هذه الزعامة مقصورة عليه، بل لابد أن يشاركه فيها كل الأفراد المتأثرين بنتائج عملية التغيير وبالقرارات التي تتخذ حيالها، ومن هنا نرى أن التخطيط للمنهج ليس بإجراء يقوم به شخص واحد ونرى أيضاً أن "الجهد الجماعي هو الطريق الأمثل الفعال الذي يمكن أفراد الجماعة من بذل ما يستطيعون الإسهام به بغية تحقيق أهداف الجماعة كلها" (سوندرز، فيليبس، جونسون Saunders, Philip and Johnson، ولا يمكن التقليل من أهمية العمل أو الجهد الجماعي إلا أن وقائع هذا العمل لا تظهر تلقائياً حالما تتشكل مجموعة العمل، فالمشاركون فيها في حاجة إلى توجيه مخطط لمنهج وإرشاده، وتشجيعه لهم – أيضاً –أفراداً وجماعات على إبداء الرأي وتقديم كل ما يستطيعه من سبل لتيسير حل المشكلات التي تعترضهم بطريقة تضع في الاعتبار آراء كل عضو في الجماعة، وملاحظاته – ويتضمن ذلك كله أن يصبح من واجب مخطط المنهج كقائد – الإحاطة التامة بنظرية المنهج والمعرفة الكاملة لطرق تصميمه، وأن تتوافر لديه المهارات الضرورية له في إطار ككونه عاملاً من عوالم التغيير، وفي القسم التالي سنعرض بشيء من التفصيل لدور مخطط المنهج كعامل منشط لعملية التغيير.
تصميم عملية التغيير ومراحله :
قام الباحثون في علم النفس التطبيقي بدراسات مستفيضة في عملية التغيير في مؤسسات عديدة فتوصلوا إلى نمطين لعملية التغيير: نمط معرفي، ونمط انفعالي وأوضحت الدراسة أن ازدياد معرفة الفرد (التغيير المعرفي) لا يؤدي بالضرورة إلى تغيير سلوكي، وأن إتاحة الفرصة للفرد يكتسب مشاعر وسلوكاً جديداً نحو تقبل الآخرين وتقدير ما لديهم من قيم (التغيير الانفعالي) لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين كفاءة العمل، والعلاقات السائدة فيه، غير أن خبراء تطوير الأنظمة المعمول بها في المؤسسات يرون أنه من المستحيل التوصل إلى تغيير حقيقي في نواتج نظام ما دزن العمل على إحداث تغيير ملموس في العمليات التي يتضمنها هذا النظام. ويرى هؤلاء الخبراء أن هذه التغييرات تتضمن تغييراً في المجال المعرفي والمجال الانفعالي.
وساء أكنا نهدف إلى إحداث تغيير ما في نموذج لسيارة جديدة أو لمنهج جديد، فإن الدافع في كلتا الحالتين ينبثق من الفراق الذي نحس به تجاه ما هو مثالي وما هو واقع فعلاً، وهذا الإحساس يدفعنا بعيداً عن الواقع في اتجاه المثالي. غير أن كثيراً ما تعترض طريقنا معوقات تحد من هذا السعي نحو الأفضل.
ويسوق سيرجيوفاني Sergivanni تصوراته عن هذه المعوقات التي تعترض طريق التغيير، في تمثلها في مجال المحاولات المبذولة لتغيير سلوك المعلم، ومن الواضح أن تصوراته عن هذه المعوقات يمكن تطبيقها في مجالات أخرى للتغيير.
ويرى سيرجيوفاني ان هذه المعوقات تتخذ الصور الآتية:
1- أن مقاومة المعلمين لا تنصب على التغيير في طرق التدريس، أو الإدارة المدرسية ونظامها، أو تكنولوجيا التعليم والمنهج وتطويرها وتنفيذها بل تنصب على ما يصاحب هذا التغيير من تغيير آخر في المجال البشري، وما يسوده من علاقات.
2- قد تنجح إستراتيجيات التغيير القائمة على أساس منطقي في إحداث تغيير تقني، وتغيير في بنية المجال الذي تعمل فيه. إلا أن هذه الإستراتيجيات ذاتها تقف عاجزة عن تحقيق تغيير سلوكي في الأفراد.
3- إن إستراتيجيات التغيير التي تعتمد أساساً على السلطة – سواء أكانت هذه السلطة على صورة نفوذ إداري أم سياسي – قد يكون لها من الفعاليات ما تحقق التغيير في جوانب فنية تقنية، وكذلك في جوانب البيئة ذاتها، غير أن هذه الإستراتيجيات قليلاً ما تؤدي إلى نتائج ملموسة في تعجيل وتغيير سلوك الأفراد.
4- أن التعديل السلوكي للأفراد يعتبر من الأهداف الأساسية التي يسعى إلى تحقيقها التطوير التربوي.
ومن الطبيعي أن نتنبأ بحدوث تطوير فعال في المنهج إذا ما أتيح للمسئولين الفرصة الكاملة لانتقاء واختيار ما يتراءى لهم من سبل لتحقيق التغيير المطلوب، ومن هنا – كما يفترض سيرجيفاني – ينبغي أن يتوافر لدى المسئولين الشعور بالمسئولية إزاء ما يجرى داخل عملية التغيير وإزاء ما ينتظر أن تؤدي إليه من نواتج تعليمية.
إن القائمين بتطوير المنهج – كالقائمين بعمليات التطوير لأي نظام أو مؤسسات – مطالبون بمساعدة جميع المهتمين بعملية تطوير المنهج في تحديد الغايات التي يسعون إليها وفي تنظيم جهودهم على نحو يؤدي إلى تحقيق هذه الغايات، وقد تكون هذه المساعدة في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: تحسين العلاقات الشخصية بين أفراد المجموعة، وتنمية ما لديهم:
وفي هذه المرحلة يتلقى المشاركون في عمليات التغيير والتطوير – الإرشادات والعون – الذي يساعدهم على تنمية الثقة فيما بينهم، وفي الإفصاح عما يكنونه ممن مشاعر وآمال تجاه أهمية دور كل منهم فيما يقومون به من عمل، ويتلقون كذلك توجيهات تساعدهم في تحديد أية مشكلات حتى يتولد لديهم اليقين بإمكان طرح الحلول وأن لكل منهم دوراً هاماً في التوصل لهذه الحلول.
المرحلة الثانية : تغيير أساليب العمل :
وتهدف هذه المرحلة إلى تغيير الأسلوب الذي تتبعه مجموعة من الناس يعملون معاً في مكان عملهم المعتاد (مثل الوزارات والمدارس)، ومن خلال تغيير أسلوب العمل تحاول تحقيق الشعور بالإحباط، وتحاول تحسين وسائل التواصل وتنمية التعاون المثمر، وسوف يؤدي هذا كله إلى تكوين أنماط جديدة للسلوك لدى العاملين، تؤدي بدورها إلى التقليل من أهمية التمسك بما تمليه عليهم الوظيفة من دور وعلاقات تتفاوت في أهميتها.
المرحلة الثالثة : تغيير بنية التنظيم :
ومن خلال تحول سلوك الفرد والجماعة نحو التعاون تظهر أنماط وظيفية جديدة وأدوار وسياسات من إجراءات جديدة لم تكن في البنية السابقة لنظام العمل، وتصبح بمرور الوقت النمط الأساسي لنظام العمل الجيد يمكننا أن نرى الآن أن عمليات التغيير تتسم – على عكس ما كنا نتصور – بالتعقيد والاعتماد على العلاقات الإنسانية بدرجة أكبر من اعتمادها عل أساس عقلي، وينطبق هذا أيضاً على عملية تغيير المنهج.
الأدوار وما بينها من علاقات :
يشير سيرجيوفاني إلى أن "تحديد الأدوار داخل النظام وتوضيحها له أهميته في التوصل إلى قيادة فعالة"وقد جاءت هذه الملاحظات في سياق مناقشة دارت حول ما يتوقعه المعلمون من القيادات التعليمية، وهي توقعات كثيراً ما تكون مختلفة عن تصورات القادة عن حقيقة الدور الذي يضطلعون به. ومن الجانب الآخر يتوقع القادة التربويون من المعلمين أن يقدموا أدوراً معينة مجهولة أو مهملة تماماً من جانبهم. إن هذا الدور الذي يقوم به الفرد لا يتحدد بما لهذا الفرد من توقعات وآمال فقط، وإنما يتحدد "بالنظام" الشامل الذي يوزع هذه الآمال ويعطي المعايير التي يتحدد في ضوئها سلوك المعلم أو القائد عند مستوى معين في النظام التعليمي.
ولقد قام شمك Schmuck وزملاؤه بمحاولة لتحديد هذه المعايير والأدوار على النحو التالي: "نعني بمصطلح "المعيار" ما أجمع عليه أفراد مجموعة ما من توقعات سلوكية داخل إطار ما، أما مصطلح "الأدوار" فنعني به مجموعة من القواعد السلوكية المحددة لسلوك الفرد في موقف معين يملي عليه دوراً محدداً، ولتوضيح ما نعنيه بالمعيار السلوكي يمكننا القول أن معياراً سلوكياً ما يوحي كثيراً وينادي بالاعتدال وعدم المغالاة في التفاعل بين المعلم والتلميذ. ويتحقق هذا المعيار عندما يجمع المعلمون على الاعتدال فيما يظهرون من ود وصداقة، وكذلك فيما يظهرون من جفاء وحزم نحو تلاميذهم، وعندما يجمعون على نبذ المغالاة في هذه المشاعر" وقد يذهب إلى أبعد من ذلك فنرى أن المعيار السلوكي الذي يؤيد اقتراحاً بتأجيل أو فض اجتماع لجنة ما – بصرف النظر عما يحققه جدول أعمالها من تقدم – معيار سلوكي نافذ المفعول، ولم يشر إليه أحد المجتمعين، ذلك لأن أعضاء مجلس الكلية جميعاً لم يتوقعوا توجيه اللوم إليهم لمغادرتهم قاعة الاجتماع ومن الانتهاء من الموضوعات المطروحة للدراسة.
وقد تكون معايير السلوك صارمة ضابطة وقد تكون مطلقة ومنفتحة. وتختلف درجة أهمية هذه المعايير تبعاً لما تحظى به من تأييد واستحسان وقابلية هذه المعايير للتغيير والتعديل وتتوقف على مدى ما تقدمه للفرد من مساعدة لتحقيق غاياته، فإذا تميزت بقدرة إيجابية كبيرة – كان من الصعب تغييرها أما إذا أصبحت عائقاً في سبيل إشباع حاجات الفرد فن هذا يكون أدعى إلى التفكير في تعديلها.
وفي الدارس (ويصفها شكمك بالأنظمة غير المتمايزة نسبياً) كثيراً ما يطلب من المعلمين والقادة القيام بأكثر من دور. وبعض هذه الأدوار يمكن التنسيق بينها، وبعضها الآخر يشوبه الصراع، وعلى سبيل المثال. قد ينشأ الصراع في موقف يتطلب من المعلم القيام بدورين في آن واحد: دور قائم على الود والتسامح، ودور متشدد لإقرار النظام في الصف وفي موقف آخر في مجال تطوير المنهج – قد ينشأ الصراع بين دور المعلم أو الإدارة المدرسية أو يفرض عليها الإلزام بمنهج معين يشعرون في ضوء ما لديهم من خبرات – أنه لا يتناسب مع المستويات التعليمية بالمدرسة.
وتشيع هذه المواقف في البلاد النامية ومنها البلاد العربية حيث يجد المعلمون والإدارة المدرسية أنفسهم بين رحى القديم والحديث. أدوار تقليدية أصبحت مألوفة تماماً لديهم وأدوار حديثة فرضت عليهم فجأة دون أن يعدوا لمتطلباتها. وقد يكون الأمر على العكس من ذلك تماماً فيطالب المعلمون والإدارة المدرسية بأدوار جديدة تتلاءم وتتفق مع فهمهم المتزايد لعملية التعليم والتعلم إلا أنهم يواجهون بالرفض من الجهات المسئولة التي لا تلم بما تولد عند الإدارة المدرسية من فهم جديد.
ولابد للمنهج ولمحاولات تطويره من توقع تغيير أدوار التلاميذ وإجابتهم فتتاح لهم الفرصة للمشاركة في عملية التخطيط، إلا أن القائمين على تطويرالمنهج لايعرضون حتى الآن سبل ووسائل تحقيق هذه المشاركة.
أدوار المعلمين وطبيعتها المتغيرة :
يقرر لبسون أنه "ليس من المنطقي أن نتوقع تغييرات سريعة في سمات المعلم وخصائصه سواء أكانت هذه التغيرات ناتجة عن تنظيم مقصود لخبرات المعلم أم ناتجة عن عمليات الانتقاء والتثبيت والترقي الوظيفي" (ص7)، ولا يمكن إنكار أو تجاهل حدوث هذا التغيير في المعلم حتى لو كان تغييراً تدريجياً والقضية المطروحة الآن هي كيفية التأكد من توافر المعلمين الذين يتسمون بخصائص متنوعة، ولنرجع مرة أخرى إلى لبسون Lipson الذي يقرر "عدم وجود المعلم الذي يصلح لجميع التلاميذ، فالمعلم الذي يصلح وتبرز مواهبه في نظام ما لا يحتمل أن تكون له نفس الصلاحية داخل نظام آخر، ومن هنا لابد من نعترف بحاجتنا لأنماط متنوعة من الشخصيات والقدرات داخل المدرسة".
وينبغي أن يتاح للمعلمين درجة أكبر من الاستقلالية، والحرية والمبادرة في جميع جوانب المناشط التي يقومون بها، وليست الحاجة محصورة في توفير أدوار متنوعة للتدريس بل تتعداها إلى أهمية قيام المعلم بدور ملموس يفيد به تلاميذه إزاء الانفجار المعرفي ويشير ليند فال وبولفن Lindvall and Bolvin إلى ذلك بقولهما:-
"ليس على التلميذ اليوم تعلم قدر أكبر مما تعلمه تلميذ الأمس فقط بل عليه مواجهة عالم يغص بمجالات وبدائل للتخصص تحتم عليه الاختيار بل توجه النشاط الصفي وتخضعه لما لدى التلاميذ من حاجات واهتمامات".
وقد يغير الأشخاص أعمالهم عدة مرات أثناء حياتهم وهم بذلك يجدون أنفسهم منغمسين في عملية التعلم طوال حياتهم، ننا يجعل من الضروري تزويدهم بما ييسر لهم الدراسة الذاتية التي يقومون بها بدافع تلقائي، بل يبدو أيضاً أنه من غير الممكن التوصل لحلول مناسبة للمشكلات الاجتماعية ما لم يعتد المواطنون استخدام الأسلوب العلمي في حل المشكلات في حياتهم، وهو أسلوب يمكنهم أن يكتسبوه من خلال تطوير التعليم.
ويهتم المعلمون بالعديد من القضايا إحداها البحث عن الوسائل التي تتضمن وتؤكد العنصر الإنساني في استخدام تكنولوجيا التعليم بعد أن كان العامل يتجاهل آلياً في العملية التعليمية لمدة طويلة ومن هذه القضايا قضية أخرى تفرض نفسها وتجعل من الضروري أن يجمع المعلم في تكوينه بين بنية المعلم ومهارات مصمم التعليم، وهو جمع أصبح حتمياً إزاء التطور السريع الذي تمر به تكنولوجيا التعليم.
ولقد طرأ تغير جوهري كبير في دور المعلم متمثلاً في ضرورة التعامل مع مجموعات صغيرة من التلاميذ مع توفير بدائل من استراتيجيات التعلم التي تلائم كل مجموعة على حدة في الوقت نفسه: بل أصبح من المتعين على المعلم أن يضيف بعد آخر إلى حقيقة الدور الذي يقوم به لكي يكون عالماً تطبيقياً ويرجع ذلك إلى أن التكنولوجيا تعني أيضاً التطبيق الذي يقوم به لكي يكون عالماً تطبيقياً ويرجع ذلك إلى التكنولوجيا تعني أيضا التطبيق المنهجي في مجال التعليم لنتائج البحوث العملية والتجارب التي تثبت صحتها.
وفي بلاد الغرب توصل رجال التربية والقائمون بتدريب المعلمين إلى تحديد دقيق للأدوار التي يجب أن يطلع بها المعلمون في وقتنا هذا، ويمكن تحديد هذه الأدوار بثلاثة أنماط هي: (1) دور المعلم كنموذج إيجابي يحتذى به التلاميذ، (2) دور المعلم كحلقة وسيطة للتفاعل داخل اصف، (3) دور المعلم كمدير مسئول عن تحقيق نتائج التعلم بما يتوافر له من مصادر تعينه على ذلك.
أما فولر Fuller فقد حدد مهارات المعلم الحديث بأربعة أنماط :
(1) النمط الأول : مهارات التقييم :
وهي تتضمن مهارات الملاحظة وسمات الشخصية ومكوناتها والقدرة على تفسير سلوك الآخرين، علاوة على الصور والوسائل التقليدية للاختبارات والقياس.
(2) النمط الثاني : مهارات معرفية عامة :
وتشتمل على الإحاطة بطرق الاتصال والتواصل والتفاعل بين الأشخاص والإدراك وصور الفن، والفلسفة والتعزيز الاجتماعي، وكذلك الإحاطة بالمحتوى المعرفي.
(3) النمط الثالث : مهارات نشطة / يقظة :
وتتضمن هذه المهارات الإلمام بطرق مساعدة الآخرين، وطرق مواجهة التلاميذ المشاكسين، والقدرة على تحديد الطرق المناسبة لتعديل السلوك.
(4) النمط الرابع : مهارات تعديل السلوك :
وتتضمن هذه المهارات الإلمام بالمصادر المتوافرة في البيئة وكيفية استخدامها لفائدة التلاميذ، الإلمام بسيكولوجية تعديل السلوك بأساليب التدريس الخاصة.
ويميل بعض الباحثين إلى اعتبار المعلمين منظمين وعارضين للمحتوى، وميسرين للتفاعل بين الأفراد، محققين للتواصل، ومخططين، ومتخصصين في التقييم وخبراء في التصميم التعليمي، وتشخيص الظواهر ووضع وسائل العلاج لها، ومستشارين وموجهين وخبراء في تطبيق المنهج وتنفيذه، بل يطلقون عليهم العديد من الألقاب الأخرى.
أما عن السمات والقدرات الشخصية التي يجب أن تتوافر في المعلمين حتى تمكنهم من القيام بجميع هذه الأدوار فغالباً ما يشار إليها "بالذكاء" و "الإبداع" و "المرونة" والقدرة على التوصيل الجيد، والقدرة على استثارة اهتمام التلاميذ حول موضوعات معينة بل حول عملية التعلم نفسها.
وفي هذا الصدد يشير دنمارك وايسبيوزا Denemark & Espinoza إلى ضرورة إعداد المعلم ليكون "عاملاً مساعداً على التغيير والإصلاح المطرد في مجال التربية".
وينطوي إعداد المعلمين للقيام بهذا العدد الكبير من الأدوار على مشكلات عديدة وتذهب ويليس Willis إلى الاعتقاد بأن نقطة البداية في إعداد المعلم ينبغي أن تكون تعريف الدور، وتوضيح كل ما يتعلق به ثم الانتقال بعد ذلك إلى المهارات بأبعادها المختلفة ويجمع العديد من رجال التربية على الأخذ بهذا الاتجاه بدرجات من الاهتمام.
ولقد انعكس هذا الاتجاه في بعض المقررات الدراسية بكليات التربية التي تتناول الجوانب المختلفة لطبيعة الأدوار التي يؤديها المعلم.
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أنه في بعض المقررات إذا ما أردنا تحقيق التغير المطلوب في سلوك وتفكير المعلم لابد أن يصاحب هذا التغيير ، وتغيير مماثل ففي العناصر البشرية الأخرى داخل النظام التعليمي في تطوير هيئات التدريس والعاملين.





الفصل الثالث
بنــــــــــــــــاء المناهج وتخطيطها
الفصل الثالث
بناء المناهج وتخطيطها

لعل تخطيط المنهج من أهم الأمور التي تواجهها السلطات التعليمية، بل يعد في الواقع المرحلة التي تظهر فيها بوضوح فلسفة الدولة التعليمية. ولذلك فهو أمر هام، تختلف حوله وجهات النظر.
وسنحاول في هذا الفصل أن نعرض مختلف وجهات النظر في التخطيط، سواء فيما يتعلق بالمفهوم أو مراحله، أو مبادئه، أو مستوياته.
ما الذي يقصد بتخطيط المنهج :
كما أن المربين يختلفون حول مفهوم المنهج، فهم يختلفون كذلك حول مفهوم تخطيطه، فكثير من المعلمين يرون أن تخطيط المنهج يعني كتابة مقررات دراسية، أو بمعنى أصح تحديد محتوى المواد الدراسية التي تدرس في المدرسة. وهو يرون في هذا الاتجاه بأنه محدد وعملي وواقعي.
ولكن بعض المربين يعتقدون بأن تحديد محتوى المادة غير كاف في تخطيط المنهج، ويرون أن تخطيطه لا ينبغي أن يقتصر على مجرد العناية بالمادة الدراسية فحسب، بل ينبغي أن يشمل جميع مكونات المنهج الدراسي. وهم في هذا يؤكدون مفهوماً واسعاً للمنهج، يختلف عن مفهومه الأول، ويرون أن تحديد المادة الدراسية غير كاف لضمان تحقيق الأهداف التربوية، وأن نوع الخبرات التي توفر للتلميذ هي التي تضمن تحقيق الأهداف. ولكن يؤخذ على هذا المفهوم أنه مبهم ونظري، وخاصة من وجهة نظر المعلمين ونظار المدارس، الذين يعبرون عن مخاوفهم من عدم وجود برنامج محدد مبني على مواد دراسية معينة يسيرون تبعاً له.
وقد أدى التعارض بين المفهومين السابقين، إلى ظهور الحاجة إلى التعاون بين أصحاب الاتجاهين في بناء المنهج، على أساس الجمع بين تخطيط الخبرات وتخطيط المادة الدراسية، لتحقيق الأهداف والأغراض التربوية.
وعلى ذلك، يمكن تحديد مشكلة تخطيط المنهج في السؤالين الآتيين : كيف يمكن للمدرسة أن تساعد الأطفال والشباب في تعلم ما يحتاجونه؟
وكيف يمكن للمجتمع أن يوجه التربية نحو تحقيق الأهداف المرغوب فيها؟
ويحتاج الوصول إلى حل هذه المشكلة القيام بعدة أنواع من النشاط، وتتطلب مجهودات أفراد عديدين، كالفلاسفة التربويين والمعلمين وأولياء الأمور...الخ.
النظرة المنظومية للتخطيط (الحلقة التعليمية) :
التصور الحلقي للعملية التعليمية يكون منظومة سيبرنيتية، إذا اختل جزء منها اختلت كلها ويؤثر كل ركن من أركانها في باقي الأركان، وهو يختلف تختلافا جذرياً عن التصور القديم للعملية وهو التصور الخطي.
الأهداف المحتوى طرق التدريس التقويم ؟
فإذا حدث خلل في العملية يصعب تحليله ودراسته وربطه بباقي أركا الحلقة بعكس الحال في التصور السيبرنيتي لها.
ومثالاً لذلك، إذا كان طلبة دفعة من دفعات كلية ألف طالب وأدوا امتحانهم وكانت النتيجة هي نجاح مائة ورسوب تسعمائة. إذا حدث هذا فإنه يعني أن خللاً خطيراً قد حدث في العملية ادى إلى أن جهود عام دراسي كامل قد ذهبت هباء ولم تحقق الهدف المنشود منها وهو تعلم الطلبة، ولتحليل هذا الإخفاق تحليلاً علمياً يمكن مراجعة الحلقة التعليمية. وقد يكون سبب الإخفاق هو:
1- أن طرق التقويم كانت معيبة وأن الاختبار افتقد خصائص الاختبار الجيد.
2- أن وسائل التعليم كانت غير فعالة حيث أنها لم تبنى على أسس التعلم.
3- أن الأهداف المطلوبة من الطلبة كانت محلقة في الارتفاع ولا يستطيع الطلاب الوصول إليها.
4- أنه لا يوجد اتساق بين المحتوى وأياً من – أو كلاً من – ألهداف وعمليات التدريس والتقويم.
وفي العادة لا يكون سبب الإخفاق أن هذه الدفعة من الطلبة دفعة سيئة وأن الطلبة مستهترون، ولو أن هذا هو السبب الذي يساق عادة لتفسير الإخفاق.
ولكي تتضح النظرة المنظومية في تخطيط المناهج، فإننا نتناولها في سياق تطور أنواع التخطيط.
أنواع التخطيط :
1- البناء الخطي :
إذا تتبعنا المكونات الرئيسية لبناء المنهج في الكتابات المختلفة فلن نجد خلافاً كبريراً بينها. ويحددها تايلور Tayler بالأهداف والمحتوى والتنظيم والتقويم، وهيلر Wheeler ضمن تصوره عن عملية مبسطة للمنهج – بالأهداف والخبرات التعليمية والمحتوى والتنظيم والتقويم، وكير Kerr بالأهداف والمعرفة والخبرات التعليمية المدرسية والتقويم.
إلى هنا لا توجد مشكلة، ولكن تبرز عديد من القضايا قد تختلف حولها الآراء – بصورة أو بأخرى – وينبغي تحديد موقف واضح منها، وأهمها طبيعة العلاقة بين مكونات بناء المنهج، والقوى المؤثرة في المنهج ودينامياتها.
والأشكال التالية توضح نماذج تايلور وهيلر وكير عن العلاقات بين مكونات بناء المنهج :
شكل رقم (3) نموذج تايلور عن العلاقات بين مكونات بناء المنهج
المتعلم
الحياة المعاصرة
المتخصصون في المادة اختيار
الفلسفة الأهداف المحتوى التنظيم التقويم
علم النفس
أن تصور تايلر لطبيعة العلاقة بين مكونات بناء المنج يعتمد علي النموذج الخطي, أذ أن العلاقات بينها علاقة خطية بسيطة تبدأ بتحديد الأهداف ثم باختيار المحتوى وتنظيمه وتنتهي بالتقويم. ومن الواضح أن هذا النموذج يهمل تماما تأثير عملية التقويم في المكونات الأخرى, وكذلك تأثير التغيرات المحتملة في أحدها علي باقي المكونات.
أما نموذج هيلر فيعتمد علي العلاقة الخطية الدائرية بين هذه المكونات, وهو يمثل خطوة إلي الأمام من حيث أن التغذية المرتجعة الناشئة عن التقويم تؤثر في مكونات بناء المنهج المختلفة, إلا أنه أيضا بهذا الشأن, وإذا كان كير لم يقدم تصورا للتغيرات الكيفية في مكونات بناء المنهج المختلفة نتيجة للتغذية الراجعة, إلا أن قد تدارك الأمر بالإشارة إلي نموذج مييل Miel الحلزوني, وإمكانية إخضاع النموذج الذي قدمه لهذا النموذج الحلزوني, ولكنه لم يقدم تصورا محددا لذلك.
2- البناء المنظومي :
وتفاديا للانتقادات التي سبق توجيهها للنماذج السابقة نعرض نموذج رشدي لبيب الذي أطلق عليه "الدائرة التعليمية في ضوء النظرة النظامية"
مبادئ التخطيط :
فيما يلي نلخص بعض المبادئ العامة لتخطيط المناهج والبرامج التعليمية:
1- الشمولية: يتضمن المنهج جميع الخبرات التعليمية التي تشرف عليها المدرسة.
2-الديمقراطية: أن التعاون واشتراك أفراد عديدين علي مدى واسع في تخطيط المنهج أمر مرغوب فيه, وخاصة في المجتمعات الديمقراطية.
3-استمرارية لولب التعليم: ينبغي أن تكون عملية تخطيط المنهج عملية مستمرة, حتى لا تصاب العملية التربوية بالجمود والتخلف.
4-المرونة: أن أي مخططات توضع للمنهج تخضع لمتغيرات عديدة, قد تطرأ أثناء عملية التنفيذ, ومن هنا لابد أن تتسم المخططات الموضوعة بالمرونة, وتتضمن بدائل متعددة. ولكن هذا لا يعني عدم الالتزام بالمخططات الموضوعة, ما لم يكن هناك دواع حقيقية لأحداث تغييرات عميقة فيها.
5- لبناء العلمي للمنهج: أن التخطيط عملية علمية تربط بين الوسائل والغايات, وينبغي أن تستند علي معطيات العلوم التربوية والنفسية وغيرها من العلوم ذات الصلة بالعملية التعليمية, في نفس الوقت الذي يتبع فيها المنهج العلمي بما يتضمنه من تجريب.
ويعتمد التخطيط العلمي علي ما يلي :
أ‌- التحديد الإجرائي للأهداف.
ب‌- الربط بين الأهداف والوسائل والإمكانيات.
ﺟ- القدرة علي التنبؤ في ضوء معطيات نتائج الخبرات والبحوث في مجال العلوم التربوية والنفسية.
د- التقويم وما يستتبعه من تغذية راجعة.
6- التحكم: أن التخطيط العلمي لإحداث أي تغيير في السلوك الإنساني, يعني اتخاذ الضمانات اللازمة للتحكم في المؤثرات المختلفة في هذا التغيير, أو بمعني آخر محاولة توجيه هذه المؤثرات (إيجابا أو سلبا) بحيث تؤدي إلي إحداث التغيير المرغوب.
7- الربط بين المخططات والإمكانات: إن أي مخطط يتسم بالعملية والواقعية، ينبغي أن يعتمد على دراسة واعية وموضوعية لجميع الإمكانات المتاحة.
ولكن يجب أن نوجه النظر في هذا مجال، إلى أن هذا لا يعني الخضوع تماماً للإمكانات الظاهرة، وإرجاع أي فشل في العمل التعليمي إلى عدم توافر الإمكانات. فالتخطيط السليم هو الذي يتضمن حلولاً للتغلب على مشكلة نقص الإمكانات. وعلينا أن نتذكر دائماً، أن القضية الحقيقية التي تواجه المربين في الدول النامية، هو كيفية توفير أفضل تعليم ممكن لأكبر عدد من الأفراد بأقل نفقات ممكنة. ولا سبيل للتصدي إلى هذه القضية إلا عن طريق إبداعات الفكر الإنساني في التوصل إلى حلول غير تقليدية للمشكلات.
مستويات التخطيط :
من الأمور التي يدور حولها الجدل في الميدان التربوي المستوى الذي يوضع فيه المنهج ومن الذي يضعه. وسنحاول أن نناقش في هذا الجزء مستويات وضع المنهج.
وتختلف الآراء حول المستويات التي ينبغي أن يوضع فيها المنهج، هل يوضع في مستوى قومي؟..أو بمعنى آخر هل يوضع المنهج بحيث يطبق في جميع أنحاء البلاد؟ أم تترك مسئولية تخطيط المنهج إلى كل مدرسة محلية؟ ومن الطبيعي أن هذا الاختلاف يرتبط تمام الارتباط بمشكلة مركزية ولا مركزية التعليم.
أ- التخطيط المركزي :
ينادي البعض بمسئولية الهيئة المركزية للتعليم في تخطيط المناهج، ويدافعون عن هذا لبعض الاعتبارات منها:
1- أن المناهج الدراسية كتخطيط لتحقيق أهداف التعليم في الدولة، ينبغي أن تقوم به السلطة العليا المسئولة عن التعليم في البلاد، وهي السلطة المركزية، لكي تضمن تحقيق الأهداف القومية. وقد يكون لهذا الرأي أهمية، فالتعليم كوسيلة هامة لتحقيق أهداف المجتمع، ينبغي أن ترسم له السياسة العامة التي تتفق مع جوانب الحياة الأخرى فيه. ولكن رسم سياسة عامة للتعليم يختلف عن وضع تفصيلات وأساليب العمل لتحقيق هذه السياسة. فيمكن أن تقوم السلطة المركزية برسم الأهداف العامة للتعليم ووضع الخطوط العريضة لكيفية تحقيقها، ثم تترك بعد ذلك للسلطات المحلية حرية اختيار أسلوب العمل والمناهج..الخ، التي تتحقق بها الأهداف الموضوعة، مستعينة في ذلك بالخطوط العريضة التي تسمها السلطة المركزية.
2- يذكر أنصار مركزية وضع المنهج، بأن السلطة المركزية بحكم إمكانياتها يمكنها الاستعانة بالخبراء اللازمين لوضع المناهج، مما قد لا يتوافر للسلطات المحلية.
وإذا كان هذا الرأي صحيحاً، إلا أنه لا ينفي أن السلطات المحلية إذا تركت لها حرية العمل، فقد تتمكن من تكوين مجموعة من المعلمين والموجهين الفنيين القادرين على القيام بوضع المناهج في تخطيط المنهج.
على أية حال، نحن نرى أنه في وجود خطة قومية للتنمية، لابد أن يكون للتعليم دور محدد في هذه الخطة، وإن كان هذا لا ينفي ضرورة تكتيل جميع الجهود المركزية واللامركزية للقيام بهذا الدور.
ب- التخطيط للعمل المدرسي (داخل الفصل – خارج الفصل) :
لما كان من المفروض أن توجه جميع أجهزة المدرسة ووسائلها لتحقيق الأهداف المحددة، وذلك في ضوء فلسفة موحدة ووسائلها لتحقيق الأهداف محددة، فلذا ينبغي العناية بوضع خطة كاملة للعمل المدرسي، تشمل جميع جوانب الحياة المدرسية. ولا نعني بوضع خطة كاملة، أن تكون خطة نهائية، بل ينبغي إعادة النظر فيها في ضوء مدى تحقيقها لأهداف المدرسة. وبهذا الأسلوب يمكن أن نضمن للمدرسة برنامجاً يتسم بالاتزان والتكامل. ويمكن تلخيص ما تشمله خطة المدرسة:
1- التدريس داخل الفصل، ويعتمد على نوع معين من المقررات الدراسية، تتضمن الأهداف والمحتوى والطريقة وأساليب التقويم.
2- أنواع النشاط الخارجي للتلاميذ، مثل الجمعيات المدرسية والنوادي والنواحي الرياضية والاجتماعية...الخ.
3- التوجيه.
4- خدمات البيئة والعلاقات بين المعلمين والمجتمع المحلي.
5- العلاقات الإنسانية مثل العلاقات بين المعلمين ومدير المدرسة، والعلاقات بين المعلمين والتلاميذ.
6- الخدمات المدرسية مثل النواحي الصحية والكتبة والترفيه، وما شابه ذلك.
(ﺟ) التخطيط للمجال الدراسي داخل المدرسة :
من المهم أيضاً العناية بتخطيط كل جانب من جوانب الخطة المدرسية، ووضع بعض الخطوط التي تساعد على أداء وظيفة هذا الجانب، فمثلاً توضع خطة لتدريس الموضوعات الدراسية المختلفة مع إعداد الوسائط اللازمة لها مثل الكتب والنشرات والمعامل..الخ. كما تعد خطة للنشاط المدرسي وبرامج التوجيه والإرشاد.
وقد تتبع في تخطيط ميادين الدراسة الخطوات التالية:
1- تحديد موضع الميدان الدراسي من البرنامج المدرسي، وفي هذه الحالة تحدد فلسفة وأهداف هذا الميدان، وعلاقاتها بالأهداف والفلسفة العامة للمدرسة.
2- تحديد منظور وتتابع الميدان الدراسي (مما تناولناه تفصيلياً في "قضايا أخرى تتعلق بتنظيم المحتوى".
وتختلف الآراء حول تخطيط ميادين الدراسة، فيرى البعض أن يشمل التخطيط ميادين الدراسة، فيرى البعض أن يشمل التخطيط الموضوعات التفصيلية التي تدرس في كل سنة دراسية، ويرى البعض الآخر أن هذا ينبغي أن يترك للتخطيط المشترك بين المدرس وتلاميذه. ومهما كان أوجه الدفاع التي يذكرها كل فريق، فإن معظم المشتغلين بالمناهج يؤيدون التوفيق بين الرأيين. فهم يرون وضع هذه التفصيلات بشرط أن تكون مرنة وبحيث تسمح بحرية التخطيط المشترك بين المدرس وتلاميذه. فتحديد الموضوعات التي تدرس في كل صف دراسي يضمن عدم تكرار دراسة موضوع واحد في أكثر من صف واحد، كما يضمن تدريس الموضوعات الأساسية لكل تلميذ. وبالإضافة إلى هذا، فإن ذكر المنظور والتتابع التفصيلي لميادين الدراسة يساعد المدرس على ربط عمله بفلسفة وأهداف المدرسة.
3- تخطيط موضوعات الدراسة :
قد يكون من المفيد أن يتم تخطيط للموضوعات المتضمنة في كل مادة دراسية. ولقد ذكرنا أن الخطوة السابقة الآراء التي تؤيد ذلك. ولهذا التخطيط عدة أغراض منها:
- مساعدة المعلم في تنظيمه لعمله داخل الفصل.
- جعل ميدان الدراسة ميداناً محدداً.
- يستخدم كأساس في وضع الوسائط التعليمية (كالكتب مثلاً).
د- التخطيط للمجال الدراسي للصفوف الدراسية المختلفة (التخطيط للعام الدراسي) :
يهدف هذا التخطيط إلى تحديد الوسائل والمراحل المختلفة اللازمة لتدريس المادة الدراسية المعينة في الصف الدراسي الذي سيقوم المعلم بالتدريس له.
وعادة يكتفي المعلم غي هذا المجال (في المدارس المصرية) بتقسيم موضوعات المنهج على شهور العام الدراسي. وبالرغم من أن هذا أمر هام، إلا أنه غير كاف.
إن التخطيط لتدريس المنهج ينبغي أن يبدأ قبل بدء الدراسة بوقت كاف. ويلزم له القيام بالدراسات الآتية:
1- دراسة الأهداف والمحتويات والتوجيهات الموضوعة دراسة وافية، وتحديد الأهداف بصورة واضحة في ضوء متضمنات المقررات الدراسية: فمثلاً إذا كان من ضمن أهداف تدريس العلوم في المرحلة الثانوية تدريب التلاميذ على المهارات العلمية المفيدة، ينبغي أن تحدد نوعية المهارات التي سيتدرب عليها التلاميذ في ضوء مضمون المقرر (مثل: المهارة في استخدام شوكة رنانة، المهارة في استخدام الميزان الحساس...الخ.
2- دراسة الوسائل والإمكانات المتاحة: أن كثيراً من المشكلات التي يواجهها المعلم خلال عمله اليومي تنبع من أن يفاجأ بأن بعض الأدوات والأجهزة والوسائط التعليمية اللازمة للتعليم غير موجودة أو تحتاج إلى إصلاح. وفي هذه الحالة إما أن يتغاضى عنها فيفقد التدريس جزءًَ من فاعليته، أو يشغل نفسه بإعدادها أو تجهيزها في وقت قصير فيرهق نفسه. ولذلك فإن عمل مسح للوسائط والإمكانيات المتاحة في المدرسة في ضوء متطلبات الأهداف والمحتويات الموضوعة أمر ضروري حتى تأتي الخطة الموضوعة واقعية وقابلة للتنفيذ. ولكن ينبغي أن نشير إلى أن هذه الدراسة (وهي عادة تجرى باسم الجرد السنوي الذي يعتبر عملية إدارية لا يستفاد منها عادة في وضع خطة التدريس) ينبغي أن يصاحبها استكمال النقص الموجود كلما أمكن ذلك.
3- دراسة التلاميذ ومستوياتهم العلمية: لقد قلنا من قبل أن أي عملية تعلم ينبغي أن تبدأ من واقع التلاميذ ومشكلاتهم وحاجاتهم وما وصلوا إليه من مستوى علمي. إن خطة موضوعة لتلاميذ متأخرين دراسياً تختلف عن تلك التي توضع لتلاميذ متفوقين. أما وسيلة المعلم لهذه الدراسة فهي مراجعة نتائج التلاميذ الذين سيقوم بالتدريس لهم، بالإضافة إلى مراجعة المناهج التي سبق دراستها. هذا إلى جانب الاستعانة بالبطاقة المدرسية وسؤال المعلمين الذي سبق لهم التدريس لهؤلاء التلاميذ.
4- دراسة الخبرات السابقة في مجال تدريس المنهج الذي نقوم بالتخطيط لتدريسه: إن المعلم الكفء هو المعلم الذي يستطيع أنم يستفيد من خبراته السابقة ومن خبرات زملائه. وإذا كان ينبغي على المعلم أ، يطور عمله ويقلل من عدد المشكلات التي يواجهها، فإن مراجعة خبراته السابقة والمشكلات التي واجهها أثناء تدريسه السابق لهذا المنهج (إذا كان قد سبق له ذلك) ومناقشة زملائه في خبراتهم وما يقترحونه بالنسبة لتدريس المنهج يعد أمراً هاماً. فقد تشير له هذه الخبرات إلى إعادة النظر في توزيع المنهج أو إعادة ترتيبه أو إجراء تعديلات في بعض التجارب العملية... وهكذا.
وفي ضوء مثل هذه الدراسات، يستطيع المعلم أن يضع خطته، ويفضل التعاون مع زملائه مدرسي المادة الآخرين في هذا العمل، بحيث تشمل الجوانب التالية:
- الأهداف العامة للمنهج مصاغة بصورة محددة واضحة.
- التوزيع التتابعي الزمني لموضوعات المنهج أو وحداته.
ويفضل هنا تحديد عدد الحصص المخصصة لكل موضوع. وهنا نود أن نؤكد أنه ليس بالضرورة أن يلتزم المعلم بتتابع الموضوعات أو الوحدات كما ترد في الكتاب المدرسي. فهذا أمر يتوقف على عوامل عديدة. فقد يجد معلم التاريخ الطبيعي مثلاً أنه يحسن إجراء تعديلات في ترتيب موضوعات المنهج بحيث يتناسب وقت تدريسها مع الظروف الملائمة لدراستها (مثل مواعيد ظهور نباتات أو زهور معينة، أو أوقات قيام رحلات ذات صلة بهذه الموضوعات...الخ).
- تحديد أوج النشاط اللازمة مثل التجارب المعملية التي ستجرى والأفلام التي ستعرض والرحلات التي سيقوم بها التلاميذ ولها صلة بالدراسة.
- تحديد الكتب والمراجع المناسبة للمنهج، على أن تصنف إلى كتب ومراجع للمعلم، وأخرى للتلاميذ.
- تحديد طرق ووسائل قياس النتائج التعليمية أثناء العام الدراسي وفي نهايته.
وقبل أن نترك هذا المجال، نود أن نؤكد أهمية اشتراك معلمي المادة معاً في وضع مخططات التدريس للصفوف المختلفة حتى تأتي جميعاً متسقة محققة لأهداف تدريس المادة في المرحلة التعليمية كلها.
(ﻫ) تخطيط الوحدات الدراسية :
لقد أشرنا من قبل أنه في التخطيط الشامل للمنهج، ينظم مقرر الدراسة في صورة وحدات أو موضوعات، يمكن أن يحقق كل منها أهدافاً معينة، في الوقت الذي تنتظم فيه الوحدات أو الموضوعات في كل متكامل يحقق الأهداف العامة للمنهج.
ولكن قد نخطئ إذا تصورنا أن الوحدة الدراسية هي مجرد فصل في الكتاب المدرسي أو قدر من المعارف يدور حول موضوع معين. أن الوحدة الدراسية التي نعنيها هنا هي تنظيم يتضمن المادة الدراسية وأسلوب تدريسها. ويحقق تنظيم المنهج في وحدات أمرين: أولاً، أنها تقسم العمل خلال العام الدراسي إلى أقسام صغيرة يسهل على التلاميذ إدراك مجال كل قسم منها وأهدافه. ولقد وجد أن التلاميذ تزداد فاعليتهم في الدراسة إذا قسم العمل إلى مراحل قصيرة نوعاً ما بحيث يدركون الهدف من كل مرحلة، ويدفعهم النجاح في كل مرحلة إلى الانتقال إلى مرحلة تالية. ثانياً، تتيح للمعلم أن ينظم عمله في أطر متكاملة ذات معنى بدلاً من الدروس المنفصلة التي لا تساعد على ترابط الأهداف بصورة واضحة محددة. فمثلاً : أن فهم ظاهرة الإنكار في الفيزياء ومعرفة قوانينها لا يمكن أن يتحقق من درس واحد، بل من مجموعة مترابطة من الدروس تعمل جميعاً على تحقيق هذا الهدف. وهكذا بالنسبة للجدول الدوري، أو الصفات العامة للأسماك. ولهذا فإن الوحدة الدراسية التي نعنيها ليست جزءً من المادة الدراسية، وليست مجموعة من الدروس غير المترابطة. بل أن كل درس يؤدي دوراً في تحقيق أهداف الوحدة، فأحياناً يكون مجرد مقدمة لتدريس الوحدة، وأحياناً أخرى تقدم فيه معلومات جديدة متصلة بالوحدة أو يقوم فيه التلاميذ بتجارب معملية ذات صلة بالوحدة. فمثلاً في وحدة دراسية عن الأسمدة قد يخصص درس لرؤية فيلم يبين أهمية الأسمدة، ودرس آخر لشرح أنواع الأسمدة المستخدمة، ودرس ثالث يقوم فيه التلاميذ بتحليل عينات من الأسمدة لمعرفة تركيبها. وهكذا تترابط جميع الدروس لتحقق في النهاية أهدافاً واحدة.
والتخطيط لوحدات الدراسة يتضمن ما يلي:
1- تحديد موضوع الوحدة ومدتها، وذلك في ضوء المخطط العام للمنهج أو البرنامج الدراسي.
2- تحديد الأهداف والنتائج التعليمية التي يمكن أن تحققها الوحدة. وهناك بعدان لأهداف الوحدة ونتائجها، أولهما الأهداف العامة للمنهج التي سبق تحديدها في التخطيط الشامل للمنهج، وثانيهما مجال الوحدة ومضمةنها الدراسي. فقد يكون من الأهداف العامة للمنهج تدريب التلاميذ على التحليل الكيفي للأملاح الكيمائية، فيصبح أحد أهداف تدريس وحدة عن الهالوجينات تدريب التلاميذ على الكشف عن الشق الحامضي في أملاح أحماض الهالوجينات. وقد يحدث تداخل بين أهداف الوحدات المختلفة، أي يكون الهدف مكرراً في أكثر من وحدة. ولكن بصفة عامة، ينبغي أن تكون جملة أهداف الوحدات الدراسية تتضمن الأهداف العامة لتدريس المنهج. ويقتضي تحديد أهداف الوحدة الدراسية تحليل مضمونها العلمي. كما أننا نود أن نشير إلى ضرورة دراسة الإمكانيات المتاحة عند تحديد الأهداف، فلا معنى أبداً أن يحدد هدف لوحده، دون وجود الإمكانية لتحقيقه، فمثلاً لا نستطيع القول بأن هدفنا من تدريس وحدة عن الفلزات هو تدريب التلاميذ على استخلاص الفلزات هو تدريب التلاميذ على استخلاص الفلزات من خاماتها ما لم يكن لدينا إمكانية هذا التدريب.
3- طريقة تقديم الوحدة للتلاميذ: إن دفع التلاميذ نحو دراسة وحدة معينة يتوقف إلى حد كبير على مدى وضوح أهميتها بالنسبة لهم ، كما يتوقف على تفهمهم لمجالها. وعلى ذلك ينبغي على المعلم أن يفكر ملياً في كيفية تقديم الوحدة الدراسية للتلاميذ، وكيف يزودهم بنظرة شاملة لمضمونها. وقد يكون ذلك عن طريق فيلم يعرض عليهم، أو رحلة يقومون بها، أو عرض تاريخي لبدء تفكير الإنسان في هذا المجال وتطوره وأهميته. ففي وحدة الكائنات الدقيقة التي تعيش في الماء، قد يبدأ بعرض عام سواء عن طريق فيلم سينمائي أو شرائح تحت الميكروسكوب ليبين تنوع هذه الكائنات وكثرتها. وفي وحدة دراسية عن الذرة وتركيبها، قد يبدأ في عرض تطور تفكير الإنسان في المادة وتكوينها مستعرضاً بعض أراء المفكرين القدماء وتجارب العلماء السابقين.
4- أنواع المواقف التعليمية الجديدة وتنظيمها: ولعلنا لسنا في حاجة إلى توضيح أن الخبرات الجديدة التي تضيف شيئاً إلى معلومات التلاميذ أو مهاراتهم أو اتجاهاتهم أو غيرها من أوجه التعلم هي المحور الرئيسي للوحدة، وكل ما يسبقها من دروس يعد تهيئة للتلاميذ للمرور في هذه الخبرات، وكل ما يتلوها هو مجرد متابعة أو تدريب أو تقويم لما أسفرت عنه من نتائج. وفي هذه الخطوة، يحدد المعلم أنواع النشاط الذي سيقوم بها هو وتلاميذه بالنسبة لكل جزء من أجزاء الوحة، والتي يمكن أن تتحقق من خلالها الأهداف. ويراعى في تخطيط المواقف التعليمية توافر أنشطة تعليمية تناسب التلاميذ من المستويات المختلفة (بطيئ التعلم – المتوسطين، المتفوقين).
5- تحديد الوسائط التعليمية اللازمة: وهذه تشمل الكتب والمراجع والأدوات والأجهزة والعروض والدروس المعملية والزيارات والقراءات والأفلام...الخ، وأنواع هذه الوسائط وكيفية استخدامها.
6- أنواع التدريبات والمراجعة: إن أي عملية تعلم تحتاج إلى نوع من التدريب لتثبيت نتائج التعلم. ولهذا يجب أن يخطط المعلم لأنواع التدريبات التي سيقوم بها التلاميذ أو دروس عملية تدريبية أو الإجابة عن مجموعة من الأسئلة. كما أن الأمر يستلزم تخصيص بعض الدروس لعمل مراجعة عامة عن الوحدة لتوضيح الترابط بين جزئياتها أـو تأكيد بعض المفاهيم والقوانين العامة المستخلصة من دراستها.
7- الأنشطة التعليمية ذات الصلة بالوحدة (أنشطة لا صفية).
8- تقويم الوحدة: أن الكشف عن مدى تحقيق الوحدة لأهدافها أمر هام سواء لضمان المستوى المرغوب قبل الانتقال إلى دراسة وحدة تالية، أو للكشف عن نقاط ضعف أو أخطاء يحسن معالجتها. ولهذا ينبغي أن يتضمن التخطيط للوحدة، أسلوب ووسائل تقويمها، بشرط أن يرتبط هذا التقويم بالأهداف الموضوعة للوحدة.
وقد يكون من المناسب في بعض الوحدات إجراء اختبار قبلي. وقد تختلف أغراض هذا الاختبار، فقد يكون الغرض منه التعرف على مدى توافر المتطلبات السابقة اللازمة لدراسة الوحدة، أو التعرف على ما يمكن أن يكون قد تحقق من قبل من أهداف تدريس هذه الوحدة، أو قد يكون هو نفسه الاختبار النهائي (البعدي) لهذه الوحدة، وذلك للتعرف على مدى النمو الذي حققه كل تلميذ أو الذي حققته المجموعة الكلية، كما قد يستخدم للغرضين الأخيرين معاً. ومن الطبيعي أن يختلف مضمون الاختبار "القبلي" باختلاف الغرض منه.
ومجموع ما ذكرناه عاليه، يسمى أحياناً بالمجمع التعليمي Module
(و) تخطيط العمل اليومي :
لما كان المنهج لا يصير حياً إلا في الفصل الدراسي أو في أماكن النشاط المدرسي الأخرى، لذلك كان النشاط التعلمي هو أهم أنواع النشاط التي يستلزمها وضع المنهج وتنفيذه. بل أن جميع الخطوات السابقة للتخطيط ليست بذات جدوى، ما لم تحول عن طريق الحياة المدرسية اليومية إلى خبرات وتوضع موضع التنفيذ. ومن هنا تأتي أهمية الإعداد للدروس اليومية، إلى جانب أهمية التدريس الجيد وتوفير جميع الوسائط اللازمة له. والمعلم إذ يضع خطة لتدريسه، إنما يعتمد في ذلك على إعداده المهني السابق، ومع ذلك فقد يلزم له الاستعانة ببعض التوجيهات التي يضعها واضعوا المنهج.
ويشمل الإعداد اليومي للدروس - بصورة أساسية – ما يأتي:
1- أهداف الدرس: فوضع أهداف يساعد على تحديد وسائل وطرق وأغراض العملية التربوية، ويجب أن تشتق هذه الأهداف من أهداف المنهج.
2- مادة التدريس: لما كانت مادة الدرس إحدى الوسائل التي تتحقق بها الأهداف، لذلك ينبغي أن يوجه المدرس عنايته لاختيار المادة التي تساعد على تحقيق هذه الهداف، على أن تكون مناسبة لمستوى نمو التلاميذ.
3- أنواع النشاط التي سيوفرها المجرس لتلاميذه: وفي هذه الخطوة يضع المدرس الخطة لأنواع الخبرات التي سيمر بها التلاميذ، وعن طريقها يتم تعلمهم، وتتحقق الأهداف المرجوة. ومن الواضح أن جميع العمليات السابقة تتوقف إلى حد كبير على مدى نجاح المدرس في توفير هذه الخبرات.
4- التقويم: لما كانت كل عملية جدية تستلزم تقويماً لمدى نجاحها في أداء مهمتها، فمن الضروري أن يشمل التخطيط اليومي للدروس خطة لقياس مدى نجاح عملية التدريس في تحقيق أغراضها.
ويفترض أن يستعين المعلم في تخطيطه للدروس اليومية بدليل المعلم الخاص بتدريس المنهج الذي يقوم بتدريسه، بحيث تقترب وظيفة المعلم من كونها تتمثل في التنفيذ المرن المبدع لما جاء في دليل المعلم.
هذا، ويتضمن دليل المعلم عادة؛ نظرة إجمالية على المقرر تشمل فلسفته وأهدافه والإستراتيجيات العامة المتبعة في تدريسه ومجالات الأنشطة اللاصفية المتصلة به وأساليب التقويم المتبعة فيه، ثم نظرة إجمالية على كل وحدة تتضمن موضع الوحدة في إطار المقرر وبعض ملامحها المتميزة وأهدافها. ويتبع ذلك لكل درس من الدروس – في كل وحدة، ما يلي (على الأقل): خلفية عامة تشير إلى موضع الدرس في الوحدة أو المقرر، الزمن اللازم لتدريس الدرس، المفاهيم الجديدة المتضمنة في هذا الدرس، المواد (الوسائط) التعليمية المطلوبة لتدريس هذا الدرس، أهداف الدرس، إستراتيجيات التدريس (متضمنة تهيئة التلاميذ، والتفصيلات المتعلقة بعرض الدرس)، أساليب تقويم أداء التلاميذ والدرس، وأنشطة لمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
والآن وبعد أن عرضنا لكيفية التخطيط للمنهج، وفي ضوء رأينا الذي سبق أن ذكرناه من ضرورة استمرار تطويره، سوف نعرض في الفصل التالي لمعنى التطوير ودواعيه ومداخله وعملياته والجهات القائمة به وبعض القضايا المتعلقة به.

ليست هناك تعليقات:

المتابعون

الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=احدث إصدارات حسام مازن==9 أجزاء متكاملة

الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=احدث إصدارات حسام مازن==9 أجزاء متكاملة

الموسوعة ج1

الموسوعة ج1

الموسوعة ج2

الموسوعة ج2
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

الموسوعة ج3

الموسوعة ج3
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

الموسوعة ج4

الموسوعة ج4
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

الموسوعة ج5

الموسوعة ج5
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

أالموسوعة ج6

أالموسوعة ج6
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

الموسوعة ج7

الموسوعة ج7
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

أالموسوعة ج8

أالموسوعة ج8
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

الموسوعة ج9

الموسوعة ج9
أحدث إصدارات حسام مازن-الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة=9أجزاء

أحدث مؤلفات حسام مازن=المنهج التبوي الحديث والتكنولوجي

أحدث مؤلفات حسام مازن=المنهج التبوي الحديث والتكنولوجي
أحدث مؤلفات حسام مازن

أحدث مؤلفات حسام مازن-التربية البيئية

أحدث مؤلفات حسام مازن-التربية البيئية
التربية البيئية

أحدث مؤلفات حسام مازن=وسائل وتكنولوجيا التعليم

أحدث مؤلفات حسام مازن=وسائل وتكنولوجيا التعليم
أحدث مؤلفات حسام مازن

أحدث مؤلفات حسام مازن=مصادر التعلم

أحدث مؤلفات حسام مازن=مصادر التعلم
كتاب تكنولوجيا مصادر التعلم

قائمة مؤلفات حسام مازن

  • وسائل وتكنولوجيا التعليم والتعلم
  • تكنولوجيا مصادر التعلم العالمية والمحلية
  • تكنولوجيا التربية مدخل لتكنولوجيا المعلوماتية
  • تخطيط وتطوير المناهج التربوية
  • الموسوعة الميسرة في العلوم المبسطة للهواة(ج1+ج2)
  • المنهج التربوي الحديث والتكنولوجي لضمان جودة التعليم
  • التربية العملية لطلاب كليات التربية
  • التربية البئية-قراءات-دراسات -تطبيقات
  • استراتيجات تعليم وتعلم الحاسب الآلي
  • اتجاهات عصرية في تكنولوجيا المناهج والتربية العلمية
  • اتجاهات حديثة لتعليم وتعلم العلوم
  • أسليب واتجاهات حديثة في تقويم تعليم وتعلم العلوم
  • أحدث المؤلفات للعام 2009/2010م
  • -تكنولوجيا الثقافة العلمية وعلوم الهواة
  • -تكنولوجيا التربية

أحدث مؤلفات حسام مازن=الثقافة العلمية

أحدث مؤلفات حسام مازن=الثقافة العلمية
تكنولوجيا الثقافة العلمية

تعليم العلوم-أحدث مؤلفات مازن

تعليم العلوم-أحدث مؤلفات مازن
اتجاهات حديثة في تعليم وتعلم العلوم

تكنولوجيا التربية=أحدث مؤلفات حسام مازن

تكنولوجيا التربية=أحدث مؤلفات حسام مازن
أحدث مؤلفات حسام مازن

مازن

مازن

أجهزة في العلوم

أجهزة في العلوم

بحث هذه المدونة الإلكترونية

Prof. Dr. Hosam Mazen

صورتي
جامعة سوهاج, سوهاج===مصر, Egypt
التطورات العالمية في مجال تبسيط العوم للهواة تقديم العلوملغير المتخصصين بشكل مثير وطريف وغريب أحياناً

مارأيك بالمدونة الجديدة لحسام مازن؟

HOSAM MAZEN

HOSAM MAZEN
HOSAM MAZEN