التربية العلمية لتنمية الوعى المجتمعى
للوقاية من القمامات الإلكترونية
ورقة عمل مقدمة من
د/ حسام الدين محمد مازن
أستاذ المناهج والتربية العلمية
كلية التربية/ جامعة سوهاج
مقدمة إلى
المؤتمر العلمى العاشر للجمعية المصرية للتربية العلمية
(التربية العلمية – تحديات الحاضر ورؤى المستقبل)
الإسماعيلية / فايد
30/7- 2/8/2006م
)أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(
صدق الله العظيم
(من الآية 13- سورة الأنفال)ملخص ورقة العمل:
هناك تقرير مهم كانت قد أصدرته جمعية أمريكية تطلق على نفسها "بان BAN" وهى اختصار للكلمات (Basel Action Network) وتضم شبكة من النشطاء على مستوى العالم أجمع يكافحون ما يمكن تسميته بقمامة الحاسبات والقمامة الإلكترونية Electronic Rubbish، وخلاصة التقرير أن الغرب تجمع لديه حتى عام 2004م، ما يزيد على 315 مليون جهاز حاسب آلى قديم فضلاً عن قطع غيار أخرى له سواء فى شكل كامل أو مكونات منفردة ضاقوا بها ذرعاً، ويبحث لها الآن عن مخرج أو مدفن، ولم يجدوا لها مفراً سوى توجيهها إلينا نحن دول وشعوب العالم الثالث وتحديداًَ إفريقيا التى وصفها التقرير بأنها المدفن الرقمى لقمامات الغرب الإلكترونية، واستشعاراً من الباحث بخطورة هذه المشكلة الآنية والمستقبلية ولتدارك الأخطار المحدقة بنا فى المنطقة ودقاً لناقوس هذا الخطر الداهم الذى لا يبقى ولا يذر والذى هو نتيجة طبيعية للعولمة فى جوانبها الدنيئة، جاءت ورقة العمل الراهنة والتى تعنونت "التربية العلمية لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من القمامات الإلكترونية"، وقد جاءت هذه الدراسة فى عشرة محاور، حيث تناولت المقدمة تأصيلاً لهذه المشكلة الحديثة والمستحدثة على حدٍ سواء، ثم تناول المحور الثانى تقديم وطرح لبعض مصطلحات الدراسة مثل: تنمية الوعى المجتمعى ومصطلح القمامات الإلكترونية مع تقديم شرح مفصل للمصطلح الثانى باعتباره من المصطلحات العصرية المستحدثة، كما تناول المحور الثالث موضوع المشكلة العالمية للقمامات الإلكترونية ومدافنها فى دول العالم الثالث، أما المحور الرابع فقد استعرض فيه الباحث المدفن الرقمى المثالى للقمامات الإلكترونية، فى حين تناول المحور الخامس الأدوار التربوية المنشودة والمأمولة للتربية العلمية ومناهج العلوم نحو الوقاية من القمامات الإلكترونية ومخاطرها الصحية، أما المحور السادس فقد استعرض فيه الباحث دور التربية البيئية نحو تنمية الوعى المجتمعى للوقاية من السموم والنفايات والقمامات الإلكترونية، ثم اقترح فى المحور السابع منظومة مبسطة لتفعيل برامج التربية العلمية ومناهج العلوم للوقاية من النفايات أو القمامات الإلكترونية وذلك عن طريق تنمية الوعى المجتمعى لدى الجميع، ثم تناول المحور الثامن تعليقاً عاماً على المنظومة المقترحة وما سبقها من محاور، وقد تناول الباحث فى المحور التاسع مجموعة من التوصيات الإجرائية ذات الصلة بمحاور الدراسة.
محاور ورقة العمل:
أولاً: المقدمة.
ثانياً: مصطلحات الدراسة
أ- الوعى المجتمعى Community Aware.
ب- القمامات الإلكترونية Electronic Rubbish.
ثالثاً: المشكلة العالمية للقمامات الإلكترونية ومدافنها فى دول العالم الثالث.
رابعاً: المدفن الرقمي المثالي للقمامات الإلكترونية.
خامساً: الأدوار التربوية المنشود لمناهج العلوم والتربية العلمية نحو الوقاية من القمامات الإلكترونية.
سادساً: التربية البيئية وتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من النفايات الإلكترونية.
سابعاً: منظومة مقترحة لتفعيل دور مناهج العلوم والتربية العلمية لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من القمامات الإلكترونية.
ثامناً: تعليق عام.
تاسعاً: توصيات الدراسة.
عاشراً: مراجع الدراسة.
أولاً: المقدمة:
حذرت جماعة (بازل أكشن نتويرك) المدافعة عن حماية البيئة من أن معظم أجهزة الكمبيوتر التى يُعاد تصنيعها في الولايات المتحدة وأوربا لاستخدامها فى الدول النامية عديمة الجدوى، ويكون مصيرها الدفن تحت الأرض مما يسبب ضرراً بيئياً جسيماً، وأصدرت الجماعة تقريراً يحمل اسم القمامة الرقمية: "تصدير المستعمل والفاسد إلى إفريقيا"، اتهمت فيه شركات إعادة التصنيع فى الولايات المتحدة بأنها تمنح الدول النامية معدات عديمة الفائدة كوسيلة للتهرب من تكلفة إعادة تصنيعها على النمو السليم، وقد ركز التقرير على لاجوس "نيجيريا"، ولكنه تضمن أيضاً احتمال أن تكون أوضاع مماثلة منتشرة على نطاق واسع فى العالم النامي، حيث يتدفق طوفان سام من قمامة التكنولوجيا من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة.
وقد ذكر التقرير إن أجهزة الكمبيوتر والهواتف وأجهزة التلفاز والمعدات الأخرى المتقدمة تكنولوجياً والتى يروج لها باعتبارها وسيلة لسد الفجوة الرقمية بين الدول الغنية والدول الفقيرة هى فى الحقيقة "كابوس من عصر الكمبيوتر".
إن البيئة الطبيعية والمتجددة المتمثلة فى الثروة البيولوجية تتعرض اليوم لتهديدات كبيرة تقودها للانقراض وذلك نتيجة للأخطار المتعددة التى تهدد التوازن البيئى منها التلوث البيئى المتزايد فى الهوا والتربة والمياه والتربة والأخطار المتلاحقة على كوكب الأرض المتمثلة فى تراكم النفايات والقمامة فى الشوارع والفراغات بالإضافة إلى قطع الأشجار وتدمير الغابات والغطاء النباتى والرعى الجائر والتوسع العمرانى على حساب الأراضى الزراعية والاستخدام غير الرشيد والعشوائى للمبيدات الكيميائية والمخصبات المختلفة، إضافة إلى ملوثات أخرى حديثة بدأت تطفو على سطح البيئة، ألا وهى الملوثات الإلكترونية الخاصة بنفايات الأجهزة الإلكترونية الحديثة كأجهزة الحواسب وألـ C.D الأقراص المغناطيسية المرنة بها وأجهزة التلفاز والتليفون المحمول وغيرها من مخترعات عصر العلم والتكنولوجيا.
إن هذه الصور المختلفة من الملوثات كان وما يزال لها تأثير سلبى على استمرار الثروة البيولوجية والمحافظة على التنوع المتوازن الطبيعى للحياة بأمان وصحة وسلامة تحقق التنمية بتواصل واستدامة مستقرة.
تؤكد بعض التقارير البيئية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة أن قرى تقع فى جنوب شرق الصين يتم فيها تفكيك أجهزة كمبيوتر قديمة ومن ثم ترمى الأجهزة غير النافعة فى الحقول وعلى ضفاف الأنهر، وعليه تصبح المياه ملوثة تماماً ولا تصلح للشرب، لذا يعتمد أهالى هذه القرى فى الحصول على مياه الشرب من بلدان أخرى تبعد عنهم ثمانية عشر ميلاً، وقد أظهرت عينة أخذت من إحدى الأنهار فى المنطقة بأن مستوى التلوث يفوق معدلات التلوث المقبولة بمائة وتسعين مرة (1-11)(*).
كما يشير نفس التقرير السابق إلى أن بعض العمال الذين لا يزيد أجرهم فى اليوم عن دولار ونصف الدولار يعملون دون حماية تذكر، ويقومون بحرق المواد والقطع البلاستيكية وصب الأحماض على بعض القطع الإلكترونية لصهرها والحصول منها على الفضة والذهب، وقام الكثير منهم بفتح الطابعات والعبث بحاويات الحبر داخلها، الأمر الذى يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة.
ولا يخفى على أحد بأن المواد الخطرة والناتجة من دول العلم المتقدمة اقتصادياً غالباً ما ينتهى بها المطاف فى المناطق البائسة والفقيرة من العالم، وتمنع معاهدة يطلق عليها اتفاقية "بازل" بسويسرا عام 1989م عمليات تحويل مثل هذه النفايات إلى دول أخرى، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية للأسف لم تصادق عليها حتى تاريخه.
وقد أخذت مشكلة نفايات أجهزة الكمبيوتر فى التفاقم حتى أصبحت مشكلة معقدة للغاية، فمع التقدم التكنولوجى السريع الذى يشهده العالم كل يوم وظهور أجهزة أسرع وأفضل وأقل كلفة تتفاقم هذه المشكلة بوتيرة أعلى.
وفى خطوة تعكس تنامى الوعى بحجم هذه المشكلة، قامت كل من ولاية كاليفورنيا وماساشوستيسى الأمريكتين بحظر التخلص من الأنابيب المستخدمة فى شاشات الكمبيوتر فى مقالب القمامة وأماكن حرق النفايات، كما قام عدد محدود من مصنعى أجهزة الكمبيوتر وشركات البيع الكبرى بإطلاق برنامج لإعادة التصنيع، إلا أنها تتطلب أن يقوم المستهلك بدفع ما يقارب ثلاثين دولار أمريكى والقيام بشحن أجهزتهم على حسابهم الخاص، وأشار التقرير إلى أن ما نسبته 5-80% من النفايات الإلكترونية الأمريكية يتم جمعها تحت مسمى إعادة التصنيع ثم يتم شحنها إلى خارج البلاد (2-223).
وفى هذا الصدد فإن الدول النامية اقتصادياً مطالبة اليوم أكثر من أى وقت مضى بالوقوف على هذه المشكلة بفكر ناقد وبقرار صائب لمصلحة حماية بيئاتها البرية والبحرية والجوية تحقيقاً لسلامة شعوبها وسلامة كافة الكائنات الحية الأخرى من جراء هذه السموم الناجمة عن تفكيك وتدمير وحرق الأجهزة الإلكترونية ومنها أجهزة الحواسيب المتهالكة.
وفى هذا الشأن أيضاً فإن التربية العلمية مطالبة اليوم بضرورة غرس وتنمية الوعى المجتمعى بالمخاطر المحدقة بالمجتمع من جراء التعامل غير الصحيح مع النفايات الإلكترونية وتوضيح وسائل وأساليب الوقاية الصحية منها.
وتهتم الدراسة الحالية بتوضيح والتأكيد على دور برامج التربية العلمية المتنوعة لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من هذه القمامات الإلكترونية التى دخلت مجتمعاتنا العربية كضرورة حتمية للأخذ بالتكنولوجيا الحديثة مع نشر وتعميم الأجهزة الإلكترونية المختلفة واستخدام الواردات من هذه الأجهزة فى عمليات التنمية المختلفة فى المجتمع، ثم سرعان ما تتحول هذه الأجهزة بعد فترة ليست طويلة من الوقت إلى مواد خردة أو إلى نفايات يؤدى إساءة التعامل معها إلى كوارث بيئية لا حصر لها.
ثانياً: مصطلحات الدراسة:
أ- الوعى المجتمعى Community Aware
يعرف الباحث- إجرائياً- الوعى المجتمعى بأنه إلمام الفرد فى مجتمعه بالمعرفة الكافية التى تؤهله للتعامل الناجح مع قضايا ومشكلات مجتمعه وأخذ المبادرة للإسهام الإيجابى والفعال فى علاج هذه المشكلات علاجاً جذرياً، وكذا تسلح الفرد بالمهارات المناسبة والاتجاهات الصحيحة التى تؤهله لأن يكون مواطناً صالحاً فى ذلك المجتمع باعتبار أن الفرد جزء من كيان هذا المجتمع.
وعلى هذا فإن الفرد الذى يفتقر إلى القدرة على الوعى بقدرات وامكانات مجتمعه فى كافة المجالات ويفتقر إلى المهارات والاتجاهات الصحيحة للتعامل الناجح مع مجتمعه من أجل تحقيق مشاركة مجتمعية عصرية وصحيحة، وأن الفرد الذى يفتقر إلى مشاركة مجتمعه فى الأزمات المختلفة التى يمر بها فإنه سيكون بحاجة إلى وعى وتوعية مجتمعية.
وتحقيقاً لمبدأ التنمية المستدامة والشراكة المجتمعية وقيام كافة مؤسسات المجتمع المدنى بدور فاعل فى تنمية وتطوير المجتمع وحل مشكلاته بالأسلوب العلمى طالب تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة للعام 2005م بضرورة تحقيق الوعى المجتمعى لدى كافة قطاعات المجتمع كباراً وصغاراً وبضرورة غرس قيم العمل والإنتاج لدى الجميع (3-33).
هذا وقد أصبحت تنمية الثقافة البيئية والوعى المجتمعى بهذه الثقافة من الجوانب الضرورية فى هذا العصر لتنمية الثقافة لدى المواطنين، فمشكلات التلوث البيئى فرضت على المهتمين بالتنمية الثقافية أدواراً ثقافية جديدة تزيد من وعى الإنسان بأمور بيئته والعمل على تقليل عوامل تلوثها.
وإذا كان الإنسان الفرد هو المسئول الأول عن البيئة هو أيضاً المسئول الأول عن تلوثها عملاً بقول الحق سبحانه وتعالى )ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( (سورة الروم، الآية 41)، فإنه لا مفر أمامه ولا مخرج له من هذا الواقع من ضرورة تنميته بيئياً عن طريق غرس الوعى البيئى لديه كى يشعر بالبيئة وجمالها وتوازنها وأهميتها بالنسبة له ولمجتمعه ولبيئته التى يحيا فيها.
ب- القمامات الإلكترونية Electronic Rubbish :-
المصطلح الإلكتروني للقمامات الإلكترونية:-
تعرف القمامات الإلكترونية بأنها رسائل إعلامية وإعلانية تصلك عبر الإنترنت وتشغل مساحة ما من سعة صندوقك البريدى، وهى رسائل لا طائل من ورائها ولا فائدة ترجى منها فى كثير من الأحيان، وكل همها الترويج لبضاعة أو سلعة ما، أو هى دعوات إعلامية إعلانية ظاهرها المجانية وباطنها الاستغلال والربح السريع على حساب المستقبل لها عبر بريده الإلكترونى، وتسمى هذه القمامة أحياناً ب "سبام Spam" وهى تعنى المستخدمين للقمامة الإلكترونية (4).
ونظراً لحداثة هذا المفهوم على الساحة الحاسوبية أو الإلكترونية والحاجة إلى تأصيل هذا المصطلح للتعريف به لدى الباحثين فى مجال البيئة والتربية البيئية، لذلك يورد الباحث المزيد من المصطلحات التى تعرف القمامات الإلكترونية.
فقد يطلق عليها المصطلحات التالية: السموم التكنولوجية Toxic Tech.، القمامات الإلكترونية، النفايات الإلكترونية، السموم الإلكترونية، القمامات الرقمية، المقالب الإلكترونية، مقالب القمامة الإلكترونية، سموم عصر المعلوماتية، قمامة تكنولوجيا المعلوماتية... إلخ.
وفى ضوء قراءات الباحث فى هذه المصطلحات يمكن تحديد التعريف الإجرائى التالى للقمامة الإلكترونية:
التعريف الإجرائى للقمامات الإلكترونية:-
القمامات الإلكترونية هى مخلفات الأجهزة الإلكترونية المختلفة كالحواسيب والهواتف المحمولة وأفران الميكروويف وأجهزة الطرد المركزى النووية والتليفزيونات وغيرها من الأجهزة والتى يتم تفكيكها وبيع مخلفاتها أو نقلها من مكان لآخر لدفنها هناك أو حرقها أو البحث عن القطع الإلكترونية والمعادن الثمينة التى بداخلها وما ينجم عن جميع هذه العمليات من التعرض لمخاطر بيئية كبيرة لاحتوائها على عناصر ضارة كالرصاص والزئبق والكادميوم وغيرها.
من هنا يتضح أن المشكلات البيئية والصحية التى يعانى منها العالم اليوم مثل نفايات ومخلفات الأجهزة الإلكترونية السابق ذكرها والتى أصبحت الأسرع نمواً بين جميع أنواع النفايات فى العالم، لا تكمن فى استغلال خيرات السماء وبركات الأرض التى منَّ الله بها على خلقه فى سبيل التنمية البشرية والبيئية والعمران والحضارة، لكنها فى الإسراف والإفساد حيث قال المولى الكريم سبحانه وتعالى )ومِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ* وإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ويُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ واللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ( (سورة البقرة، الآيتان 204-205).
وتشير التقارير العلمية إلى أن ما نسبته 50-80% من النفايات الإلكترونية الأمريكية التى يتم جمعها تحت اسم إعادة التصنيع يتم شحنها خارج البلاد، وذلك بالرغم مما تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية من قدرات تقنية تعينها على إعادة تصنيع القطع المستخدمة فى أجهزة الحاسوب القديمة، وإعادة فرز المواد التى تشتمل عليها هذه النفايات، إلا أن الحل الأيسر الذى تلجأ إليه هو تصديرها إلى الخارج بكل بساطة (دول العالم الثالث) بحجة مساعدتها على سد الفجوة الرقمية، رغم العواقب البيئية الضارة جداً فى هذا الشأن، بالرغم من أن اتفاقية بازل 1989م تحظر نقل النفايات الخطرة ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق على هذه الاتفاقية ومضت فى سياساتها الرامية للتخلص من نفاياتها الإلكترونية التى تهدد البيئة إلى خارج حدودها، ولذلك فغالباً ما ينتهى المطاف بهذه القمامات الإلكترونية فى منطقة ما من العالم الثالث، حيث يقوم آلاف العمال بحرق وتحطيم وتفكيك والعبث بالقطع الإلكترونية بحثاً عن معادن نفيسة أو ثمينة معرضين بذلك أنفسهم ومحيطهم البيئى لأخطار بيئية كبيرة لاحتوائها على المواد الكيميائية الضارة (البريليوم- الزئبق- الكادميوم- الرصاص- غاز البروم... إلخ) (4).
ويوضح شكل (1) التالى مصادر النفايات الإلكترونية:
اسطوانات C.D
والأقراص المرنة
أجهز الحاسب الآلى ومكوناتها المختلفة
أجهزة الهواتف النقالة
أجهزة الخلاطات
مصادر النفايات
الإلكترونية
أفران الميكروويف
أجهزة التليفزيون
أجهزة الثلاجات
أجهزة الريسيفر (الاستقبال)
أجهز التكييف
(مكيفات الهواء)
احتراق الأسلاك الكهربائية للأجهزة الكهربائية المختلفة
شكل (1)
بعض مصادر النفايات الإلكترونية
ثالثاً: المشكلة العالمية للقمامات الإلكترونية ومدافنها فى دول العالم الثالث:
(1) هناك تقرير مهم أصدرته جمعية أمريكية تطلق على نفسها "بان Ban" وهى اختصار للكلمات Basel Action Network، وتضم شبكة من النشطاء على مستوى العالم يكافحون ما يمكن تسميته بقمامة الحاسبات أو القمامة الإلكترونية، وخلاصة التقرير أن الغرب تجمع لديه حتى عام 2004م ما يزيد على 315 مليون حاسب آلى قديم سواء فى شكل كامل أو مكونات منفردة ضاق بها ذرعاً، ويبحث لها الآن عن مخرج أو مدفن، ولم يجد مفراً سوى توجيهها لكى تحوم حول دول العالم الثالث، وتحديداً إفريقيا التىوصفها التقرير بأنها تعتبر بالنسبة للغرب أفضل "مدفن رقمى" أو المدفن المثالى لهذه القمامة، ويحاول الغرب تصدير هذه الحاسبات للعالم الثالث، إما فى شكل يرتدى ثوب الرحمة والتعاون والإنسانية مع هذا العالم فى صورة مشروعات وبرامج يُعلن أنها لمساعدة الشعوب الفقيرة على سد الفجوة الرقمية عن طريق نقل "الحاسبات المستعملة والصالحة للعمل" لهذه الشعوب بأسعار رمزية أو رخيصة أو بشكل تقليدى عبر تجار وسماسرة يعملون تحت جنح الظلام (خفافيش الليل) لضخ هذه الحاسبات ومكوناتها خفية بليل بأسواق ومدن وقرى وصحارى العالم الثالث، والدول الفقيرة،والأخطر فى التقرير أنه يكشف عن رد فعل سلبى من شركات تكنولوجيا المعلومات الرائدة عالمياً والعاملة فى إفريقيا والتى لم تصدم بهذه التحذيرات لأن الحكومات الإفريقية تعلم ولو اعترضت لمنعت (5-22).
(2) فى خطوة تعكس تنامى الوعى العالمى- لاسيما فى العالم المتقدم تكنولوجيا- بحجم مشكلة القمامات الإلكترونية، قامت بعض الولايات الأمريكية (كاليفورنيا- ماساشوستيسى) بحظر التخلص من الأنابيب المستخدمة فى شاشات الكمبيوتر فى مكبات (مقالب) القمامة وأماكن حرق النفايات، كما قام عدد محدود من مصنعى أجهزة الكمبيوتر وشركات البيع الكبرى بإطلاق برنامج لإعادة التصنيع، إلا أنها تتطلب أن يقوم المستهلك بدفع ما يقارب ثلاثين دولار أمريكى والقيام بشحن أجهزتهم على حسابهم الخاص للتخلص من النفايات الإلكترونية لأجهزتهم.
(3) منذ ثلاثة سنوات وجمعيات البيئة العالمية تدق ناقوس الخطر للتحذير من الأثر المدمر لمخلفات الأجهزة الإلكترونية (الكمبيوتر، التليفزيون، الإنترنت، التليفون المحمول "النقال")، فقد تحمس البعض- وهم كثرة- لثورة الكمبيوتر وقدرته على إنقاذ البيئة، وما قيل عن أنه يقلص الحاجة إلى الأوراق التى تلوث البيئة، وأنه سيخفف- أى الكمبيوتر- من النفايات ويقلص الحاجة إلى قطع الأشجار لتصنيع الأوراق ولإعادة تدوير النفايات وما إلى ذلك من الوعود البراقة لحماية البيئة بفضل هذا الاختراع المسمى بالحاسب الآلى، وحدث شيء خطير في الاتجاه المعاكس تماماً إذ أن البيئة أضيرت تماماً من جراء تلوثها بملوثات من نوع آخر وهى الملوثات الإلكترونية (القمامات الإلكترونية) نتيجة مخلفات الأجهزة الإلكترونية ومنها الحاسبات الآلية، وأن هذه المخلفات تضم مواداً سامة مثل الزئبق والرصاص والكادميوم، وهى تترسب فى التربة لفترات طويلة وتحيلها إلى أراضى غير صالحة للزراعة، كما وأن مخلفات هذه الأجهزة من زجاج وبلاستيك وكربون صلب هى مخلفات يصعب التخلص منها أو إعادة تدويرها، وغالباً ما يعمل نساء وأطفال فى معامل تحطيم هذه الأجهزة القديمة قبل رميها نهائياً، الأمر الذى يعرضهم لمخاطر المواد السامة، إضافة إلى مخاطر الغازات، مثل الكلورين التى تنبعث من تلك الأجهزة أثناء عملية تدميرها يدوياً، ويزيد من خطورة الأمر أن الدول التى تشهد ظاهرة المخلفات الإلكترونية وخصوصاً العملاقين الآسيويين الصين والهند، لا تتوافر لديها قوانين قوية لحماية العاملين فى مجال التخلص من هذه النفايات الإلكترونية، وبذلك تكتمل دائرة المخاطر على صحة العاملين وحياتهم،وتقود قلة مواردهم المالية وضعف الخدمات الحكومية العامة فى مجال الصحة إلى جعلهم شبه عزل فى مواجهة الأمراض التى تنجم عن تراكم المواد السامة فى أجسادهم والتى قد لا تظهر آثارها الصحية المدمرة إلا بعد سنوات طويلة، وهكذا تدفع الطبقات الفقيرة فى هذه المجتمعات فاتورة تكنولوجيا العصر ألا وهى القمامات الإلكترونية المدمرة، فما أحوجنا فى خضم هذه المشكلات الضخمة إلى تنمية الوعى المجتمعى للوقاية من هذه القمامات الإلكترونية من خلال برامج التربية العلمية الناجحة، وعلى جميع الأصعدة والمستويات.
(4) لاشك أننا فى مصر والعالم العربى أجمع يجب أن ندق ناقوس الخطر الجديد للوقاية من هذه القمامات الإلكترونية لعدة اعتبارات:
أ- لا يوجد لدينا نظام متكامل وفعال للرقابة والفحص يمنع دخول الحاسبات القديمة ومكوناتها المستخدمة من قبل البلاد بدليل أن السوق المحلية المصرية تعج حالياً بكميات كبيرة من هذه الحاسبات ومكوناتها المهترئة ومنخفضة الجودة وسابقة الاستخدام فى بلدانها المنتجة لها أو الوسيطة فى تصديرها إلينا والمجلوبة غالباً من أرصفة ومقالب قمامة مدن أوربا وجنوب شرق آسيا، ولا يتورع طيور الظلام وخفافيش الليل (تجار الخردة الذين انعدمت وماتت ضمائرهم) عن استيرادها وتقديمها للسوق المحلية على أنها مكونات جديدة 100%.
ب- لا يوجد لدينا آليات فعالة للتعامل مع الحاسبات القديمة ومكوناتها سواء المستوردة أو التى تفرزها السوق المحلية نفسها، حيث لا يوجد لدينا حتى الآن بدائل لإعادة استخدام هذه الحاسبات فى أغراض جديدة بعد الاستغناء عنها من قبل من استخدموها أول مرة، كما لا يوجد مدفن صحى آمن للتعامل بشكل سليم مع نفايات الحاسب الخطرة التى تنتج محلياً عن آلاف الحاسبات المباعة سنوياً لتجار الخردة من قبل الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، ويقوم التجار بالتالى بحرقها وصهرها أو التخلص منها بطرق بدائية دون أدنى اعتبار للأخطار البيئية المصاحبة لعملية الحرق، فما بالنا لو نجح أحد طيور الظلام وتجار الموت فى توريط بلادنا فى صفقة ضخمة من حاسبات قديمة من الخارج تحت شعارات: جهاز كمبيوتر لكل مواطن، سد الفجوة الرقمية مع العالم المتقدم، الإنترنت للجميع... الخ.
(5) يؤدى التعامل غير الناجح مع هذه القمامات الإلكترونية إلى تسرب المواد السامة إلى جوف الأرض وبالتالى تسمم المياه الجوفية بها، علاوة على تسمم الهواء الجوى والنبات والحيوان والإنسان.
(6) تزداد هذه المشكلات عالمياً، تزداد حدة ويتسع نطاقها مع الوقت فى الدول المتقدمة بسبب تسارع ظهور أجيال جديدة من الحاسبات تتميز بالكفاءة والسرعات العالية وبالأسعار المعقولة خلال فترات زمنية قصيرة، مما يؤدى باستمرار للاستغناء عن ملايين الحاسبات الآلية القديمة الأقل كفاءة والأبطأ فى السرعة فى الوقت الذى لا توجد فيه حالياً طريقة آمنة لإعادة استخدامها أو تدويرها فى بلدانها الأصلية، هذا علاوة على أن إقرار اتفاقية "بازل رقم (165) للنفايات الخطرة وهى اتفاقية دولية تضع شروطاً وآليات للتنفيذ ومتطلبات صارمة فيما يتعلق بمنع ومراقبة التجارة غير القانونية للنفايات الضارة والسامة، قد لعب دوراً فى زيادة حدة المشكلة، فالدول التى التزمت بها أصبح من المتعين عليها التعامل مع الحاسبات القديمة ومكوناتها بأساليب معينة لا تضر بالبيئة سواء داخل بلدانها أو حول العالم، مما فتح الباب على مصراعيه لازدهار نشاط السماسرة والمهربين وتجار السموم ودعاة إعادة التصدير للدول النامية بطرق مشروعة.
(7) أصبح البعض هنا فى مصر خصوصاً من يطلون علينا بين الحين والآخر ليروجوا لفكرة استقدام "الحاسبات رخيصة الثمن" عبر مساعدات ومنح وبرامج للتعاون مع "البعض" بالخارج لتوزيعها على الفقراء فى قرى ومدن مصر فى المناطق النائية بحجة أنهم يقدمون التكنولوجيا الحديثة لها، وهم فى الحقيقة خفافيش الظلام وتجار السموم والموت، حيث تكون هذه الأجهزة المستوردة مستهلكة فى بلدانها الأصلية المستوردة منها،ويتضح عند استخدامها عندنا أنها معطلة وغير قابلة للإصلاح وينتهى الأمر بإلقائها فى النفايات، الأمر الذى يضاعف من حدة هذه المشكلة- مشكلة النفايات الإلكترونية فى دول العالم الثالث ومنها دول العالم العربى ومنها مصر، الأمر الذى نحتاج معه إلى وقفة أمينة مع النفس وآمنة مع الناس ومع المجتمع، فهل تقوم التربية العلمية بالتوعية المجتمعية للوقاية من هذه النفايات الإلكترونية؟.
رابعاً: المدفن الرقمى المثالى للقمامات الإلكترونية:
إن بناء مدافن آمنة للنفايات الإلكترونية يُعد مهمة قومية حيوية يجب البحث فى توفير الاعتمادات المالية والمادية اللازمة لها قبل أن تتفاقم هذه المشكلة الآخذة فى الصعود والتزايد مع زيادة عدد الأجهزة الإلكترونية المستهلكة يوماً بعد آخر ومع ازدياد انتشار استخدام الحاسبات والهواتف النقالة بشكل كبير خلال هذه السنوات والسنوات المقبلة.
ويجب أن تقام هذه المدافن حيث جود مسافة آمنة معينة تفصلها عن أماكن التجمعات البشرية والبُعد عن الطرق الرئيسة وعن مناطق الزلازل، كما يجب استخدام بعض المواد الكيميائية العازلة ذات الأسعار المرتفعة ضماناً لعدم تسرب إشعاعات هذه المواد والأجهزة.
وقد جرت محاولة لإنشاء مدفن صحى عام 1997 بالقرب من مدينة الإسكندرية فى مصر وعلى بعد 70 كيلو متر داخل الصحراء الغربية فى طريق العلمين، حينما تم إعداد مدفن آمن للتخلص من نفايات شركة مصر للكيماويات، وبعد انتهاء الغرض من إنشائه تم إغلاقه، ولم يتم استحداث مدفن آخر مماثل بالرغم من أن بناء المدفن يُعد مهمة حيوية لاسيما مع تزايد التوسع فى استخدامات الأجهزة والمواد والأدوات الإلكترونية الحديثة، ومع ظهور طرازات أخرى جديدة لها فى الأسواق كل يوم (6).
إن نسبة استهلاك المنتجات الإلكترونية تزداد يوماً بعد يوم فى العالم أجمع، فعلى سبيل المثال ازدادت نسبة شراء الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالتليفون المحمول بنسبة 30% عام 2004 عن العام 2003، وكل هذه الزيادة تكون مصحوبة بالنمو السريع بتكنولوجيا الإلكترونيات والتى أدت إلى قِصَرْ عمر المنتج، وبالتالى الحاجة للاستغناء عنه وامتلاك آخر جديد متوافق مع التطورات الحديثة، فعلى سبيل المثال أيضاً كان العمر الافتراضى لجهاز الحاسب الآلى عام 1997 يقارب أل 7 سنوات، بينما الآن لا يزيد عمره الافتراضى عن أل 3 سنوات، وكل هذا أدى لأن تكون زيادة النفايات الإلكترونية ثلاثة أضعاف الزيادة مقارنة مع النفايات الأخرى، الأمر الذى يتوجب معه ضرورة وضع الخطط والاستراتيجيات القومية والدولية لبناء مدافن صحية آمنة لهذه المستهلكات الإلكترونية، التى تزداد كميتها ونوعيتها يوماً بعد آخر مع تطور العلم والتكنولوجيا العصرية فى الإنتاج الإلكترونى المتطور لهذه الأجهزة.
خامساً: الأدوار التربوية المنشودة لمناهج العلوم والتربية العلمية نحو الوقاية من القمامات الإلكترونية:
مقدمة:
أصبحت الثورة العلمية والتكنولوجية فى كثير من جوانبها وبالاً على الإنسان، وخطراً على صحته وتدميراً لبيئته، فالعلم هو الذى أوجد أسلحة الدمار الشامل وهو المسئول عن القنابل الذكية، وأدوات الترويع، وكل وسائل فناء الكون، إذن الإنسان بالفعل هو عدو نفسه وصانع أسباب موته بيديه، وللأسف صار التسابق فى ميادين العلم للفوز بلقب علمى مرموق (كجائزة نوبل مثلاً)، لا يلازمه تنافس فى إيجاد الحلول العلمية والصحية لإفرازات هذا التسابق العلمى المحموم، وفى هذا الصدد تأتى مخلفات الأجهزة التكنولوجية التى تستخدم كمواد خام على رأس المشكلات التى أوجدها العلم، ولم يوجد لها الحل الناجح حتى باتت تهدد البيئة والكون والإنسان معاً، ومن هنا تصبح مناهجنا التعليمية عامة ومناهج العلوم المتخصصة فى هذا الصدد والتربية العلمية بشكل أخص هى الأقدر على تبنى بعض الأدوار التربوية المتعددة والمتنوعة والمتكاملة لوقاية الفرد والمجتمع من القمامات الإلكترونية التى أفرزتها ثورة العلم والتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلوماتية وتكنولوجيا الحاسبات الآلية التى تأتى كل يوم بالجديد والمتطورة فى هذا المجال.
ويوضح الشكل التخطيطى التالى شكل (2) الأدوار التربوية المنشودة للتربية العلمية ومناهج العلوم لوقاية الفرد والمجتمع من الأضرار الناجمة عن القمامات الإلكترونية:-
التعريف بأنواع السموم الكائنة فى النفايات الإلكترونية
التعريف بالآثار الجانبية
للمخلفات الإلكترونية
إعداد الكتيات والنشرات والملصقات المناسبة التى توضح مشاكل مخاطر القمامات الإلكترونية
الأدوار المنشودة لمناهج العلوم والتربية العلمية لوقاية المجتمع من القمامات الإلكترونية
تضمين مقررات العلوم لموضوع النفايات الإلكترونية
إعداد موقع على الإنترنت عن مشاكل ومخاطر القمامات الإلكترونية
نشر الوعى المجتمعى للوقاية من آثار النفايات الإلكترونية
التوجيه بأهمية تدوير القمامات الإلكترونية لحماية البيئة والإنسان
استخدام وسائل الإعلام المتنوعة للتوعية بمخاطر القمامة الإلكترونية
شكل (2)
دور مناهج العلوم والتربية العلمية للوقاية المجتمعية من القمامات الإلكترونية
يتضح من شكل (2) الموضح بعاليه أهم الأدوار العصرية المنشودة لمناهج العلوم والتربية العلمية معاً لوقاية الفرد والمجتمع من القمامات الإلكترونية بكافة صورها وأنماطها وهى كما يلى:
(1) ضرورة التعريف بأنواع السموم الكائنة فى النفايات الإلكترونية المختلفة، فخطورة النفايات الإلكترونية تتمثل فى أنها تحتوى على أكثر من 1000 مادة مختلفة الكثير منها ذات مكونات سامة، وأن النفايات الإلكترونية هذه تتوالد بشكل متزايد وذلك بسبب ارتفاع معدل التقنية المستمر والنـزعة العامة لامتلاك كل ما هو مطور وجديد فى عالم الإلكترونيات.
ويوضح الشكل التخطيطى التالى (شكل 3) أهم القطاعات المجتمعية المسببة للنفايات الإلكترونية:
المؤسسات الحكومية المختلفة
الجامعات ومؤسسات البحث العلمى
شركات الطيران
أهم القطاعات المجتمعية المسببة للنفايات الإلكترونية
الأفراد
البنوك وهيئات الاستثمار
قطاعات العمل الصغيرة
محلات وورش إصلاح الحاسبات الآلية
قطاعات العمل الكبرى وشركات الاستثمار
شكل (3)
أهم القطاعات المجتمعية المسببة للنفايات الإلكترونية
(3) التعريف بالآثار الجانبية للمخلفات الإلكترونية، حيث يوضح شكل (4) التالى أهم مصادر المواد الخطرة فى الأجهزة الإلكترونية المختلفة وبعضاً من الآثار الضارة لكل منها على البيئة بكل ما فيها من موجودات وكائنات حية وغير حية:
أهم مصادر المواد الخطرة فى القمامات الإلكترونية المتنوعة والآثار الضارة لها
أحبار الطباعة
الفسفور وملحقاته
الزئبق
الرصاص
حرق الأسلاك الكهربائية المصنعة من PVC
الكادميوم
الضباب الإلكترونى
E-Smog
الباريوم
يؤثر على البلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية سلباً
يسبب سرطان الرئة
يؤثر على الأسماك سلباً
يحطم الأعضاء الداخلية وخاصة الدماغ
يؤثر على الكلى
مكوناته العضوية الكيميائية غير محددة الأضرار وليست معروفة علمياً حتى الآن
يؤثر على جهاز المناعة
يؤثر على الكلى
يؤثر على الجهاز العصبى
حرقها يصدر عنه غازات سامة تؤثر على الصحة
يترسب على الكلى عند الإنسان
يؤثر على سلامة الجهاز البولى للإنسان
التعرض لفترات طويلة للموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة الإلكترونية يؤثر على مخ الإنسان وحاسة السمع
يضعف عضلات الجسم
أورام المخ
يؤثر على الطحال
يؤثر على القلب
يؤثر على الكبد
يؤثر سلباً على تكوين الجنين
يؤثر كربونها على الجهاز التنفسى
يؤثر على النمو العقلى سلبياً لدى الأطفال
يؤثر على الدورة الدموية
شكل (4)
أهم مصادر المواد الخطرة للقمامات الإلكترونية
والآثار الجانبية الضارة لها
(3) تضمين مقررات العلوم لموضوع النفايات الإلكترونية وذلك على جميع المستويات التعليمية وذلك بتضمين موضوع القمامات الإلكترونية ضمن موضوعات مقررات العلوم.
(4) نشر الوعى المجتمعى للوقاية من آثار النفايات الإلكترونية.
(5) استخدام وسائل الإعلام المتنوعة للتوعية بمخاطر القمامات الإلكترونية.
(6) توجيه المجتمع- بكافة مؤسساته وقطاعاته- نحو أهمية تدوير القمامات الإلكترونية لحماية الإنسان والحيوان والنبات والبيئة بشكل عام من الأضرار المختلفة حال تركها بدون تدوير بطريقة علمية.
(7) تصميم وإعداد موقع على شبكة الإنترنت العالمية للتوعية والتبصير بموضوع النفايات الإلكترونية المختلفة وكيفية الوقاية من مخاطرها الصحية على جميع الكائنات الحية والجمادات.
(8) إعداد الكتيبات والنشرات الدورية والملصقات التى توضح وتبرز مخاطر القمامات الإلكترونية لدى أفراد المجتمع كافة.
سادساً: التربية البيئية وتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من النفايات الإلكترونية:
من الأمور السلبية للنفايات الإلكترونية أن شاشات التلفزيون والكمبيوتر المُعدة وفقاً لتقنية Cathode Ray Tube تحتوى عل آلاف الأطنان من مادة الرصاص السامة التى تؤثر على الدم وعلى نسبة الذكاء عند الأطفال (سلبياً) إن تعرضوا لها عندما يتم كسر أحدها.
أما الأسلاك الكهربائية والتى لا يخلو منها جهاز من الأجهزة الإلكترونية اليوم فهى معزولة بمادة كيميائية تسمى PVC وهى مادة لا تتحلل بسهولة ولكن إذا ما تم حرق هذه الأسلاك فيصدر عنها غازات سامة تؤثر مباشرة على الصحة.
وفى الدول الأوربية، وفى الولايات المتحدة الأمريكية نجد العديد من الأماكن لتجميع البطاريات المستهلكة وبعض الأجهزة الكهربية التى يتم الاستغناء عنها وذلك للتخلص منها بطرق سليمة، حتى أن بعض محلات البيع تطلب من المشترى إعادة الجهاز إلى المحل عند الاستغناء عنه وذلك كى يتم التخلص منه بطريقة آمنة ومحمودة العواقب (6).
وهنا تأتى أهمية التنور البيئى لدى الفرد نحو مشكلات القمامات الإلكترونية (إلمام الفرد بقدر مناسب من المعرفة البيئية، وكيفية التعامل مع مواردها، وفهم المشكلات البيئة، والإسهام فى حلها، وكيفية حماية البيئة وصيانتها لتحسين ظروف بيئته) (7-5).
وفى هذا الصدد أيضاً يرى صابر سليم وسعد عبد الوهاب أن الاتجاه البيئى هو مدى ما يمتلكه الفرد من مشاعر إيجابية أو سلبية تجاه البيئة وصيانتها، وتنعكس فى سلوكه إزاء مواقف معينة (7-5).
كما يشير عطا درويش وتيسير نشوان أيضاً إلى أن هذا العصر الذى يتسم بالتطبيقات التكنولوجية المعقدة، وما يتبعها من انتشار للصناعات وآلات الاحتراق المختلفة والتى تقذف بمخلفاتها السامة فى الهواء والماء والتربة، تكتسب التربية البيئية دوراً متميزاً، حيث ستكون هى المدخل السليم لترشيد سلوك الأفراد والجماعات،وتبصيرهم بالتوابع والأخطار البيئية المختلفة، وأن المشكلات البيئية المتنوعة لا يمكن حلها بوقف هذا التقدم العلمى والتكنولوجى، بل بمراقبته وتقنيته أولاً، ومن ثم نشر التنور البيئى بين الأفراد والجماعات ثانياً، وهذا يتضمن تزويدهم بالقدر الكافى من المعلومات البيئية والأدوات والمهارات اللازمة والمتنوعة للتعامل مع تلك المتغيرات والوقوف بحزم ضد كل أشكال التلوث التى تضر الكائنات المختلفة (7-2).
وتحقيقاً للدور البيئى المنشود نحو تنمية الوعى المجتمعى من خلال التربية للوقاية من النفايات الإلكترونية، يقترح الباحث الشكل التخطيطى التالى تحقيقاً لهذا الدور (شكل 5):
تصميم وإعداد برامج فى التربية البيئية للتعليم النظامى وغير النظامى
نشر ثقافة الوعى المجتمعى بمخاطر النفايات الإلكترونية
غرس قيم التنور البيئى والتنور العلمى بقضايا ومشكلات القمامات الإلكترونيةالتربية
البيئية
شكل(5)
التربية البيئية وتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من
مخاطر النفايات الإلكترونية
فلعل المخرج الرئيس مما يواجه التربية من مشكلات متعددة هو تفعيل برامج وتوجهات التربية البيئية، وذلك من خلال محاور رؤوس المثلث الموضح بشكل (5) وهى:
1- تصميم وإعداد برامج فى التربية البيئية سواء للتعليم النظامى أو للتعليم غير النظامى.
2- نشر ثقافة الوعى المجتمعى بمخاطر النفايات الإلكترونية.
3- غرس قيم التنور البيئى والتنور العلمى بقضايا ومشكلات القمامات الإلكترونية.
وحماية للبيئة وفى إطار إعداد برامج للتربية البيئية تقوم بعض الدول حالياً (الصين- الولايات المتحدة الأمريكية- كندا- بعض دول أوربا) بشن حملات موسعة لمواجهة ما يسمى بظاهرة النفايات الإلكترونية التى بدأت تغزو الأسواق ونشر الحملات للتوعية بمخاطر هذه النفايات وإغلاق الشركات التى تقوم باستيراد طابعات وشاشات ورقائق أجهزة الحاسوب المستعملة بعدما يثبت أن عمليات إعادة تصنيعها تؤدى إلى انبعاث مواد كيميائية سامة، وتهتم التربية البيئية بالحفاظ على العلاقة الطبيعية المستديمة بين الإنسان والبيئة عن طريق درء المخاطر التى تهدد الحياة البشرية، الحيوانية، والنباتية بفعل التدخل البشرى غير المنظم، والتى تعالج المضاعفات التى تنجم عن نشاطاتهم.
سابعاً: منظومة مقترحة لتفعيل دور مناهج العلوم والتربية العلمية لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من القمامات الإلكترونية:
تحقيقاً للدور المنوط بالتربية العلمية ومناهج العلوم على كافة الأصعدة التعليمية لوقاية أفراد المجتمع من المخاطر المختلقة المحدقة بهم جراء التعرض للقمامات الإلكترونية التى أفرزتها تكنولوجيا العصر الحديث من أجهزة حواسيب وتليفونات محمولة وأفران ميكروويف وأجهزة التلفزيون والمذياع والبطاريات الكهربية المختلفة وغيرها، تلك التى تتطور يوماً بعد آخر، الأمر الذى يؤدى إلى الاستغناء عن القديم وشراء الحديث منها مجاراة لعصر السرعة والرفاهية، الأمر الذى يؤدى إلى تراكم القديم منها واعتباره من المخلفات البيئية الضارة جداً، لاسيما إذا ما تمت معالجة هذه المخلفات والنفايات بطريقة غير علمية ولا تحقق أدنى درجات الأمان البيئى المطلوب، ومن ثم تؤثر مكوناتها الكيميائية تأثيراً ضاراً على كافة عناصر البيئة.
وتحقيقاً للدور المنشود والمأمول من التربية العلمية بشكل محدد ومناهج العلوم بشكل عام، وإيماناً من الباحث بأهمية غرس المشاركة المجتمعية وتنمية الوعى المجتمعى لدى أفراد المجتمع، لمثل هذه الأخطار البيئية الحديثة المحيطة بنا من كل صوب وحدب، يقترح الشكل المنظومى التالى (شكل 6):
الأسرة
دور العبادة
المشاركة
المجتمعية
وسائل الإعلام المرئية- المسموعة- المقروءة
التجمعات الشبابية والرياضية
دور الحضانة ورياض الأطفال
مؤسسات المجتمع المدنى
مؤسسات البحث العلمى الأخرى
تطوير برامج إعداد المعلم
تدريبه على تطبيق البرامج المقترحة
تدريبه على تطبيق البرامج المقترحة
التربية العلمية ومناهج العلوم
لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية
من القمامات الإلكترونية
مواقع الإنترنت المتخصصة
معلم العلوم
تنمية وعى معلم العلوم ذاته نحو الوقاية من القمامات الإلكترونية
الأهداف العامة والسلوكية المنوطة
الاستراتيجيات التدريسية المناسبة
مناهج العلوم
وبرامج التربية
العلمية
الأنشطة البيئية الإثرائية ذات الصلة
المحتوى العلمى لموضوعات القمامات الإلكترونية
التقويم والتغذية الراجعة
وسائل وتكنولوجيا التعليم والتعلم المناسبة
وضع الخطط والبرامج طبقاً للأهداف العامة والسلوكية
تصميم البرامج العلمية حول النفايات الإلكترونية
التجريب المبدئى على الفئات المستهدفة
تعديل الخطط
التطبيق العام للبرامج
إجراء عمليات المراجعة المرحلية
التطوير الشامل
التغذية الراجعة الشاملة
شكل (6)
منظومة مقترحة للتربية العلمية ومناهج العلوم
لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من القمامات الإلكترونية
يتضح من الشكل المنظومى المقترح (شكل 6) ما يلى:
أولاً: أن برامج التربية العلمية ومناهج العلوم يجب أن تصب جُل اهتمامها بالمشاركة المجتمعية- على كافة الأصعدة والمؤسسات المجتمعية- لتحقيق الوعى لدى أفراد المجتمع كافة للوقاية من المصادر الصحية والبيئية الناجمة عن القمامات الإلكترونية بكافة أشكالها وصورها وهذه المؤسسات تشمل ما يلى:
1- دور العبادة.
2- الأسرة.
3- وسائل الإعلام المرئية- المسموعة- المقروءة.
4- دور الحضانة ورياض الأطفال.
5- الجامعات ومؤسسات البحث العلمى فى المجتمع.
6- التجمعات الشبابية والرياضية كالأندية الرياضية والمراكز الشبابية المختلفة.
7- مؤسسات المجتمع المدنى كالجمعيات الخيرية- النقابات العمالية المختلفة- جمعيات رعاية الأيتام- مراكز رعاية المعوقين ... الخ.
ثانياً: اهتمام مناهج وبرامج العلوم والتربية العلمية بكافة عناصرها بعملية تنمية الوعى المجتمعى للوقاية من ملوثات القمامات الإلكترونية، وتشمل هذه العناصر:
1- الأهداف السلوكية والعامة المتوخاة من البرامج والمناهج.
2- الاستراتيجيات التدريسية المناسبة لعملية تنمية الوعى المجتمعى للوقاية من السموم الإلكترونية.
3- المحتوى العلمى (المادة العلمية) عن القمامات الإلكترونية.
4- وسائل وتكنولوجيا التعليم والتعلم المناسبة لإيصال المحتوى العلمى إلى الفئات المستهدفة بشكل مناسب وفعال.
5- الأنشطة العلمية الإثرائية البيئية.
6- التقويم والتغذية الراجعة.
ثالثاً: يجب أن يتم اتخاذ الخطوات العلمية المنظمة التالية لتفعيل مناهج وبرامج العلوم والتربية العلمية وفقاً للمنظومة المبنية فى شكل (6):
1- وضع الخطط طبقاً للأهداف العامة والسلوكية المحددة سلفاً.
2- وضع التصميمات المختلفة للبرامج العلمية حول النفايات الإلكترونية.
3- التجريب المبدئى للبرامج على الفئات المستهدفة.
4- تعديل الخطط والبرامج فى ضوء ما تسفر عنه نتائج التطبيق المبدئى.
5- التطبيق العام للبرامج على الفئات المستهدفة.
6- إجراء عمليات التغذية الراجعة المرحلية.
7- إجراء عمليات التطوير الشاملة.
رابعاً: معلم العلوم حيث يجب تنمية الوعى العلمى لديه نحو الوقاية من القمامات الإلكترونية، كما يجب تدريبه على تطبيق البرامج المقترحة لتقديمها للفئات المستهدفة.
خامساً: تحديد مواقع للإنترنت تكون متخصصة فى التعريف بالقمامات الإلكترونية وأنواعها ومجالاتها وأساليب رصدها ومواجهتها حفاظاً على الإنسان والبيئة التى يحيا فيها.
هذا ومن الخطأ بمكان نقل الخبرات الأجنبية فى مجال التخلص من هذه النفايات دون أدنى اعتبار لاختلاف الظروف البيئية والبشرية والمادية والثقافية، وأن الخبرات العربية عامة والمصرية خاصة فى هذا الصدد قادرة على مواجهة هذه المشكلة بالاستعانة بالخبراء والاختصاصين من أبناء الوطن فى مجالات: التربية البيئية- البيئة- صناعة الحاسبات الآلية- الاتصالات والمعلومات- الكيمياء- الفيزياء- البيولوجى... الخ، فهذه الخبرات والكفاءات قادرة على وضع الخطط والبرامج العلمية لترويض التكنولوجيا وما ينجم عنها من مخلفات وسموم.
ثامناً: تعليق عام:
إن المخلفات أو النفايات الإلكترونية هى أكبر مشكلة نفايات متعاظمة فى عالم التكنولوجيا اليوم، ولا تكمن مشكلتها فى كميتها فقط، بل فى مكوناتها السامة المتمثلة فى عناصر: البريليوم، الزئبق، الكادميوم، غاز البروم الذى ينبعث عن احتراق مكونات الأدوات الإلكترونية الذى يعتبر تهديداً للصحة والبيئة.
ورغم هذه المخاطر فقد بدأت تظهر بعض الأصوات العالية التى تدق ناقوس الخطر لمواجهة هذا المارد الخطير الجديد وكأن البيئة الحالية لا يكفيها ما صنعه فيها الإنسان بسلوكه الخاطئ لتدميرها خلال السنوات الخمسين الماضية براً وبحراً وجواً، ثم يأتى فى العصر الحديث عصر الألفية الثالثة، وعصر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت والحاسبات الآلية المتطورة والبرمجيات المختلفة عبر وسائطها الإلكترونية المتنوعة، وكذلك شيوع انتشار أجهزة الهاتف المحمول (النقال) وأفران الميكروويف (شبكات الاتصالات العالمية وما ينبعث عنها من موجات كهرومغناطيسية الله أعلم بتأثيراتها البيولوجية على الكائنات الحية، الأمر الذى أصبحت معه ملوثات الأرض والهواء والماء وما تجلبه من أمراض للرجال والنساء والأطفال، وللحيوانات وللنباتات عبئاً ثقيلاً على كل من له اهتمام بأمر هذه البيئة، ويزداد الأمر سوءاً إذا ما علمنا أنه قد تجرى بعض السلوكيات الخاطئة وغير الحكيمة إزاء التعامل مع هذه النفايات الإلكترونية، فيتم حرقها أحياناً فى الهواء الطلق، أو الإلقاء بها فى عُرض الطريق، أو العبث بمكوناتها لاستخراج المعادن الثمينة منها، أو إعادة استخدامها مرة أخرى بتصديرها إلى بلدان العالم الثالث، ويصبح حينئذ الثمن الصحى والاقتصادى لمثل هذه الممارسات باهظاً جداً، وتظل عمليات تصدير هذه النفايات الإلكترونية إلى الدول الفقيرة بحجة سد الفجوة الرقمية بينها وبين الدول المتقدمة أو بحجة معاونتها اقتصادياً وعلمياً وغيرها من الأقاويل التى ظاهرها الرحمة وباطنها الموت والدمار، تظل كل هذه الأمور- مع الأسف الشديد- من أسرار الثورة التقنية الحديثة ومن الآثار السلبية والسيئة لهذه الثورة أنها تجارة الموت التى يقوم بها خفافيش الظلام من المستوردين لهذه الأجهزة المتهالكة لحجج واهية أوردنا بعضاً منها سلفاً.
وفى الدراسة الحالية حاول الباحث جاهداً دق ناقوس هذا الخطر الإلكترونى المميت قبل فوات الأوان وذلك فى محاولة منه لتنمية الوعى المجتمعى والمشاركة المجتمعية لمواجهته والوقاية أيضاً من هذا الخطر الداهم المسمى بالسموم الإلكترونية أو القمامات الإلكترونية، وقد اقترح الباحث منظومة مبسطة ومتواضعة تمثل آلية عملية لتحقيق هذه التوعية لدى أفراد المجتمع كباراً وصغاراً، شيوخاً وشباباً، رجالاً ونساءً، سواء فى المراحل التعليمية أو ما قبلها أو حتى لرجل الشارع العادى، وذلك من خلال برامج التربية العلمية الموجهة، ومن خلال مناهج العلوم الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة.
أما مسئولية الجهات العليا صاحبة القرارات وإصدار القوانين والتشريعات، فتتمثل فى أعمال الرقابة وسن التشريعات والقوانين المناسبة للتعامل الأمثل مع هذه القمامات الإلكترونية، كما يقع عليها عبئ التخطيط العلمى المدروس لعمل مقابر مثالية للنفايات الإلكترونية، وكذلك وضع الخطط العلمية المناسبة لتدويرها والاستفادة المثلى منها، وغير ذلك من المقترحات التى لا يتسع المقام هنا للتوسع فى تفصيلاتها.
تاسعاً: توصيات الدراسة:
فى ضوء ما تم عرضه فى جميع محاور الدراسة الحالية يوصى الباحث بما يلى:
أولاً: منع استيراد جميع أجهزة الحاسوب وملحقاتها التى سبق استخدامها فى الخارج بحجة رخص أسعارها تارة وفى إطار المشاريع البحثية والعلمية المشتركة تارة أخرى، بعد أن تكون قد استهلكت فى بلادها ويتم تصديرها إلينا تحت أقنعة زائفة كسد الفجوة الرقمية أو التعاون العلمى التكنولوجى... إلخ.
ثانياً: وضع الأسس والقواعد العلمية المناسبة لتجميع القمامات الإلكترونية وإعدامها بطريقة آمنة للبشر والبيئة.
ثالثاً: توعية كافة قطاعات المجتمع بخطورة شراء الأجهزة الإلكترونية السابق استخدامها وكذا قطع غيارها نظراً لما يسببه الاستخدام المتكرر لها من مضار وأخطار شديدة.
رابعاً: توعية كافة أفراد المجتمع بخطورة العبث بمكونات الأجهزة الإلكترونية التالفة للبحث عن المعادن النفيسة بداخلها أو استغلالها كقطع غيار، وكذلك التوعية بخطورة حرق أو إتلاف هذه المكونات أو المستهلكات بدون إشراف ورقابة حكومية مختصة بهذا الشأن.
خامساً: إعداد الملصقات والكتيبات والنشرات العلمية المبسطة التى تشرح لرجل الشارع غير المتخصص المخاطر الناجمة عن سوء التعامل مع الأجهزة الإلكترونية المتهالكة أو التالفة وما تسببه له ولبيئته من أضرار بالغة وجسيمة.
سادساً: اهتمام برامج التربية العلمية ومناهج العلم- على كافة الأصعدة التعليمة- بالتطرق إلى موضوع القمامات الإلكترونية وأنواعها ومجالاتها ومسبباتها ومخاطرها الصحية على كل عناصر البيئة.
سابعاً: عقد المؤتمرات والندوات العلمية وورش العمل المتخصصة لمناقشة مشكلة النفايات الإلكترونية الناجمة عن التطور العلمى والتكنولوجى القومى والعالمى ولاسيما فى مجال الحواسيب الآلية وما تبعها من سرعة انتهاء صلاحيتها والبحث عن الموديلات الجديدة منها التى تواكب عصر السرعة والإنترنت وأن يكون مآل الأجهزة القديمة مقالب القمامة الإلكترونية النموذجية وتحت إشراف الحكومة.
ثامناً: توعية الرأى العام عبر وسائل الإعلام المختلفة (المرئية- المسموعة- المقروءة) بالقطاعات المختلفة بالأضرار الناجمة عن النفايات الإلكترونية المختلفة.
تاسعاً: القيام بإجراء بحوث ودراسات فى مجال التربية البيئية تتعرض لمشكلة النفايات (القمامات) الإلكترونية- السموم الإلكترونية- المقالب الإلكترونية- القمامات الرقمية- قمامات عصر تكنولوجيا المعلومات- ترويض تكنولوجيا المعلوماتية- السموم التكنولوجية، وغيرها من المصطلحات الحديثة التى أوردها الباحث فى دراسته الحالية ليفتح بذلك مجالاً بكراً من مجالات التربية البيئية فى هذا الصدد للباحثين فى شتى مجالات العلوم التربوية والنفسية.
عاشراً: مطاردة تجار بيع السموم الإلكترونية وخفافيش الظلام وطيور التجارة الإلكترونية الذين يعملون تحت جنح الظلام على استيراد الأجهزة الإلكترونية المتهالكة فى بلادها والتى ألقيت فى مقالب القمامة الإلكترونية هناك ثم يستوردونها ويقومون ببيعها فى بلادنا بأسعار رخيصة نسبياً تحت شعارات زائفة مثل: جهاز كمبيوتر لكل مواطن، أو لكل طالب، سد الفجوة الرقمية مع العالم المتقدم وغيرها من الشعارات التى يبدو فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها السم الزعاف.
حادى عشر: من الأهمية بمكان قيام الدول والحكومات العربية بوضع التشريعات والقوانين والخطط العلمية المناسبة لإنشاء مقالب مثالية للقمامات الإلكترونية يراعى فيها قواعد الأمن والأمان والسلامة من مخاطرها المختلفة على البيئة براً وبحراً وجواً.
ثانى عشر: إعداد الأفلام العلمية المبسطة والهادفة لنشر الثقافة العلمية والتنور العلمى فى مجال القمامات الإلكترونية لتنمية الوعى المجتمعى للوقاية من مخاطرها المدمرة على الإنسان والحيوان والنبات وكل الكائنات الأخرى فى البيئة.
ثالث عشر: تدعيم أفكار وآراء وتوجهات جماعة السلام الأخضر العالمية، فهى أول منظمة غير حكومية فى العالم تتولى الدعوة إلى مقاومة الأخطار البيئية المختلفة ومنها ظاهرة ومشكلة النفايات الإلكترونية.
رابع عشر: اهتمام كليات التربية بتضمين موضوعات القمامات الإلكترونية ضمن المقررات التربوية المختلفة لإعداد المعلم الملم بجوانب ومخاطر هذه القضية والقادر مستقبلاً على تنمية الوعى المجتمعى لدى طلابه للوقاية من مخاطر القمامات الإلكترونية المختلفة.
خامس عشر: وضع الضوابط والآليات المناسبة فى مناطق وحرق القمامة العادية كى لا يتسرب إلى هذه المحارق أجهزة إلكترونية أو مكوناتها، الأمر الذى يضاعف من مشكلة التلوث البيئى.
سادس عشر: من الأهمية بمكان أن تكون أساليب التعامل مع الأجهزة الإلكترونية المستهلكة أو التالفة وكذا قطع غيارها- لاسيما عند حرق هذه الأجهزة أو التخلص منها نهائياً أن يتم ذلك تحت إشراف الحكومة مباشرة أو عن طريق شركة استثمارية متخصصة فى هذا الصدد وألا يترك هذا الأمر بالذات للجهود الأهلية أو الشخصية أو طبقاً لرغبة الشركات أو المصانع الصادرة عنها هذه النفايات الإلكترونية.
سابع عشر: يجب مراقبة جميع محلات بيع وصيانة أجهزة الحواسيب الآلية وتحذيرها من بيع الأجهزة غير الصالحة أو ملحقاتها إلى تجار الخردة أولئك الذين يعبثون بها ويجمعون منها ما يريدون ثم يقومون بحرق المتبقى منها.
ثامن عشر: دراسة تجارب الدول المتقدمة فى أساليب الوقاية والتعامل مع الأجهزة الإلكترونية المستهلكة، مع الأخذ فى الاعتبار اختلاف ظروفنا البيئية والثقافية والاقتصادية عن ظروفهم.
تاسع عشر: عقد برامج علمية للتوعية بمخاطر النفايات الإلكترونية المختلفة من خلال برامج محو الأمية وتعليم الكبار، ويمكن لبرامج التربية العلمية أن تلعب دوراً بارزاً فى هذا الصدد.
عشرون: إيجاد الآليات الفعالة للتعامل مع الحاسبات القديمة ومكوناتها وإيجاد البدائل المناسبة لإعادة استخدامها فى أغراض جديدة بعد الاستغناء عنها من قبل من استخدموها لأول مرة وأن يتم ذلك تحت إشراف هيئة علمية متخصصة.
حادى وعشرون: أن تتبنى مناهج العلوم فى جميع المراحل التعليمية وبدءاً بدور الحضانة ورياض الأطفال إفراد موضوع متكامل عن مشكلة القمامات الإلكترونية (تعريفها- أنواعها- مسبباتها- آثارها المدمرة للبيئة- أساليب التعامل معها- تنمية الوعى المجتمعى والمشاركة المجتمعية لمواجهتها بالأسلوب العلمى المناسب... الخ).
عاشراً: مراجع لدراسة مرتبة طبقاً لأسبقية الاستخدام فى متن الدراسة:
1- الأمم المتحدة، "تقرير: تصدير الأذى- نفايات فائقة التطور إلى آسيا"، 2006م.
2- حسام محمد مازن، تكنولوجيا المعلومات ووسائطها الإلكترونية، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 2006م.
3- الأمم المتحدة، "التقرير الإنمائى للأمم المتحدة UNPD للعام 2005"، الأمم المتحدة، 2005م (النسخة العربية مترجمة).
4- www. Al- jazirah. com
5- جمال محمد غيطاس، "حاسبات الغرب القديمة تدق الأبواب.. فاحذروها"، جريدة الأهرام المصرية، صفحة "لغة العصر: فى الكمبيوتر والمعلومات"، 15/11/2005م.
6- www. Greenpeace.org.
7- عطا درويش، تيسير نشوان، "أثر مقرر التربية البيئية على مستوى التنور البيئى لطلاب كلية التربية- جامعة الأزهر بغزة واتجاهاتهم نحو البيئة ومشكلاتها"، بحث قدم إلى المؤتمر العلمى الخامس للجمعية المصرية للتربية العلمية، الإسكندرية، أبوفير، 2001م (أصل البحث).
8- حسام محمد مازن، اتجاهات عصرية فى تكنولوجيا تطوير المناهج والتربية العلمية، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 2006م.
9- مواقع على الإنترنت:
www.montada.com.
www.geocities.com.
www.askzad.net
www.najah.edu.
www.almualem.net
www.sakhr.con
www.qu.edu.qa
www.edu.gov.om
====================================================
(*) يشير الرقم الأول اخل القوسين إلى رقم المرجع فى قائمة المراجع، فى حين يشير الرقم الثانى إلى رقم الصفحة فى هذا المرجع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق